فضائل أهل اليمن

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
إخوة الإيمان العقيدة ... ذكر الذهبي رحمه الله في سيرة الإمام همام بن منبه أحد علماء اليمن الأفاضل: أن رجلاً من قريش صاحب سفاهة وطيش قال لأحد أهل اليمن ذو ثقة مؤتمن : ما فعلت عجوزكم , فقال اليمني: عجوزنا أسلمت مع سليمان لله رب العالمين، وعجوزكم يا قرشي حمالة الحطب دخلت النار مع الداخلين, فغلب اليمني القرشي وأفحمه وفي كل كرب أقحمه.
أهل اليمن .. رفعوا رؤوس العرب لما انتصر سيف بن ذي يزن على أبرهه حامل الكذب، فزارتهم الوفود بما فيهم عبد المطلب , أطاعوا معاذ بن جبل، ونصروا علي بن أبي طالب صاحب المناقب والمواهب حتى فقال فيهم: لو كنت بوابًا على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام.
قتلوا مدعي النبوة الأسود العنسي فصار في التاريخ المنسي، وخرج منهم المقدام يوم القادسية الذي فرق الجموع الفارسية، وظهر منهم الشاعر وضاح الذي هز بشعره الأرواح.
أهل اليمن أرق الأمة قلوبًا وأقلها عيوبًا وأطهرها جنوبًا، وفيهم سكينة ووقار وفقه واعتبار، ومنهم أولياء وأبرار وعلماء وفقهاء وشعراء وأدباء وحكماء، البلاغة في أقوالهم مع سلامة الصدور، والبُعد عن الكبر والغرور.
أهل اليمن ... أنصار الرسالة في قديم الزمن وحاضره، أذاعوا سنة المختار في تلك الديار، ونهجوا نهج السلف فصاروا خير خلف لخير سلف.
اليمن مشتق من الإيمان، لأنهم صدقوا بالرسالة، وأظهروا البسالة، وأكرموا رسول الرسول وقابلوه بالقبول، وجمعوا بين المعقول والمنقول.
اليمن مشتق من اليُمن، لأنه كان ميمونًا بجنوده ومعينًا بحشوده. اليمن مشتق من الأمانة، لأن أهلها رجال فدوا الملة بالنفوس، وقدموا للشريعة الرؤوس. اليمن مشتق من اليمين، فهم ميمنة كتائب الجهاد ساعة الجلاد بالسيف والحداد. إذا رأيت من ينتقص اليمن فاعلم أنه يستحق التوبيخ لأنه لا يعلم أبجديات تاريخ اليمن. فقد جاء ذكر ثنائهم ومدحهم في كتاب الله، وعلى لسان من لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام.
عباد الله .. لما أتم إبراهيم عليه السلام بناء الكعبة – زادها الله شرفًا وتعظيمًا – أمر الله خليله إبراهيم عليه السلام ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) أمره ينادي الناس في الحج, صعد عليه السلام الجبل ثم نادى: إن الله تعالى كتب عليكم الحج، فأجيبوا ربكم. فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء ( لبيك اللهم لبيك ) فكان أول من أجابه أهل اليمن.
وقال الله تعالى ( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ) ذهب بعض المفسرون أن المراد ( بالناس ) هم أهل اليمن. وفد منهم سبعمائة إنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنون. يدخلون في ملة الإسلام جماعات كثيرة بعدما كانوا يدخلون فيه واحدًا واحدًا واثنين اثنين، حتى قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : الله اكبر الله اكبر (جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) وجاء أهل اليمن.
ولقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل اليمن وهو الصادق المصدوق، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم ( أتاكم أهل اليمن، هم ألين قلوباً، وأرقّ أفئدةً ، الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية والفقه يمان ، رأس الكفر قِبَل المشرق ) وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال ( الإيمان ها هنا. ألا إن القسوة وغلظ القلب في الفدّادين عند أصول أذناب البقر، حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومُضر ) وفي صحيح مسلم عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إني لبعُقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يَرْفَضَّ عليهم ) فالرسول عليه الصلاة والسلام سيزيح الناس بعصاه لأهل اليمن يوم القيامة عند الحوض.
