فضل الشهادة في سبيل الله

أبو عبد الله 2
1438/07/23 - 2017/04/20 14:01PM
ان الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا..أما بعد.فَأُوصِيكُم وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ
معاشر المسلمين : إنَّ الله تعالى انتدب عباده إلى البذل في سبيله؛﴿ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾
فتسابَقَ المؤمنون في هذا المضمار المبارك فهذا يبذل الأموال وآخر يتصدق بنصف ماله أو ثلثه وذاك يعد بالكثير من الإعانات والهبات، وآخَر قد أوقف نفسه وفرَّغها في أعمال البر والخير، يبذل وقته في نفع المسلمين إغاثة ودعوة وتعليمًا، وكلهم على خيرٍ - إن شاء الله - لكن هناك صنف من الناس اختاروا أرفعَ المقامات وتسنَّموا ذُرَى الإسلام، علموا أنَّ أغلى ما يملكه الإنسان روحه التي بين جنبَيْه، فقدَّموها قُربانًا إلى ربهم، يهون المال والمتاع دُون الدم، ولكنَّهم أراقوا دِماءهم في سبيل الله، سمعوا قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
فعقدوا البيعَ مع الله، السِّلعة أرواحهم ودماؤهم، والثمن الموعود عند الله هو الجنة، ومَن أوفى بعهده من الله؟! حديثنا اليوم عن فضل الشهيد والشهادة في سبيل الله وأنواعها ومكانتها.
فمن هو الشهيد "الشهيد هو من مات من المسلمين في جهاد الكفَّار بسببٍ من أسباب قِتالهم قبل انقضاء الحرب؛ كأنْ قتلَه كافرٌ، أو أصابه سلاحُ مسلم خطأ، أو عاد عليه سلاحُه، أو تردَّى في بئر أو رفسَته دابَّتُه فمات، أو قتلَه مسلِم باغٍ استعان به أهلُ الحرب
واما فضل الشهيد ومكانته:
فأولا: أن الشهداء أحياء عند الله تعالى:
يقول سبحانه﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾
ومن الفضائل: تمنِّي رجوعه إلى الدنيا ليقتل مرة ثانية لما يرى من فَضل الشَّهادة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبدٍ يموتُ، له عند الله خيرٌ، يحبُّ أن يرجع إلى الدُّنيا وأنَّ له الدُّنيا وما فيها إلاَّ الشَّهيد؛ لما يرى من فَضل الشَّهادة؛ فإنَّه يسُرُّه أن يَرجع إلى الدُّنيا فيُقتل مرَّةً أُخرى))؛ الترمذي، حسن صحيح.
وقال جابر بن عبدالله: لَقيني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: ((يا جابرُ، ما لي أراك مُنكسرًا؟))، قلتُ: يا رسول الله، استُشهد أبي، قُتل يوم أُحُدٍ، وترك عيالاً ودَينًا، قال: ((أفلا أُبشِّرُك بما لقي اللهُ به أباك؟))، قال: قلتُ: بلى يا رسول الله، قال: ((ما كلَّم اللهُ أحدًا قطُّ إلاَّ من وراء حجابٍ، وأحيا أباك فكلَّمه كفاحًا، فقال: يا عبدي، تمنَّ عليَّ أُعطِك، قال: يا رب، تُحييني فأُقتَل فيك ثانيةً، قال الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: إنَّه قد سبق منِّي أنَّهم إليها لا يرجعُون، قال: يا رب، فأبلغ من ورائي، قال: وأُنزلت هذه الآيةُ: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ امواتا.
ومن الفضائل: ان نبينا صلى الله عليه وسلم تمنى أن يكون شهيدًا، وأن يُقتل في سبيل الله مرات ومرات:
فعن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، وددتُ أنِّي أُقاتلُ في سبيل الله فأُقتلُ، ثم أُحيا ثم أُقتلُ، ثم أُحيا ثمَّ أُقتلُ))؛ متفق عليه.
ومن الفضائل انه لا يشعر بالألم عند موته:
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يجدُ الشَّهيدُ من مسِّ القتل إلا كما يجدُ أحدُكم من مسِّ القَرصة))؛ السلسلة الصحيحة.
ومن الفضائل: انه له مائة درجة عند الله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ في الجنة مائة درجة أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السماء والأرض))؛ رواه البخاري.
ومن الفضائل : ان رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها:
عن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((رِباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها))، وعند مسلم: ((لَغدوةٌ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها))؛ رواه البخاري.
ومن الفضائل: ان النار لا تمس القدمين اللتين اغبرَّتا في سبيل الله:
عن أبي عبس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما اغبرَّتَا قدمَا عبدٍ في سبيل الله فتمسه النار))؛ رواه البخاري.
