فضل العشر وعرفة والأضحية
عبدالله منوخ العازمي
1436/12/03 - 2015/09/16 21:12PM
الخطبة الاولة
أما بعد
عباد الله: إنَّ من رحمة الله لعباده أن جعلَ لهم مواسمَ للطاعات يتنافسُ المسلمون فيها بصالح الأعمال، فضلا من الله ورحمة، والله ذو الفضلِ العظيم
أيّها المسلمون: من هذه الأيام أيامُ عشر ذي الحجّة،
التي انتم فيا الأن وقد مضى عليها ثلاثة أيام وهذا اليوم الرابع ,
فهي أيامٌ معظّمة في شرع الله، لها خصوصيّة في مزيد الطاعة والإحسان، وقد أقسم الله بهذه الأيام في كتابه والله لايقسم الا بشئ عظيم
قال جل وعلى
والفجر* وَلَيالٍ عَشْرٍ
والمراد بها عشرُ ذي الحجة، وقال تعالى
وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ في أَيَّامٍ مَّعْلُومَـاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ
والمراد بالأيام المعلومات هي عشرُ ذي الحجّة
ودلَّت سنّة رسول الله ﷺ على فضلِها وأنَّه يُشرع التنافس فيها في صالحِ العمل، يقول
ﷺ
ما من أيّام العملُ الصالح فيهنَّ أحبّ إلى الله من هذِه العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا
الجهاد في سبيل الله؟! قال
ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسِه وماله فلم يرجِع من ذلك بشيء
وقال ﷺ
ما من أيّامٍ العملُ فيها أعظم عند الله سبحانه ولا أحبّ إليه من العمل في هذه الأيام - يعني عشر ذي الحجة فأكثِروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد
قال البخاري رحمه الله
كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبّران ويكبّر الناس بتكبيرهما
بمعنى أنّهما يحيِيَان هذه السنّة، فيذكرون الله جلّ وعلا، يقومان رضي الله عنهما بذكر الله، فيقتدي النّاس بهما، فيذكرُ الجميع ربَّ العالمين. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنًى يكبِّر عقِب الصلوات، ويكبّر في فسطاطه وعلى فراشِه وفي مجلسِه، ماشيًا وقاعدًا، وهكذا كانوا يُحيون هذه السنّة ويعظّمونها، فيذكرون الله جلَّ وعلا
والتكبير
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
أيّها المسلمون: في هذه الأيّام المباركةِ يُشرَع لك التزوّد من صالح العمل؛ التوبة إلى الله ممَّا سلف وكان من سيِّئات الأقوال والأعمال
أيّها المسلمون: إنَّ هذه الأيامَ العشر اجتمعت فيها أنواعٌ من العبادة؛ الصلاة والصوم والصدقة والحجّ،
فاجتمعت أنواع هذه الطاعة؛ الصلاة والصدقة والصوم والحج، فأكثِروا من فعلِ الطاعَات، وبادِرو إلى الفرائِض، وأكثِروا من النوافِل، في حديث ثوبان
قال ﷺ
عليك بكثرةِ السّجود، فإنَّك لا تسجُد لله سجدة إلا حطّ الله بها عنك خطيئة، ورفع لك بِها درجة
ويُسنّ صيامُ هذه التّسع لمن قدر على ذلك، ففي مسند الإمام أحمد رحمه الله
أنَّ النبيّ كان يصوم تسعَ ذي الحجة ويومَ عاشوراء وثلاثةَ أيام من كلّ شهر
وأفضلها وآكدُها صومُ يوم عرفة لمن لم يكن حاجًا، يقول في صيام يوم عرفة
أحتسبُ على الله أن يكفّر سنةً قبله وسنة بعده
فعظِّموا هذه الأيامَ، فإنّها أيّامٌ عظيمة عندَ الله، شُرِع لكم فيها أنواعٌ من الطاعة، فتزوَّدوا من صالِح العمل
واعلموا رحمكم الله
أن هذه الأيام أيام عظيمة , يتسابق فيا المتسابقون , إلى الله , ويتنافس فيا أهل الطاعات , لا سيما في صيامها وقيامها , وعمل الخيرات فيها , وتنافس الطاعات فيها ,
وعلموا رحمكم الله ان العمل في هذه الأيام ليس كسائر الأيام
فالتكثر ياعبد الله من مواسم الطاعات
الصلات في هذه الايام ليست كسواها
صلات الجمعة في هذه الايام ليست كسواها
الصدقة في هذه الايام ليست كسواها
الصيام في هذه الايام ليس كسواه
فأكثروا بارك الله فيكم من فعل الطاعات في هذه الأيام
وعلموا رحمكم الله ان الذنوب في هذه الأيام عظيمة
كما يعظم الأجر فيها , فإن هذه الأيام الذنب فيها خطير , واتقاء الذنوب فيها من تقوا القلوب
لأنها من شعائر الله ,
أيّها المسلمون: شُرع لنا أيضًا في يوم النَّحر أن نتقرَّب
إلى اللهِ بذبحِ الأضاحي عبادةً لله، وقربةً نتقرَّب بها إلى الله، والله جل وعلى قد حثّنا على ذلك، قال تعالى
قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى ومحياي ومماتي للَّهِ رَبّ الْعَـالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ
وقال جلّ وعلا
فَصَلّ لِرَبّكَ وَنْحَرْ
وكان نبيّكم كثيرَ الصلاةِ كثيرَ النحر، وقد حثَّ على الأضاحي ورغَّب فيها بقولِه وفعلِه، فمِن قوله ما ثبت عنه أنّه قال ﷺ
ما عمل ابنُ آدم يومَ النحر أحبّ إلى الله من إراقة دمٍ، وإنّه يأتي يومَ القيامة بقرونِها وأظلافها وأشعارها، وإنَّ الدّم ليقع من الله بمكانٍ, قبلَ أن يقَع على الأرض، فطيبوا بها نفسًا
وقال لمّا سُئل: ما هذه الأضاحي؟ قال
سنّةُ أبيكم إبراهيم"، قالوا: ما لنا منها؟ قال: "بكلِّ شعرةٍ حسنة"، قالوا: الصوف؟ قال: "وبكلِّ شعرةٍ من الصوف حسَنة
ونبيّكم حافَظ عليها مدَّةَ بقائِه في المدينة، فما أخَلّ بها سنَةً من السنين كلَّ مدةِ بقائِه في المدينة، منذ هاجَر إلى أن توُفّي، وكان يُعلِن هذه السّنّة ويظهرها للملأ، قال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله إذا صلَّى يومَ النّحر أُتي بكبشَين أقرنَين أملحَين، فرأيتُه واضِعًا قدمَه على صفاحِهما، يسمِّي ويكبِّر، فيذبحهما بيدِه صلواتُ اللهِ وسلامه عليه)، ممَّا يدلّ على عظيمِ هذه السّنّة
أيّها المسلمون: ليسَ الهدفُ منها اللّحم، ولكنَّها قربةٌ تتقرّبون بها إلى الله، قال الله جلّ وعلى
لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـاكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ)
إذًا فذبحُها أفضلُ من الصدقة بثمنِها
والمسلم يضحِّي عن نفسِه وعن أهلِ بيتِه، أحيائِهم وأمواتِهم، فإنَّ نبيَّنا كانَ يضَحِّي بكبشَين؛ أحدُ الكبشين عن محمّد وآل محمد، والثاني عمَّن لم يضَحِّ مِن أمّة محمّد صلوات الله وسلامه عليه. فضحِّ عن نفسك، وضحِّ عن أهل بيتك، قليلٍ وكثير
وسنّة محمّد دلَّت على أنَّ الشاةَ الواحدة تغني الرجلَ وأهلَ بيته،
قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه لمّا سُئل عن الأضاحي في عهد رسول الله قال
كان الرّجل منّا يضحّي بشاةٍ واحدة عنه وعن أهل بيته، حتى تباهى الناس فكانوا كما ترى
بمعنى أنَّ الرجلَ إذا ذبح أضحيةً واحدة عنه وعن أهل بيتِه الأحياءِ منهم والأموات وأشركهم جميعًا في ثوابها نالهم ذلك الثوابُ بفضل الله، فليس الهدف التعدّد، إنّما الهدفُ التقرّب إلى الله
أيّها المسلمون: وأمّا الوصايا التي أوصى بِها الأمواتُ فينفّذها المسلم كما كانت لا يزيد ولا ينقص،
عباد الله أقول قولي هذا واستغر الله لي ولكم...
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين .....
أيه الأخوة الكرام
وعلى من نوا أن يضحي أن لا يأخذ من شعره وأضفاره
وإن أخذ متعمداً من شعره أو ضفره عليه التوبة إلى الله ولا شئ عليه ,
ومن أخذ من شعره وأضفاره ناسيا فلا شئ عليه
والأضحية الواحدة تجزئ عن أهل البية ما داموا في بيت واحد وطعامهم واحد ومطبخهم وقدرهم واحد
أيّها المسلمون: إنَّ نبيّنا جعل للأضاحي وقتَ ابتداء، فابتداءُ ذبحها من بعد نهاية صلاةِ عيد النحر
يقول ﷺ
من صلَّى صلاتَنا ونسك نسكنا فقد أصاب السنّة، ومن ذبَح قبل الصلاةِ فليُعِد مكانَها أخرى
ومنها ايضا ان يضحي بعد انقضاء الوقة بعد أنتهاء الوقة
فتكون ايام الذبح اربع, يوم العيد, وثلاثة ايام بعده
وهي أيام التشريق
فإن الاضحية لها وقة محدد لا تنفع قبله ولا بعده ووقتها من فراغ صلات العيد إلى مغيب الشمس ليلة الثالث عشر فتكون الأيام اربعة هي يوم العيد وثلاثة أيام بعده فمن ضحى في هذه المدة لليلًا أو نهاراً فأضحيته صحيحة
فمن ذبح قبل الصلاة فانه لا اضحية له حتى وان كان جاهلا
وعليه أن يعيد مكانها أضحية أخرى
وكذلك من ضحا بعد انقضاء الوقة فلا اضحية له
وبيَّن السِّنَّ المعتبَر في الأضاحي، وأنَّها الثني أو الجذع مِن الضأن، وفي الإبل خمس سنين، وفي البَقر سنتان، وفي المَعز سنة، وفي الجذع من الضأن ستة أشهر، فلا يجزئ الأضاحي إلا مِن بهيمة الأنعام؛ من الإبل والبقر والغنم
فلا يجزئ التضحية بغزال لأنه اغلا ثمناً أو بفرس
لا يجزئ ألا هذه الثلاث الإبل والبقر والغنم
ولا بدَّ من سلامتها من العيوب التي تمنَع الإجزاء؛ لأن المقصدَ التقربُ إلى الله بالطيِّب، قال تعالى
وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ
فنهى أن يُضحَّى بالعوراء البيّن عورها، وهي التي انخسفت عينُها أو برزت فلا تبصِر بها ولو كانت قائمة، ونهى أن يضحَّى بالمريضة البيّن مرضُها، والتي ظهر أثر المرض عليها في مشيِها في أكلِها في شربِها، ونهى بأن يضحَّى بالعرجَاء البيّن ضلعُها، ونهى أن يضحَّى بالعجفاء الهزيلة التي لا تُنْقِي
وجاء أيضًا النهيُ عن أعضَب القرن والأذن؛ ما كان القطع في الأذن أو القرن أكثر من النصف، وكُره نقصٌ فيها، قال علي رضي الله عنه: أمرنا رسول الله ﷺ أن نستشرِف العينَ والأذن، فكلّ ذلك مكروهٌ التضحيةُ به، أمَّا العيوب الأربعة من العرَج والعوَر والمرَض والهُزال فتلك لا تجزئ مطلقًا، وما كان أشدَّ منها كذلك
أيّها المسلمون: تقرَّبوا إلى الله بها، وتولَّ ذبحَها إن كنت تقدر على ذلك اقتداءً بنبيّك، واحضُر ذبحَها فإنّها من شعائِر الدين، وعظموها -رحمكم الله- كما
لا شكَّ أنَّها طاعةٌ لله، وقربة يتقرّب بها العبادُ إلى الله، يُحيون سنّة نبيّهم وسنّة أبيهم إبراهيم، يتقرّبون بذلك إلى الله، ليس الهدفُ اللحم، ولكن الهدف العبادة لله، ليرغِموا أعداءَ الإسلام الذين يتقرَّبون إلى قبور الأموات، ويذبَحون لهم وينذرون لهم، والمسلمُ يتقرَّب بذبحِه إلى الله طاعةً لله،
قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ الْعَـالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
ليس الهدفُ غلاء الثمَن مطلقًا، إنّما الهدفُ السلامة من العيوب، وخيرُ الأمور أوساطُها، ولا يلزَم التقصِّي في أغلى الثمَن وفي نحوِ ذلك، فإنَّ الهدفَ الطاعةُ، والمهمّ السلامة من العيوب، وخلوّها من العيوب التي تمنَع الإجزاءَ أو التي تنقص الثوابَ، فاتقوا الله يا عباد الله، وتقرَّبوا إلى الله بما يُرضيه...
