فضل التابعين في الكتاب والسنة د. أحمد بن عبد الله الباتلي
احمد ابوبكر
1437/05/21 - 2016/03/01 03:55AM
[align=justify]فضل التابعين في القرآن الكريم:
أثنى الله تعالى على التابعين في كتابه الكريم بعد ثنائه على الصحابة الكرام، فقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100].. فاشتملت الآية الكريمة على أبلغ الثناء من الله رب العالمين على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، حيث أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه بما أكرمهم به من جنات النعيم(1). وذكر العلامة الشنقيطي(2) أن الذين اتبعوا السابقين بإحسان يشاركونهم في الخير كقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة:3]. وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا} [الحشر:10]. وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ} [الأنفال:75].
قال الشيخ حافظ الحكمي(3) - رحمه الله – معلقاً على هذه الآية: "وقد رتب الله تعالى فيها الصحابة على منازلهم وتفاضلهم، ثم أردفهم بذكر التابعين في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ}".
فضل التابعين في السنة النبوية:
جاءت في السنة النبوية أحاديث كثيرة في فضل التابعين منها: عن عمران بن الحُصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"(4)، قال الطيبي(5): "يعني الصحابة ثم التابعين". وقال الحافظ ابن حجر(6): "والمراد بقرن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: الصحابة، وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحو سبعين أو ثمانين، وأما الذين بعدهم فغن اعتبر منها كان نحواً من خمسين". فظهر بذلك أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمار أهل كل زمان، والله أعلم.
وقال الحاكم(7): "فخير الناس قرناً بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ عنهم الدين والسنن". وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني، وصاحب من صاحبني"(8). وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمَسُّ النارُ مسلماً رآني، أو رأى من رآني"(9)، ونقل المباركفوري(10) أن ظاهر الحديث تخصيص الصحابة والتابعين بهذه البشارة.
وخطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس فقال في خطبته: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في مثل مقامي هذا فقال: "ألا أحسنوا إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"(11). فدل هذا الحديث على فضل الصحابة والتابعين وأتباعهم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام(12) من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى من صَحِب رسول الله؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم"(13). قال العيني(14): "فيه فضلة لأصحابه رضي الله عنهم وتابعيهم".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وَدِدْتُ أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: أوَلسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بَعْدُ"(15). قال الإمام النووي(16): "في هذا الحديث جواز التمني لا سيما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح..." ثم نقل عن الباجي(17) أنه قال في قوله صلى الله عليه وسلم: "أنتم أصحابي" ليس نفياً لأخوتهم ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة فهؤلاء إخوة صحابة والذين لم يأتوا إخوة وليسوا بصحابة.
ومما يدل على فضل التابعين، ما قاله الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت327هـ) في مقدمة الجرح والتعديل(18): "فخلف من بعد الصحابة التابعون، الذين اختارهم الله عز وجل لإقامة دينه، وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه... فأتقنوه، وعلموه، وفقهوا فيه، فكانوا من الإسلام والدين ومراعاة أمر الله عز وجل ونهيه بحيث وضعهم الله عز وجل ونصبهم له، إذ يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [التوبة:100]، فصاروا برضوان الله عز وجل لهم، وجميل ما أثنى عليهم، بالمنزلة التي نزههم بها عن أن يلحقهم مغمز، أو تدركهم وصمة؛ لتيقظهم وتحرزهم وتثبتهم، ولأنهم البررة الأتقياء الذين ندبهم الله عز وجل لإثبات دينه، وإقامة سننه وسبله، فلم يكن لاشتغالنا بالتمييز بينهم معنى، إذ كنا لا نجد منهم إلا إماماً مبرزاً مقدماً في الفضل والعلم ووعي السنن وإثباتها، ولزوم الطريقة واحتذائها، ورحمة الله ومغفرته عليهم أجمعين، إلا ما كان ممن ألحق نفسه بهم، ودلسها بينهم ممن ليس يلحقهم، ولا هو في مثل حالهم، لا في فقه ولا علم ولا حفظ ولا إتقان...".
من أفضل التابعين:
لا شك أن أفضل التابعين هو أويس القرني(19) - رحمه الله – وهو قول أهل الكوفة لما ثبت في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن خير التابعين رجل يُقال له أويس. وله والده، وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم"(20). وقال القاضي عياض(21): يحتج به من ذكرناه من أهل الحديث والنظر إلى أن في التابعين والقرن الثاني من يفضل بعض من في القرن الأول. ا.هـ.
خلاف العلماء في أفضل التابعين:
مع ورود هذا النص الصريح فقد ورد اختلاف بين بعض المحدثين في أفضل التابعين: فقيل: "إنه سعيد بن المسيب، قال الإمام أحمد بن حنبل(22): أفضل التابعين سعيد بن المسيب. فقيل له: فعلقمة والأسود؟ فقال: سعيد وعلقمة والأسود". وقال علي بن المديني(23): سعيد بن المسيب هو عندي أجل التابعين. وقال أبو حاتم الرازي(24): "ليس في التابعين أنبلُ من ابن المسيب". والتمس الإمام العراقي(25) العذر للإمام أحمد في تفضيله لسعيد بن المسيب فقال: "وأما تفضيل أحمد لابن المسيب وغيره فلعله لم يبلغُه الحديث، أو لم يصح عنده".
وتعقبه السخاوي(26) بقوله: فلا يحسن، فإنه قد أخرجه في مسنده(27) من الطريق الذي أخرجه مسلم منها بلفظ: "إن خير التابعين رجل يُقال له: أويس". قلت: فلا معنى إذاً لقوله: لم يبلغه الحديث، ولم يصح عنده، فإنه رواه من طريق مسلم في صحيحه. فبقي أن يُحمل قول الإمام أحمد بأنه لعله أراد الأفضلية في العلم لا الخيرية الواردة في الحديث(28).
