فضل الإنفاق - مساعدة الشعب السوداني
مبارك العشوان 1
الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ } البقرة 254
وَيَقُولُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ الأَبْرَارِ: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً... }
عِبَادَ اللهِ: الإِنْفَاقُ فِي وُجُوهِ الخَيْرِ؛ سَوَاءً النَّفَقَاتِ الوَاجِبَةِ أَوِ المُسْتَحَبَّةِ؛ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ وَأَزْكَاهَا، وَهُوَ مِمَّا يُغْبَطُ عَلَيهِ صَاحِبُهُ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
فِي الإِنْفَاقِ طَهَارَةُ النُّفُوسِ وَزَكَاؤُهَا وَفَلَاحُهَا: { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } الحشر 9
وَعَدَ اللهُ تَعَالَى أَهْلَ الإِنْفَاقِ؛ العَطَاءَ الجَزِيْلَ، وَالمُضَاعَفَةَ لِمَا أَنْفَقُوا؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } البقرة 261- 262
وَلِأَهْلِ الإِنْفَاقِ جَاءَ الوَعْدُ بِالخَلَفِ؛ قَالَ تَعَالَى: { وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }سـبأ 39
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: ( يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَبِالصَّدَقَةِ الجَارِيَةِ يَسْتَمِرُّ عَمَلُ الإِنْسَانِ حَتَّى بَعْدَ مَوْتِهِ.
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى أَنَّ هَذَا البَابَ مِنَ العِبَادَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِالأَغْنِيَاءِ وَأَصْحَابِ الأَمْوَالِ الطَّائِلَةِ، بَلْ إِنَّهُ بِإِمْكَانِ الإِنْسَانِ أَنْ يُنْفِقَ وَلَوْ شَيْئًا يَسِيْرًا؛ وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ: ( لَا يَتَصَـدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إِلَّا أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ قَلُوصَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ ) رواه البخاري ومسلم.
وَفِي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: ( اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ).
أَيْ: بِنِصْفِ تَمْرَةٍ؛ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا لِقِلَّتِهَا، وَأَنَّ قَلِيلَهَا سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ. اهـ
عِبَادَ اللهِ: ثُمَّ اعْلَمُوا - وَفَّقَكُمُ اللهُ - أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الأَهْلِ مِنْ أَعْظَمِ وُجُوهِ الإِنْفَاقِ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا، مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ، يُعِفُّهُمْ، أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِهِ وَيُغْنِيهِمْ.
وَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيْهِ مِنَ الْآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيْمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيْمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ؛ أمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى أَيُّهَا النَّاسُ؛ وَتَفَقَّدُوا المُحْتَاجِينَ مِنْ أَقْرِبَائِكُمْ وَجِيرَانِكُمْ وَخَدَمِكُمْ وَعُمَّالِكُمْ.
ثُمَّ لْنَتَذَكَّرْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - إِخْوَانَنَا فِي السُّودَانِ، وَمَا يَمُرّونَ بِهِ هَذِهِ الأيَّامِ، مِنْ صِرَاعٍ، وَأَوْضَاعٍ مُؤْلِمَةٍ؛ نَسْأَلُ اللهَ جَلَّ وَعَلَا أَنْ يُطْفِيءَ هَذِهِ الفِتْنَةَ، وَأَنْ يُبَدِّلَ الخَوْفَ أَمْنًا وَاسْتِقْرَارًا.
وَلَقَدْ جَاءَتْ دَعْوَةُ خَادِمِ الحَرَمِينِ الشَّرِيفَينِ وَوَلِيُّ عَهْدِهِ وَفَّقَهُمَا اللهُ؛ بِتَقْدِيمِ المُسَاعَدَاتِ لِلشَّعْبِ السُّودَانِيِّ، وَتَنْظِيمِ حَمْلَةٍ شَعْبِيَّةٍ عَبَرَ مَنَصَّةِ سَاهِمْ؛ لِلتَّخْفِيفِ مِنْ آثَارِ هَذِهِ الأزَمَةِ.
فَبَادِرُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - بِالوُقُوفِ مَعَ إِخْوَانِكُمْ، وَمُدُّوا يَدِ العَونِ لَهُمْ؛ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِيــنَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) رواه مسلم.
وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ يَـوْمَ القِيَامَةِ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَعْصِمَنَا وَإِخْوَانَنَا مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.
اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَهُمْ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ.
اللَّهُمَّ وَاجْعَلَ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
1683727354_فضل الإنفاق ومساعدة الشعب السوداني.pdf
1683727367_فضل الإنفاق ومساعدة الشعب السوداني.docx
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق