فَتَبْلُغُ الآفاق خطر (الشَّائِعات) 9 ــ 6 ــ 1445هـ
عبدالعزيز بن محمد
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أيها المسلمون: عَقْلٌ راجِحٌ وقَلْبٌ تَقِي، ولِسانٌ صادِقٌ وفُؤَادٌ نَقِي. أَكْرَمُ زِمامٍ يَقُودُ بِهِ المرءُ نَفْسَه، وأَقْوَى لِجامٍ يَحجِزُ المَرءَ عَنْ هَواه.
رَزانَةٌ وتُؤَدَةٌ وسَكِيْنَةٌ وأَناة.. ما تَخَلَّقَ بِها امْرُؤٌ إِلا عَلا. وما اسْتَمْسَكَ بِها مُسْتَمْسِكٌ إِلا شَرُف. حافِظٌ لِجوارِحِهِ، مُمْسِكٌ للسانِه.. لا يَمْشِيْ بالنَّمِيْمَةِ، ولا يَطْعَنُ في الأَعراض. ولا يَفْحَشُ في القَولِ، ولا يَسْتَهِيْنُ بالحُرُمات.
مُسْتَمسِكٌ بِقِيَمِه.. لَهُ من مَعِيْنِ الوَحِيِ أَكْرَمَ مَوْرِدٍ، ولَهُ مِنْ مَنْهَلِ السُّنَةِ خَيْرَ ارْتِواءَ. مُتَخَلِّقٌ بأَخلاقِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مُتَّبِعٌ لأَمْرِه، مُهْتَدٍ بِشَرِيْعَتِهِ مُنْتَهٍ عَن نَهْيِه. فالقَوْلُ ما قَالَ الرَّسُولُ، والشَّرِيْعَةُ ما شَرَع.
مُسْلِمٌ.. للهِ مُسْتَسْلِم. قَالَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيُّ المُسْلِمِيْنَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُوْنُ مِن لِسانِهِ وَيَدِهِ». متفق عليه
حِفظُ اللِّسانِ وصِيانَةُ المَنْطِق.. رَزَانَةٌ وعَقْلٌ ودِيانَة. وما نَدِمَ نادِمٌ على أَمْرٍ اقْتَرَفَه.. مِثْلُ نَدَمِ مَنْ أَطْلَقَ للسانِهِ ولِقَلَمِهِ ولِبَنانِهِ العِنَان. يَتَفَوَّهُ بِلِسانِهِ لا يَتَبَيَّن. ويَكْتُبُ بِقَلَمِهِ وبِبَنانِهِ لا يَتَوَرَّع. وفي الحَدِيْثِ: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ) رواه البخاري ومسلم
وفي عَثْرَةٍ من العَثَراتِ المُهْلِكَة.. التي يَتَجَاسَرُ عليها كَثِيْرٌ مِن النَّاسِ ولا يَتَبَيَّنُونَ فِيها. الخَوْضُ في الشَّائِعاتِ والاسٍتِهانَةُ بِها. تَجاسُرٌ على إِشاعَةِ كُلِّ ما يُقْرأَ، وإِذاعَةِ كُلِّ ما يُسْمَع، ونَشْرِ كُلِّ ما يُقال.. دُونَ تَحَقُّقٍ ولا تَثَبُّتٍ ولا تَمْحِيْص. وفي الحدِيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كفى بالمرءِ كذباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ ما سَمِع» رواه مسلم * لَغْوٌ وغَوْلٌ وخَوْضٌ مَع الخَائِضِيْن.. لا يَنْحَطُّ إِلى وَحَلِهِ.. إِلا مَنْ لَمْ يَنْهَضْ بِهِ عَقْلٌ، ولَمْ يَرْتَقِ بِهِ دِيْن. وفي القُرآنِ.. ثَناءٌ على الخُلَّصِ من عبادِ اللهِ المؤْمِنين {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}
شَائِعاتٌ.. تُتَلَقَّى بِالأَلْسُنِ، وتُمَرِرُ بالرَّسائِلِ وبِوَسائِلِ التَواصُلِ وبالأَقلام. فَتَرُوجُ الشَّائِعَةُ في النَّاسِ وتَنْتَشِر. وتُذاعُ فيهم وتسَرِي.
تَنْبَثِقُ الشَّائِعَةُ مِنْ فَردٍ أَو مِنْ فِئَةٍ أَو مِنْ مُنَظَّمَة.. لِتُرَوِّجَ لِفِكْرَةٍ مَقْصُودَةٍ، أَو مَعْلُومَةٍ مَغْلُوطَةٍ أَو خَبَرٍ مَكذوب. لِيُحَقِّقَ صاحِبَها مَطْلَباً خَفِياً، يُمْضِيْ فيهِ مَشْرُوعَه.
أَو لِيُدْرِكَ مِنْ وراءِ الشَّائِعَةِ مَصْلَحةً لَهُ أَو لِمَنْ يُوالِيه. أَو لِيُلْحِقَ الضَّرَرَ بِمَنْ يُعارِضُهُ ويُعادِيْه. * ومَنْ أَشاعَ كَذْبَةً.. فَسَرَتْ في النَّاسِ وشَاعَتْ، فَهُو مُتَوَعَّدٌ بِعَظِيْمِ العذَاب في قَبْرِه. في حديثِ سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيانِي، قَالا: الذِيْ رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ.. فَكَذّابٌ، يَكْذِبُ بالكَذْبَةِ تُحْمَلُ عنْه حتَّى تَبْلُغَ الآفاقَ، فيُصْنَعُ به إلى يَومِ القِيامَةِ) رواه البخاري
ومُرَوِّجُو الشَّائِعاتِ ونُقَّالُها.. سُعاةُ إِثْمٍ. وحَمَّالُو وِشَايَة. يَنْقُلُونَ مِنَ الأَخْبَارِ مَا لا يَثْبُتْ، ويُشِيْعُونَ مِنَ الحدِيْثِ ما لا يصَحّ، ويَنْشُرُونَ مِنَ الأُمورِ ما لا يُحْمَد. فَمَا وَقَعَ البَصَرُ مِنْهُم على خَبَرٍ إِلا أَذاعُوه. وما سَمِعَتْ آذانُهُمْ بِفِرْيَةٍ إِلا أَرْسَلُوها.
لا يَكُفُّوْنَ ولا يَتَرَيَّثُون، ولا يَتَثَبَّتُونَ ولا يتَبَيَّنُون. فَكَمْ تَزاحَمَ أَقْوامٌ على نَقْلِ شَائِعَةٍ وَتَسَارَعُوا.. فَلَمَّا تَجَلَّتْ شَمسُ الحقِيْقَةِ وشَعْشَعَ ضِياؤُها. أَدْرَكوا أَنَّهُم حَمَلُوا إِثْماً وقالُوا زُوْراً، وأَشاعُوا فِرْيَةً ونَشَروا فُجُوراً. فَأَحْرَقَ لَهِيْبُ النَّدَمِ قُلُوبَهُم. وأَنَّى للنَدَمِ بَعْدَ فَواتِ الأَوانِ أَنْ يُغْنِي عَنِ المُفْتَرِي شَيئاً. وكَفى بالقُرآنِ مُرَبِياً لِمَنْ عَقَل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}
أَدَّبَ القُرآنُ المُؤْمِنِينَ أَكْمَلَ أَدَبٍ، ورَبَّاهُم أَتَمَّ تَرْبِيَة.. فَنَهاهُم عَما يَشِيْنُهُم. وَزَجَرَهُم عَما يَعِيْبُهُم. وعاتَبَ القُرآنُ مَنْ يُشِيْعُ الأَخبَارَ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ ولا تَحَقُّقٍ ولا رَوِيَّة. {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} قالَ السَّعْدِيُّ رحمه الله: (وأُوْلِيْ الأَمْرِ مِنْهُمْ: أَهْلُ الرَأَيِ، وَالعِلْمِ والنُّصْحِ والعَقْلِ والرَّزَانَةِ، الذيْنَ يَعْرِفُونَ الأُمُوْرَ وَيَعْرِفُوْنَ المصَالحَ وَضِدَّهَا. فَإِنْ رَأَوْا في إِذَاعَتِهِ مَصْلَحةً ونَشَاطاً للمؤمنينَ وَسُرُوْراً لَـهُمْ وَتَحَرُّزاً مِنْ أَعْدَائِهِمْ فَعَلُوا ذَلِكَ. وإِنْ رَأَوْا أَنَّهُ لَيْسَ فيهِ مَصْلَحَةٌ، أَو فيهِ مَصْلَحَةٌ وَلَكِنَّ مَضَرَّتَهُ تَزِيْدُ عَلَى مَصْلَحتَهِ لم يُذِيْعُوْه... وَفِيْهِ النَّهْيُ عَنْ العَجَلَةِ والتَّسَرُّعِ لِنَشْرِ الأُمُوْرِ مِنْ حِيْنِ سَمَاعِهَا، والأَمْرُ بِالتَّأَمُلِ قَبْلَ الكَلامِ، والنَّظَرِ فِيْه، هَلْ هُوَ مَصْلَحَةٌ، فيُقْدِم عَلَيْهِ الإِنْسَانُ، أَمْ لا، فَيُحْجِمُ عَنْه) ا.هـ
وحِيْنَ يَكُونُ للمرءِ نَفْسٌ تَوَّاقَةُ للخَوْضِ في كُلِّ ما يُنْشَرُ، وفي نَقْلِ كُلِّ ما يُقال.. فَقَدْ سَلَكَتْ بِه طَرِيْقاً يَكرَهُهُ اللهُ. عَنِ المُغِيْرةِ بنِ شُعبةَ رضي الله عنه قالَ سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: (إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قيلَ وَقالَ، وإضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ) متفق عليه قَالَ بنُ كَثِيْرٍ رحمه الله: (قيلَ وَقالَ، أَيْ: الذي يُكْثِرُ مِنَ الحَدِيْثِ عَمَّا يَقُوْلُ النَّاسُ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّت، وَلا تَدَبُّرٍ، ولا تَبَيُّن. ثُم قال رحمهُ الله: وَفِيْ سُنَنِ أَبي دَاوُد أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوْا) ا. هـ
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} لا تَقُلْ ما لَيْسَ لَك بهِ عِلْم. لا تَنْقُلْ مِن الأَخبارِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ علم، لا تُشِعْ مِن الأُمورِ والتُّهَمِ ما ليْسَ لَكَ بِه عِلْم. بَلْ كُنْ وَقَّافاً، مُحْجِماً عَن الخوضِ خَوَّفاً. لا تَظُنَّنَّ أَنَّ الأَمْرَ هَزْلٌ. {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} بارك الله لي ولكم..
الحمدُ للهِ، جَلَّ الله في علاه، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمداً رَسُوْلُ الله، صلى اللهُ وسلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالاه، وَعَلَى مَنْ اسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ واهْتَدَى بِـهُدَه. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ الله.
أيها المسلمون: ما زالَ الإِسْلامُ يَحِمِيْ حِمَى الأَمَةِ ويَحْفَظُ جَنابَها. مَا زَالَ يَسْتأَصِلُ بُذُورِ الفُرْقَةِ والشَّحْناءِ والشَّتات. ويَنْتَزِعُ أَسْبابَ الانْحِرافِ والاضْطِرابِ والخَراب.
ولَمَّا كانَتْ الشَّائِعَةُ المُغْرِضَةُ مِنْ أَخْطَرِ القَواصِم.. كانَ التَحْذِيْرُ مِنْ تَناقُلِها من أَوجَبِ الواجِبات. وكانَ التَنْفِيْرُ من الإِصْغاءِ إِليها من أَبْلَغِ التَحْذِيْرات.
وَالمُؤْمِنُ.. لَهُ ورَعٌ يَحْمِيْهِ مِنْ قَولِ الباطِلِ وَمِنْ سَماعِه. فَلا يَقُولُ إِلا بِعْلْمٍ، ولا يَقْبَلُ الخَبَرَ إِلا بِبَيِّنَة. {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}
وأَخْطَرُ الشَّائِعاتِ.. ما كانَ فِرْيةً يُفْتَرَى بِها عَلى مُسْلِم. وأَعَظَمُ الشَّائِعاتِ.. ما كانَ عَلى مُسْتَضْعَفٍ.. لا يَملك قُدْرَةً يَدْفَعُ بِها عَن نَفسِه. وأَهْلكُ الشَّائِعاتِ.. مَا كانَ لأَجْلِ الصَّدِّ عَنْ سَبِيْل اللهِ، ولأَجْلِ التَنفِيْرِ مِمَّنْ يُبَلِّغُونَ شَرِيْعَةَ اللهِ، ولأَجْلِ التَشْوِيْهِ على من يَحْمِلُونَ راية التَوْحيْدِ ويرْفَعُونَ أَعلامَ الفَضِيْلَة.
أَشاعَ كُفارُ قُرَيْشٍ أَنْ مُحمداً صلى الله عليه وسلم ساحِرٌ يُفَرِّقُ بَيْنَ المرءِ وزَوجِه. حَتى سَرَتِ الإشاعةُ في أَكْثَرِ القَبائِلِ التي تَفِدُ إِلى مَكّة. ولَكِنَّ اللهَ أَبْطَلَها {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}
ودَعَوَةُ شَيخِ الإِسلامِ محمدِ بنِ عَبدالوهابِ رحمه اللهُ أَشاعَ أَهلُ الباطِلِ حَولَها أَسْوأَ الشَّائِعات، ورَموها بِأَبْشَعِ التُهَمِ، وقَذَفُوها بأَسوأ العِبارات. ولَمَزُوها بـ (الوهَّابِيَّة) لِتَنْفِرَ مِنْ الإِصْغاءِ إِليها الفِطَرُ السَّوِيَّة. ولَكِنَّ اللهَ بِفَضْلِهِ أَظْهَرَها {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}
* وكما تَنْخِرُ الشَّائِعَةُ في سَوارِي الأُمَةِ فَتَكْسُرُ مَتانَتَها، فإِنَّها تَفْتِكُ بالقَرابَةِ والصَداقَةِ والعائِلَةِ والمدينةِ والحيّ. تَشِيْعُ الشَّائِعَةُ فيهم فَتَعْمَلُ عَمَلَها.. فُرْقَةٌ، أَو عداوةٌ، أَو إرجافٌ، أَو تَشْوِيْهٌ، أَو إِفْساد.
وعلى قَدْرِ ضَرَرِ الشَّائِعَةِ يَعظُمُ وِزْرُها.. وإِشاعَةُ المُنْكراتِ مِن أَعظَمِ المُوبِقات.. {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ..} قالَ السَّعْدِيُّ رحمه الله: (فَإذَا كانَ هَذَا الوَعِيْدُ، لِمُجَرَّدِ مَحَبَّةِ أَنْ تَشِيْعَ الفَاحِشَةُ، واسْتِحْلاءِ ذَلِكَ بِالقَلْب، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، مِنْ إِظْهَارِهِ، وَنَقْلِه) ا.هـ
والفَاحِشَةُ.. كُلُّ ذَنْبٍ شَنِيْعٍ قَبِيْحٍ مُسْتعظَم.
يُذَكَّرُ بِذلكَ.. مَنْ لا يَتَوَرَّعُ عَنْ إِرسالِ المقاطِعِ المحرَّمَةِ.. ونَشْرِ الرَّسائِلِ بِما فيها من مُنْكَراتٍ مَسْموعَةٍ أَو مُشاهدَةٍ أَو مَقْرُوءَة.
يُرسِلُها.. فَيَتَناقَلُها مَنْ بَعدَه. فَتَشِيْعُ في النَّاسِ.. فَيَحْمِلُ من الأَوزارِ مثل أَوزارهم.
اللهم احفظ لنا ديننا..
المرفقات
1703141704_فَتَبْلُغُ الآفاق 9 ــ 6 ــ 1445هـ.docx
المشاهدات 1484 | التعليقات 2
ما شاء الله تبارك الرحمن
نفع الله بك وسدد خطاك
شيخنا الفاضل
تركي العتيبي
لله درك ياشيخ كعادتك اسلوبك مؤثر
تعديل التعليق