قال أبو موسى الأشعري: لما نزل قول الله تعالى ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) قال ( هم قومك يا أبا موسى ).
عباد الله ... لقد حظى أهل اليمن ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم، ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ).
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
معاشر المؤمنين ... أهل اليمن من أولئك الذين وردت النصوص الشرعية بفضلهم وتميزهم عن غيرهم وهذه مكرمة ربانية ونعمة إلهية والتفاتة نبوية؛ ولكن ينبغي أن نقف عدة وقفات عند هذه النصوص الشرعية. فلإيمان بهذه النصوص واجب إذا ثبتت والتسليم لها مطلوب، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وعليه فإنه يجب أن يعطى أهل اليمن ما يستحقون من هذه الفضائل حين التعامل معهم في أي قضية كانت سواء أكانت بيعاً وشراءً أو قضاءً وغير ذلك.
واعلموا – أيها الأخوة - أنه لا يلزم من أن يكون كل أهل اليمن على هذه الفضائل الواردة، فربما تجد من أهل اليمن من هو معارض لدين محمد صلى الله عليه وسلم أو مبتغياً غير شرعه. وربما تتفاوت هذه الصفات من زمن لآخر ومن منطقة لأخرى، وهذا أمر مشاهد ومعلوم إلا أنه لا يجوز أن ننفي عنهم هذه الصفات بالكلية.
ومن تمام نعمة الله على أهل اليمن أن أعطاهم الله تلك الفضائل، فلا يجوز بأي حال أن يفرطوا فيها ويقصروا بالعمل بها. أو يتخذوا أسباباً للقضاء عليها.
ويجب على أهل اليمن أن يكونوا درءاً ومنعة للإسلام وأهل الإسلام، ولا يجوز أن يكونوا صادين عن سبيل الله ودينه، ويلزم من ذلك فتح المجال لأهل الخير والدعوة والمصلحين والمجاهدين بأموالهم وأنفسهم في سبيل نصرة دين الله تعالى.
اليمن أصل العرب وهذا فخر لليمنيين، ولكن لا ينبغي أن يكون الفخر سبباً للغرور والكبر أو التنابز بالألقاب أو سبباً لإشاعة العنصرية والتفرقة المناطقية أو القبلية أو السلالية أو الحزبية أو غير ذلك، بل مقتضى الإيمان الذي اتصف به أهل اليمن ينفي ذلك كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من مسائل الجاهلية التفاخر بالآباء والطعن في الأنساب.
المطلوب من أهل اليمن أن يحافظوا على إيمانهم من كل ما يشوبه، وبالتالي يجب عليهم أن يحموا أنفسهم من كل تيار هدام أو فكر فاسد، فالجامع لأهل اليمن هو الإيمان لا وطنية أو قومية أو عصبية أو قبيلة أو حزبية مقيتة، بل هو الإيمان الحقيقي الذي جاء به سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم.
الواجب على أهل اليمن جميعاً والمسؤولين عنهم خاصة والقائمين على أمرهم أن يحافظوا على هذا التراث النبوي العظيم؛ بنشر العقيدة الصحيحة والتزام السنن المأثورة وتحكيم شرع الله عز وجل في كل صغير وكبير، ونبذ كل ما يضاد ذلك من العقائد الفاسدة والأفكار الهدامة والتصورات الإلحادية، والأخذ على يد كل من تسول له نفسه إشاعة الفساد العقدي والفكري والأخلاقي، فإن رأس مال هذه الأمة الإيمان الصحيح المبني على قواعد ثابتة، فإن ضيعتم ذلك أو كنتم سبباً في ضياعه، فالخسارة لكم والويل لكم وتكون لما سوى ذلك أشد إضاعة وتكونوا قد خنتم أمانة ربكم وما التزمتم به أمام أمتكم
إن ما أصاب أهل اليمن من التقهقر إلى الوراء والتخلف والفقر إنما هو بسبب غياب التزام بالإسلام عقيدة ومنهجاً وشريعة، وهذه سنة الله في خلقه قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96].
المشاهدات 5748 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا