فضل السلام وإطعام الطعام

عبدالله بن رجا الروقي
1435/02/28 - 2013/12/31 08:43AM
... أما بعد فإن الوحيين الشريفين الكتاب والسنة هما خير مايبحث عن فوائده وترجى بركته وعوائده وإن من ذلك حديثاً لرسول الله ﷺ أخبر فيه عن عملين صالحين من خصال الإسلام وعظم من شأنهما فقد سأل رجلٌ النبي ﷺ فقال : أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. متفق عليه.
فهاتان الخصلتان جليلتان شريفتان لأن النبي
ﷺ أجاب بهما من سأله عن خير الإسلام أي أكثر خصال الإسلام ثواباً.
فذكر ﷺ أولاهما وهي : إطعام الطعام ، وأول من يعتنى بإطعامه في ذلك أولادك وزوجتك ومن تعولهم فإن إطعامهم واجب لوجوب نفقتهم ، والواجب أفضل من المستحب. كما في الحديث الإلهي : ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه. رواه البخاري.
وإذا نوى المسلم القربة إلى الله بنفقته على أهله أثيب على ذلك، وهذه النية يغفل عنها كثير من الناس عند إنفاقه على أهله فليحرص العبد عليها ليثاب على عمله هذا فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ : إِنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك. أَيْ فِي فَمِهَا.
رواه البخاري ومسلم.
بل إن إطعام الأهل والإنفاق عليهم أعظمُ أجراً
من النفقة في سبيل الله وعلى الفقراء
قال رسول الله ﷺ: دِينَارٌ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَدِينَارٌ أَنْفَقْته فِي رَقَبَةٍ , وَدِينَارٌ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ , وَدِينَارٌ أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك , أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك. رواه مسلم.

وقال ﷺ: أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ. رواه مسلم.
قَالَ أَبُو قِلَابَةَ أحد رواة الحديث : وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمُ اللَّهُ أَوْ يَنْفَعُهُمْ اللَّهُ بِهِ وَيُغْنِيهِمْ.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني مسكينةٌ تحمل ابنتَين لها . فأطعمتُها ثلاثَ تمراتٍ ، فأعطتْ كلَّ واحدةٍ منهما تمرةً ، ورفعت إلى فيها تمرةً لتأكلَها ، فاستطعمَتها ابنتاها ، فشقَّتِ التَّمرةَ ، التي كانت تريد أن تأكلَها ، بينهما ؛ فأعجبني شأنُها ، فذكرتُ الذي صنعَتْ لرسولِ اللهِ ﷺ فقال : إنَّ اللهَ قد أوجب لها بها الجنةَ ، أو أعتقَها بها من النَّارِ . رواه مسلم.
فانظر إلى هذه المرأة كيف أوجب الله لها الجنة بشفقتها على ابنتيها وإطعامها لهما.

ومن إطعام الطعام إطعامه للجيران ، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : إنَّ خليلي ﷺ أوصاني: إذا طبخْتَ مرَقًا فأَكثِرْ ماءَه ، ثم انظُر أهلَ بيتٍ من جيرانِك ، فأَصِبْهم منها بمعروفٍ. رواه مسلم.
وقال ﷺ للنساء : يا نساء المسلمات ، لا تحقرن جارة لجارتها ، ولو فرسن شاة. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: فإطعام الطعام يوجب دخول الجنة، ويباعد من النار وينجي منها كما قال تعالى ﴿ فلا اقتحم العقبة * ومآ أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة *يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة ﴾ . وفي الحديث الصحيح عن النبي ﷺ: اتقوا النار ولو بشق تمرة .ا.هـ
وقد أثنى الله عزوجل على من يطعم الطعام المساكين واليتامى والأسرى مع حبه له قال تعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم...

الخطبة الثانية:
أمابعد فقد ذكر النبي ﷺ الخصلة الثانية في الحديث وهي السلام وهو عبادة من العبادات التي يثاب عليها المسلم فقد جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي ﷺ :«عشر». ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد فجلس، فقال :«عشرون». ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد فجلس، فقال :«ثلاثون» رواه أبو داود والترمذي.
ففي هذا الحديثُ بيان قدر الحسنات التي ينالها المُسَلِّم ممايدل على أن الأفضل الإتيان بالسلام الكامل الوارد في الحديث.
ومن فضائل السلام أنه سبب لدخول الجنة وللمحبة بين المسلمين قال رسول الله ﷺ : لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. رواه مسلم.

وهو حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم قال ﷺ حقُّ المسلمِ على المسلمِ ستٌّ . وذكر منها السلام بقوله : إذا لقِيتَه فسلِّمْ عليه . رواه مسلم.

وقوله ﷺ تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. يستفاد منه أن السلام لايختص بالمعارف بل يسلم الإنسان على من يعرفه ومن لايعرفه
وسلام الإنسان على من لايعرفه فيه دليل على تواضعه وإخلاصه لله فلم يخص السلام بأحد لجاهه أو ماله وإنما أراد به وجه الله عز وجل.
وإذا دخل الإنسان على أهل بيته فليسلم عليهم وهذا مما يغفل عنه كثير من الناس، قال تعالى: ﴿ فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة ﴾
وعن أنس رضي الله عنه قال : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا بُنَيَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ . رواه الترمذي.
ففي الآية والحديث أن السلام بركة على الإنسان وعلى أهله إذا سلم عليهم وقد عظم الله من شأن السلام بقوله تعالى: ﴿ تحية من عند الله مباركة طيبة ﴾
ويجب رد السلام لقوله تعالى : ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾
ولايجوز ابتداء الكافر بالسلام لقوله ﷺ : لا تبدَأوا اليهودَ ولا النصارى بالسلامِ. رواه مسلم.
اللهم أجعلنا ممن يطعم الطعام ويقرأ السلام على من يعرف ومن لايعرف وتقبل منا يابر يارحيم...
المشاهدات 2730 | التعليقات 1

وعليك من ربنا السلام وجعلنا من أهل الإطعام والسلام وأدخلنا دار السلام مع الذين آخر دعواهم فيها سلام.

بارك الله فيك شيخ عبدالله