فانظر كيف كان عاقبة المنذرين
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
1432/07/14 - 2011/06/16 02:35AM
{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}
15/7/1432
الحَمْدُ للهِ العَلِيمِ القَدِيرِ؛ فَعَّالٍ لِمَا يُرِيدُ، شَدِيدِ المِحَالِ، عَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ؛ فَنِعَمُهُ لاَ تُعَدُّ، وَإِحْسَانُهُ لاَ يُحَدُّ، وَخَزَائِنُهُ لاَ تَنْفَدُ، كَمْ أَعْطَى مِنْ خَيْرٍ! وَكَمْ دَفَعَ مِنْ ضُرٍّ! وَمُنْذُ خَلَقَ الخَلْقَ وَهُوَ يَغْذُوهُمْ وَيَرْزُقُهُمْ، فَلَمْ يَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يَمْسِكْ رِزْقَهُ عَنْهُمْ! وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ آيَاتُهُ مُخَوِّفَةٌ، وَرَحْمَتُهُ مَرْجُوَّةٌ، وَعَذَابُهُ مَحْذُورٌ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُور[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الإسراء:57}. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى لِيُنْذِرَ النَّاسَ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ، وَيُبَلِّغَهُمْ دِينَهُمْ، وَيَدُلَّهُمْ عَلَى سُبُلِ نَجَاتِهِمْ؛ فَقَالَ لِلنَّاسِ: «إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ، فَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ؛ فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ»، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْتَبِرُوا بِنُذُرِ اللهِ تَعَالَى إِلَيْكُمْ؛ فَاتَّبِعُوا رَسُولَكُمْ، وَأَقِيمُوا دِينَكُمْ، وَخُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ، وَاحْذَرُوا أَنْ تَحُلَّ نِقْمَةُ اللهِ تَعَالَى بِكُمْ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]فَفِرُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۖ إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِين[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الذَّارِيَات:50}.
أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ سُنَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ أَّنَهُ لاَ يُؤَاخِذُهُمْ بِجَهْلِهِمْ، وَلاَ يُعَاقِبُهُمْ إِلاَّ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ، وَلاَ حَاجَةَ لَهُ سُبْحَانَهُ فِي تَعْذِيبِهِمْ؛ لِأَنَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- غَنِيٌّ عَنْهُمْ وَعَنْ أَعْمَالِهِمْ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]مَّا يَفۡعَلُ ٱللَّهُ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيم[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {النساء:147}.
وَمِنْ سُنَّتِهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يُزِيلُ جَهْلَ عِبَادِهِ بِالعِلْمِ؛ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الكُتُبَ، وَعَلَّمَهُمْ دِينَهُمْ، وَقَطَعَ مَعْذِرَتَهُمْ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]رُّسُل[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {النساء:165}.
وَحَذَّرَهُمْ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنَ التَّسَاهُلِ بِأَمْرِهِ أَوِ الجُرْأَةِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ؛ إِذْ بِذَلِكَ تُرْفَعُ عَافِيَتُهُ، وَتُسْتَجْلَبُ عُقُوبَاتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ فَتَرْكُ الطَّاعَاتِ، وَمُقَارَفَةُ المُحَرَّمَاتِ أَسْبَابٌ لِلْعُقُوبَاتِ الفَرْدِيَّةِ وَالجَمَاعِيَّةِ.
وَمِنْ رَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ بِاللاَّحِقِينَ مِنْ عِبَادِهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِأَحْوَالِ السَّابِقِينَ، وَكَشَفَ لَهُمْ مَصِيرَ الغَابِرِينَ، وَبَيَّنَ لَهُمْ عَاقِبَةَ المُكَذِّبِينَ؛ لِئَلاَّ تَتَكَرَّرَ العُقُوبَاتُ فِي البَشَرِ بِتَكَرُّرِ العِصْيَانِ؛ وَلِيَأْخُذَ المُتَأَخِّرُ العِبْرَةَ مِمَّا حَلَّ بِالمُتَقَدِّمِ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الاسْتِكْبَارِ هُمْ أَهْلُ الاسْتِكْبَارِ، وَأَهْلَ المَعْصِيَةِ هُمْ أَهْلُ المَعْصِيَةِ، لاَ يَتَغَيَّرُونَ وَلاَ يَنْتَهُونَ، فَلا يَعْتَبِرُونَ بِالآيَاتِ، وَلا يَتَّعِظُونَ بِالأَخْبَارِ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتۡ عَلَيۡهِمۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ ٩٦ وَلَوۡ جَآءَتۡهُمۡ كُلُّ ءَايَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {يونس:96-97}، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: [وَمَا تُغۡنِي ٱلۡأٓيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ
١٠١ فَهَلۡ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثۡلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ
قُلۡ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ] {يونس:101-102}.
كَمْ أُنْذِرَ قَوْمٌ بِمَنْ كَانُوا قَبْلَهُمْ؛ فَلَمْ يَعْتَبِرُوا بِهِمْ، فَسَلَكُوا مَسْلَكَهُمْ، فَذَاقُوا العَذَابَ مِثْلَهُمْ، وَحِينَ يَنْزِلُ بِهِمْ عَذَابُ اللهِ تَعَالَى يَتَذَكَّرُونَ نُصْحَ النَّاصِحِينَ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ تَذَكُّرٌ بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {غافر:85}.
وَمَا الفَائِدَةُ أَنْ يَعْلَمَ الظَّالِمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ حِينَ عَايَنَ العَذَابَ؟! وَمَاذَا يَنْفَعُ العَاصِي عِلْمُهُ بِخَطَرِ مَعْصِيَتِهِ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ العُقُوبَةُ؟! إِنَّهَا سُنَّةٌ مَكْرُورَةٌ فِي البَشَرِ، تُسْكِرُهُمُ النِّعَمُ، وَتَبْطرُ بِهِمُ العَافِيَةُ، وَتُطْبِقُ عَلَيْهِمُ الغَفْلَةُ، فَيَبْطِشُونَ بَطْشَ الجَبَّارِينَ، وَيَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا عَمَلَ الخَالِدِينَ، وَيَنْسَوْنَ أَمْرَ الدِّينِ؛ حَتَّى إِذَا نَزَلَ بِهِمْ عَذَابُ اللهِ تَعَالَى اعْتَرَفُوا بِأَنَّهُمْ كَانُوا ظَالِمِينَ، وَلَمْ يَكُنِ الغُرُورُ وَالتَّسْوِيفُ وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللهِ تَعَالَى وَعُقُوبَتِهِ قَلِيلاً فِي البَشَرِ، بَلْ هُوَ كَثِيرٌ، وَكَثِيرٌ جِدًّا؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَكَم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا فَجَآءَهَا بَأۡسُنَا بَيَٰتًا أَوۡ هُمۡ قَآئِلُونَ ٤ فَمَا كَانَ دَعۡوَىٰهُمۡ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَآ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الأعراف:4-5}.
وَالاسْتِفْهَامُ هُنَا يَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ، وَتَكْرَارِهِ فِي البَشَرِ أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ، جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ، وَأُمَّةً فِي إِثْرِ أُمَّةٍ؛ إِذْ لَوْ كَانَ قَلِيلاً لَمْ يُسْتَفْهَمْ عَنْهُ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ، فَاعْتَرَفُوا بِظُلْمِهِمْ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ قَدْ حَاقَ بِهِمْ، وَكَانَ الأَجْدَرُ بِهِمْ، وَالأَنْفَعُ لَهُمْ أَنْ يَعْتَرِفُوا بِذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ العَذَابِ، وَفِرْعَونُ لَمَّا رَأَى العَذَابَ آمَنَ فَلَمْ يَنْفَعْهُ إِيمَانُهُ.
إِنَّهَا مَأْسَاةُ البَشَرِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَأَغْلاطُهُمُ المُتَكَرِّرَةُ الَّتِي لاَ تَكَادُ تَنْفَكُّ عَنْهُمْ؛ فَإِنْ كَانُوا فِي نِعْمَةٍ لَمْ يُقَيِّدُوهَا بِشُكْرِهَا، وَاسْتَجْلَبُوا عَذَابَ اللهِ تَعَالَى بِكُفْرِهَا، فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِمُ العُقُوبَةُ أَدْرَكُوا خَطَأَهُمْ، وَتَذَكَّرُوا نُصْحَ النَّاصِحِينَ مِنْهُمْ، وَلَوْ تَقَدَّمُوا فِي عِظَتِهِمْ، وَاسْتَدْرَكُوا غَفْلَتَهُمْ، وَغَسَلُوا خَطَأَهُمْ بِتَوْبَتِهِمْ، لَرَدَّ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمُ العُقُوبَةَ، وَزَادَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ.
وَفِي مَقَامٍ آخَرَ مَشْهَدٌ مِنْ مَشَاهِدِ العَذَابِ، فِيهِ تَفْصِيلٌ أَكْثَرُ لِحَالِ المُعَذَّبِينَ حِينَ يَعْتَرِفُونَ بِظُلْمِهِمْ، وَيُحَاوِلُونَ الهَرَبَ مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ؛ [وَكَمۡ قَصَمۡنَا مِن قَرۡيَةٖ كَانَتۡ ظَالِمَةٗ وَأَنشَأۡنَا بَعۡدَهَا قَوۡمًا
ءَاخَرِينَ ١١ فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأۡسَنَآ إِذَا هُم مِّنۡهَا يَرۡكُضُونَ ١٢
لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ
تُسَۡٔلُونَ ١٣ قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ ١٤ فَمَا زَالَت تِّلۡكَ
دَعۡوَىٰهُمۡ حَتَّىٰ جَعَلۡنَٰهُمۡ حَصِيدًا خَٰمِدِينَ] {الأنبياء:11-15}.
يَا لِلَّهِ العَظِيمِ! كَمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ مِنْ عِبْرَةٍ، يَرْكُضُونَ هَارِبِينَ مِنْ بَأْسِ اللهِ تَعَالَى وَعَذَابِهِ، تَارِكِينَ أَسْبَابَ تَرَفِهِمْ وَرَاءَهُمْ، زَاهِدِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ! وَمَنْ أَبْصَرَ أَحْوَالَ النَّازِحِينَ مِنَ الحُرُوبِ وَالفَيَضَانَاتِ، وَاللاَّجِئِينَ إِلَى غَيْرِ دِيَارِهِمْ فَهِمَ هَذِهِ الآيَةَ حَقَّ الفَهْمِ.
تَأَمَّلُوا يَا عِبَادِ اللهِ اعْتِرَافَهُمْ فِي كِلا المَقَامَيْنِ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ، فَهَلاَّ كَانَ اعْتِرَافُهُمْ قَبْلَ نُزُولِ العَذَابِ بِهِمْ، وَلا سِيَّمَا أَنَّهُمْ قَدْ أُنْذِرُوا بِمَنْ كَانُوا قَبْلَهُمْ؟!
وَكَأَّنَهَا عَادَةٌ فِي البَشَرِ أَنَّهُمْ لاَ يَتَذَكَّرُونَ وَلا يَتَّعِظُونَ إِلاَّ إِنْ نَزَلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِنَ العَذَابِ، رَغْمَ عِلْمِهِمْ بِقُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَمَعْرِفَتِهِمْ بِأَخْبَارِ المُعَذَّبِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَاضْطِرَادِ هَذِهِ السُّنَنِ فِيهِمْ؛ مِمَّا يَعْنِي تَرْتِيبَ العَذَابِ عَلَى العِصْيَانِ؛ وَلِذَا يَقُولُ اللهُ تَعَالَى عَنْ هَذَا النَّوْعِ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ الأَكْثَرُ فِي البَشَرِ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الأنبياء:46}.
وَلا يُعَذِّبُ اللهُ تَعَالَى قَوْمًا حَتَّى يُنْذِرَهُمْ، سَوَاءٌ كَانَتْ نُذُرُهُ سُبْحَانَهُ إِلَيْهِمْ رُسُلاً مِنْهُمْ يَبْعَثُهُمْ وَيُؤَيِّدُهُمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِمْ، كَمَا أَنْذَرَ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ بَعْدَهُ أَقْوَامَهُمْ عَذَابَ اللهِ تَعَالَى، فَكُلُّ نَبِيٍّ أَخْبَرَ قَوْمَهُ أَنَّهُ نَذِيرٌ لَهُمْ، وَيَقُومُ بِهَذِهِ المُهِمَّةِ الإِصْلاحِيَّةِ بَعْدَ الرُّسُلِ أَتْبَاعُهُمْ مِنَ العُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ بِإِنْذَارِ النَّاسِ مِنْ عَذَابِ اللهِ تَعَالَى إِذَا رَأَوْهُمْ عَلَى المَعَاصِي.
وَمِنْ نُذُرِ اللهِ تَعَالَى لِلنَّاسِ مَا يَكُونُ آيَاتٍ كَوْنِيَّةً يُخَوِّفُهُمْ سُبْحَانَهُ بِهَا؛ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّا تَخۡوِيف[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ا[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الإسراء:59}.
وَهَذِهِ الآيَاتُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ العَذَابِ وَالإِتْلاَفِ؛ كَالزَّلازِلِ وَالرِّيحِ، وَالأَعَاصِيرِ وَالغَرَقِ، وَقَدْ تَكُونُ مُجَرَّدَ تَخْوِيفٍ لِئَلاَّ يَتَمَادَوْا فِي طُغْيَانِهِمْ؛ كَالْكُسُوفِ وَالخُسُوفِ، فَقَدْ جَاءَ فِيهِمَا قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِمَا عِبَادَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَكُلُّ المُعَذَّبِينَ مِنْ قَبْلُ، مَا عُذِّبُوا إِلاَّ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْبَهُوا بِنُذُرِ اللهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَسْتَمِعُوا إِلَى نُصْحِ النَّاصِحِينَ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا بِهَلاكِ مَنْ كَانُوا قَبْلَهُمْ، وَلَمْ يَخَافُوا مِنْ تَخْوِيفِ اللهِ تَعَالَى لَهُمْ بِآيَاتٍ فِيهَا مَسٌّ مِنْ عَذَابٍ، أَوْ فِيهَا تَخْوِيفٌ لِلْعِبَادِ؛ وَلِذَا ذَيَّلَ اللهُ تَعَالَى قِصَّةَ هَلاَكِ قَوْمِ نُوحٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- بِالغَرَقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {يونس:73}. وَذَيَّلَ قِصَّةَ هَلاكِ قَوْمِ لُوطٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِم مَّطَر[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٗ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]اۖ فَسَآءَ مَطَرُ ٱلۡمُنذَرِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الشعراء:173}، فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُنْذَرِينَ، وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ نُذُرَهُ فَمَا حَفَلُوا بِهَا؛ فَحَقَّ عَلَيْهِمُ العَذَابُ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ عَامَّةٌ فِي المُعَذَّبِينَ، فَمَا أَهْلَكَهُمُ اللهُ تَعَالَى إِلاَّ بَعْدَ إِنْذَارِهِمْ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ مُخْبِرًا عَنْ كُفَّارِ مَكَّةَ: [وَلَقَدۡ ضَلَّ قَبۡلَهُمۡ أَكۡثَرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٧١ وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا فِيهِم
مُّنذِرِينَ ٧٢ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُنذَرِينَ] {الصَّفات:71-73}، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الصَّفات:74}، وَهُمُ الَّذِينَ اعْتَبَرُوا بِنُذُرِ اللهِ تَعَالَى إِلَيْهِمْ، فَأَخَذُوا بِأَسْبَابِ نَجَاتِهِمْ، وَنَفَى اللهُ تَعَالَى وُقُوعَ الإِهْلاكِ إِلاَّ بَعْدَ الإِنْذَارِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ هِيَ سُنَّتُهُ فِي عِبَادِهِ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَمَآ أَهۡلَكۡنَا[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الشعراء:208}.
وَأَكَّدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ السُّنَّةَ الرَّبَّانِيَّةَ فِي مُعَامَلَةِ اللهِ تَعَالَى لِلْبَشَرِ بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَنْ يَهْلِكَ النَّاسُ حَتَّى يُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ»رَوَاهُ أَحْمَدُ؛ أَيْ: حَتَّى يَرْجِعُوا بِاللَّوْمِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ كَثْرَةِ ذُنُوبِهِمْ، ويَعْذِرُوا مُؤَاخِذَهُمْ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْهُمْ؛ فَفِي رُجُوعِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِاللَّوْمِ بَيَانُ عُذْرِ اللهِ -جَلَّ جَلالَهُ- فِي مُؤَاخَذَتِهِمْ وَمُعَاقَبَتِهِمْ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُجَنِّبَنَا سُخْطَهُ، وَأَنْ يُدِيمَ عَلَيْنَا عَافِيَتَهُ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ المُعْتَبِرِينَ بِنُذُرِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]أَفَرَءَيۡتَ إِن مَّتَّعۡنَٰهُمۡ سِنِينَ ٢٠٥ ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ ٢٠٦ مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ ٢٠٧ وَمَآ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ ٢٠٨ ذِكۡرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَٰلِمِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الشعراء:205-209}.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيم[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {البقرة:235}.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، قَدْ يُصِيبُ اللهُ تَعَالَى البَشَرَ بِشَيْءٍ مِنَ النَّقْصِ أَوِ العَذَابِ غَيْرِ المُهْلِكِ؛ لِيَكُونَ إِيقَاظًا لَهُمْ؛ كَهَلاكِ بَعْضِهِمْ، أَوْ تَلَفِ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ نَقْصِ مَوَارِدِهِمْ، أَوِ اضْطِرَابِ أَحْوَالِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى:[وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ
لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ] {السجدة:21}.
وَمِنْهُ مَا يَكُونُ عَذَابًا دُونَ الإِهْلاكِ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ هَلاكًا لِبَعْضِهِمْ لِيَعْتَبِرَ بِهِ بَقِيَّتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَيَّلَ الآيَةَ بِبَيَانِ حِكْمَةِ هَذَا العَذَابِ الأَدْنَى وَهِيَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ لِاتِّقَاءِ العَذَابِ الأَكْبَرِ؛ فقال /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman.
وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ تَلَفُ ثِمَارِ أَصْحَابِ الجَنَّةِ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِينَ ١٧ وَلَا يَسۡتَثۡنُونَ ١٨ فَطَافَ عَلَيۡهَا طَآئِفٞ مِّن رَّبِّكَ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs][font=times new roman] [/font][/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَهُمۡ نَآئِمُونَ ١٩ فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِيمِ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {القلم:17-20}، لَكِنْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ العَذَابَ أَصَابَ ثِمَارَهُمْ سَبَّحُوا اللهَ تَعَالَى وَتَابُوا إِلَيْهِ مِنْ ظُلْمِهِمْ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]قَالُواْ سُبۡحَٰنَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {القلم:29}، وَكَانَ مِنْ نَتِيجَةِ ذَلِكَ أَنْ قَالُوا: /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَٰغِبُونَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {القلم:32}.
وَقَدْ حَذَّرَ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ مِنَ اسْتِعْجَالِ العَذَابِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ نَزَلَ بِهِمْ نَدِمُوا، فَلاَ يَنْفَعُهُمْ حِينَهَا النَّدَمُ، وَلا يَسْتَعْجِلُ عَذَابَ اللهِ تَعَالَى إِلاَّ مَنِ اسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ شَكَّ فِي قُدْرَتِهِ، كَمَا هُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنَ المُنَافِقِينَ فِي عَصْرِنَا، حِينَ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى العِصْيَانِ، وَيَسْخَرُونَ مِمَّنْ يُحَذِّرُهُمْ مِنَ العَذَابِ، وَيُفَسِّرُونَ نُذُرَ اللهِ تَعَالَى الكَوْنِيَّةَ تَفْسِيرَاتٍ مَادِّيَّةً يُزِيلُونَ مِنْهَا خُصُوصِيَّةَ التَّخْوِيفِ؛ ليُؤَمِّنُوا النَّاسَ مِنْ مَكْرِ اللهِ تَعَالَى، حَتَّى يَنْزِلَ بِهِمُ العَذَابُ وَهُمْ غَافِلُونَ كَمَا نَزَلَ بِالسَّابِقِينَ، وَمَا أَهْلَكَ الأُمَمَ السَّابِقَةَ إِلاَّ طَاعَةُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ المُسْتَكْبِرِينَ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]أَفَبِعَذَابِنَا يَسۡتَعۡجِلُونَ١٧٦ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمۡ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلۡمُنذَرِينَ[/font][/color][font=times new roman][font=al-quranalkareem {الصَّفات:176-177}.
إِنَّنَا يَا عِبَادَ اللهِ فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الفِتَنُ، وَتَعَاظَمَتِ المِحَنُ، وَتَوَالَتْ عَلَيْنَا النُّذُرُ، وَاضْطَرَبَتِ البُلْدَانُ مِنْ حَوْلِنَا، وَاسْتَحَرَّ القَتْلُ فِي النَّاسِ، فَأَخْبَارُ الصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ تَنْقُلُ مَشَاهِدَ الدِّمَاءِ وَهِيَ تَنْزِفُ، وَالجُثَثَ وَهِيَ تَمْلَأُ الطُّرُقَاتِ فِي لِيبْيَا وَسُورِيَّا وَاليَمَنِ وَغَيْرِهَا.
وَأَحْوَالُ الاقْتِصَادِ العَالَمِيِّ فِي كَسَادٍ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى حُرُوبٍ وَنِزَاعَاتٍ، وَالأَوْضَاعُ الإِقْلِيمِيَّةُ فِي غَايَةِ التَّوَتُّرِ، وَالنَّاسُ فِي تَرَقُّبٍ، وَآيَاتُ اللهِ تَعَالَى الكَوْنِيَّةُ تُتَابَعُ عَلَى النَّاسِ، وَلَيْسَ آخِرَهَا الزَّلازِلُ المُتَكَرِّرَةُ، وَلا الكُسُوفُ وَالخُسُوفُ المُتَتَابِعُ، كُلُّ هَذِهِ نُذُرٌ لِمَنْ هُمْ فِي عَافِيَةٍ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَثُوبُوا إِلَى رُشْدِهِمْ، وَيُرَاجِعُوا دِينَهُمْ، وَلَكِنْ وَيَا لَلأَسَفِ! مَا تَكَرَّرَ فِي السَّابِقِينَ مِنَ الغَفْلَةِ يَقَعُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَهْلُ النِّفَاقِ وَالشَّهَوَاتِ تَؤُزُّهُمْ شَيَاطِينُهُمْ وَيَجْلِبُونَ بِخَيْلِهِمْ وَرَجْلِهِمْ فِي مُحَارَبَةِ دِينِ اللهِ تَعَالَى، وَأَذِيَّةِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَتَعْبِيدِ طُرُقِ الفَسَادِ المُؤَدِّي إِلَى العَذَابِ وَالهَلاكِ، بِإِفْسَادِ المَرْأَةِ وَدَعْوَتِهَا إِلَى التَّمَرُّدِ عَلَى الحَيَاءِ وَالعِفَّةِ وَالحِجَابِ، وَرَفْضِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي فِيهَا صِيَانَتُهَا، وَيُحَاوِلُونَ فَرْضَ الاخْتِلاطِ عَلَى النَّاسِ بِالقُوَّةِ، وَإِفْسَادِهِمْ بِأَيِّ طَرِيقٍ، وَفِي النَّاسِ ضُعَفَاءُ سَمَّاعُونَ لَهُمْ.
يَجْتَرِئُونَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَيُحَارِبُونَ شَرِيعَتَهُ، وَيُعَادُونَ أَوْلِيَاءَهُ فِي وَقْتٍ تَتَابَعَتْ فِيهِ النُّذُرُ عَلَيْنَا، وَاضْطَرَبَتْ أَحْوَالُ البُلْدَانِ مِنْ حَوْلِنَا، وَيُوشِكُ الخَطَرُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْنَا، وَلاَ يَعْتَبِرُونَ بِذَلِكَ، وَلاَ ثَمَّةَ مَنْ يَرْدَعُهُمْ عَنْ غَيِّهِمْ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُجَنِّبَنَا العَذَابَ، فَإِنْ وَقَعَ فَهُمْ سَبَبُهُ، مَعَ سُكُوتِ النَّاسِ عَنْ إِفْسَادِهِمْ، وَلَنْ تَنْجُوَ البِلادُ إِلاَّ بِالمُصْلِحِينَ المُحْتَسِبِينَ الَّذِينَ يَقِفُونَ عَثْرَةً فِي طَرِيقِ إِفْسَادِهِمْ، وَيُبَيِّنُونَ لِلنَّاسِ مُخَطَّطَاتِهِمْ، وَيَحْتَسِبُونَ عَلَيْهِمْ، وَيُحَذِّرُونَ العِبَادَ مِنْهُمْ؛ /font][/font][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡم[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs]ٖ[/font][/color][color=black][font=kfgqpc uthmanic script hafs] وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ[/font][/color][font=al-quranalkareem][font=times new roman {هود:117}.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ.
المرفقات
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُنْذَرِينَ.doc
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُنْذَرِينَ.doc
المشاهدات 3946 | التعليقات 5
وإياك أخي خطيب وشكر الله تعالى لك
لقد خطبة بهذه الخطبة المميزة الرائعة بارك الله فيك وفي جهودك
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا وبارك في علمك ونفع بك
جزاكما الله تعالى خير الجزاء يا شيخ منصور ويا شيخ شبيب وشكر لكما تعليقكما واستجاب دعاءكما.. آمين..
خطيب خطيب
بيض الله وجهك يا شيخ ابراهيم على هذه الخطبة الطيبة
تعديل التعليق