ومن الفضائل: ان الشهيد رائحة دمه مسكٌ يوم القيامة:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيل الله - واللهُ أعلَمُ بمن يُكلَم في سبيل الله - إلاَّ جاء يوم القيامة وجرحُه يَثعب دمًا، اللون لون دمٍ، والرِّيح رِيح مِسك))؛ (رواه البخاري).
هذا واعلموا ياعباد الله ان الاجر المترتب على الجهاد في سبيل الله وثواب الشهادة في سبيله مبني على الجهاد الصحيح الوارد في الكتاب والسنة وماتوافرت فيه شروطه وانتفت موانعه.
نسأل الله تعالى ان يبلغنا منازل الشهداء انه سميع مجيب
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, قد قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
معاشر المسلمين: ثم ان الشهيد ليس محصوراً في شهيد المعركة فحسب بل بينت الاحاديث النبوية عدداً ممن ينالون اجر الشهادة، فمن ذلكم:
- طالب الشهادة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سأل اللهَ الشَّهادة بصدقٍ، بلَّغه الله منازِلَ الشُّهداء وإن مات على فِراشه))؛ (رواه مسلم).
ويفيد الحديث: أنَّ من طلب الشَّهادة صادقًا؛ بأن يكون قَصده الجهاد في سبيل الله لنصرة دينه، ثمَّ مات على فراشه؛ فإنَّ الله يَكتب له أجرَ شهيد، ويَبعثه في زمرة الشُّهداء؛ لأنَّ الله علِم صِدق نيَّته وشرف قصده،
-ومنهم : المقتول دون ماله:
عن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن جاء رجُلٌ يُريدُ أخذ مالي؟ قال: ((فلا تُعطِه مالك))، قال: أرأيتَ إن قاتَلَني؟ قال: ((قاتِلْه))، قال: أرأيتَ إن قتلَني؟ قال: ((فأنتَ شهيدٌ))، قال: أرأيتَ إن قتلتُه؟ قال: ((هو في النار))؛ (رواه مسلم).
-المقتول دون مظلمته:
عن سويد بن مقرن رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قُتل دون مَظلمته، فهو شهيدٌ))؛ (رواه النسائي).
مَظلَمة: بفتح الميم واللام: ما أُخذ من الشَّخص ظلمًا؛ كأرض، أو بهيمة، أو ثياب، وما أشبه ذلك.
- المقتول دون دِينه أو أهله أو دمه:
كل واحد من هؤلاء الثلاثة شهيد؛ عن سعيد بن زيدٍ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((مَن قُتل دون ماله فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون دِينه فهو شهيدٌ، ومن قُتل دون دمه فهو شهيدٌ، ومَن قُتل دون أهله فهو شهيد))؛ (رواه الترمذي).
الميت بمرض الطاعون:
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تعُدُّون الشهيد فيكُم؟))، قالُوا: يا رسُول الله، مَن قُتل في سبيل الله فهو شهيدٌ، قال: ((إنَّ شُهداء أُمَّتي إذًا لقليلٌ))، قالوا: فمَن هم يا رسُول الله؟ قال: ((مَن قُتل في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومن مات في الطَّاعُون فهو شهيدٌ، ومن مات في البَطن فهو شهيدٌ، والغريقُ شهيدٌ))؛ (رواه مسلم)،
- طالب العلم:
عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن خرَج في طلب العلم، كان في سبيل الله حتى يرجع))؛ (رواه الترمذي).
هذا وصلوا وسلموا- رعاكم الله - على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾
اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارك على سيدنا ونبينا محمد وارضَ اللَّهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنَّا معهم بمنـِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم ناصراً ومعِينا وحافظاً ومؤيدا .اللهم آمنا في أوطانِنا، اللهم آمنا في أوطانِنا، وأدمْ نعمةَ الأمنِ والاستقرارِ في بلادِنا.وبلاد المسلمين
اللهم من أرادَنا وبلادَنا والمسلمينَ بسوءٍ فأشغلُه في نفسِه، واجعلْ كيدَه في نحرِه، واجعلْ تدبيرَه تدميرَه. اللهم وفق إمامَنا لما تحبُ وترضى وخذْ بناصيته للبرِ والتقوى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عملَه في رضاك، وهيئ له البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تدلُه على الخيرِ وتعينُه عليه،يا ذا الجلالِ والإكرام. اللهم احفظ جنودنا الذين يجاهدون في سبيلك في الثغور اللهم ثبت اقدامهم وانصرهم ياقوي ياعزيز اللهم وشاف مرضاهم وارحم موتاهم واجعلهم عندك من الشهداء ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله : اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون.
المشاهدات 1034 | التعليقات 0