فَضْلُ العِلْمِ [موافق للتعميم] 18 جُمَادَى الآخِرَة 1443هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1443/06/16 - 2022/01/19 14:08PM

فَضْلُ العِلْمِ وِالرُّجُوعُ لِلْمَدَارِسِ 18 جُمَادَى الآخِرَة 1443هـ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَقَّهَ مَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْرَاً فِي الْدِّينِ، وَرَفَعَ مَنَازِلَ الْعُلَمَاءِ فَوْقَ الْعَالَمِينَ؛ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيَكَ لَهُ، شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَشَهِدَ بِهَا مَلَاَئِكَتُهُ وَالْعُلَمَاءُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الْأَمِينُ؛ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.

أمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ : أُوصِيكُم وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : اعْلَمُوا أَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ، وَأَنَّهُ شِفَاءٌ لِلْقُلُوبِ الْمَرِيضَةِ، وَأَنَّ أَهَمَّ مَا عَلَى الْعَبْدِ مَعْرِفُةُ دَيْنِهِ، الَّذِي مَعْرِفَتُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ دَارِ الْأَبْرَارِ، وَالْجَهْلُ بِهِ وَإِضَاعَتُهُ سَبَبٌ لِدُخُولِ النَّارِ، أَعَاذَنَا اللهُ مِنَ النَّارِ.

فَتَعَلَّمُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، فَإِنَّهُمَا قَدِ اشْتَمَلَا عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ الْمُوصِلِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ وَالْجَنَّةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ‏﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ❍ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.

تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ الْمَوْرُوثَ عَنْ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَاعْمَلُوا بِهِ، وَعَلِّمُوهُ أَهْلِيكُمْ وَذَوِيكُمْ وَجِيرَانَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ، فَإِنَّ حَاجَةَ الْجَمِيعِ إِلَيْهِ أَعَظْمُ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى الْغِذَاءِ وَالْهَوَاءِ وَالدَّوَاءِ ، فَهُوَ النُّورُ يُبَدِّدُ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالْهَوَى، وَيَهْدِي إِلَى طَرِيقِ الْهُدَى، كَمَا قَالَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾؛ بِهِ يُعْرَفُ حَقُّ اللهِ عَلَى الْأَنَامِ، وَبِهِ تُعْرَفُ الْأَحْكَامُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَبِهِ تُتَّقَى الْمَكَارِهُ وَالْآثَامُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ، وَأَشْرَفُ مُنْتَسَبٍ، وَأْنْفَسُ ذَخِيرَةٍ تُقْتَنَى، وَأَطْيَبُ ثَمَرَةٍ تُجْتَنَى.

وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا عَمَلَ، فَلَا دِينَ لَهُ وَلَا عَقْلَ، فَهُوَ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنَ النَّاسِ فِي الْحَيَاةِ، وَغَيْرُ مَفْقُودٍ فِيهِمْ إِذَا مَاتَ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُبَيَّنًا حَالَ أَهَلِ العِلْمِ ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾. فَهَلْ ﴿يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.

 يَضَعُ صَاحِبَهُ، وَلَوْ أَعْجَبَتْكَ فِي الْجَاهِلِ صُوْرَتُهُ وَثَوْبُهُ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَامِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ.

إِنَّ كُلَّ عَمَلٍ بِغَيْرٍ عِلْمٍ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ كَانَ مَا كَانَ, لِأَنَّهُ سَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ أَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَأَمْرُهُ رَدٌّ)

إِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ لَا يَدِينُ لِلَّهِ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا يَعْبُدُهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَ، وَالْجَاهِلُ يَدِينُ لِلَّهِ بِالْبَاطِلِ، وَيَعْبُدُهُ بِالْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، يُجِيبُ كُلَّ نَاعِقٍ، وَيَتَّبِعُ كُلَّ مَارِقٍ، وَإِذَا دَعَاهُ الشَّيْطَانُ إِلَى شَيْءٍ اسْتَمَعَ وَاتَّبَعَ، وَيَضَعُ الْأُمُورَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا، وَيَضُرُّ نَفْسَهُ، وَقَلِيلًا مَا يَنْفَعُ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ الْعَامِلِ عَلَى الْجَاهِلِ الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِذَا طَلَعَ وَتَمَّ نُورُهُ وَسَطَعَ. اللَّهُمَّ فَقِّهْنَا فِي الْدِّينِ، وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ وكَفَى، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى رَسُولِهِ المُصْطَفَى، وعَلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن سَارَ عَلى نَهْجِهِ واقْتَفَى.

