فضل الشهادة في سبيل الله + استشهاد الجنود السعوديون في تحطم الطائرة
طلال شنيف الصبحي
1438/07/24 - 2017/04/21 01:15AM
هذه خطبة مختصرة من خطبة أخينا أبو عبدالله 2 ( بتصرف يسير) وأضفة إليها نبأ تحطم الطائرة السعودية في مأرب . نسأل الله القبول
فضل الشهادة في سبيل الله 24 / 7 / 1438ه
الحمد لله الذي جعل الشهادة بابًا من أعظم أبواب الجنة،دار السلام،أحمده سبحانه،حثّ الأمة على المضي في درب الشهادة في سبيل الملك العلام،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله،خير من ضرب الأمثال في حب الشهادة،وفي بذل التضحيات العظام،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الأبرار الأعلام وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:(يا أيها الذين ءامنوا)
عباد الله:إن بلوغ الأهداف الكبرى في الحياة يستلزم تضحيات كبرى مكافئة لها،ولا ريب أن سمو الأهداف وشرف المقاصد ونبل الغايات تقتضي سمو التضحيات وشرفها ورقي منازلها،وإذا كان أشرف التضحيات وأسماها هو ما كان ابتغاء رضوان الله تعالى ورجاء الحظوة بالنعيم المقيم في جنات النعيم،فإن الذود عن حياض هذا الدين والذب عن حوزته والمنافحة عن كتابه وشرعه ومقدساته يتبوأ أرفع درجات هذا الرضوان،ثم إن للتضحيات ألوانًا كثيرة ودروبًا متعددة،لكن تأتي في الذروة منها التضحية بالنفس،وبذل الروح رخيصة في سبيل الله لدحر أعداء الله ونصر دين الله،ولقد جهد رسول اللهكل جهد،واستوفى غاية وسعه في ترسيخ جذور هذا المعنى العظيم،وتعميق مفهوم هذا المصطلح الجهادي في نفوس أصحابه الكرام-رضوان الله عليهم أجمعين-ثم في نفوس أمته من بعدهم،سالكًا في ذلك مسلكين:أحدهما:إفصاح بيّن وإيضاح جلي لما يعتمد في ذات نفسه الشريفة من حب عميق للشهادة حمله على التمني أن يرزق بها مراتٍ متعددة،فعن أبي هريرة أن رسول الله قال:)والذي نفسي بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل،ثم أغزو فأقتل،ثم أغزو فأقتل) أخرجه البخاري ومسلم.ويا لها من أمنية كيف انبعثت من هذا القلب الطهور معبرة أبلغ التعبير عن هذا الحب العميق،والشوق الغامر إلى هذا الباب العظيم من أبواب جنات النعيم.والمسلك الثاني في ترسيخ مفهوم الشهادة وإحيائه في القلوب وبعثه في النفوس ما ثبت عنهفي صحيح السنة الشريفة من بيان محكم وإيضاح دقيق لفضل الشهادة ومنازل الشهداء في دار الكرامة عند مليك مقتدر،وفي الطليعة من ذلك بيان صفة حياة الشهداء عند ربهم،فعن مروان أنه قال:سألنا عبد الله عن هذه الآية(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)فقال:أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله فقال(أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت،ثم تأوي إلى تلك القناديل" الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.ومنها أن للشهيد عند ربه ست خصال جاءت مبينة في حديث المقدام بن معد يكرب أنه قال:قال رسول الله(للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفقة-وهي الدفعة من الدم-ويرى مقعده من الجنة،ويجار من عذاب القبر،ويأمن من الفزع الأكبر،ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها،ويُزوج اثنتين وسبعين من الحور العين،ويشفع في سبعين من أقاربه)وفي لفظ(من أهل بيته) أخرجه الترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.ومنها أنه يخفف عنه مس الموت حتى إنه لا يجد من ألمه إلا كما يجد أحدنا من مس القرصة،وقد أخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم وابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح عن أبي هريرة أنه قال:قال رسول الله (ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة".ولهذا كله كان الشهيد وحده من أهل الجنة هو الذي يحب أن يرجع إلى الدنيا كما في حديث أنس أن النبيقال(ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا،وأن له ما على الأرض من شيء إلا الشهيد؛فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة"وفي رواية(لما يرى من فضل الشهادة) أخرجه البخاري ومسلم.