فرضية الزكاة . تطبيق زكاتي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخوة الإيمان والعقيدة ... إن من الذنوب ذنبا هو من الأسباب التي تمنع بسببه السماء قطرها، وتمسك الأرض نباتها، ويقل الخير المدرار قال صلى الله عليه وسلم ( ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائم لم يُمْطَرُوا).

إن الزكاة في الإسلام، ركن عظيم، وشعيرة ظاهرة، وعلامة فارقة بين أهل الإيمان والنفاق، وتزكية للنفوس، ونماء للمال. قال الله (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (  بُنِيَ الإِسلامُ على خمْسٍ : شهادةُ أنْ لا إِلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحمدًا رسولُ اللهِ، وإِقامُ الصَّلاةِ، وإِيتاءُ الزكاةِ، وحَجُّ البيْتِ، وصوْمِ رَمَضانَ ).

إن ترك الزكاة إثم عظيم ومعرض لعذاب الله قال تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ) وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ).

عباد الله ... الزّكاة حقّ اللّه تعالى في المال، وهي سبب لبركة المال ونمائه وطهارته، كما أنّه سبب لتزكية صاحبه من الشّحّ والبخل والإمساك ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ).

والزّكاة شرعت في شرائع النّبيّين من قبلنا، كما شرعت الصّلاة والصّيام والحجّ، وأخبر اللّه تعالى عن جملة من الأنبياء، فقال سبحانه (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ) ممّا يدلّ على أنّ اللّه تعالى قد أوحى للأنبياء عليهم السّلام بإيتاء الزكاة، وأنها فرض في الشرائع السابقة.

ولأهمية الزكاة في الشرائع الربانية فإنّ اللّه تعالى أخذ الميثاق على بني إسرائيل للإتيان بجملة من الشرائع كان منها الزكاة، ووعدهم بالجنّة إن وفوا بميثاقهم، وأقاموا شرائعهم ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ).

ولكنّ أكثر بني إسرائيل نقضوا ميثاقهم، وشحوا بأموالهم عن فريضة ربهم سبحانه وتعالى، فاستحقوا غضبه ونقمته ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ  ).

وأثنى اللّه تعالى على الراسخين في العلم من بني إسرائيل، وهم قلّة؛ لوفائهم بميثاقهم، وإقامتهم شرائعهم، وأدائهم زكاة أموالهم ( لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ).

فحريّ بأهل الإيمان أن يسلكوا مسلك الأنبياء وأتباعهم في أداء الزّكاة، وأن يحذروا من فعل بني إسرائيل حين منعوا الزّكاة، وقالوا ( إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ) فقال اللّه تعالى (سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).

نعوذ باللّه تعالى من حالهم ومآلهم، ونسأله سبحانه الاستقامة على أمره، وإقامة شرعه، والثّبات على دينه، إنّه سميع مجيب.

وأقول قولي هذا وأستغفر اللّه لي ولكم.. 

 

الحمد للّه حمدا طيّبا كثيرا مباركا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، صلّى اللّه وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدّين.

معاشر المؤمنين ... شهر رمضان شهر البر والإحسان شهر المواساة والرحمة شهر الإنفاق والصدقة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، فكان أجود بالخير من الريح المرسلة، ودفعه الزكاة في شهر رمضان ما لم تكن مؤخرة عن وقتها لها فضيلة ومزية

واعلموا .. أن أمر الزّكاة عند اللّه تعالى عظيم، وشأنها في شريعته كبير؛ قال سبحانه عن أهل الكتاب ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ) وقاتل أبو بكر رضي اللّه عنه مانعي الزّكاة، وأقرّه الصّحابة رضي اللّه عنهم على قتالهم؛ فكان قتالهم ممّا أجمع عليه الصّحابة رضي اللّه عنهم، وهو من سنّة الخلفاء الرّاشدين الّتي أمرنا باتّباعها، وكلّ ذلك يدلّ على أهمّيّة الزّكاة في دين اللّه تعالى.

والتّهاون في أداء الزّكاة خطره كبير، وإثمه عظيم، ويعذّب صاحبه بماله الّذي لم يؤدّ زكاته (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ).

وكما يجب أداء الزّكاة فإنّه يجب التّحرّي في وصولها لمستحقّيها، فمن النّاس من يدفع الزّكاة إلى غير مستحقّيها، بل يتخلّص منها فيدفعها لمن يطلبها، فلا تبرأ بها ذمّة مخرجها، ولا يتحقّق المقصود من فرضها، وهو سدّ حاجات المحتاجين.

واعلموا .. أن هناك قنوات رسمية معتمدة من الدولة المباركة، ويوجد تطبيق في الأجهزة الذكية باسم (زكاتي) بإمكان الشخص دفع الزكاة عبر هذه القنوات أو التطبيق، وسوف تصل إلى مستحقيها في أقرب وقت.

اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا و آثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، اللهم أغننا بالعلم وزيّنا بالحلم وأكرمنا بالتقوى، وجمّلنا بالعافية، وطهر قلوبنا من النفاق، و أعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، اللهم اغفر ذنوبنا، و استر عيوبنا واقبل توبتنا، و تولّ أمرنا، واختم بالصالحات أعمالنا، اللهم ثبتنا بالقول الثّابت, اللهم كن لإخواننا المسلمين ولا تكن عليهم, وانصرهم ولا تنصر عليهم، اللّهمّ سلّط الرّافضة والحوثيّن جندا من جندك, اللّهمّ خذهم أخذ عزيز مقتدر, اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك, اللّهمّ احفظ حدودنا وانصر جنودنا وتقبّل موتاهم في الصّالحين, ووفّق ولاة أمورنا لما تحبّ وترضى وأعنه على البرّ والتّقوى, ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار. وأقم الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر واللّه يعلم ما تصنعون.

المشاهدات 604 | التعليقات 0