أمَّا بَعْدُ : فاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى, وَاعْلَمُوا أَيُّهَا المُسْلِمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِفَضْلِهِ مَنَّ عَلَيْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ بِعِلَاجِ جَائِحَةِ الْعَصْرِ بِالتَّلْقِيْحِ النَّاجِعِ، وَسَهُلَتْ مُدَافَعَةُ الْمَرَضِ قَبْلَ نُزُولِهِ بِالسَّبَبِ النَّافِعِ؛ وَبَذَلْتِ دَوْلَتُنَا - شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَهَا - فِي هَذَا وَغَيْرِهِ کُلَّ مَجْهُودٍ ، وَأَمَرَتِ الْجِهَاتِ الْمَعْنِيَّةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِهَذَا العَمَلِ الْمَحْمُودِ.

فَلِزَامًا عَلَيْنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ عَلَى مَا أَنْعَمَ، فَبِالشُّكْرِ تَدُومُ النِّعَمُ.

وَعَلَى الْأُسَرِ ومَنْسُوبِيِّ الْتَّعْلِيمِ مِنْ أَعْضَاءِ هَيْئَةِ الْتَّدْرِيسِ وَالْطُّلَاَّبِ وَالْطَّالِبَاتِ ضَرُورَةُ الْاِلْتِزَامِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْ وِزَارَتِي الْتَّعْلِيمِ وَالْصِّحَّةِ مِنْ تَعْلِيمَاتٍ وَإِجْرَاءَاتٍ احْترَازِيَّةٍ، حَتَّى يَتَحَقَّقَ لأَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا طَلَبَةِ رِيَاضِ الْأَطْفَالِ وَالْمَرْحَلَةِ الْاِبْتِدَائِيَّةِ، عَوْدَةٌ آمِنَةٌ بِإِذْنِ اللهِ إِلَى الْمَقَاعِدِ الدِّرَاسِيَّةِ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحَذَرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ، وَلَكِنَّ الأَخْذَ بِالْأَسْبَابِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ، ومَطْلَبٌ شَرْعِيٌّ، انْطِلَاقًا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ (لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ الْحَذَرُ أَنْ تَنْقَطِعَ بِاللهِ صِلَتُكُمْ، فَإِنَّهُ الْمُتَكَفِّلُ بِجَمِيعِ حَاجَاتِكُمْ؛ قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾. اللَّهُمَّ أَسْبِلْ عَلَيْنَا الْعَافِيَةَ وَعَلَى جَمِيْعِ الْمُسْلِمِینَ، وَأَتِمَّ عَلَيْنَا النِعْمَةَ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.

عِبَادَ اللهِ : قَالَ اللهُ جَلَّ في عُلَاه ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ. اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِيْنَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِيْنَ. اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِيْنَ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِيْنَ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ ، وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُم, اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا, اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ بِتَوْفِيقِكَ وَأَيِّدْهُمَا بِتَأْيِيدِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, اللَّهُمَّ انْصُرْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ فِي الْحَدِّ الجَنُوبِيِّ ضِدَّ الْمُعْتَدِينَ وَفِي الْدَّاخِلِ ضِدَّ الْمُفْسِدِيْنَ. اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا وَعَقِيْدَتَنَا وَقَادَتَنَا وَرِجَالَ أمْنِنَا بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيراً عَلَيْهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيْزُ .

اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا طَبَقَاً سَحَّاً مُجَلِّلاً، عَامَّاً نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجَلاً غَيْرَ آجِلٍ، تُحْيِي بِهِ الْبِلَادَ، وَتُغِيثُ بِهِ الْعِبَادُ، وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا لِلْحَاضِرِ وَالْبَادِ, رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ, سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ, وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المرفقات

1642607209_فَضْلُ العِلْمِ وِالرُّجُوعُ لِلْمَدَارِسِ 18 جُمَادَى الآخِرَة 1443هـ.doc

المشاهدات 3280 | التعليقات 2

تنبيه : هذه الخطبة بكاملها إلا نزرا يسيرا هي خطبة أخي الفاضل الشيخ عبد الرحمن الحاقان حفظه الله, الموجه بإدارة تعليم, وأحد الخطباء النجباء,بمحافظة وادي الدواسر, جزاه الله خيرا الجزاء


جزاك الله خيرا