ونقل ابن الصلاح(29) عن الإمام أحمد أنه قال: "لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي(30)، وقيس بن أبي حازم(31)". وعنه أنه قال: "أفضل التابعين قيس وأبو عثمان وعلقمة(32) ومسروق(33) هؤلاء كانوا فاضلين، ومن علْية التابعين". ثم قال ابن الصلاح(34): "وأعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي(35) قال: "اختلف الناس في أفضل التابعين، فأهل المدينة يقولون: سعيد بن المسيب، وأهل الكوفة يقولون: أويس القرني، وأهل البصرة يقولون: الحسن البصري".
قال العراقي(36) عن هذا القول: واستحسنه ابن الصلاح، والصحيح بل الصواب ما ذهب إليه أهل الكوفة، ثم ذكر الحديث من صحيح مسلم. وحاول الإمام البلقيني(37) الجمع بين الأقوال فقال: "والأحسن في تفضيل التابعين أن يُقال: من حيث الورع والزهد: أويس، ومن حيث حفظ الخبر والأثر: سعيد". ا.هـ.
أفضل التابعيات:
قال أبو بكر بن أبي داود(38): "سيِّدتا التابعيات: حَفصة بنت سيرين(39) وعَمْرة بنت عبد الرحمن(40)، وثالثتهما – وليست كهما – أم الدّرداء"(41). وقال البلقيني: "فائدة: المراد أم الدرداء الصغرى التابعية، واسمها هجيمة. ويقال: جهيمة". وقال إياس بن معاوية(42): "أما أدركتُ أحداً أُفضله على حفصة بنت سيرين، فقيل له: الحسن وابن سيرين؟ فقال: أما أنا فلا أفضل عليها أحداً".
فوائد معرفة التابعين:
1 – كشف المرسل من المتصل في الأسانيد.
قال ابن الصلاح(43): "هذا ومعرفة الصحابة أصل أصيل يُرجع إليه في معرفة المرسل والمسند".
2 – كشف التدليس، وبيان العنعنة ونوعها، وإفادتها السماع أو عدمه، وكشف زيف الكذابين الذين يدّعون السماع من بعض الصحابة، ويروون أحاديث دخيلة لم يحتج بحديثهم محتج(44).
3 – معرفة الموقوف من المقطوع عند عدم رفعه(45).
4 – علو أسانيد مروياتهم حيث شرفوا بالسماع من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم(46).
5 – معرفة منزلتهم، وجلالة قدرهم، لنقلهم إلينا علم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم(46): "فخير الناس قرناً بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ عنهم الدين والسنن".
6 – التفريق بين الصحابة والتابعين وأتباعهم، لا سيما عند اتفاقهم في الأسماء.
قال الحاكم(47): ومهما غفل الإنسان عن هذا العلم لم يُفرق بين الصحابة والتابعين، ثم لم يفرق بين التابعين وأتباع التابعين.
جهود التابعين في نشر السنة(48).
الفقهاء السبعة وحفاظ السنة من التابعين:
تلقى التابعون علومهم على يدي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهلوا من علمهم، وحفظوا مروياتهم، وكتبوا أحاديثهم وبلّغوها الناس كافة آنذاك. وتميز عصر التابعين بكثرة العلماء والفقهاء والحفاظ منهم، وكان لهؤلاء الأئمة الفضل في نشر العلم في الأمصار. ففي مكة رويت الفتيا في الفقه والحديث عن عطاء بن أبي رباح (ت114هـ) وطاؤوس بن كيسان (ت103هـ). وفي المدينة عن جماعة من أكابر التابعين هم "الفقهاء السبعة" من أهل المدينة، وهم: سعيد بن المسيب (ت90هـ)، والقاسم بن محمد (ت106هـ)، وعروة بن الزبير (ت94هـ)، وخارجة بن زيد (ت100هـ)، وأبو سلمة بن عبد الرحمن (ت94هـ)، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة (ت94هـ)، وسليمان بن يسار (بعد المائة). فهؤلاء هم الذين يطلق عليهم: "الفقهاء السبعة" عند الأكثر من علماء الحجاز. كما ذكر الإمام الحاكم(49). وذكرهم ابن المبارك(50)، وعدّ سالم ابن عبد الله بن عمر (ت106هـ) بدل أبي سلمة بن عبد الرحمن. وفي الكوفة حمل الناس العلم عن علقمة بن قيس النخعي (توفي بعد سنة 60هـ)، وعامر الشعبي (ت100هـ)، ومسروق ابن الأجدع الهمداني (ت62هـ). وفي البصرة عن الحسن البصري (ت100هـ)، ومحمد ابن سيرين (ت110هـ)، وأيوب السختياني (ت131هـ). وفي الشام عن أبي إدريس الخولاني (ت80هـ)، وقبيصة بن ذُؤيب الخزاعي (بتد سنة 80هـ)، وبمصر عن يزيد بن أبي حبيب (ت128هـ) وبُكير بن عبد الله الأشج (ت120هـ)(51). وفي اليمن عن همام بن منبه (ت132هـ). ومعمر بن راشد (ت154هـ).
جهود التابعين في تدوين السنة:
كان للتابعين دور في بداية التدوين الرسمي للسنة حيث كتبر عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: "انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه"(52). وروى البخاري(53) أن عُمر بن عبد العزيز كتب إلى (عامله على المدينة) أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (ت117هـ): "انظر ما كان من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفتُ دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث رسول الله، وأمره بجمع حديث عمرة(54) (ت78هـ). وأمر الإمام ابن شهاب الزهري (ت124هـ) بجمع السنن، وكذا كتب إلى القاسم بن محمد بن أبي بكر (ت107هـ)(55).