هذا وصلواوسلموا على من امركم.....
أما بعد
عباد الله: إنَّ من رحمة الله لعباده أن جعلَ لهم مواسمَ للطاعات يتنافسُ المسلمون فيها بصالح الأعمال، فضلا من الله ورحمة، والله ذو الفضلِ العظيم
أيّها المسلمون: من هذه الأيام أيامُ عشر ذي الحجّة،
التي انتم فيا الأن وقد مضى عليها ثلاثة أيام وهذا اليوم الرابع ,
فهي أيامٌ معظّمة في شرع الله، لها خصوصيّة في مزيد الطاعة والإحسان، وقد أقسم الله بهذه الأيام في كتابه والله لايقسم الا بشئ عظيم
قال جل وعلى
والفجر* وَلَيالٍ عَشْرٍ
والمراد بها عشرُ ذي الحجة، وقال تعالى
وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ في أَيَّامٍ مَّعْلُومَـاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ
والمراد بالأيام المعلومات هي عشرُ ذي الحجّة
ودلَّت سنّة رسول الله ﷺ على فضلِها وأنَّه يُشرع التنافس فيها في صالحِ العمل، يقول
ﷺ
ما من أيّام العملُ الصالح فيهنَّ أحبّ إلى الله من هذِه العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا
الجهاد في سبيل الله؟! قال
ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسِه وماله فلم يرجِع من ذلك بشيء
وقال ﷺ
ما من أيّامٍ العملُ فيها أعظم عند الله سبحانه ولا أحبّ إليه من العمل في هذه الأيام - يعني عشر ذي الحجة فأكثِروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد
قال البخاري رحمه الله
كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبّران ويكبّر الناس بتكبيرهما
بمعنى أنّهما يحيِيَان هذه السنّة، فيذكرون الله جلّ وعلا، يقومان رضي الله عنهما بذكر الله، فيقتدي النّاس بهما، فيذكرُ الجميع ربَّ العالمين. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنًى يكبِّر عقِب الصلوات، ويكبّر في فسطاطه وعلى فراشِه وفي مجلسِه، ماشيًا وقاعدًا، وهكذا كانوا يُحيون هذه السنّة ويعظّمونها، فيذكرون الله جلَّ وعلا
والتكبير
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
أيّها المسلمون: في هذه الأيّام المباركةِ يُشرَع لك التزوّد من صالح العمل؛ التوبة إلى الله ممَّا سلف وكان من سيِّئات الأقوال والأعمال
أيّها المسلمون: إنَّ هذه الأيامَ العشر اجتمعت فيها أنواعٌ من العبادة؛ الصلاة والصوم والصدقة والحجّ،
فاجتمعت أنواع هذه الطاعة؛ الصلاة والصدقة والصوم والحج، فأكثِروا من فعلِ الطاعَات، وبادِرو إلى الفرائِض، وأكثِروا من النوافِل، في حديث ثوبان
قال ﷺ
عليك بكثرةِ السّجود، فإنَّك لا تسجُد لله سجدة إلا حطّ الله بها عنك خطيئة، ورفع لك بِها درجة
ويُسنّ صيامُ هذه التّسع لمن قدر على ذلك، ففي مسند الإمام أحمد رحمه الله
أنَّ النبيّ كان يصوم تسعَ ذي الحجة ويومَ عاشوراء وثلاثةَ أيام من كلّ شهر
وأفضلها وآكدُها صومُ يوم عرفة لمن لم يكن حاجًا، يقول في صيام يوم عرفة
أحتسبُ على الله أن يكفّر سنةً قبله وسنة بعده
فعظِّموا هذه الأيامَ، فإنّها أيّامٌ عظيمة عندَ الله، شُرِع لكم فيها أنواعٌ من الطاعة، فتزوَّدوا من صالِح العمل
واعلموا رحمكم الله
أن هذه الأيام أيام عظيمة , يتسابق فيا المتسابقون , إلى الله , ويتنافس فيا أهل الطاعات , لا سيما في صيامها وقيامها , وعمل الخيرات فيها , وتنافس الطاعات فيها ,
وعلموا رحمكم الله ان العمل في هذه الأيام ليس كسائر الأيام
فالتكثر ياعبد الله من مواسم الطاعات
الصلات في هذه الايام ليست كسواها
صلات الجمعة في هذه الايام ليست كسواها
الصدقة في هذه الايام ليست كسواها
الصيام في هذه الايام ليس كسواه
فأكثروا بارك الله فيكم من فعل الطاعات في هذه الأيام
وعلموا رحمكم الله ان الذنوب في هذه الأيام عظيمة
كما يعظم الأجر فيها , فإن هذه الأيام الذنب فيها خطير , واتقاء الذنوب فيها من تقوا القلوب
لأنها من شعائر الله ,
أيّها المسلمون: شُرع لنا أيضًا في يوم النَّحر أن نتقرَّب
إلى اللهِ بذبحِ الأضاحي عبادةً لله، وقربةً نتقرَّب بها إلى الله، والله جل وعلى قد حثّنا على ذلك، قال تعالى
قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى ومحياي ومماتي للَّهِ رَبّ الْعَـالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ
وقال جلّ وعلا
فَصَلّ لِرَبّكَ وَنْحَرْ
وكان نبيّكم كثيرَ الصلاةِ كثيرَ النحر، وقد حثَّ على الأضاحي ورغَّب فيها بقولِه وفعلِه، فمِن قوله ما ثبت عنه أنّه قال ﷺ
ما عمل ابنُ آدم يومَ النحر أحبّ إلى الله من إراقة دمٍ، وإنّه يأتي يومَ القيامة بقرونِها وأظلافها وأشعارها، وإنَّ الدّم ليقع من الله بمكانٍ, قبلَ أن يقَع على الأرض، فطيبوا بها نفسًا
وقال لمّا سُئل: ما هذه الأضاحي؟ قال
سنّةُ أبيكم إبراهيم"، قالوا: ما لنا منها؟ قال: "بكلِّ شعرةٍ حسنة"، قالوا: الصوف؟ قال: "وبكلِّ شعرةٍ من الصوف حسَنة
ونبيّكم حافَظ عليها مدَّةَ بقائِه في المدينة، فما أخَلّ بها سنَةً من السنين كلَّ مدةِ بقائِه في المدينة، منذ هاجَر إلى أن توُفّي، وكان يُعلِن هذه السّنّة ويظهرها للملأ، قال أنس رضي الله عنه: كان رسول الله إذا صلَّى يومَ النّحر أُتي بكبشَين أقرنَين أملحَين، فرأيتُه واضِعًا قدمَه على صفاحِهما، يسمِّي ويكبِّر، فيذبحهما بيدِه صلواتُ اللهِ وسلامه عليه)، ممَّا يدلّ على عظيمِ هذه السّنّة
أيّها المسلمون: ليسَ الهدفُ منها اللّحم، ولكنَّها قربةٌ تتقرّبون بها إلى الله، قال الله جلّ وعلى
لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـاكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ)
إذًا فذبحُها أفضلُ من الصدقة بثمنِها
والمسلم يضحِّي عن نفسِه وعن أهلِ بيتِه، أحيائِهم وأمواتِهم، فإنَّ نبيَّنا كانَ يضَحِّي بكبشَين؛ أحدُ الكبشين عن محمّد وآل محمد، والثاني عمَّن لم يضَحِّ مِن أمّة محمّد صلوات الله وسلامه عليه. فضحِّ عن نفسك، وضحِّ عن أهل بيتك، قليلٍ وكثير
وسنّة محمّد دلَّت على أنَّ الشاةَ الواحدة تغني الرجلَ وأهلَ بيته،
قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه لمّا سُئل عن الأضاحي في عهد رسول الله قال
كان الرّجل منّا يضحّي بشاةٍ واحدة عنه وعن أهل بيته، حتى تباهى الناس فكانوا كما ترى
بمعنى أنَّ الرجلَ إذا ذبح أضحيةً واحدة عنه وعن أهل بيتِه الأحياءِ منهم والأموات وأشركهم جميعًا في ثوابها نالهم ذلك الثوابُ بفضل الله، فليس الهدف التعدّد، إنّما الهدفُ التقرّب إلى الله
أيّها المسلمون: وأمّا الوصايا التي أوصى بِها الأمواتُ فينفّذها المسلم كما كانت لا يزيد ولا ينقص،
عباد الله أقول قولي هذا واستغر الله لي ولكم...
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين .....
أيه الأخوة الكرام
وعلى من نوا أن يضحي أن لا يأخذ من شعره وأضفاره
وإن أخذ متعمداً من شعره أو ضفره عليه التوبة إلى الله ولا شئ عليه ,
ومن أخذ من شعره وأضفاره ناسيا فلا شئ عليه
والأضحية الواحدة تجزئ عن أهل البية ما داموا في بيت واحد وطعامهم واحد ومطبخهم وقدرهم واحد
أيّها المسلمون: إنَّ نبيّنا جعل للأضاحي وقتَ ابتداء، فابتداءُ ذبحها من بعد نهاية صلاةِ عيد النحر
يقول ﷺ
من صلَّى صلاتَنا ونسك نسكنا فقد أصاب السنّة، ومن ذبَح قبل الصلاةِ فليُعِد مكانَها أخرى
ومنها ايضا ان يضحي بعد انقضاء الوقة بعد أنتهاء الوقة
فتكون ايام الذبح اربع, يوم العيد, وثلاثة ايام بعده
وهي أيام التشريق
فإن الاضحية لها وقة محدد لا تنفع قبله ولا بعده ووقتها من فراغ صلات العيد إلى مغيب الشمس ليلة الثالث عشر فتكون الأيام اربعة هي يوم العيد وثلاثة أيام بعده فمن ضحى في هذه المدة لليلًا أو نهاراً فأضحيته صحيحة
فمن ذبح قبل الصلاة فانه لا اضحية له حتى وان كان جاهلا
وعليه أن يعيد مكانها أضحية أخرى
وكذلك من ضحا بعد انقضاء الوقة فلا اضحية له
وبيَّن السِّنَّ المعتبَر في الأضاحي، وأنَّها الثني أو الجذع مِن الضأن، وفي الإبل خمس سنين، وفي البَقر سنتان، وفي المَعز سنة، وفي الجذع من الضأن ستة أشهر، فلا يجزئ الأضاحي إلا مِن بهيمة الأنعام؛ من الإبل والبقر والغنم
فلا يجزئ التضحية بغزال لأنه اغلا ثمناً أو بفرس
لا يجزئ ألا هذه الثلاث الإبل والبقر والغنم
ولا بدَّ من سلامتها من العيوب التي تمنَع الإجزاء؛ لأن المقصدَ التقربُ إلى الله بالطيِّب، قال تعالى
وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ
فنهى أن يُضحَّى بالعوراء البيّن عورها، وهي التي انخسفت عينُها أو برزت فلا تبصِر بها ولو كانت قائمة، ونهى أن يضحَّى بالمريضة البيّن مرضُها، والتي ظهر أثر المرض عليها في مشيِها في أكلِها في شربِها، ونهى بأن يضحَّى بالعرجَاء البيّن ضلعُها، ونهى أن يضحَّى بالعجفاء الهزيلة التي لا تُنْقِي
وجاء أيضًا النهيُ عن أعضَب القرن والأذن؛ ما كان القطع في الأذن أو القرن أكثر من النصف، وكُره نقصٌ فيها، قال علي رضي الله عنه: أمرنا رسول الله ﷺ أن نستشرِف العينَ والأذن، فكلّ ذلك مكروهٌ التضحيةُ به، أمَّا العيوب الأربعة من العرَج والعوَر والمرَض والهُزال فتلك لا تجزئ مطلقًا، وما كان أشدَّ منها كذلك
أيّها المسلمون: تقرَّبوا إلى الله بها، وتولَّ ذبحَها إن كنت تقدر على ذلك اقتداءً بنبيّك، واحضُر ذبحَها فإنّها من شعائِر الدين، وعظموها -رحمكم الله- كما
لا شكَّ أنَّها طاعةٌ لله، وقربة يتقرّب بها العبادُ إلى الله، يُحيون سنّة نبيّهم وسنّة أبيهم إبراهيم، يتقرّبون بذلك إلى الله، ليس الهدفُ اللحم، ولكن الهدف العبادة لله، ليرغِموا أعداءَ الإسلام الذين يتقرَّبون إلى قبور الأموات، ويذبَحون لهم وينذرون لهم، والمسلمُ يتقرَّب بذبحِه إلى الله طاعةً لله،
قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ الْعَـالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
ليس الهدفُ غلاء الثمَن مطلقًا، إنّما الهدفُ السلامة من العيوب، وخيرُ الأمور أوساطُها، ولا يلزَم التقصِّي في أغلى الثمَن وفي نحوِ ذلك، فإنَّ الهدفَ الطاعةُ، والمهمّ السلامة من العيوب، وخلوّها من العيوب التي تمنَع الإجزاءَ أو التي تنقص الثوابَ، فاتقوا الله يا عباد الله، وتقرَّبوا إلى الله بما يُرضيه...
هذا وصلواوسلموا على من امركم.....