فضل الذكر وأهميته في العشر، وبعض أحكام صلاة العيد.

عبد الله بن علي الطريف
1434/12/04 - 2013/10/09 16:14PM
فضل الذكر وأهميته في العشر، وبعض أحكام صلاة العيد. 6/12/1434هـ
أيها الإخوة: ونحن نعيش أيام عشر ذي الحجة وبركتها والتي لا تماثلها أي أيام من أيام العام.. والذكر فيها من أجل الأعمال وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار منه على أي صفة نقلت عنه صلى الله عليه وسلم وليس مشروطا بالصيغة المعروفة..
وقد أمر الله تعالى بالإكثار منه في كل حين فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا. وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الأحزاب:41،42]. قال الشيخ السعدي: يأمر تعالى المؤمنين، بذكره ذكرا كثيرًا، من تهليل، وتحميد، وتسبيح، وتكبير وغيرِ ذلك من كلِ قولٍ فيه قُربة إلى اللّه، وأقلُّ ذلك أن يلازم الإنسان، أورادَ الصباح والمساء وأدبارَ الصلوات الخمس وعندَ العوارض والأسباب. وينبغي مداومةَ ذلك في جميع الأوقات على جميع الأحوال، فإنَّ ذلك عبادةٌ يسبِقُ بها العاملُ وهو مستريحٌ، وداعٍ إلى محبةِ اللّه ومعرفتِهِ، وعونٌ على الخير، وكفٌ للسان عن الكلام القبيح. ثم قال: وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا. أي: أولَ النهار وآخرَه، لفضلِها، وشرفها، وسهولِة العمل فيها. ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (الأنفال: 45) فلِذِكْرِه سبحانه في مثل هذا الموقف أثر كبير في الثبات والصبر ثم النصر.. ويقول: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (الجمعة:10) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ أي لطلب المكاسب والتجارات، ولما كان الاشتغال في التجارة، مَظِنُّةُ الغفلة عن ذكر الله، أمر الله بالإكثار من ذكره، فقال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا. أي في حال قيامكم وقعودكم وعلى جنوبكم، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. فإنَّ الإكثار من ذِكْر الله أكبرُ أسبابَ الفلاح. وقال سبحانه بعدما ذكر عددا من صفات المؤمنين: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (الأحزاب: 35) أي: في أكثر الأوقات، خصوصًا أوقات الأوراد المقيدة كالصباح والمساء، وأدبار الصلوات المكتوبات.
أيها الإخوة: ومن خصائِص هذه العشر فضيلةُ الإكثار فيها من التهليل والتكبيرِ والتحميد، قال الله تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ...)[الحج:28] والأيام المعلومات أيام العشر. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ. [رواه أحمد و إسناده صحيح.] وقال سبحانه: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ...) [البقرة:203] قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: يأمر تعالى بذكره في الأيام المعدودات، وهي أيام التشريق الثلاثة بعد العيد، لمزيتها وشرفها، وكون بقية أحكام المناسك تفعل بها، ولكون الناس أضيافا لله فيها، ولهذا حَرَّمَ صيامها، فللذكر فيها مزية ليست لغيرها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: فيما رواه نُبَيْشَةُ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.. [رواه البخاري ومسلم] وقال سبحانه: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (البقرة200) وقد قيد الله الأمر بالذكر في هذه الآية بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه وعدم استغنائه عنه طرفة عين فأي لحظة خلا فيها العبد عن ذكر الله عز وجل كانت عليه لا له وكان خسرانه فيها أعظم مما ربح في غفلته.. وعن الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بها.. فذكر أمره لهم بعبادة الله والصلاة والصيام والصدقة وذكر فضلها وذكر منها: وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَثِيرًا وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا فَتَحَصَّنَ فِيهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنُ مَا يَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. [ورواه أحمدَ بمسنده والترمذيُ وغيرهما وصححه الألباني وغيره]
قال ابن القيم: فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقا بالعبد أن لا يفترَ لسانُه من ذكر الله تعالى، وأن لا يزالَ لَهِجاً بذكره فإنه لا يُحرزُ نفسه من عدوه إلا بالذكر ولا يدخلُ عليه العدو إلا من باب الغفلة فهو يرصده فإذا غفل وثب عليه وافترسه.. وعن مُعَاذٍ رضي الله عنه: قَالَ قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ..؟ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ غَدًا فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ.. قَالُوا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ذِكْرُ اللهِ عز وجل. [رواه أحمد وهو صحيح] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ. قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ. [رواه مسلم] وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ: لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ. [رواه الترمذي وصححه الألباني.] وعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ. [رواه البخاري]
أيها الإخوة: وينبغي للذاكر أن يتدبر الذكر الذي يقوله , ويفهم معناه فذلك أدعى للخشوع والتأثر به, ومن ثم صلاح القلب. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد: وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان وكان من الأذكار النبوية وشهد الذاكر معانَيه ومقاصده.
الذكر أيها الإخوة: هو قوت القلوب متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا، بالذكر تستدفع الآفات وتستكشف الكربات وتهون على مداومي الذكر المصيبات إذا أظلمهم البلاء فبه يلهجون فهو أنيسهم الذي به يستأنسون، وإذا نزلت بهم النوازل فإليه مفزعهم فهو رياض جنتهم التي فيها يتقبلون، ورؤوس أموال سعادتهم التي بها يتجرون، يدع القلب الحزين ضاحكا مسرورا، ويوصل الذاكر إلى المذكور بل يدع الذاكر مذكورا.. وفي كل جارحة من الجوارح عبودية مؤقتة والذكر عبودية القلب واللسان وهي غير مؤقتة بل هم يُأْمَرُون بذكر معبودهم ومحبوبهم في كل حال: قياما وقعودا وعلى جنوبهم فكما أن الجنة قيعان وهو غراسها فكذلك القلوب بور وخراب وهو عمارتها وأساسها، زين الله به ألسنة الذاكرين كما زين بالنور أبصار الناظرين فاللسان الغافل: كالعين العمياء والأذن الصماء واليد الشلاء وهو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته.. وهو روح الأعمال الصالحة فإذا خلا العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه..أ- هـ
أيها الإخوة : أذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا كونوا من أولوا الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ... أسأل الله تعالى أن يلهمنا ذكره وشكره ، وأن يجعلنا من الفائزين بجنته ووالدينا إنه سميع مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الثانية :
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لم أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم ما اتصلت عين بنظر وأذن بخبر وسلم تسليما …
أيها الإخوة: أخرجوا وفقكم الله إلى صلاة عيد الأضحى مهللين مكبرين محمدين فهي شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة.. كما رجحه شيخنا محمد بن عثيمين فرض عين على كل أحد، ويجب على جميع المسلمين أن يصلوا صلاة العيد، ومن تخلف فهو آثم، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. واستدل هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم: أمر النساء حتى الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجنَ إلى المصلى ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، وهذا يدل على أنها فرض عين؛ لأنها لو كانت فرض كفاية لكان الرجال قد قاموا بها، قال الشيخ: وهذا عندي أقرب الأقوال وهو الراجح. والسُّنةُ أن تذهبَ مشيا لمن يستطيع ولا تأكلَ شيئا قبل صلاة العيد حتى تأكل من الأضحيةِ لمن أراد أن يضحي فعن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ. الترمذي أما من أخر أضحيته أولم يضحي فله أن يأكل قبل الصلاة.
أيها الإخوة: قال شيخنا ابن عثيمين والصواب أن يرفع يديه مع كل تكبيرة من التكبيرات الزوائد ويستفتح بعد تكبيرة الإحرام وقبل التكبيرات الزوائد، ومن فاته شيء من الصلاة قضاه على صفته وإن فتته كلها فالراجح عند شيخنا ابن عثيمين عدم القضاء. والسنة أن نذهب من طريق ونعودَ من آخر, فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ. رواه البخاري.. وسيكون دخول الإمام لصلاة العيد في تمام الساعة 6:20 إن شاء الله...وصلوا سلموا
المشاهدات 1721 | التعليقات 0