فَرَحٌ بِالعِيدِ فِي زَمَنِ الوَبَاءِ 1/10/1442هـ

خالد محمد القرعاوي
1442/09/27 - 2021/05/09 19:30PM
فَرَحٌ بِالعِيدِ فِي زَمَنِ الوَبَاءِ 1/10/1442ه
اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ؛ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ وَأَسْدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى. مَا أَجْمَلَ صَبَاحَكَ يَا عِيدُ، وَمَا أَسْعَدَنَا بِإكْمَالِ الْعِدَّةِ، وَإخْرَاجِ الْفِطْرَةَ. عِيدُنا عَقِيدَةٌ رَبَّانِيَّةٌ ليست كأعيادِ البَشرِ، لَيسَت لِمَولِدِ عَظِيمٍ، وَلا لِتَوَلِّي مَلِكٍ، وَلا هِيَ تَحَلُّلٌ مِن قُيُودِ الشَّرعِ، أَعْيَادُنَا فَرَحٌ بِإِكمَالِ العِبَادَاتِ، ودُعَاءٌ بقَبُولِها:(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).(ولِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: إذا أَفطرَ فَرِحَ بِفِطرِه، وإذا لَقِيَ ربَّه فَرِحَ بصومِهِ(.وَالحمدُ اللهِ الذي أَمَّدَ في أَعمَارِنَا وَوَسَّعَ فِي أرزَاقِنا، وأَمَّنَنَا في أوطَانِنِا، فَلا نُحْصِي ثَنَاءً عَليكَ يَا رَبَّنَا. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمْدُ.
عِيدُنَا يَا مُسْلِمُونَ: ثَبَاتٌ على الحَقِّ فَكَمْ ابْتَهَلْنَا فِي سُجُودِنَا اقْتَدَاءً بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قَلْبِي عَلَى طَاعَتِكَ«. فَنَحْنُ فِي زَمَنِ جُنُونِ الْأَفْكَارِ، وَتَزْوِيرِ الْهُوِيَّاتِ، فَلَا نِعْمَةَ أَعْظَمُ مِنَ أَنْ تَلْزَمَ القُرْآنَ وَتَحْيَا عَلَى السُّنَّةِ، فإيمَانُكَ وَأَخْلاقُكَ أَعْظَمُ مِنَّةٍ تَنْعَمُ بِهَا، ولَا أَمَانَ لَكَ إِلَّا بِتَثْبِيتِ اللَّهِ لَكَ، فَالثَّبَاتُ عَلى الحَقِّ مِنْحَةُ الْكَرِيمِ .(وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ). يَا مُسْلِمُونَ: نَتَواصَى بالثَّبَاتِ عَلى الحَقِّ؛ لِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا يَبْحَثُونَ عَنِ التَّغْيِيرِ أَيًّا كَانَ نَوعُهُ، وَاللَّهُ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم .وَاعْلَمُوا يَا رَعَاكُمُ اللهُ: أنَّ الْحَقَّ لَا يَضْعُفُ، وَلَا يَنْتَصِرُ الْبَاطِلُ إِلَّا إِذَا ضَعُفَ الثَّبَاتُ، وَاهْتَزَّ التَّدَيُّنُ فِي الْقُلُوبِ. أَمَّا الثَّابِتُونَ فَلا تُغَيِّرُهُمُ الْأَحْدَاثُ، وَلَا يَسْتَخِفَّنَّهُمُ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ؛ لِأَنَّهُمْ عَظَّمُوا نُصُوصَ الشَّرْعِ، حَقَّاً: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا). اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمْدُ.
فِي المُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ« عِبَادَ اللَّهِ: ألا تَرَونَ بأَعْيُنِكُمْ تَغَيُّرَاً بَيِّنَاً عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِنَا؟ تَغَيُّرٌ فِي العَبَاءَاتِ! وَبَعْضُهُنَّ مَائِلاتٌ مُتَكَسِّرَاتٌ فِي المَشْيِ، وَتَجَمُّعٌ فِي المَقَاهِي أَمَامَ الشّبَابِ والمَارَّةِ! في كُلِّ الأوقَاتِ! وَالخَوفُ أنْ يَحِلَّ الكَمَّامُ والِّلثَامُ عِنْدَ بَعضِهِنَّ بَدَلَ الحِجَابِ! وَاللهِ إنَّ دِينَنَا وَأَخْلاقَنَا بِحاجَةٍ إلى مَنْ وَصَفَهُمُ اللهُ بِقَولِهِ: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَىَ النِّسَاءِ .ولَا يَغَارُ أَحَدٌ عَلَى مَحَارِمِهِ وَمَحَارِمِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا وَهُوَ غَيُورٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ حَقَّاً. والْغَيْرَةُ مِنْ مَظَاهِرِ الشَّهَامَةِ وَالرُّجُولَةِ، فَأَنتَ مَسؤولٌ عَن بَنَاتِكِ وَأَهْلِ بِيتِكَ أَولاً وَأَخِيراً، فَلا أَحَدَ يُجْبِرُكَ عَلى التَّرَاخِي أَو إهْمَالِهِنَّ بَل قَرَارُكَ بِيَدِكَ. أَنتَ أُمِرْتَ بَأَنْ تَقِيَ نَفْسَكَ وَأَهْلَ بَيتِكَ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ! احْذَرْ مِنْ أنْ يُقْعِدُكَ ضَعْفُ الآمِرِ، وَقِلَّةُ النَّاصِحِ، وَتَرَاخِي الأنْظِمَةِ، فَأَنْتَ الْمَسؤولُ الأوَّلُ وَالأخِيرُ أَمَامَ اللهِ تَعَالى! وَلا تُحْبِطْكَ بَعْضُ الْمَظَاهِرِ وَلا تَيأَسْ مِنْهَا فَدِينُ اللهِ غَالِبٌ وَمَنْصُورٌ. فاللهُ تَعَالى يَقُولُ: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ .وَتَفَكَّرْ في مُسْتَقْبَلِ بِيتِكَ وَبَنَاتِكَ. وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ . اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمْدُ.
عِبَادَ اللهِ: حُقَّ لنا أنْ نَفرحَ بعيدِنا، فَنَحنُ في يوم الجَوائِزِ، فيا من أدَّيتم فَرْضَكُم وَأَطَعْتُمْ ربَّكُمْ، وَصُمتُم شَهْرَكُم، أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكم، وَانْشُروا المَحبَّةَ بينَكُم، وَتَزَاوَرُوا وتَبَادَلُوا التَّهَانِيَ وَالدَّعَوَاتِ، وَاتْرُكُواَ المُصَافَحَةَ لِئلا يَنْتَقِلَ الوَبَاءُ كَمَا هِيَ التَّعْلِيمَاتُ، وَنُرِيدُكَ أَنْ تَعِيشَ فَرِحَاً بِمَا حقَّقتَ في رَمضَانِكَ! فَقَدْ كَشَفَ لَنَا رَمَضَانُ، أَنَّ فِي نُفُوسِنَا خَيراً كَثِيراً، وأنَّنا قادِرُون بإذنِ اللهِ على فِعْلِ الكَثِيرَ لِأَنْفُسِنَا وَأُمَّتِنَا. شُكْرًا رَمَضَانُ، فَقَدْ رَبَطَّتَنا بِدينِنَا وأَخْلاقِنَا وذَكَّرْتَنا بِنِعمَةِ اللهِ عَلينا! شُكْرًا لَكَ فَقَدْ هَجَرْنَا الْمُلْهِيَاتِ وَأَقْبَلَنا عَلَى الصَّالِحَاتِ، عَلَّمْتَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّنَا نَرَاهُ، وَصَدَقَ اللهُ:(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا). اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
مَعَاشِرَ الأَبْنَاءِ وَالبَنَاتِ: صَلاتُكم نُورُكُم، وَصِلَتُكُم بِربِّكم هي سَبَبٌ لانشِرَاحِ صُدورِكُم، وَتَيسيرِ أُمورِكم. اللهَ اللهَ لا يَغلِبَنَّكُم عن الصَّلاةِ شُغلٌ ولا هَوَى، ولا شَيطَانٌ ولا قَرِينُ سُوءٍ! وَاتَّقوا اللهَ فِي وَالِدِيكُمْ، واغتنموا خَيرَهُمَا وبِرَّهُمَا ورَدِّدوا :(رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا).
يا أَمَةَ الرَّحمنِ تَيقَّظِي لِدينِكِ ومُستقبلِ حَيَاتَكِ وَعِرْضِكِ، فهُناكَ مُتَغَيِّرَاتٌ خَطِيرَةٌ تَحْدُثُ في مُجْتَمَعِنَا! فَكُونِي على خَوفٍ وَحَذَرٍ، واعْتَصِمِي بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَكَلامِ أَهْلِ العِلْمِ الرَّاسِخِينَ فِي بِلادِنَا. وَتَذَكَّرِي نِدَاءَ اللهِ لَكِ:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ(.فَابْتَعِدِي عَنْ مُخَالَطَةِ الرِّجالِ وإبْدَاءِ الزِّينةِ أَمَامَهُمْ، وَتَجَمَّلي بِالحَيَاءِ وَتزَيَّنِي بِالسِّترِ، وَاحذَرِي المَلابِسَ الفَاتِنَةَ، وَالأمَاكِنَ المَوبُوءَةَ فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». ثُمَّ استَقِيموا على العَمَلِ الصَّالحِ وَاثْبُتُوا على الطَّاعَةِ، وانْطَلِقُوا بِعِيدِكُمْ مُبْتَهِجِينَ مُسْتَبشِرِينَ وَقَابِلوا أَهلِيكُم وأَصْحَابِكُمْ وَجِيرَانِكُم وَالعَمَالَةِ الوَافِدَةِ بِالبِشْرِ والتِّرْحَابِ، ولا يعكِّرْ عليكَ الشَّيطانُ عيدَك! رَدِّدْ:(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهَّابُ) فاللهم إنَّا نسألكَ بركاتِ هذا العيدِ وجوائِزَهُ. واجعل عيدَنا فوزاً برضاكَ والجنَّةَ. اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامَه وقيامَه وأعمالَه. اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، اللهم اغفر لنا ولِولِدِينا وجمع المسلمينَ، الأحياءَ منهم والميتينَ، وفِّق ولاة أمورِنا لِما تُحبُّ وترضى. وأصلح أحوال المسلمين، وهيئ لهم قادَةً صالِحينَ مُصلِحينَ، اللهم احفظ حُدُودَنا وانصر جُنودَنا وتقبَّل موتاهم في الصَّالحينَ. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأمواتِ. اللهم واجعل مستقبلنا خيراً من ماضينا وتوفَّنا وأنت راضٍ عنا يا كريمُ. (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار).سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
 
المشاهدات 1744 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا