فضل الصدقة
طلال شنيف الصبحي
فضل الصدقة ٢١ / ٤ / ١٤٤٣
الحمد لله البر الجواد الكريم، القابض الباسط الرحمن الرحيم، أحمده تعالى على فضله العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بصلة الأرحام، والصدقة على الفقراء والأيتام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد
عباد الله: اتقوا الله تعالى وتذكّروا قول الله جل وعلا: (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) يقول الله سبحانه مادحاً عباده المؤمنين: (والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم) أي: أن في أموالهم نصيباً مقرراً لذوي الحاجات من الناس سواءٌ كان هذا الحق واجباً أو مستحباً. والسائل: هو الذي يسأل الناس حاجته ويطلبها بنفسه. والمحروم: هو المتعفف الذي يتعفف عن سؤال الناس ولا يُظهر فاقته إليهم قال صلى الله عليه وسلم: (ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغْنيه ولا يُفْطَن له فيُتَصَدق عليه)، وفي رواية: (ولا يسأل الناس شيئاً)، كما قال تعالى: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف)، فالمؤمنون الكُمَّل هم الذين يتفقدون الجميع فيعطون السائل والمحروم.
عباد الله: إن مال العبد في الحقيقة هو ما قدم لنفسه ليكون له ذخراً بعد موته، وليس ماله ما جمع فاقتسمه الورثة بعده، في الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله، قالوا يا رسول الله: ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر). وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة فتصدقوا بها سوى كتفها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بقى كلها غير كتفها). عباد الله: إن الصدقة دليل على إيمان العبد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والصدقة برهان)، أي دليل وعلامة على صدق الإيمان. وهي سبب للشفاء والسلامة من الأمراض قبل وقوعها وبعد وقوعها قال صلى الله عليه وسلم:(داووا مرضاكم بالصدقة). وعندما يحشر الناس حفاةً غُرلاً وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق يكون المسلم في ظل صدقته قال صلى الله عليه وسلم: (كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس). والصدقة تطفئ غضب الرب سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم (صدقة السر تُطفئ غضب الرب).
وهي سبب لنيل محبة الله عز وجل قال عليه الصلاة والسلام: (أحب الأعمال إلى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي في حاجه أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد شهراً). وهي سبب لزيادة الرزق ونزول البركات قال الله تعالى: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مال من صدقة).
والصدقة من أعظم أبواب البر والإيمان وذوق حلاوته قال تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنقوا من شيء فإن الله به عليم). والصدقة الجارية يبقى ثوابها حتى بعد الموت قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: ـ وذكر منها ـ صدقة جارية).
وهي سبب لإطفاء الخطايا وتكفير الذنوب قال صلى الله عليه وسلم: (الصوم جنة والصدقة تُطفيء الخطيئة كما يُطفئ الماء النار).
وهي حجاب عن النار قال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة).
والصدقة من أفضل صنائع المعروف، قال صلى الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء).
فيالها من فضائل يغفل عنها كثير من الناس. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية:-
عباد الله: في شكوى الفقير ابتلاءٌ للغني، وفي انكسار الضعيف امتحان للقوي، وفي توجُّع المريض حكمة للصحيح، ومن أجل هذه السنن الكونية جاءت السنة الشرعية بالحث على التعاون بين الناس؛ وقضاء حوائجهم، والسعي في تفريج كروبهم، تحقيقًا لدوام المودة، وبقاء الألفة، وإظهار الأخوة, ونفع الناس والسعي في كشف كروبهم من صفات الأنبياء والرسل، تقول خديجة رضي الله عنها في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)، وإنَّ الساعيَ لقضاء حوائج العباد، مؤيد بالتوفيق، موعود بالإعانة من الله، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه, وإنَّ في خدمة الناس ومساعدتهم وبذل المعروف لهم خاصة الأرامل والأيتام والمساكين منهم؛ بركةٌ في الوقت والعمر، وتيسيرُ ما تعسَّر من الأمور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) ولربما بدعوة صالحة مستجابة من يتيم أو أرملة أو مسكين تسعد بها في الدنيا والآخرة،
وَلِذَلِكَ فَإِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الأَزْمِنَةِ وَهَذِهِ البِلَادِ المباركة تَيَسُّرُ وَسَائِلِ الصَدَقَةِ عَلَى الـمُحْتَاجِيْنَ، فَالتَحْوِيْلُ لِلْجَمْعِيَاتِ مُتَيَسِّرٌ بِضَغْطَةِ زِرٍّ وَالإِنْسَانُ فِي بَيْتِهِ، وَكَذَلِكَ تُوجَدُ بَعْضُ الـمُبَادَرَاتُ وَالـبَرَامِجُ الحُكُومِيَةُ، كَمَنَصَّةِ إِحْسَانٍ وَفُرِجَتْ وتيسرت وَغَيْرِهَا، حَيْثُ تَتَوَلَّى جِهَاتٌ تَلَمُّسَ اِحْتِيَاجَاتِ الفِئَاتِ الأَكْثَرُ حَاجَةٌ، ثُمَّ تُيَسِّرُ تَفْرِيجَ كُرُبَاتِهِمْ لِمَنْ يَرْغَبُ بِذَلِكَ، مَعَ حِفْظِ كَرَامَةِ الـمُحْتَاجِ.
فاتقوا الله عباد الله وتذكروا قول الله تعالى: (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) وأنفقوا من مال الله الذي بأيديكم، وأعينوا إخوانكم وخاصة جيرانكم في هذا الحي, فهم أولى الناس بالمعروف والإحسان وأحق الناس بالبذل والعطاء والإنفاق، وإن منعهم الحياء والتعفف من المسألة مع شدة الحاجة فلا ينبغي لنا أن نتغافل عنهم ولا نتفقد أحوالهم وحاجاتهم, يقول الله عز وجل في مثل هؤلاء (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم)
هذا وصلوا وسلموا على رسول الله
المرفقات
1637780854_فضل الصدقة 1.docx