وليس عجبًا إذًا أن يجد هذا البيان النبوي الرفيع صدى ضخمًا وأثرًا بالغًا وسلطانًا قويًا على نفوس تلك الصفوة المختارة،والصحبة التقية من الصحابة الكرام الأعلام،فتوطدت في نفوسهم أعمق معاني الشهادة،وترسخت في قلوبهم أسمى درجات الحب لها والولع بها والعمل الدؤوب لبلوغ مقامها،والتنعم برياضها.وفي صحيح السنة من أخبار هذا الشوق الظامئ،والحب الطهور الذي أكرم الله به هذه الكوكبة المؤمنة والطليعة الراشدة،ما لا يحده حد، ولا يستوعبه بيان،فمن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس أنه قال:انطلق رسول اللهوأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر،وجاء المشركون فقال رسول الله(لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونكم"،فدنا المشركون فقال رسول الله (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض"فقال عمير بن الحمام:يا رسول الله:إلى جنة عرضها السموات والأرض؟!قال:نعم"قال:بخ بخ،قال:ما يحملك على قول بخ بخ"قال:لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها،فقال:فإنك من أهلها"فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن،ثم قال:إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة،فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل.فانظروا-رحمكم الله- كيف استبطأ الشهادة لتأخرها عنه دقائق معدودات،ولقد كانت كلمات بعضهم عند الشهادة صرخات مدوية زلزلت قلوب قاتليهم،وحملتهم على الدخول في دين الله،هذا حرام بن ملحان أحد القراء الذين بعث بهم رسول الله يدعون قومًا من المشركين إلى الإسلام، ويقرؤون عليهم القرآن،فغدرت بهم رعل وذكون من قبائل العرب وقتلوهم عند بئر معونة،فهذا حرام يصيح عند الاستشهاد في وجه قاتله:فزت ورب الكعبة،وأدبر قاتله من المشركين بعد إسلامه وسأل عن معنى ذلك فقيل له:إنه قصد الشهادة،فكانت سببًا في إسلام هذا القاتل.أخرج هذه القصة البخاري في صحيحه.وكان بعضهم يأتيه من روح الجنة وريحها ما لا يملك معه إلا شدة الإقبال على القتال وعلى الاستبسال فيه،فهذا أنس بن مالك يقول(غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر فقال:يا رسول الله:غبت عن أول قتال قاتلت المشركين،لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع،فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال:اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم، واستقبله سعد بن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ: الجنة ورب النضر، إني لأجد ريحها دون أحد، قال أنس: ووجدنا به بضعًا وثمانين ما بين ضربة بالسيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وجيء به وقد مُثل به، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه". أخرجه البخاري ومسلم.وكم في حياة السلف -أيها الإخوة- من صور هذا الحب العاطر والشوق الظامئ إلى الظفر بمقام الشهادة في سبيل الله،ويا له من مقام،أعوذ بالله من الشيطان الرجيم(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) بارك الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
عباد الله:وهكذا يمضي على بذل الشهادة رخيصة في سبيل الله وفي الذود عن دينه والذب عن هذا الوطن وعن مقدساته الشريفة كواكب مضيئة وقوافل متعاقبة من الشهداء الأبرار؛ وقد آلمنا كثيراً ما حصل في مأرب من تحطم الطائرة السعودية وفيها عدد من الضباط والأفراد,والذين سطروا بدمائهم الزكية أروع أنواع التضحية والبذل،وأرفع أمثلة العطاء والجود،فقد لبوا نداء الواجب،إحقاقا للحق،ودفعا للباطل،وردا للعدوان،ونصرة للمظلوم،وردعا للظالم،وإغاثة للشعب اليمني المضطهد،وإثباتا للعزة والكرامة،ورفعا لراية الدين والوطن،وطاعة لولي الأمر،فسطروا أسماءهم في دواوين الشهداء،نحسبهم كذلك والهم حسيبهم, ونسأل الله عز وجل أن يتقبلهم في الشهداء وأن يعلي منازلهم في عليين وأن يربط على قلوب أهليهم. وأن ينصر جنودنا المرابطين ويثبت أقدامهم وأن ينصرهم على عدوهم نصراً عزيزا مؤزراً.(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
