غض البصر
البليغ البليغ
1433/08/22 - 2012/07/12 08:20AM
تأخر الشيخ الموفق ( إبراهيم الحقيل ) عن عادته في إنزال خطبته، ولأني من المعجبين به وبطرحه فقد أعددت
هذه الخطبة التي انتقيتها من خطبتين قديمتين له وجمعتها في خطبة واحدة مع تصرف يسير.
أسأل أن ينفع بها، وأن يكتب للجميع أجرها.
إنها فتنة إطلاق البصر في المحرمات.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من شر أبصارنا، وأن يرزقنا غضها عما حرم علينا، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصيته، وبفضله عمن سواه، إنه سميع مجيب. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين..
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
أيها الناس: إن من أهم أسباب حفظ البصر من الحرام اجتناب فضول النظر، ومفارقة المجالس التي فيها شاشات تعرض صور النساء، وليعود المرء نفسه على اجتناب كثرة الالتفات والنظر ، ولا سيما إذا كان في سوق أو طريق أو نحوه؛ فإن ذلك من سوء الأدب، ويؤدي إلى الوقوع في المحرم من النظر..
إن شأن البصر في هذا الزمن يحتاج إلى مجاهدة ومصابرة؛ لكثرة الداعي إلى المحرمات، ومن جاهد نفسه على ذلك أعانه الله تعالى، فمن جاهد نفسه على العفة مع قوة دواعي الشهوة أعفه الله تعالى، وصبَّره عن شهواته، وأغناه بحلاله عن حرامه؛ لأن من معاملة الله تعالى لخلقه أنه ما ترك عبد شيئاً لله تعالى إلا عوضه الله تعالى خيراً مما ترك.
عباد الله : يجيء التذكير بغض البصر لأن لصوص رمضان من أهل الفضائيات والإعلام عودونا على سرقة صيام الصائمين، وإتلاف أجر القائمين، بمشاهد فاضحة، وبرامج هازلة، ومسلسلات غير هادفة، يحضرون لها منذ شوال الماضي؛ لإفساد رمضان الاتي ، كما هي عادتهم في كل عام، فمن أسلم قياده لهم، واستسلم لبرامجهم؛ فقد بخس من أجره بقدر ما حضر منها،ومن صان بصره وبصر أهل بيته عن برامجهم، وأشغل نفسه وأهله في طاعة الله تعالى؛ فقد عرف حقيقة رمضان، وحظي بلذة الصيام والقيام؛ ذلك أن ترك المشتهيات فيه هو لأجل الله تعالى، ومنها شهوات النظر المحرم، قال الله عز وجل في الحديث القدسي:«الصَّوْمُ لي وأنا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ من أَجْلِي وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ»رواه الشيخان.
ومن يدري فلعله يَسْتَجِنُ في رمضانَ من محرمات النظر التي ألفها في كل العام، فيوفق لتوبة نصوح مما حرم الله تعالى عليه، ويعوض بطاعة يجد لها لذة لا يجدها في سواها.
نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان، وأن يسلمنا إلى رمضان، وأن يسلم لنا رمضان، وأن يتسلمه منا متقبلاً، إنه سميع قريب عِبَادَ اللهِ: صَلُّوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَبُّكُمُ الْعَلِيُّ الْقَدِيرُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فاللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم ارزقنا مرافقته في جناتك يا رب العالمين اللهم ارزقنا شفاعته واحشرنا في زمرته يا أرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، ودمر أعداءك أعداء الدين ، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان ناصرا ومعينا ومؤيدا وظهيرا، اللهم ارحم ضعفهم واحفظهم ياذا الجلال والإكرام، اللهم وعليك بالمفسدين والظلمة المتجبرين اللهم اسلبهم قوتهم ، وأدر الدائرة عليهم ،اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم واقتلهم بسلاحهم يا ذا القوة المتين اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفقهم لهداك واجعل عملهم في رضاك ، اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين والحقنا بالصالحين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب . عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ،ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
هذه الخطبة التي انتقيتها من خطبتين قديمتين له وجمعتها في خطبة واحدة مع تصرف يسير.
أسأل أن ينفع بها، وأن يكتب للجميع أجرها.