ويصف الزهري مدى استجابة العلماء لما طلبه الخليفة عمر بن عبد العزيز وثمار جهوده في تدوين السنة فيقول: "أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً"(56).
جهود التابعين في تدريس السنة:
لم يكتف عمر بن عبد العزيز بالأمر بجمع السنة بل حث العلماء على نشرها في المساجد. لما روى البخاري أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم قائلاً: "ولتُفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يُعلَّم من لا يَعلمُ، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً"(57). وعُقدت حلقات تدريس الحديث الشريف في مساجد المدن الإسلامية. وجلس المحدثون لتدريس الناس ورواية الأحاديث لهم. فتخرّج على أيديهم عدد من أتباع التابعين. عن الزهري قال: "كان عروة يتألف الناس على حديثه"(58).
صحف التابعين:
شهد عهد التابعين(59) جهوداً علمية مباركة في رواية السنة وتطبيقها وتدريسها ونشرها بين الناس في صحف كتبوا فيها أحاديثهم التي سمعوها من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانتشرت كتابة الحديث في جيل التابعين على نطاق أوسع مما كان في زمن الصحابة، إذ أصبحت الكتاب ملازمة لحلقات العلم المنتشرة في الأمصار الإسلامية آنذاك. ولعل من أسباب ذلك التوسع ما يأتي:
1 – انتشار الروايات، وطول الأسانيد، وكثرة أسماء الرواة وكناهم وأنسابهم.
2 – موت كثير من حفاظ السنة من السحابة وكبار التابعين، فخيف بذهابهم أن يذهب كثير من السنة.
3 – ضعف ملكة الحفظ مع انتشار الكتابة بين الناس وكثرة العلوم المختلفة.
4 – ظهور البدع والأهواء وفشو الكذب، فحفاظاً على السنة وحماية لها من أن يدخل فيها ما ليس منها، شُرِعَ في تدوينها.
وكُتب في هذا العصر من الصحب ما يفوق الحصر، وقد ذكر الدكتور مصطفى الأعظمي عدداً كبيراً منها وذلك في كتابه: "دراسات في الحديث النبوي"(60). وأكتفي هنا بذكر أمثلة من تلك الصحف التي كتبت في هذا العصر:
1 – صحيفة أو صحف سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس(61).
2 – صحيفة بشير بن نهيك كتبها عن أبي هريرة وغيره(62).
3 – صحف مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس، قال أبو يحيى الكناسي: "كان مجاهد يصعد بي إلى غرفته فيخرج إلي كتبه فأنسخ منها"(63).
4 – صحيفة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي تلميذ جابر بن عبد الله، يروي نسخة عنه وعن غيره أيضاً(64).
5 – صحيفة زيد بن أبي أنيسة الرهاوي(65).
6 – صحيفة أبي قلابة التي أوصى بها عند موته أيوب السختياني(66).
7 – صحيفة أيوب بن أبي تميمة السختياني(67).
8 – صحيفة هشام بن عروة بن الزبير(68).
9 – صحيفة همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه(69).
وغير ذلك من الصحف الكثيرة التي عن التابعين، والتي كانت هي الأساس الثاني بعد صحائف الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين – لما أُلف وصُنّف في القرنين الثاني والثالث الهجريين.
__________________________
(1) يراجع: تفسير القرآن العظيم 2/331.
(2) أضواء البيان 2/474.
(3) معارج القبول 2/486.
(4) متفق عليه: رواه البخاري في كتاب وباب فضائل أصحاب النبي 7/3 رقم (3651) واللفظ له، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة 4/1964 رقم (2535).
(5) الكاشف – شرح المشكاة 11/214.
(6) فتح الباري 7/6.
(7) معرفة علوم الحديث ص42.
(8) رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح 12/178 رقم (12463)، والطبراني في الكبير 21/5 رقم 207. وذكره الهيثمي في المجمع (10/20) وقال: رواه الطبراني من طرق، ورجال أحدهما رجال الصحيح.
(9) رواه الترمذي في المناقب. باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه 5/694 رقم (3858) وقال: حسن غريب. ورواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة 2/630 رقم (1484).
(10) تحفة الأحوذي 10/361.
(11) رواه أحمد 1/26 – واللفظ له -، والنسائي في الكبرى 5/387 رقم (9219)، وابن ماجه 2/791 رقم (2364)، وابن حبان 10/437 رقم (4576)، وأخرجه الحاكم 1/114 وصححه ووافقه الذهبي، وقال القاري: إسناده صحيح (المرقاة 11/278).
(12) فئام: مهموز، ويسهل، وهو بكسر الفاء. ومعناه جماعة. قاله القاضي عياض في "كمال المعلم" 7/569.
(13) رواه البخاري في الموضع السابق (3649)، ورواه مسلم بلفظه في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم 4/1962 رقم (2532).
(14) عمدة القاري 11/429.
(15) رواه مسلم بلفظه في كتاب الطهارة. باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء 1/218 رقم (249).
(16) شرح النووي على مسلم 4/138.
(17) المنتقى 1/72.
(18) الجرح والتعديل 1/8.
(19) أُويس بن عامر القرني، اليماني. سيد التابعين في زمانه، عابد تقي من أهل اليمن. قال الذهبي: استوعب ابن عساكر أخباره في تاريخه صلى الله عليه وسلم 3/97 رضي الله عنه (السير 4/19).
(20) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني 4/1968 رقم (2542).
(21) إكمال المعلم 7/582.
(22) تهذيب الكمال 11/73، والمقنع في علوم الحديث 2/513.
(23) شرح التبصرة 3/48.
(24) المرجع السابق.
(25) المرجع السابق.
(26) فتح المغيث 3/157.
(27) مسند أحمد 1/38.
(28) التقييد والإيضاح ص326، وشرح التبصرة 3/49.
(29) علوم الحديث ص151.
(30) أبو عثمان النهدي، هو عبد الرحمن بن مل – بلام ثقيلة والميم مثلثة – مخضرم ثقة ثبت عابد، من الثانية، توفي سنة خمس وتسعين. التهذيب 6/277، والتقريب (4017).
(31) قيس بن أبي حازم، واسمه حصين بن عوف البجلي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة مخضرم، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض وهو في الطريق، توفي بعد التسعين، وقيل: قبلها، وقد جاوز المائة. تذكرة الطالب المعلم ص88، والتهذيب 4/561، والتقريب (5566).
(32) علقمة بن قيس النخعي، روى عن ابن مسعود كثيراً، وهو تابعي ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بعد الستين أو السبعين، الجرح والتعديل 6/404، والتقريب (4681).
(33) مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني، أبو عائشة الكوفي. من أئمة التابعين وفقهائهم، قال عنه ابن حجر: ثقة فقيه عابد. سير أعلام النبلاء 4/63، والتقريب (6601).
(34) علوم الحديث ص151.
(35) هو شيخ الصوفية الشيخ العارف أبو عبد الله محمد بن خفيف الضبي الفارسي الشيرازي، ولد قبل السبعين ومائتين. وصفه السلمي بأنه شيخ المشايخ ومتمسك بالكتاب والسنة، وهو فقيه شافعي صنف كتباً كثيرة. توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. طبقات الصوفية 462، وحلية الأولياء 10/385، وطبقات الشافعية 3/149، والسير 16/342.
(36) شرح التبصرة 3/45.
(37) محاسن الاصطلاح ص456.
(38) المقنع في علوم الحديث لابن الملقن 2/513.
(39) حفصة بنت سيرين، أم الهذيل الأنصارية البصرية، أخت محمد بن سيرين. روت عن أم عطية الأنصارية وأنس بن مالك، وروى عنها عاصم الأحول وأيوب السختياني. وهي تابعية ثقة حجة. يراجع تهذيب الكمال 35/152، والثقات 4/194.
(40) عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية. كانت في حجر عائشة رضي الله عنها وروت عنها وعن أم سلمة وغيرهما، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى واليه على المدينة أبي بكر بن محمد بن حزم أن يكتب له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عند عمرة من الحديث. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: "ما بقي أحد أعلم بحديث عائشة من عمرة". توفيت سنة ثمان وتسعين، وهي ثقة حجة. طبقات ابن سعد 8/480، وتهذيب التهذيب 12/436.
(41) أم الدرداء الصغرى – زوج أبي الدرداء -، واسمها هجيمة، وقيل: جهيمة. روت عن زوجها وأبي هريرة وغيرهما وهي ثقة فقيهة، توفيت بعد سنة 80هـ. تهذيب الكمال 35/352، والتقريب رقم (8827).
(42) تهذيب الكمال 35/152، ونقله السيوطي في تدريب الراوي 2/242.
(43) علوم الحديث ص151.
(44) مسألة العلو والنزول لابن القيسراني ص60، 66.
(45) الوسيط في علوم ومصطلح الحديث لأبي شهبة ص540.
(46) مسألة العلو والنزول ص66.
(47) معرفة علوم الحديث ص41، 42.
(48) المرجع السابق.
(49) استفدت عند كتابة هذا المبحث من المؤلفات الآتية:
1- بحوث في تاريخ السنة للدكتور/ أكرم العمري ص230.
2- السنة قبل التدوين للدكتور/ محمد عجاج الخطيب ص321.
3- تدوين السنة النبوية للدكتور/ محمد بن مطر الزهراني ص100.
(50) معرفة علوم الحديث ص43.
(51) علوم الحديث ص152.
(52) للتوسع يراجع: المختصر في علم رجال الأثر للشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف ص41.
(53) رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ويراجع: مفتاح السنة للخولي ص21، ودفاع عن السنة لأبي شهبة ص23.
(54) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم 1/194.
(55) رواه الدارمي في سننه 1/126. وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية.
(56) مقدمة الجرح والتعديل ص21.
(57) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/76.
(58) صحيح البخاري في الموضع السابق 1/194، ويراجع السنة قبل التدوين ص163.
(59) تهذيب الكمال 20/16.
(60) يراجع: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص103، وتدوين السنة النبوية ص96.
(61) انظر الفصلين الثاني والثالث من الباب الرابع (1/143-220)، ويراجع: معرفة النسخ والصحف الحديثية للشيخ الدكتور/ بكر أبو زيد، ص54.
(62) تقييد العلم ص102-103، سنن الدارمي، باب من رخص في كتابة العلم 1/94.
(63) تقييد العلم ص101، سنن الدارمي، باب من رخص في كتابة العلم 1/94، وتهذيب التهذيب 1/470.
(64) تقييد العلم ص105.
(65) انظر: بحوث في تاريخ السنة للدكتور/ أكرم العمري ص230، دراسات في الحديث النبوي 1/203.
(66) يوجد منها (16 ق) في المكتبة الظاهرية في دمشق، انظر: بحوث في تاريخ السنة ص230.
(67) انظر: دراسات في الحديث النبوي (1/144).
(68) يوجد منها (15 ق) في الظاهرية بدمشق، انظر: بحوث في تاريخ السنة ص230.
