فتح مكة
فهد عبدالله الصالح
1438/09/20 - 2017/06/15 09:44AM
عباد الله، الأخلاق عماد الأمم وقوام الشعوب ومعيار الحياة الآمنة والمدينة الفاضلة والأخلاق مرتبطة بالإيمان وجوداً وعدمها قوة وضعفاً.
والله سبحانه وتعالى حينما بعث رسله إلى الناس جعل تمكين الأخلاق الفاضلة من أصول رسالاتهم حتى تستقيم الحياة وينعم الناس بالحرية والكرامة والأمان، وحيثما يوجد الإيمان الصادق بالله مع العمل الصالح توجد الأخلاق الكريمة الحياة المطمئنة يقول الله تعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وفي المقابل حيثما يوجد الكفر والضلال والظلم والطغيان تكون أزمة الأخلاق، والعالم اليوم مع بعده عن منهج الله يعاني أزمة أخلاقية حادة أفشلت الحياة وأورثت المعاناة.
إن مفهوم الأخلاق - أيها الإخوة - مفهوم واسع وهو يشمل الحياة كلها من صدق الحديث والوفاة والأمانة والكرم والأخلاق والصفح والعفو والقصد والعفاف وسلامة الصدر من الأحقاد والحياء والإخاء والرحمة والعطف واحترام الرجال وكف الأذى والثبات على المبدأ وغيرها من المعاملات.
إن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة وقد جاءت لإكمال سلسلة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، جاءت لإتمام صالح الأخلاق في الحديث (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) إنها إنقاذ للبشرية وأخذ بناصيتها للخير والرشاد، لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم معلماً للخلق وقدوةً للبشر، لقد وصفه ربه بأبلغ الأوصاف ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].
ومعنا اليوم أيها الإخوة موقف من مواقفه صلى الله عليه وسلم وتشريع من تشريعاته يتمثل في غزوة فتح مكة والتي كانت في بداية العشر الأخير من رمضان في العام الثامن للهجرة، أخلاق عظيمة ودروس بليغة.
وأول خلق عظيم نأخذه من سبب الغزوة، إنه خلق لطالما احتاجه المسلمون في هذا الزمن، زمن التسلط والهيمنة والجبروت والتعسف في زمن تمزق المسلمين وهوانهم على الناس، إنه خلق الوقوف مع المظلوم ونصرة الحق لما نقضت قريش العهد وأغارت على قبيلة خزاعة وهي آمنة، جاء وفدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه بالخبر فكان رده لهم: لأمنعنكم مما أمنع نفسي منه وقال لعمرو بن سالم الخزاعي: قد نصرت يا عمرو بن سالم وقام برد الاعتبار وأخذ الحقوق وجهز الجيش وكانت العزيمة ثم كان الفتح، فالحق إذا لم تكن له قوة تحميه ضاع وانهزم، والمستضعفون إن لم يجدوا من يدافع عنهم كانوا لقمة سائغة لفاقدي الأخلاق.
وثمة خلق آخر - أيها المسلمون- من أخلاق المعصوم صلى الله عليه وسلم خلق ينبع من الفطرة وجاء به الدين - إنه احترام الرجال وإنزال الناس منازلهم قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل يحب الفخر والشهرة فقال عليه الصلاة والسلام من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
نعم - أيها المصلون - للرجال قيمة ومكانة واحترامهم من احترام الذات لقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان تميزاً ومكانةً مع أنه كان كافراً في ذلك الوقت وفي حالة حرب معلوم فيها الخاسر لكنها الأخلاق الأصيلة والعقول الرشيدة.
وخلق آخر يظهر عند فتح مكة - أيها المسلمون - حينما أمر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة رضي الله عنه بدخول مكة برجال من منطقة كراء سمعه بعض الناس يقول: اليوم يوم الملحمة اليوم يوم تستحل الحرمة فأسرع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين: أسمع ما قاله سعد بن عبادة: ما نأمن أن يكون له في قريش صولة (أي قتل شديد) فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبي طالب: أدركه فخذ الراية منه فكن أنت الذي تدخل بها.. كل هذه الخلق النبيل حتى لا يسمع الناس من يروعهم مع ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يقتلوا إلا من يقاتلهم وغيرها كثير من أفعاله الرحيمة مع أعدائه.
وشتان - أيها الإخوة - ثم شتان بين منهج أولياء الرحمن ومنهج أولياء الشيطان في الحروب، أما أولياء الرحمن فقد عرفنا ذلك من أخلاقه وسيرته صلى الله عليه وسلم، أما منهج أولياء الشيطان فإن المعارك عندهم فرصة سائغة نادرة لقتل الأبرياء وملاحقة الضعفاء في عقر دارهم لقتلهم، في البوسنة صب النصارى جام غضبهم على المسلمين بوابل من الصواريخ والقذائف والقنابل حتى أبادوا مائتين وخمسين ألف مسلم حسب إحصائيتهم وهتكوا الأعراض وشردوا الناس وهدموا المساكن وكل فترة تكشف مقبرة جماعية للمسلمين لم تدخل ضمن الرقم المذكور وفعلوا فعلتهم الشنعاء في كوسوفا والشيشان وجنوب الفلبين، أما في فلسطين فكانت المذابح المروعة فعلها اليهود بحق الفلسطينيين الأبرياء، وفي سوريا قتل ما يربو عن نصف مليون مسلم ناهيكم عن ملايين المشردين ومئات آلاف من الجرحى والمصابين والمعذبين في السجون، ومأساة أخرى لإخواننا السنة في سجون العراق وإيران واليمن ومازال الأبرياء يتساقطون حتى يومنا هذا في أقطار عدة في عالمنا الإسلامي، هذه هي أخلاق حزب الشيطان في كل زمان ومكان.
وفي الفتح - أيها المسلمون - ظهرت الأخلاق الفاضلة في الحلم والكرم المحمدي العظيم حيث احتشد أبناء قريش في المسجد الحرام ينتظرون ما هو فاعل بأهل مكة الذين آذوه وقاتلوه وأخرجوه احتشدوا واشرأبت أعناقهم لما سيحكم فيهم وقد وقعوا أسرى بين يديه صلى الله عليه وسلم فسألهم: يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال: فإني أقول لكم ما قاله يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
لقد كان قادراً على قتلهم وعقابهم لكنه قدر فعفا وملك فسامح صلى الله عليه وسلم.
وفي الفتح صورة أخرى: من صور الوفاء العظيمة لما طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت دعا عثمان بن أبي طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة فدخل فيها وصلى وأخرج منها بعض الصور والتماثيل فقام إليه على بن أبي طالب ومفتاح الكعبة بيده فقال: يا رسول الله: اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة فدعي له فقال: هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء )، وما أكثر صور الأخلاق الربانية التي يرسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وفي حادثة واحدة فقط.
نختمها - أيها المسلمون - بموقف الأنصار - فلقد تخوفوا رضي الله عنهم من بقاء الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة وذلك بعد فتحها لأنها بلده الأصلي ويحبها كثيراً وهو لم يخرج منها بمحض إرادته لكن طغاة قريش طردوه منها، قام صلى الله عليه وسلم بعد الفتح على الصفا يدعوا الله فقال الأنصار: أترون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم (أي يقم في مكة ولا يعود إلى المدينة ) فلما فرغ من دعائه قال لهم: معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم أي سأحيى معكم في المدينة وأموت معكم فيها، تلك والله الخلاق العالية والمواقف الثابتة ومن أحق من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوفاء الإخلاص؟ ألا فاتقوا الله أيها المسلمون - واعتصموا بحبل الله المتين واعتزوا بالإيمان العظيم وتخلقوا بأخلاق القرآن واعملوا لهذا الإسلام فإن المستقبل لهذا الدين والعاقبة للمتقين ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 4، 5].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3]...
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/117346/#ixzz4k3wxdXwJ
والله سبحانه وتعالى حينما بعث رسله إلى الناس جعل تمكين الأخلاق الفاضلة من أصول رسالاتهم حتى تستقيم الحياة وينعم الناس بالحرية والكرامة والأمان، وحيثما يوجد الإيمان الصادق بالله مع العمل الصالح توجد الأخلاق الكريمة الحياة المطمئنة يقول الله تعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وفي المقابل حيثما يوجد الكفر والضلال والظلم والطغيان تكون أزمة الأخلاق، والعالم اليوم مع بعده عن منهج الله يعاني أزمة أخلاقية حادة أفشلت الحياة وأورثت المعاناة.
إن مفهوم الأخلاق - أيها الإخوة - مفهوم واسع وهو يشمل الحياة كلها من صدق الحديث والوفاة والأمانة والكرم والأخلاق والصفح والعفو والقصد والعفاف وسلامة الصدر من الأحقاد والحياء والإخاء والرحمة والعطف واحترام الرجال وكف الأذى والثبات على المبدأ وغيرها من المعاملات.
إن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة وقد جاءت لإكمال سلسلة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، جاءت لإتمام صالح الأخلاق في الحديث (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) إنها إنقاذ للبشرية وأخذ بناصيتها للخير والرشاد، لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم معلماً للخلق وقدوةً للبشر، لقد وصفه ربه بأبلغ الأوصاف ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].
ومعنا اليوم أيها الإخوة موقف من مواقفه صلى الله عليه وسلم وتشريع من تشريعاته يتمثل في غزوة فتح مكة والتي كانت في بداية العشر الأخير من رمضان في العام الثامن للهجرة، أخلاق عظيمة ودروس بليغة.
وأول خلق عظيم نأخذه من سبب الغزوة، إنه خلق لطالما احتاجه المسلمون في هذا الزمن، زمن التسلط والهيمنة والجبروت والتعسف في زمن تمزق المسلمين وهوانهم على الناس، إنه خلق الوقوف مع المظلوم ونصرة الحق لما نقضت قريش العهد وأغارت على قبيلة خزاعة وهي آمنة، جاء وفدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه بالخبر فكان رده لهم: لأمنعنكم مما أمنع نفسي منه وقال لعمرو بن سالم الخزاعي: قد نصرت يا عمرو بن سالم وقام برد الاعتبار وأخذ الحقوق وجهز الجيش وكانت العزيمة ثم كان الفتح، فالحق إذا لم تكن له قوة تحميه ضاع وانهزم، والمستضعفون إن لم يجدوا من يدافع عنهم كانوا لقمة سائغة لفاقدي الأخلاق.
وثمة خلق آخر - أيها المسلمون- من أخلاق المعصوم صلى الله عليه وسلم خلق ينبع من الفطرة وجاء به الدين - إنه احترام الرجال وإنزال الناس منازلهم قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل يحب الفخر والشهرة فقال عليه الصلاة والسلام من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
نعم - أيها المصلون - للرجال قيمة ومكانة واحترامهم من احترام الذات لقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان تميزاً ومكانةً مع أنه كان كافراً في ذلك الوقت وفي حالة حرب معلوم فيها الخاسر لكنها الأخلاق الأصيلة والعقول الرشيدة.
وخلق آخر يظهر عند فتح مكة - أيها المسلمون - حينما أمر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة رضي الله عنه بدخول مكة برجال من منطقة كراء سمعه بعض الناس يقول: اليوم يوم الملحمة اليوم يوم تستحل الحرمة فأسرع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين: أسمع ما قاله سعد بن عبادة: ما نأمن أن يكون له في قريش صولة (أي قتل شديد) فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبي طالب: أدركه فخذ الراية منه فكن أنت الذي تدخل بها.. كل هذه الخلق النبيل حتى لا يسمع الناس من يروعهم مع ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يقتلوا إلا من يقاتلهم وغيرها كثير من أفعاله الرحيمة مع أعدائه.
وشتان - أيها الإخوة - ثم شتان بين منهج أولياء الرحمن ومنهج أولياء الشيطان في الحروب، أما أولياء الرحمن فقد عرفنا ذلك من أخلاقه وسيرته صلى الله عليه وسلم، أما منهج أولياء الشيطان فإن المعارك عندهم فرصة سائغة نادرة لقتل الأبرياء وملاحقة الضعفاء في عقر دارهم لقتلهم، في البوسنة صب النصارى جام غضبهم على المسلمين بوابل من الصواريخ والقذائف والقنابل حتى أبادوا مائتين وخمسين ألف مسلم حسب إحصائيتهم وهتكوا الأعراض وشردوا الناس وهدموا المساكن وكل فترة تكشف مقبرة جماعية للمسلمين لم تدخل ضمن الرقم المذكور وفعلوا فعلتهم الشنعاء في كوسوفا والشيشان وجنوب الفلبين، أما في فلسطين فكانت المذابح المروعة فعلها اليهود بحق الفلسطينيين الأبرياء، وفي سوريا قتل ما يربو عن نصف مليون مسلم ناهيكم عن ملايين المشردين ومئات آلاف من الجرحى والمصابين والمعذبين في السجون، ومأساة أخرى لإخواننا السنة في سجون العراق وإيران واليمن ومازال الأبرياء يتساقطون حتى يومنا هذا في أقطار عدة في عالمنا الإسلامي، هذه هي أخلاق حزب الشيطان في كل زمان ومكان.
وفي الفتح - أيها المسلمون - ظهرت الأخلاق الفاضلة في الحلم والكرم المحمدي العظيم حيث احتشد أبناء قريش في المسجد الحرام ينتظرون ما هو فاعل بأهل مكة الذين آذوه وقاتلوه وأخرجوه احتشدوا واشرأبت أعناقهم لما سيحكم فيهم وقد وقعوا أسرى بين يديه صلى الله عليه وسلم فسألهم: يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال: فإني أقول لكم ما قاله يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
لقد كان قادراً على قتلهم وعقابهم لكنه قدر فعفا وملك فسامح صلى الله عليه وسلم.
وفي الفتح صورة أخرى: من صور الوفاء العظيمة لما طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت دعا عثمان بن أبي طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة فدخل فيها وصلى وأخرج منها بعض الصور والتماثيل فقام إليه على بن أبي طالب ومفتاح الكعبة بيده فقال: يا رسول الله: اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة فدعي له فقال: هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء )، وما أكثر صور الأخلاق الربانية التي يرسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وفي حادثة واحدة فقط.
نختمها - أيها المسلمون - بموقف الأنصار - فلقد تخوفوا رضي الله عنهم من بقاء الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة وذلك بعد فتحها لأنها بلده الأصلي ويحبها كثيراً وهو لم يخرج منها بمحض إرادته لكن طغاة قريش طردوه منها، قام صلى الله عليه وسلم بعد الفتح على الصفا يدعوا الله فقال الأنصار: أترون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم (أي يقم في مكة ولا يعود إلى المدينة ) فلما فرغ من دعائه قال لهم: معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم أي سأحيى معكم في المدينة وأموت معكم فيها، تلك والله الخلاق العالية والمواقف الثابتة ومن أحق من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوفاء الإخلاص؟ ألا فاتقوا الله أيها المسلمون - واعتصموا بحبل الله المتين واعتزوا بالإيمان العظيم وتخلقوا بأخلاق القرآن واعملوا لهذا الإسلام فإن المستقبل لهذا الدين والعاقبة للمتقين ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 4، 5].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3]...
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/117346/#ixzz4k3wxdXwJ