خطبة 23-8-1433
الحمد لله الخلاق العليم؛ (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) نحمده على نعمه ونشكره ؛ فهو خالقنا ورازقنا وكافينا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛أتوب إليه وأستغفره خلقنا في أحسن تقويم، وشق أسماعنا وأبصارنا فتبارك الله أحسن الخالقين.
قد أثقلتْ ظهريْ الذنوبُ
وسوّدتْ صُحفي العيوبُ
وسِترُ عفوِكَ شاملُ
ها قد أتيتُ وحُسنُ ظني شافعي
ووسائلي ندمٌ ودمعٌ سائلُ
فاغفرْ لعبدِكَ ما مضى
وارْزُقْهُ توفيقاً لما ترضى
فَفَضْلُكَ كاملُ
وافعلْ به ما أنت أهلُ جميلهِ
والظنُ كلُ الظنِ أنك فاعلُ.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وراقبوه، واعلموا أنه قادر عليكم، عالم بكم، أقرب شيء إليكم (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ).
عباد الله : فتنةٌ عمتِ الأمصارَ ، ومصيبةٌ نزلتْ بكلِ الأقطارِ، وصارتْ أمامَ القلوبِ والأبصارِ، تُذهبُ الإيمانَ، وتزرعُ الشرَ وتورثُ الخسران ، انغمسَ في أوحالها الصغيرُ والكبير ، ولم يسلم منها إلا القليل، تنوعت مصادرُهَا ، وتلونتْ مفاتنُهَا، فمرة تأتي ثابتةً، وأخرى متحركةً ،محنةٌ اذهلتْ العقول، وصهرت القلوب ،ونشرت الفسوق ، فهل أنت ناجٍ منها ؟ أم أنت ممن انغمس في أوحالها؟ الحمد لله الخلاق العليم؛ (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) نحمده على نعمه ونشكره ؛ فهو خالقنا ورازقنا وكافينا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛أتوب إليه وأستغفره خلقنا في أحسن تقويم، وشق أسماعنا وأبصارنا فتبارك الله أحسن الخالقين.
قد أثقلتْ ظهريْ الذنوبُ
وسوّدتْ صُحفي العيوبُ
وسِترُ عفوِكَ شاملُ
ها قد أتيتُ وحُسنُ ظني شافعي
ووسائلي ندمٌ ودمعٌ سائلُ
فاغفرْ لعبدِكَ ما مضى
وارْزُقْهُ توفيقاً لما ترضى
فَفَضْلُكَ كاملُ
وافعلْ به ما أنت أهلُ جميلهِ
والظنُ كلُ الظنِ أنك فاعلُ.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وراقبوه، واعلموا أنه قادر عليكم، عالم بكم، أقرب شيء إليكم (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ).
إنها فتنة إطلاق البصر في المحرمات.
أيها المسلمون: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأَعَمَرُ طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله.قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " النّظر داعية إلى فساد القلب، قال بعض السلف: النظر سهمُ سمٍّ إلى القلب ".فإذا تقرر ذلك -أيها الإخوة- وعُلم ما في إطلاق البصر بالنظر من الخطر على الناس رجالاً ونساء؛ فإن المحنة بذلك شديدة في هذا العصر، والبلاء به عظيم؛ إذ إن من أكبر سمات هذا العصر: كثرة النساء السافرات المتبرجات، وانتشار ظاهرة العري والاختلاط في الأرض، ولو قيل: إن أكثر معصية يقع فيها الناس في هذا الزمن هي إطلاق البصر في المحرمات لما كان ذلك بعيداً؛ إذ إن المحرمات تحاصر الناس في كل مكان؛ فالأسواق تعج بالمتبرجات المستعرضات اللائي يفتنَّ الناس، والشواطئ والمتنزهات فيها من سفور النساء واختلاطهن بالرجال ما لا يخفى على أحد، وفي المطارات والطائرات ما هو أكثر من ذلك، ومن سافر خارج البلاد فلا تكاد عينه تقع إلا على حرام، ولا تسلم من ذلك إلا في فترات النوم؛ إذ إن التكشف والعري هو صفة أكثر بلاد الدنيا.