فضل الشهادة في سبيل الله 24 / 7 / 1438ه
الحمد لله الذي جعل الشهادة بابًا من أعظم أبواب الجنة،دار السلام،أحمده سبحانه،حثّ الأمة على المضي في درب الشهادة في سبيل الملك العلام،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله،خير من ضرب الأمثال في حب الشهادة،وفي بذل التضحيات العظام،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الأبرار الأعلام وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:(يا أيها الذين ءامنوا)
عباد الله:إن بلوغ الأهداف الكبرى في الحياة يستلزم تضحيات كبرى مكافئة لها،ولا ريب أن سمو الأهداف وشرف المقاصد ونبل الغايات تقتضي سمو التضحيات وشرفها ورقي منازلها،وإذا كان أشرف التضحيات وأسماها هو ما كان ابتغاء رضوان الله تعالى ورجاء الحظوة بالنعيم المقيم في جنات النعيم،فإن الذود عن حياض هذا الدين والذب عن حوزته والمنافحة عن كتابه وشرعه ومقدساته يتبوأ أرفع درجات هذا الرضوان،ثم إن للتضحيات ألوانًا كثيرة ودروبًا متعددة،لكن تأتي في الذروة منها التضحية بالنفس،وبذل الروح رخيصة في سبيل الله لدحر أعداء الله ونصر دين الله،ولقد جهد رسول اللهكل جهد،واستوفى غاية وسعه في ترسيخ جذور هذا المعنى العظيم،وتعميق مفهوم هذا المصطلح الجهادي في نفوس أصحابه الكرام-رضوان الله عليهم أجمعين-ثم في نفوس أمته من بعدهم،سالكًا في ذلك مسلكين:أحدهما:إفصاح بيّن وإيضاح جلي لما يعتمد في ذات نفسه الشريفة من حب عميق للشهادة حمله على التمني أن يرزق بها مراتٍ متعددة،فعن أبي هريرة أن رسول الله قال:)والذي نفسي بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل،ثم أغزو فأقتل،ثم أغزو فأقتل) أخرجه البخاري ومسلم.ويا لها من أمنية كيف انبعثت من هذا القلب الطهور معبرة أبلغ التعبير عن هذا الحب العميق،والشوق الغامر إلى هذا الباب العظيم من أبواب جنات النعيم.والمسلك الثاني في ترسيخ مفهوم الشهادة وإحيائه في القلوب وبعثه في النفوس ما ثبت عنهفي صحيح السنة الشريفة من بيان محكم وإيضاح دقيق لفضل الشهادة ومنازل الشهداء في دار الكرامة عند مليك مقتدر،وفي الطليعة من ذلك بيان صفة حياة الشهداء عند ربهم،فعن مروان أنه قال:سألنا عبد الله عن هذه الآية(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)فقال:أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله فقال(أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت،ثم تأوي إلى تلك القناديل" الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.ومنها أن للشهيد عند ربه ست خصال جاءت مبينة في حديث المقدام بن معد يكرب أنه قال:قال رسول الله(للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفقة-وهي الدفعة من الدم-ويرى مقعده من الجنة،ويجار من عذاب القبر،ويأمن من الفزع الأكبر،ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها،ويُزوج اثنتين وسبعين من الحور العين،ويشفع في سبعين من أقاربه)وفي لفظ(من أهل بيته) أخرجه الترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.ومنها أنه يخفف عنه مس الموت حتى إنه لا يجد من ألمه إلا كما يجد أحدنا من مس القرصة،وقد أخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم وابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح عن أبي هريرة أنه قال:قال رسول الله (ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة".ولهذا كله كان الشهيد وحده من أهل الجنة هو الذي يحب أن يرجع إلى الدنيا كما في حديث أنس أن النبيقال(ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا،وأن له ما على الأرض من شيء إلا الشهيد؛فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة"وفي رواية(لما يرى من فضل الشهادة) أخرجه البخاري ومسلم.وليس عجبًا إذًا أن يجد هذا البيان النبوي الرفيع صدى ضخمًا وأثرًا بالغًا وسلطانًا قويًا على نفوس تلك الصفوة المختارة،والصحبة التقية من الصحابة الكرام الأعلام،فتوطدت في نفوسهم أعمق معاني الشهادة،وترسخت في قلوبهم أسمى درجات الحب لها والولع بها والعمل الدؤوب لبلوغ مقامها،والتنعم برياضها.وفي صحيح السنة من أخبار هذا الشوق الظامئ،والحب الطهور الذي أكرم الله به هذه الكوكبة المؤمنة والطليعة الراشدة،ما لا يحده حد، ولا يستوعبه بيان،فمن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس أنه قال:انطلق رسول اللهوأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر،وجاء المشركون فقال رسول الله(لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونكم"،فدنا المشركون فقال رسول الله (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض"فقال عمير بن الحمام:يا رسول الله:إلى جنة عرضها السموات والأرض؟!قال:نعم"قال:بخ بخ،قال:ما يحملك على قول بخ بخ"قال:لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها،فقال:فإنك من أهلها"فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن،ثم قال:إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة،فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل.فانظروا-رحمكم الله- كيف استبطأ الشهادة لتأخرها عنه دقائق معدودات،ولقد كانت كلمات بعضهم عند الشهادة صرخات مدوية زلزلت قلوب قاتليهم،وحملتهم على الدخول في دين الله،هذا حرام بن ملحان أحد القراء الذين بعث بهم رسول الله يدعون قومًا من المشركين إلى الإسلام، ويقرؤون عليهم القرآن،فغدرت بهم رعل وذكون من قبائل العرب وقتلوهم عند بئر معونة،فهذا حرام يصيح عند الاستشهاد في وجه قاتله:فزت ورب الكعبة،وأدبر قاتله من المشركين بعد إسلامه وسأل عن معنى ذلك فقيل له:إنه قصد الشهادة،فكانت سببًا في إسلام هذا القاتل.أخرج هذه القصة البخاري في صحيحه.وكان بعضهم يأتيه من روح الجنة وريحها ما لا يملك معه إلا شدة الإقبال على القتال وعلى الاستبسال فيه،فهذا أنس بن مالك يقول(غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر فقال:يا رسول الله:غبت عن أول قتال قاتلت المشركين،لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع،فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال:اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم، واستقبله سعد بن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ: الجنة ورب النضر، إني لأجد ريحها دون أحد، قال أنس: ووجدنا به بضعًا وثمانين ما بين ضربة بالسيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وجيء به وقد مُثل به، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه". أخرجه البخاري ومسلم.وكم في حياة السلف -أيها الإخوة- من صور هذا الحب العاطر والشوق الظامئ إلى الظفر بمقام الشهادة في سبيل الله،ويا له من مقام،أعوذ بالله من الشيطان الرجيم(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) بارك الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
عباد الله:وهكذا يمضي على بذل الشهادة رخيصة في سبيل الله وفي الذود عن دينه والذب عن هذا الوطن وعن مقدساته الشريفة كواكب مضيئة وقوافل متعاقبة من الشهداء الأبرار؛ وقد آلمنا كثيراً ما حصل في مأرب من تحطم الطائرة السعودية وفيها عدد من الضباط والأفراد,والذين سطروا بدمائهم الزكية أروع أنواع التضحية والبذل،وأرفع أمثلة العطاء والجود،فقد لبوا نداء الواجب،إحقاقا للحق،ودفعا للباطل،وردا للعدوان،ونصرة للمظلوم،وردعا للظالم،وإغاثة للشعب اليمني المضطهد،وإثباتا للعزة والكرامة،ورفعا لراية الدين والوطن،وطاعة لولي الأمر،فسطروا أسماءهم في دواوين الشهداء،نحسبهم كذلك والهم حسيبهم, ونسأل الله عز وجل أن يتقبلهم في الشهداء وأن يعلي منازلهم في عليين وأن يربط على قلوب أهليهم. وأن ينصر جنودنا المرابطين ويثبت أقدامهم وأن ينصرهم على عدوهم نصراً عزيزا مؤزراً.(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المرفقات
فضل الشهادة في سبيل الله.docx
فضل الشهادة في سبيل الله.docx