فضائل شهر شعبان / فضل سقي الماء

باسم أحمد عامر
1438/08/01 - 2017/04/27 16:31PM
الخطبة الأولى:

وبعد،
ها هو شهر شعبان يهل علينا هلاله، مبشراً بقرب شهر رمضان، شهر الخير والطاعة والغفران، فشهر شعبان هو الشهر الذي يسبق شهر رمضان،
هذا الشهر عباد الله، شهر شعبان، يغفل عنه كثير من الناس، فقد كان رسولنا يكثر من الصيام في شعبان، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ما رأيتُ رسول الله استكمل صيامَ شهر إلاَّ رمضان، وما رأيتُه أكثرَ صياماً منه في شعبان، وقالت رضي الله عنها: كان النبي يصوم شعبانَ كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً،
وقد بيّن نبيّنا سببَ إكثاره من الصيام في هذا الشهر المبارك، فعن أسامة بنِ زيد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، لَم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟! فقال : (ذاك شهر يغفَل الناس عنه، بين رجَبٍ ورمضان، وهو شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أن يُرفَع عَملي وأنا صائم)،
فذكر سببين اثنين: أولهما أن شهر شعبان، شهرٌ يغفل الناس عنه لوقوعه بين شهرين عظيمين: شهرِ رجب وشهرِ رمضان، والأوقات التي يغفل فيها الناس عن العبادة تحسن فيها الطاعات وتعظم فيها الحسنات،
والسبب الثاني هو أن شعبانَ شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، فأراد النبي أن يرفع عمله وهو صائم،
ثم إن الصيام في شعبان هو كالتهيئة والتمرين على صيامِ رمضان، لئلا يدخل المسلمُ في صومِ رمضان على مشقّة وكُلفة، بل يكون قد تمرّن على الصيام واعتادَه، ووجد بصيام شعبان قبل رمضان حلاوةَ الصيام ولذّتَه، فيدخل المسلم في صيام رمضان برغبَة وقوَّة ونشاط،
قال أحد الصالحين: شهرُ رجب هو شهرُ الزرع، وشهرُ شعبان هو شهرُ سَقْيِ الزرع، وشهرُ رمضان هو شهْرُ حَصادِ الزرع،
فمن أراد جودة الحصاد في رمضان فعليه برعاية الزرع في شعبان وسقيِه والعنايةِ به،
عباد الله، ومما يستفاد من الإكثار في شهر شعبان من الصيام والطاعة، هو تطهير النفس من الذنوب والمعاصي، والتوبةُ إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فليحرص المسلم على أن لا يدخلَ عليه رمضان إلا وهو طاهِرٌ نقيّ، فإنّ رمضانَ عِطر، ولاَ يُعطَّرُ الثّوبُ حتى يُغسَل، وهذا شهر الغسل، غسلُ النفس من درَن الذنوب والخطايا،
فينبغي على المسلم أن يحرص في مثل هذه الأيام على كثرة التوبة إلى الله تعالى من جميع الذنوب والمعاصي صغيرها وكبيرها، حتى يأتي رمضان والمسلم جدير برضا الرحمن والفوزِ بالجِنان والعِتقِ من النيران،
عباد الله، وإن من الطاعات التي كان السلف رحمهم الله تعالى يحرصون عليها في شهر شعبان قراءةَ القرآن الكريم، فقد كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يجدّون في شعبان، ويتهيّئون فيه لرمضان بكثرة قراءة القرآن، قال سلمة بن كهيل -أحد التابعين- رحمه الله: كان يقال: شهر شعبان شهرُ القراء،
وكان عمرو بن قيس -أحد التابعين- رحمه الله إذا دخل شهرُ شعبان أغلَقَ حانوتَه -أي دكانه- وتفرَّغ لقراءةِ القرآن،
فلنحرص ـ أيها المؤمنون ـ على الإكثار من الطاعات في شهر شعبان، ولنغتنم الفراغ قبل الشغل، والصحةَ قبل المرض، والغنى قبل الفقر، والحياةَ قبل الممات،
أقول قولي هذا،

الخطبة الثانية:
وبعد،
عباد الله، مع دخول فصل الصيف واشتداد الحر، فإن من أبواب الخير العظيمة في مثل هذه الأجواء سقي الماء، أن تسقي الماء وتتصدق به على إنسان أو حيوان أو طير، فقد نص العلماء على أن سقي الماء من أفضل الصدقات، خصوصاً عند الحاجة إلى الماء، سواء كان المحتاج إنساناً أم حيواناً،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة سقي الماء)، وقال عليه الصلاة والسلام: (ليس صدقة أعظم أجراً من ماء)،
وسُئل ابن عباس رضي الله عنهما: أي الصدقة أفضل؟ فقال: الماء، ألم تروا إلى أهل النار حين استغاثوا بأهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله، قال الإمام القرطبي: (في هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال)،
فهذه فرصة عباد الله لاغتنام الأجر والثواب في هذه الأجواء الحارة، بسقي الماء وتوزيعه بارداً على العمال وغيرهم ممن يقومون بالأعمال الشاقة تحت حرارة الشمس الحارقة،

هذا وصلوا على الحبيب المصطفى...
اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
اللهم بلغنا رمضان، واجعلنا فيه من أهل الطاعة والإحسان،
اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا،
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب،
اللهم أصلح قلوبنا، وأصلح أقوالنا، وأصلح أعمالنا،
اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أعلنا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت،،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة...
عباد الله (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي



ملاحظة: هذه الخطبة مستفادة من خطب سابقة
المشاهدات 1551 | التعليقات 0