(69) يوجد منها (16 ق) في الظاهرية بدمشق، انظر: بحوث في تاريخ السنة ص230.[/align]
أثنى الله تعالى على التابعين في كتابه الكريم بعد ثنائه على الصحابة الكرام، فقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100].. فاشتملت الآية الكريمة على أبلغ الثناء من الله رب العالمين على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، حيث أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه بما أكرمهم به من جنات النعيم(1). وذكر العلامة الشنقيطي(2) أن الذين اتبعوا السابقين بإحسان يشاركونهم في الخير كقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة:3]. وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا} [الحشر:10]. وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ} [الأنفال:75].
قال الشيخ حافظ الحكمي(3) - رحمه الله – معلقاً على هذه الآية: "وقد رتب الله تعالى فيها الصحابة على منازلهم وتفاضلهم، ثم أردفهم بذكر التابعين في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ}".
فضل التابعين في السنة النبوية:
جاءت في السنة النبوية أحاديث كثيرة في فضل التابعين منها: عن عمران بن الحُصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"(4)، قال الطيبي(5): "يعني الصحابة ثم التابعين". وقال الحافظ ابن حجر(6): "والمراد بقرن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: الصحابة، وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحو سبعين أو ثمانين، وأما الذين بعدهم فغن اعتبر منها كان نحواً من خمسين". فظهر بذلك أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمار أهل كل زمان، والله أعلم.
وقال الحاكم(7): "فخير الناس قرناً بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ عنهم الدين والسنن". وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني، وصاحب من صاحبني"(8). وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمَسُّ النارُ مسلماً رآني، أو رأى من رآني"(9)، ونقل المباركفوري(10) أن ظاهر الحديث تخصيص الصحابة والتابعين بهذه البشارة.
وخطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس فقال في خطبته: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في مثل مقامي هذا فقال: "ألا أحسنوا إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"(11). فدل هذا الحديث على فضل الصحابة والتابعين وأتباعهم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام(12) من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى من صَحِب رسول الله؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم"(13). قال العيني(14): "فيه فضلة لأصحابه رضي الله عنهم وتابعيهم".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وَدِدْتُ أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: أوَلسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بَعْدُ"(15). قال الإمام النووي(16): "في هذا الحديث جواز التمني لا سيما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح..." ثم نقل عن الباجي(17) أنه قال في قوله صلى الله عليه وسلم: "أنتم أصحابي" ليس نفياً لأخوتهم ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة فهؤلاء إخوة صحابة والذين لم يأتوا إخوة وليسوا بصحابة.
ومما يدل على فضل التابعين، ما قاله الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت327هـ) في مقدمة الجرح والتعديل(18): "فخلف من بعد الصحابة التابعون، الذين اختارهم الله عز وجل لإقامة دينه، وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه... فأتقنوه، وعلموه، وفقهوا فيه، فكانوا من الإسلام والدين ومراعاة أمر الله عز وجل ونهيه بحيث وضعهم الله عز وجل ونصبهم له، إذ يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [التوبة:100]، فصاروا برضوان الله عز وجل لهم، وجميل ما أثنى عليهم، بالمنزلة التي نزههم بها عن أن يلحقهم مغمز، أو تدركهم وصمة؛ لتيقظهم وتحرزهم وتثبتهم، ولأنهم البررة الأتقياء الذين ندبهم الله عز وجل لإثبات دينه، وإقامة سننه وسبله، فلم يكن لاشتغالنا بالتمييز بينهم معنى، إذ كنا لا نجد منهم إلا إماماً مبرزاً مقدماً في الفضل والعلم ووعي السنن وإثباتها، ولزوم الطريقة واحتذائها، ورحمة الله ومغفرته عليهم أجمعين، إلا ما كان ممن ألحق نفسه بهم، ودلسها بينهم ممن ليس يلحقهم، ولا هو في مثل حالهم، لا في فقه ولا علم ولا حفظ ولا إتقان...".
من أفضل التابعين:
لا شك أن أفضل التابعين هو أويس القرني(19) - رحمه الله – وهو قول أهل الكوفة لما ثبت في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن خير التابعين رجل يُقال له أويس. وله والده، وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم"(20). وقال القاضي عياض(21): يحتج به من ذكرناه من أهل الحديث والنظر إلى أن في التابعين والقرن الثاني من يفضل بعض من في القرن الأول. ا.هـ.
خلاف العلماء في أفضل التابعين:
مع ورود هذا النص الصريح فقد ورد اختلاف بين بعض المحدثين في أفضل التابعين: فقيل: "إنه سعيد بن المسيب، قال الإمام أحمد بن حنبل(22): أفضل التابعين سعيد بن المسيب. فقيل له: فعلقمة والأسود؟ فقال: سعيد وعلقمة والأسود". وقال علي بن المديني(23): سعيد بن المسيب هو عندي أجل التابعين. وقال أبو حاتم الرازي(24): "ليس في التابعين أنبلُ من ابن المسيب". والتمس الإمام العراقي(25) العذر للإمام أحمد في تفضيله لسعيد بن المسيب فقال: "وأما تفضيل أحمد لابن المسيب وغيره فلعله لم يبلغُه الحديث، أو لم يصح عنده".
وتعقبه السخاوي(26) بقوله: فلا يحسن، فإنه قد أخرجه في مسنده(27) من الطريق الذي أخرجه مسلم منها بلفظ: "إن خير التابعين رجل يُقال له: أويس". قلت: فلا معنى إذاً لقوله: لم يبلغه الحديث، ولم يصح عنده، فإنه رواه من طريق مسلم في صحيحه. فبقي أن يُحمل قول الإمام أحمد بأنه لعله أراد الأفضلية في العلم لا الخيرية الواردة في الحديث(28).
