فتوى العلامة ابن عثيمين يرحمه الله في تزويج الصغيرة من الكبير

تسجيل صوتي لابن عثيمين يظهر بعد وفاته بـ 10 أعوام : لايصح تزويج الصغيرة من الكبير ووطؤها حرام


كشف تسجيل صوتي ظهر بعد وفاة الشيخ محمد بن صالح العثيمين يرحمه الله بـ 10 أعوام عن فتوى تمنع أولياء الأمور من تزويج الفتيات الصغيرات، وتشير إلى أن ذلك يدعو إلى مفسدة، إذ أن بعض الأولياء يتاجر ببناته ويبيعهن بيعا. وظهرت عدة فتاوى مسجلة للشيخ نقلت من دروس الفقه التي كان يعقدها ومن كتابه الشرح الممتع على زاد المستقنع وكتب أخرى.

تعين المنع

ففي آخر الشريط السادس من شرح صحيح البخاري يورد ابن عثيمين منع تزويج الصغيرة وإن ذلك متعين ولكل وقت حكمه حيث يقول يرحمه الله «الذي يظهر لي أنه من الناحية الانضباطية في الوقت الحاضر، أن يمنع الأب من تزويج ابنته مطلقا، حتى تبلغ وتستأذن، وكم من امرأة زوجها أبوها بغير رضاها، فلما عرفت وأتعبها زوجها قالت لأهلها: إما أن تفكوني من هذا الرجل، وإلا أحرقت نفسي، وهذا كثير ما يقع، لأنهم لا يراعون مصلحة البنت، وإنما يراعون مصلحة أنفسهم فقط، فمنع هذا عندي في الوقت الحاضر متعين، ولكل وقت حكمه».

شرعية المنع

وتظهر أيضا فتوى للشيخ ابن عثيمين في بداية الشريط السابع لشرح صحيح البخاري في شرعية منع تزويج الصغيرة تقييدا للمباح حيث يقول «ولا مانع من أن نمنع الناس من تزويج النساء اللاتي دون البلوغ مطلقا، فها هو عمر رضي الله عنه منع من رجوع الرجل إلى امرأته إذا طلقها ثلاثا في مجلس واحد، مع أن الرجوع لمن طلق ثلاثا في مجلس واحد كان جائزا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر».

أصل الحكم

ويرد الشيخ في الصفحة 57 من كتابه الشرح الممتع على من يرى شرعية العقد في زواج الصغيرة «نقول: الأصل عدم الجواز؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام (لا تنكح البكر حتى تستأذن)، وهذه بكر فلا نزوجها حتى تبلغ السن الذي تكون فيه أهلا للاستئذان، ثم تستأذن. لكن ذكر بعض العلماء الإجماع على أن له أن يزوجها، مستدلين بحديث عائشة رضي الله عنها، وقد ذكرنا الفرق، وقال ابن شبرمة من الفقهاء المعروفين: لا يجوز أن تزوج الصغيرة التي لم تبلغ أبدا؛ لأننا إن قلنا بشرط الرضا فرضاها غير معتبر، ولا نقول بالإجبار في البالغة فهذه من باب أولى، وهذا القول هو الصواب، إن الأب لا يزوج بنته حتى تبلغ، وإذا بلغت فلا يزوجها حتى ترضى.

إكراه الصغيرة

وفي الشريط الثاني لشرح صحيح البخاري يقول ابن عثيمين «من يكره ابنته الصغيرة على الزواج برجل كبير من أجل المال فهذا حرام والصحيح أن النكاح لا يصح وأن هذا الرجل يطأها وهي حرام عليه والعياذ بالله لأن النكاح غير صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكح البكر حتى تستأذن وهذا عام للأب وغير الأب، وفي صحيح مسلم أنه قال (البكر يستأذنها أبوها) وهذا نص في البكر ونص في الأب، فإذا كان الأب لا يملك أن يبيع أدنى شيء من مالها إلا برضاها فكيف يملك أن يبيع نفسها بغير رضاها، كيف يجوز لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجبر امرأة على الزواج وهي تقول لا أريده وتفر منه فرارها من الأسد ويرغمها على الزواج به من أجل أنه أعطاه شيئا من المال».

ودرءا لاعتقاد أن ما ذكر متعلق بالإكراه فقط، فإن الشيخ ابن عثيمين (يرحمه الله) يرى أن زواج الصغيرة هو إكراه في جميع الأحوال فالصغيرة ليس لها إذن معتبر.

أدلة القرآن الكريم

وفيما يتعلق بأدلة القائلين بشرعية زواج الصغيرة، فإنهم يستدلون بالقرآن الكريم بقوله تعالى (واللائي لم يحضن) على جواز تزويج الصغيرات اللاتي دون سن البلوغ ويعتبرون دلالة الآية قطعية، وهنا يفند ابن عثيمين دلالة الآية في آخر الشريط السادس لشرح صحيح البخاري بقوله «الحاصل أن الاستدلال بالآية ليس بظاهر»، مبينا «إن البلوغ ليس علامته الحيض فقط، فقد تبلغ بخمس عشرة سنة وتزوج، ولا يأتيها الحيض، فهذه عدتها ثلاثة أشهر، فلهذا استدلال البخاري رحمه الله تعالى فيه نظر، لأنه ما يظهر لنا أنها تختص بمن لا تحيض».

السنة النبوية

أما المستدلون بجواز تزويج الصغيرة برواية زواج النبي عليه الصلاة والسلام بعائشة رضي الله عنها، فإن ابن عثيمين فند هذه الدلالة أيضا في الشريطين السادس والسابع لشرح صحيح البخاري حين قال «والاستدلال بقصة عائشة فيه نظر، ووجه النظر أن عائشة زوجت بأفضل الخلق صلى الله عليه وسلم وأن عائشة ليست كغيرها من النساء، إذ أنها بالتأكيد سوف ترضى وليس عندها معارضة، ولهذا لما خيرت رضي الله عنها حين قال لها النبي صلى لله عليه وسلم (لا عليك أن تستأمري أبويك)؛ فقالت: إني أريد الله ورسوله، ولم ترد الدنيا ولا زينتها»، كما أشار يرحمه الله إلى قولي ابن حزم وابن شبرمة بخصوصية زواج النبي عليه الصلاة والسلام بقوله «يرشح هذا القول إن الرسول صلى الله عليه وسلم خص بأشياء كثيرة في باب النكاح»، مبينا «ثم إن القول بذلك في وقتنا الحاضر يؤدي إلى مفسدة لأن بعض الناس يبيع بناته بيعا فيقول للزوج تعطيني كذا وتعطي أمها كذا وأخاها كذا وعمها كذا .. إلخ، هذا القول الذي اختاره شبرمة ولاسيما في وقتنا هذا هو القول الراجح عندي وأنه ينتظر حتى تبلغ وتستأذن».

كما فند ابن عثيمين حجية الاستدلال بزواج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في المجلد 12 من كتابه الشرح الممتع، مؤكدا أنه ليس بدليل «نحن نوافقكم إذا جئتم بمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثل عائشة رضي الله عنها، وهل يمكن أن يأتوا بذلك؟ لا يمكن، إذن نقول: سبحان الله العظيم، كيف نأخذ بهذا الدليل الذي ليس بدليل».

دليل الإجماع

وفي الشريط السابع ــ كتاب النكاح ــ ذكر ابن عثيمين تفنيد صحة الإجماع بقوله «وبعضهم حكى الإجماع على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة بدون رضاها، لأنه ليس لها إذن معتبر، وهو أعلم بمصالحها، ولكن نقل الإجماع ليس بصحيح، فإنه قد حكى ابن حزم عن ابن شبرمة أنه لا يصح أن يزوج ابنته الصغيرة حتى تبلغ، وتأذن؛ وهذا عندي هو الأرجح».

وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع، صفحة 357 «لكن ذكر بعض العلماء الإجماع على أن له أن يزوجها، مستدلين بحديث عائشة رضي الله عنها، وقد ذكرنا الفرق، وقال ابن شبرمة من الفقهاء المعروفين: لا يجوز أن يزوج الصغيرة التي لم تبلغ أبدا؛ لأننا إن قلنا بشرط الرضا فرضاها غير معتبر، ولا نقول بالإجبار في البالغة فهذه من باب أولى، وهذا القول هو الصواب، أن الأب لا يزوج بنته حتى تبلغ، وإذا بلغت فلا يزوجها حتى ترضى.»

إذن الصغيرة

ويؤكد في الشرح الممتع أن الصغيرة ليس لها إذن معتبر لأنها كما يقول «ما تعرف عن النكاح شيئا، وقد تأذن وهي تدري، أو لا تأذن؛ لأنها لا تدري، فليس لها إذن معتبر، ولكن هل يجوز لأبيها أن يزوجها في هذه الحال؟، نقول: الأصل عدم الجواز؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تنكح البكر حتى تستأذن)، وهذه بكر فلا نزوجها حتى تبلغ السن الذي تكون فيه أهلا للاستئذان، ثم تستأذن».

إثبات أدلة المنع

بعد تفنيده لأدلة شرعية تزويج الصغيرة، أورد ابن عثيمين يرحمه الله أدلة منع تزويج الصغيرة من القرآن والسنة والعقل، فيقول في الشرح الممتع، صفحة 57 «وعندنا دليل من القرآن قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها)، وكانوا في الجاهلية إذا مات الرجل عن امرأة، تزوجها ابن عمه غصبا عليها، كما أخرج ذلك البخاري في تفسير الأية ودليل صريح صحيح من السنة، وهو عموم قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تنكح البكر حتى تستأذن) وخصوصا قوله: (والبكر يستأذنها أبوها)، فإذا قلنا لأبيها أن يجبرها صار الاستئذان لا فائدة منه، فأي فائدة في أن نقول: هل ترغبين أن نزوجك بهذا، وتقول: لا أرضى، هذا رجل فاسق، أو رجل كفء لكن لا أريده، فيقال: تجبر؟ هذا خلاف النص. وأما النظر فإذا كان الأب لا يملك أن يبيع خاتما من حديد لابنته بغير رضاها، فكيف يجبرها أن تبيع خاتم نفسها؟ هذا من باب أولى، بل أضرب مثلا أقرب من هذا، لو أن رجلا طلب من هذه المرأة أن تؤجر نفسها لمدة يومين لخياطة ثياب، وهي عند أهلها ولم تقبل، فهل يملك أبوها أن يجبرها على ذلك، مع أن هذه الإجارة سوف تستغرق من وقتها يومين فقط وهي ــ أيضا ــ عند أهلها؟ الجواب: لا، فكيف يجبرها على أن تتزوج من ستكون معه في نكد من العقد إلى الفراق؟، فإجبار المرأة على النكاح مخالف للنص المأثور، وللعقل المنظور. فإذا قال قائل: قوله صلى الله عليه وسلم: (يستأذنها) يدل على أن المرأة لها رأي، فلا نجعل الحكم خاصا بالصغيرة، ونقول: المكلفة لا تجبر، لكن الصغيرة تجبر، قلنا: أي فائدة للصغيرة في النكاح؟ وهل هذا إلا تصرف في بضعها على وجه لا تدري ما معناه؟ لننتظر حتى تعرف مصالح النكاح، وتعرف المراد بالنكاح ثم بعد ذلك نزوجها، فالمصلحة مصلحتها.



المصدر: صحيفة عكاظ
المشاهدات 2800 | التعليقات 1

المصدر: صحيفة عكاظ :confused::confused::confused::confused::confused:!!!!!!

انتبهوا ... الموضوع فيه ما فيه .