فضل الأعمال الصالحة في رمضان

موسى بن عبدالله الموسى
1437/09/05 - 2016/06/10 02:01AM
فضل الأعمال الصالحة في رمضان








أما بعد :


فاتقوا الله عباد الله , وعفروا بالسجود وجوهكم , واحتسبوا ضمأ الهواجر , وأنفقوا في سبيل الله , ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين .


أيها المؤمنون :


خلق الله عباده للأخرة , وجعل الدنيا ممراً وتزودا ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )


تفرق الناس , فمن حريص على زاد الآخرة ومن مضيع حضه منها :كل الناس يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها .


المؤمن يستبشر بمواسم الخيرات ويفرح , فيزداد هداية وإيمانا .


تحط بها سيئاته , وترفع درجاته , ويجد قوته وهنائه .


إذا أقبلت لم تشغله عنها الشواغل ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )


رمضان هو سيد الشهور , مربح المؤمنين ومبتغى آمالهم .


الصالحات به معظمة , والحسنات به مضاعفة مفضلة , وإدراكه غنيمة باردة .


أيها المؤمنون :


الصلاة ونور وسكينة , وقيام الليل دأب الصالحين وقرب للرب الرحيم , والله يقول عن عباده المتقين : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلاتعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون .


وأما رمضان فقد اختص بأن من قامه إيمانً واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه .


ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه .


وأيسر من هذا كله من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة .


أيها المؤمنون :


الصدقة برهان الإيمان , ودلالة الإحسان وحاجبة العباد من لهيب النار , وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما تصدق أحد بصدقة من طيِّب، ولا يقبل الله إلا الطيب؛ إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كفِّ الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربيِّ أحدكم فَلُوَّه أو فصيله( رواه مسلم


وفي رمضان كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود بالخير من الريح المرسلة .


أيها الصائمون :


في الصيام لذة العبادة , وعلامة الإخلاص , و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها – قال الله - : إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمدٍ بيده لخلوف فم الصائم – أي رائحته – أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه " رواه البخاري ومسلم.


ومن صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا .


وأعظم الصيام صيام رمضان لأن الله افترضه على عباده , وفي الحديث القدسي يقول الله ( وماتقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه )


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه )


أيها المؤمنون :


العمرة إلى العمرة كفارة مابينهما , و في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ) .


وأما في رمضان فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سنان : فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة في رمضان تعدل حجة ) أو قال ( حجة معي ) . رواه البخاري .


أيها المؤمنون :


القرآن العظيم , أفضل الكتب وأزكاها , شفاء الصدور ودواء الأسقام , ومن قرأ منه حرفاً فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها .


وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته , أنزله الله على نبيه في أفضل الشهور ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان )


ولأجل ذا شُرع الإكثار منه في رمضان.


قال ابن تيمية رحمه الله : وأما قراءة القرآن في التراويح فمستحب باتفاق أئمة المسلمين , بل من أجلَ مقصود التراويح قرائة القرآن فيها ؛ ليسمع المسلمون كلام الله , فإن شهر رمضان فيه أنزل القرآن وفيه كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن .


أيها المؤمنون :


الدعاء مفزع المؤمن , سلوة لحزنه , وراحة لقلبه , وتعلق بربه .


به تقضى حاجته , وتفرج كربته , وفي الحديث الصحيح ( الدعاء هو العبادة ) رواه البخاري .


والله يقول ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ).


وفي ثنايا آيات الصيام يقول الله ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان )


وللصائم دعوة مستجابة , ودعوة الصائم عند فطره لاترد .


أيها الموفقون لإدراك هذا الشهر العظيم :


ومع هذا الفضل الذي اختص الله به هذا الشهر , يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة , وغلّقت أبواب جهنم , وسلسلة الشياطين ) متفق عليه .


ورمضان إلى رمضان كفارة مابينهما , وفيه ليلة مباركة , ليلة الخير والشرف , ليلة القدر خير من ألف شهر , من قامها إيماناً واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه . ولله في كل ليلة منه عتقاء من النار .


من حرم فضل رمضان فهو المحروم , و لايضيعه إلا من أضاع نفسه واتبع هواها .


أيها المؤمنون :


لأجل هذا كله يستبشر المؤمنون ببلوغ هذا الشهر ويفرحوا , ويتنافسوا فيه ويسعدوا , فيتزودوا من الخير ويغنموا .


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم


قل بفضل الله وبرحمته فبذالك فليفرحوا هو خير مما يجمعون .




















الخطبة الثانية


الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله هو تعظيماً لشنه , وأشهد ان محمداً عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا


أما بعد :


أيها المؤمنون :


تنقضي الأيام بأفراحها وأحزانها , وتنقضي الأعمار بطولها وبقصرها .


ويعود الناس إلى ربهم .


فكم من منتظر رمضان بأقوى الأمل وحال بينه وبينه الأجل ,


لإن كنتم أدركتم رمضان فقد أدركتم خيراً عظيماً .


أتاكم رمضان بعد طول غياب , ووفد لكم بعد فراق , فاغتنموا الفرصة وأحسنوا العمل .


استكثروا فيه من الطاعات , وتسابقوا إلى الصالحات .


من لم يَصلح قلبه في رمضان فمتى ؟ ومن لم يتدارك نفسه في رمضان فمتى ؟


من أضاع رمضان فماذا ربح ؟


والنفس تحتاج إلى مجاهد في أو أمرها, ثم يعقبه اللذة والنعيم . والله يقول ( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )


ثم صلوا وسلموا على رسول الهدى وإمام ألي النهى كم أمركم ربكم جل وعلا إذ يقول :


إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وتسلموا تسليما







موسى بن عبدالله الموسى
جامع الملك عبدالله بالزلفي
1437/9/5
المشاهدات 1362 | التعليقات 0