ونقل ابن الصلاح(29) عن الإمام أحمد أنه قال: "لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي(30)، وقيس بن أبي حازم(31)". وعنه أنه قال: "أفضل التابعين قيس وأبو عثمان وعلقمة(32) ومسروق(33) هؤلاء كانوا فاضلين، ومن علْية التابعين". ثم قال ابن الصلاح(34): "وأعجبني ما وجدته عن الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي(35) قال: "اختلف الناس في أفضل التابعين، فأهل المدينة يقولون: سعيد بن المسيب، وأهل الكوفة يقولون: أويس القرني، وأهل البصرة يقولون: الحسن البصري".
قال العراقي(36) عن هذا القول: واستحسنه ابن الصلاح، والصحيح بل الصواب ما ذهب إليه أهل الكوفة، ثم ذكر الحديث من صحيح مسلم. وحاول الإمام البلقيني(37) الجمع بين الأقوال فقال: "والأحسن في تفضيل التابعين أن يُقال: من حيث الورع والزهد: أويس، ومن حيث حفظ الخبر والأثر: سعيد". ا.هـ.
أفضل التابعيات:
قال أبو بكر بن أبي داود(38): "سيِّدتا التابعيات: حَفصة بنت سيرين(39) وعَمْرة بنت عبد الرحمن(40)، وثالثتهما – وليست كهما – أم الدّرداء"(41). وقال البلقيني: "فائدة: المراد أم الدرداء الصغرى التابعية، واسمها هجيمة. ويقال: جهيمة". وقال إياس بن معاوية(42): "أما أدركتُ أحداً أُفضله على حفصة بنت سيرين، فقيل له: الحسن وابن سيرين؟ فقال: أما أنا فلا أفضل عليها أحداً".
فوائد معرفة التابعين:
1 – كشف المرسل من المتصل في الأسانيد.
قال ابن الصلاح(43): "هذا ومعرفة الصحابة أصل أصيل يُرجع إليه في معرفة المرسل والمسند".
2 – كشف التدليس، وبيان العنعنة ونوعها، وإفادتها السماع أو عدمه، وكشف زيف الكذابين الذين يدّعون السماع من بعض الصحابة، ويروون أحاديث دخيلة لم يحتج بحديثهم محتج(44).
3 – معرفة الموقوف من المقطوع عند عدم رفعه(45).
4 – علو أسانيد مروياتهم حيث شرفوا بالسماع من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم(46).
5 – معرفة منزلتهم، وجلالة قدرهم، لنقلهم إلينا علم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم(46): "فخير الناس قرناً بعد الصحابة من شافه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ عنهم الدين والسنن".
6 – التفريق بين الصحابة والتابعين وأتباعهم، لا سيما عند اتفاقهم في الأسماء.
قال الحاكم(47): ومهما غفل الإنسان عن هذا العلم لم يُفرق بين الصحابة والتابعين، ثم لم يفرق بين التابعين وأتباع التابعين.
جهود التابعين في نشر السنة(48).
الفقهاء السبعة وحفاظ السنة من التابعين:
تلقى التابعون علومهم على يدي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهلوا من علمهم، وحفظوا مروياتهم، وكتبوا أحاديثهم وبلّغوها الناس كافة آنذاك. وتميز عصر التابعين بكثرة العلماء والفقهاء والحفاظ منهم، وكان لهؤلاء الأئمة الفضل في نشر العلم في الأمصار. ففي مكة رويت الفتيا في الفقه والحديث عن عطاء بن أبي رباح (ت114هـ) وطاؤوس بن كيسان (ت103هـ). وفي المدينة عن جماعة من أكابر التابعين هم "الفقهاء السبعة" من أهل المدينة، وهم: سعيد بن المسيب (ت90هـ)، والقاسم بن محمد (ت106هـ)، وعروة بن الزبير (ت94هـ)، وخارجة بن زيد (ت100هـ)، وأبو سلمة بن عبد الرحمن (ت94هـ)، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة (ت94هـ)، وسليمان بن يسار (بعد المائة). فهؤلاء هم الذين يطلق عليهم: "الفقهاء السبعة" عند الأكثر من علماء الحجاز. كما ذكر الإمام الحاكم(49). وذكرهم ابن المبارك(50)، وعدّ سالم ابن عبد الله بن عمر (ت106هـ) بدل أبي سلمة بن عبد الرحمن. وفي الكوفة حمل الناس العلم عن علقمة بن قيس النخعي (توفي بعد سنة 60هـ)، وعامر الشعبي (ت100هـ)، ومسروق ابن الأجدع الهمداني (ت62هـ). وفي البصرة عن الحسن البصري (ت100هـ)، ومحمد ابن سيرين (ت110هـ)، وأيوب السختياني (ت131هـ). وفي الشام عن أبي إدريس الخولاني (ت80هـ)، وقبيصة بن ذُؤيب الخزاعي (بتد سنة 80هـ)، وبمصر عن يزيد بن أبي حبيب (ت128هـ) وبُكير بن عبد الله الأشج (ت120هـ)(51). وفي اليمن عن همام بن منبه (ت132هـ). ومعمر بن راشد (ت154هـ).
جهود التابعين في تدوين السنة:
كان للتابعين دور في بداية التدوين الرسمي للسنة حيث كتبر عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: "انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه"(52). وروى البخاري(53) أن عُمر بن عبد العزيز كتب إلى (عامله على المدينة) أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (ت117هـ): "انظر ما كان من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفتُ دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث رسول الله، وأمره بجمع حديث عمرة(54) (ت78هـ). وأمر الإمام ابن شهاب الزهري (ت124هـ) بجمع السنن، وكذا كتب إلى القاسم بن محمد بن أبي بكر (ت107هـ)(55).
ويصف الزهري مدى استجابة العلماء لما طلبه الخليفة عمر بن عبد العزيز وثمار جهوده في تدوين السنة فيقول: "أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً"(56).
جهود التابعين في تدريس السنة:
لم يكتف عمر بن عبد العزيز بالأمر بجمع السنة بل حث العلماء على نشرها في المساجد. لما روى البخاري أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم قائلاً: "ولتُفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يُعلَّم من لا يَعلمُ، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً"(57). وعُقدت حلقات تدريس الحديث الشريف في مساجد المدن الإسلامية. وجلس المحدثون لتدريس الناس ورواية الأحاديث لهم. فتخرّج على أيديهم عدد من أتباع التابعين. عن الزهري قال: "كان عروة يتألف الناس على حديثه"(58).
صحف التابعين:
شهد عهد التابعين(59) جهوداً علمية مباركة في رواية السنة وتطبيقها وتدريسها ونشرها بين الناس في صحف كتبوا فيها أحاديثهم التي سمعوها من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانتشرت كتابة الحديث في جيل التابعين على نطاق أوسع مما كان في زمن الصحابة، إذ أصبحت الكتاب ملازمة لحلقات العلم المنتشرة في الأمصار الإسلامية آنذاك. ولعل من أسباب ذلك التوسع ما يأتي:
1 – انتشار الروايات، وطول الأسانيد، وكثرة أسماء الرواة وكناهم وأنسابهم.
2 – موت كثير من حفاظ السنة من السحابة وكبار التابعين، فخيف بذهابهم أن يذهب كثير من السنة.
3 – ضعف ملكة الحفظ مع انتشار الكتابة بين الناس وكثرة العلوم المختلفة.
4 – ظهور البدع والأهواء وفشو الكذب، فحفاظاً على السنة وحماية لها من أن يدخل فيها ما ليس منها، شُرِعَ في تدوينها.
وكُتب في هذا العصر من الصحب ما يفوق الحصر، وقد ذكر الدكتور مصطفى الأعظمي عدداً كبيراً منها وذلك في كتابه: "دراسات في الحديث النبوي"(60). وأكتفي هنا بذكر أمثلة من تلك الصحف التي كتبت في هذا العصر:
1 – صحيفة أو صحف سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس(61).
2 – صحيفة بشير بن نهيك كتبها عن أبي هريرة وغيره(62).
3 – صحف مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس، قال أبو يحيى الكناسي: "كان مجاهد يصعد بي إلى غرفته فيخرج إلي كتبه فأنسخ منها"(63).
4 – صحيفة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي تلميذ جابر بن عبد الله، يروي نسخة عنه وعن غيره أيضاً(64).
5 – صحيفة زيد بن أبي أنيسة الرهاوي(65).
6 – صحيفة أبي قلابة التي أوصى بها عند موته أيوب السختياني(66).
7 – صحيفة أيوب بن أبي تميمة السختياني(67).
8 – صحيفة هشام بن عروة بن الزبير(68).
9 – صحيفة همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه(69).
وغير ذلك من الصحف الكثيرة التي عن التابعين، والتي كانت هي الأساس الثاني بعد صحائف الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين – لما أُلف وصُنّف في القرنين الثاني والثالث الهجريين.
__________________________
(1) يراجع: تفسير القرآن العظيم 2/331.
(2) أضواء البيان 2/474.
(3) معارج القبول 2/486.
(4) متفق عليه: رواه البخاري في كتاب وباب فضائل أصحاب النبي 7/3 رقم (3651) واللفظ له، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة 4/1964 رقم (2535).
(5) الكاشف – شرح المشكاة 11/214.
(6) فتح الباري 7/6.
(7) معرفة علوم الحديث ص42.
(8) رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح 12/178 رقم (12463)، والطبراني في الكبير 21/5 رقم 207. وذكره الهيثمي في المجمع (10/20) وقال: رواه الطبراني من طرق، ورجال أحدهما رجال الصحيح.
(9) رواه الترمذي في المناقب. باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه 5/694 رقم (3858) وقال: حسن غريب. ورواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة 2/630 رقم (1484).
(10) تحفة الأحوذي 10/361.
(11) رواه أحمد 1/26 – واللفظ له -، والنسائي في الكبرى 5/387 رقم (9219)، وابن ماجه 2/791 رقم (2364)، وابن حبان 10/437 رقم (4576)، وأخرجه الحاكم 1/114 وصححه ووافقه الذهبي، وقال القاري: إسناده صحيح (المرقاة 11/278).
(12) فئام: مهموز، ويسهل، وهو بكسر الفاء. ومعناه جماعة. قاله القاضي عياض في "كمال المعلم" 7/569.
(13) رواه البخاري في الموضع السابق (3649)، ورواه مسلم بلفظه في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم 4/1962 رقم (2532).
(14) عمدة القاري 11/429.
(15) رواه مسلم بلفظه في كتاب الطهارة. باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء 1/218 رقم (249).
(16) شرح النووي على مسلم 4/138.
(17) المنتقى 1/72.
(18) الجرح والتعديل 1/8.
(19) أُويس بن عامر القرني، اليماني. سيد التابعين في زمانه، عابد تقي من أهل اليمن. قال الذهبي: استوعب ابن عساكر أخباره في تاريخه صلى الله عليه وسلم 3/97 رضي الله عنه (السير 4/19).
(20) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني 4/1968 رقم (2542).
(21) إكمال المعلم 7/582.
(22) تهذيب الكمال 11/73، والمقنع في علوم الحديث 2/513.
(23) شرح التبصرة 3/48.
(24) المرجع السابق.
(25) المرجع السابق.
(26) فتح المغيث 3/157.
(27) مسند أحمد 1/38.
(28) التقييد والإيضاح ص326، وشرح التبصرة 3/49.
(29) علوم الحديث ص151.
(30) أبو عثمان النهدي، هو عبد الرحمن بن مل – بلام ثقيلة والميم مثلثة – مخضرم ثقة ثبت عابد، من الثانية، توفي سنة خمس وتسعين. التهذيب 6/277، والتقريب (4017).
(31) قيس بن أبي حازم، واسمه حصين بن عوف البجلي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة مخضرم، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض وهو في الطريق، توفي بعد التسعين، وقيل: قبلها، وقد جاوز المائة. تذكرة الطالب المعلم ص88، والتهذيب 4/561، والتقريب (5566).
(32) علقمة بن قيس النخعي، روى عن ابن مسعود كثيراً، وهو تابعي ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بعد الستين أو السبعين، الجرح والتعديل 6/404، والتقريب (4681).
(33) مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني، أبو عائشة الكوفي. من أئمة التابعين وفقهائهم، قال عنه ابن حجر: ثقة فقيه عابد. سير أعلام النبلاء 4/63، والتقريب (6601).
(34) علوم الحديث ص151.
(35) هو شيخ الصوفية الشيخ العارف أبو عبد الله محمد بن خفيف الضبي الفارسي الشيرازي، ولد قبل السبعين ومائتين. وصفه السلمي بأنه شيخ المشايخ ومتمسك بالكتاب والسنة، وهو فقيه شافعي صنف كتباً كثيرة. توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. طبقات الصوفية 462، وحلية الأولياء 10/385، وطبقات الشافعية 3/149، والسير 16/342.
(36) شرح التبصرة 3/45.
(37) محاسن الاصطلاح ص456.
(38) المقنع في علوم الحديث لابن الملقن 2/513.
(39) حفصة بنت سيرين، أم الهذيل الأنصارية البصرية، أخت محمد بن سيرين. روت عن أم عطية الأنصارية وأنس بن مالك، وروى عنها عاصم الأحول وأيوب السختياني. وهي تابعية ثقة حجة. يراجع تهذيب الكمال 35/152، والثقات 4/194.
(40) عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية. كانت في حجر عائشة رضي الله عنها وروت عنها وعن أم سلمة وغيرهما، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى واليه على المدينة أبي بكر بن محمد بن حزم أن يكتب له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عند عمرة من الحديث. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: "ما بقي أحد أعلم بحديث عائشة من عمرة". توفيت سنة ثمان وتسعين، وهي ثقة حجة. طبقات ابن سعد 8/480، وتهذيب التهذيب 12/436.
(41) أم الدرداء الصغرى – زوج أبي الدرداء -، واسمها هجيمة، وقيل: جهيمة. روت عن زوجها وأبي هريرة وغيرهما وهي ثقة فقيهة، توفيت بعد سنة 80هـ. تهذيب الكمال 35/352، والتقريب رقم (8827).
(42) تهذيب الكمال 35/152، ونقله السيوطي في تدريب الراوي 2/242.
(43) علوم الحديث ص151.
(44) مسألة العلو والنزول لابن القيسراني ص60، 66.
(45) الوسيط في علوم ومصطلح الحديث لأبي شهبة ص540.
(46) مسألة العلو والنزول ص66.
(47) معرفة علوم الحديث ص41، 42.
(48) المرجع السابق.
(49) استفدت عند كتابة هذا المبحث من المؤلفات الآتية:
1- بحوث في تاريخ السنة للدكتور/ أكرم العمري ص230.
2- السنة قبل التدوين للدكتور/ محمد عجاج الخطيب ص321.
3- تدوين السنة النبوية للدكتور/ محمد بن مطر الزهراني ص100.
(50) معرفة علوم الحديث ص43.
(51) علوم الحديث ص152.
(52) للتوسع يراجع: المختصر في علم رجال الأثر للشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف ص41.
(53) رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ويراجع: مفتاح السنة للخولي ص21، ودفاع عن السنة لأبي شهبة ص23.
(54) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم 1/194.
(55) رواه الدارمي في سننه 1/126. وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية.
(56) مقدمة الجرح والتعديل ص21.
(57) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/76.
(58) صحيح البخاري في الموضع السابق 1/194، ويراجع السنة قبل التدوين ص163.
(59) تهذيب الكمال 20/16.
(60) يراجع: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص103، وتدوين السنة النبوية ص96.
(61) انظر الفصلين الثاني والثالث من الباب الرابع (1/143-220)، ويراجع: معرفة النسخ والصحف الحديثية للشيخ الدكتور/ بكر أبو زيد، ص54.
(62) تقييد العلم ص102-103، سنن الدارمي، باب من رخص في كتابة العلم 1/94.
(63) تقييد العلم ص101، سنن الدارمي، باب من رخص في كتابة العلم 1/94، وتهذيب التهذيب 1/470.
(64) تقييد العلم ص105.
(65) انظر: بحوث في تاريخ السنة للدكتور/ أكرم العمري ص230، دراسات في الحديث النبوي 1/203.
(66) يوجد منها (16 ق) في المكتبة الظاهرية في دمشق، انظر: بحوث في تاريخ السنة ص230.
(67) انظر: دراسات في الحديث النبوي (1/144).
(68) يوجد منها (15 ق) في الظاهرية بدمشق، انظر: بحوث في تاريخ السنة ص230.
(69) يوجد منها (16 ق) في الظاهرية بدمشق، انظر: بحوث في تاريخ السنة ص230.[/align]