وأعظم من ذلك أن معصية النظر إلى المحرمات قد تقحَّمت على الناس بيوتهم، وغزتهم في مجالسهم وفرشهم؛ من خلال الأجهزة الحديثة التي صارت مع الصغير والكبير والرجل والمرأة هذه الأجهزة التي تعج بملايين الصور للنساء الرخيصات اللواتي يعرضن أجسادهن ومفاتنهن بألوان وأشكال متعددة ، حتى أضحت صناعة الفتنة بالمرأة بضاعة رائجة في الإعلام والتجارة؛ لإفساد قلوب الناس، وزيادة آثامهم، والإمعان في إضلالهم، وكم من قلب سليم معافى راح ضحية لهذه الصور والأفلام؟! ففسد بعد الصلاح، وانتكس بعد الرشاد، فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، ولا عصمة إلا به سبحانه أمام هذا البلاء الذي عمَّ وطمَّ في هذا العصر، فلم يسلم منه إلا النادر من الناس.
إخوة الإيمان : إن التلذذ بالنظر المحرم إلى النساء بالنسبة للرجال، أو للرجال بالنسبة للنساء سواء كان ذلك مباشرة أو في الأفلام أو في الصور أو غير ذلك - هو نوع زناً يقع فيه العبد لا محالة؛ لقوة الداعي، وضعف النفس، وغلبة الهوى، وتسلط الشيطان، وتعدد وسائل الإغراء والإغواء؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الله كَتَبَ على ابن آدَمَ حَظَّهُ من الزِّنَا أَدْرَكَ ذلك لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تتمنى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك كُلَّهُ أو يكذبه " رواه الشيخان. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة تُقْبِلُ في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان، وما ذاك إلا لعظيم افتتان الرجل بها قال العلماء: " معناه: الإشارة إلى الهوى، والدعاء إلى الفتنة بها؛ لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والتلذذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقاً ".
وفتنة الرجل بالنساء أعظم من فتنته بأي شيء آخر، كما في حديث أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ على الرِّجَالِ من النِّسَاءِ " متفق عليه. وهي أول فتنة وقع فيها بنو إسرائيل كما جاء في الحديث.
عباد الله : ونحن في زمن أضحى كبح النفس فيه عسيراً، وغض البصر ثقيلاً؛ فإن كثرة الإمساس أذهبت إحساس كثير من الناس، والواجب على العباد مجاهدة نفوسهم على غض الأبصار، ومجانبة ما يُظَنُّ فيه كثرة الحرام قدر المستطاع، مع دوام التوبة والاستغفار، وعدم اليأس والاستسلام للشيطان؛ فإنه إن ظفر اليوم بإصرار العبد على إطلاق بصره في الحرام، والتلذذ به؛ قاده غداً إلى الفاحشة الكبرى، قال ابن الجوزي:«اعلم وفقك الله أنك إذا امتثلت المأمور به من غض البصر عند أول نظرة سلمت من آفات لا تحصى، فإذا كررت النظر لم تأمن أن يَزرع في قلبك زرعا يصعب قلعه، فإن كان قد حصل ذلك فعلاجه الْحِمْيَةُ بالغض فيما بعد، وقطع مراد الفكر بسد باب النظر».وأعظم من ذلك أن معصية النظر إلى المحرمات قد تقحَّمت على الناس بيوتهم، وغزتهم في مجالسهم وفرشهم؛ من خلال الأجهزة الحديثة التي صارت مع الصغير والكبير والرجل والمرأة هذه الأجهزة التي تعج بملايين الصور للنساء الرخيصات اللواتي يعرضن أجسادهن ومفاتنهن بألوان وأشكال متعددة ، حتى أضحت صناعة الفتنة بالمرأة بضاعة رائجة في الإعلام والتجارة؛ لإفساد قلوب الناس، وزيادة آثامهم، والإمعان في إضلالهم، وكم من قلب سليم معافى راح ضحية لهذه الصور والأفلام؟! ففسد بعد الصلاح، وانتكس بعد الرشاد، فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، ولا عصمة إلا به سبحانه أمام هذا البلاء الذي عمَّ وطمَّ في هذا العصر، فلم يسلم منه إلا النادر من الناس.
إخوة الإيمان : إن التلذذ بالنظر المحرم إلى النساء بالنسبة للرجال، أو للرجال بالنسبة للنساء سواء كان ذلك مباشرة أو في الأفلام أو في الصور أو غير ذلك - هو نوع زناً يقع فيه العبد لا محالة؛ لقوة الداعي، وضعف النفس، وغلبة الهوى، وتسلط الشيطان، وتعدد وسائل الإغراء والإغواء؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الله كَتَبَ على ابن آدَمَ حَظَّهُ من الزِّنَا أَدْرَكَ ذلك لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تتمنى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك كُلَّهُ أو يكذبه " رواه الشيخان. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة تُقْبِلُ في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان، وما ذاك إلا لعظيم افتتان الرجل بها قال العلماء: " معناه: الإشارة إلى الهوى، والدعاء إلى الفتنة بها؛ لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والتلذذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقاً ".
وفتنة الرجل بالنساء أعظم من فتنته بأي شيء آخر، كما في حديث أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ على الرِّجَالِ من النِّسَاءِ " متفق عليه. وهي أول فتنة وقع فيها بنو إسرائيل كما جاء في الحديث.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من شر أبصارنا، وأن يرزقنا غضها عما حرم علينا، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصيته، وبفضله عمن سواه، إنه سميع مجيب. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين..
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
أيها الناس: إن من أهم أسباب حفظ البصر من الحرام اجتناب فضول النظر، ومفارقة المجالس التي فيها شاشات تعرض صور النساء، وليعود المرء نفسه على اجتناب كثرة الالتفات والنظر ، ولا سيما إذا كان في سوق أو طريق أو نحوه؛ فإن ذلك من سوء الأدب، ويؤدي إلى الوقوع في المحرم من النظر..
إن شأن البصر في هذا الزمن يحتاج إلى مجاهدة ومصابرة؛ لكثرة الداعي إلى المحرمات، ومن جاهد نفسه على ذلك أعانه الله تعالى، فمن جاهد نفسه على العفة مع قوة دواعي الشهوة أعفه الله تعالى، وصبَّره عن شهواته، وأغناه بحلاله عن حرامه؛ لأن من معاملة الله تعالى لخلقه أنه ما ترك عبد شيئاً لله تعالى إلا عوضه الله تعالى خيراً مما ترك.
عباد الله : يجيء التذكير بغض البصر لأن لصوص رمضان من أهل الفضائيات والإعلام عودونا على سرقة صيام الصائمين، وإتلاف أجر القائمين، بمشاهد فاضحة، وبرامج هازلة، ومسلسلات غير هادفة، يحضرون لها منذ شوال الماضي؛ لإفساد رمضان الاتي ، كما هي عادتهم في كل عام، فمن أسلم قياده لهم، واستسلم لبرامجهم؛ فقد بخس من أجره بقدر ما حضر منها،ومن صان بصره وبصر أهل بيته عن برامجهم، وأشغل نفسه وأهله في طاعة الله تعالى؛ فقد عرف حقيقة رمضان، وحظي بلذة الصيام والقيام؛ ذلك أن ترك المشتهيات فيه هو لأجل الله تعالى، ومنها شهوات النظر المحرم، قال الله عز وجل في الحديث القدسي:«الصَّوْمُ لي وأنا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ من أَجْلِي وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ»رواه الشيخان.
ومن يدري فلعله يَسْتَجِنُ في رمضانَ من محرمات النظر التي ألفها في كل العام، فيوفق لتوبة نصوح مما حرم الله تعالى عليه، ويعوض بطاعة يجد لها لذة لا يجدها في سواها.
نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان، وأن يسلمنا إلى رمضان، وأن يسلم لنا رمضان، وأن يتسلمه منا متقبلاً، إنه سميع قريب عِبَادَ اللهِ: صَلُّوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَبُّكُمُ الْعَلِيُّ الْقَدِيرُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فاللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم ارزقنا مرافقته في جناتك يا رب العالمين اللهم ارزقنا شفاعته واحشرنا في زمرته يا أرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، ودمر أعداءك أعداء الدين ، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان ناصرا ومعينا ومؤيدا وظهيرا، اللهم ارحم ضعفهم واحفظهم ياذا الجلال والإكرام، اللهم وعليك بالمفسدين والظلمة المتجبرين اللهم اسلبهم قوتهم ، وأدر الدائرة عليهم ،اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم واقتلهم بسلاحهم يا ذا القوة المتين اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفقهم لهداك واجعل عملهم في رضاك ، اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين والحقنا بالصالحين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب . عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ،ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.