غزوة تبوك + الحث على التحصين مناسبة للجوال
د. ماجد بلال
خطبة غزوة تبوك + الحث على التحصين
ماجد بلال -جامع الرحمن /تبوك 27/ 12/ 1442هـ
الخطبة الأولى:
أهمية الغزوة:
عباد الله ما أعظم السيرة وما أجملها وما أعظم أهميتها في الحياة، فلقد كان الصحابة يقولون كانوا يعلموننا المغازي كما يعلموننا السورة من القرآن، وإنَّ مِن أعظمِ أحداثِ السيرةِ غزوةً مَيَّز الله بها بين الصادقين والمنافقينَ، بين الخبيث والطيب (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران: 179].
موجز الغزوة:
غزوة خرج النبي –صلى الله عليه وسلم- إليها بنفسه، فكانت آخرَ غزوة غزاها النبي –صلى الله عليه وسلم- ومعه ثلاثون ألفاً من أصحابه،، ولم يتخلف عن هذه الغزوة إلا من عذر اللهُ تعالى، أو منافقٌ كَذَبَ اللهَ ورسولَه، أو الثلاثة الذين ابتلاهم الله، ثم تاب عليهم.
أمَّا جهة الغزوة فهي جهة بعيدة، وطرقٌ وعرةٌ صعبةٌ في أطراف الجزيرة العربية الشمالية في منطقة تبوك.
ظروف الغزوة:
أعلم النبيّ –صلى الله عليه وسلم- الصَّحابَةَ جهتها ومكانها، وكان من عادته إذا خرجَ لغزوة ورَّى بغيرها إلا في هذه الغزوة لبُعْدِ مكانها وصعوبة الوصول إليها، فأعلمَ الصَّحابَة بها ليكونوا مستعدينَ لما أقبلوا عليه
خرج النبي –صلى الله عليه وسلم- في صيفِ السنةِ التاسعةِ من الهجرة لمواجهةِ أكبرِ جيشٍ تعرَّض للمسلمينَ، وأقوى قوة عسكرية في وقتها تعادي في الدين، قوة الرومان؛ حيث حَشَدت النصارى حشودَها، وجمعت جيشاً بلغ الأربعين ألفاً، فجلبت معها من تنصَّر من قبائل العرب المجاورةِ لها.
فكانَ المسلمونَ أمامَ جيشٍ عَظيم، وخَطَرٍ داهِمٍ جسيمٍ قوةٌ متكبرةٌ.
كَانَتْ غَزْوَةً مَلِيئَةً بِالْأَحْدَاثِ، حتى سميت بغزوة العسرة لما كان فيها من الْعُسْرَةِ وَالْمَشَقَّةِ، لفتها الْعُسْرَةَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَأَحَاطَتْ بِهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ; فَوَقَتْهَا عُسْرَةً; إِذْ كَانَتْ فِي حَمَارَةِ الْقَيْظِ، وَشِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا أَشَدَّ الْمَسِيرَ تَحْتَ وَهَجِ الشَّمْسِ اللَّافِحَةِ، وَفَوْقَ الْأَرْضِ السَّاخِنَةِ!! وَكَانَتْ شِدَّةُ الْحَرِّ تَدْعُو إِلَى الْمُقَامِ فِي الْمَدِينَةِ، ذَاتِ الْمَاءِ الطَّيِّبِ، وَثِمَارِ الصَّيْفِ الْيَانِعَةِ، فَلَا يَخْرُجُ لِلْغَزْوِ فِي هَذَا الْوَقْتِ إِلَّا مُؤْمِنٌ يَدْفَعُهُ إِيمَانُهُ إِلَى تَقْدِيمِ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لَذَّةِ الْحَيَاةِ، وَالِاسْتِمْتَاعِ بِطَيِّبَاتِهَا.
ومع هذه الظروفِ يأتي القرارُ التوجيه من النبي –صلى الله عليه وسلم- بوجوب النفر لقتالِ الرُّومِ ؛ لأنه رأى أنها معركةٌ فاصِلَةٌ تقطع دابر المعاندين، وتجهز على بقية أعداء الدين، وتنهي أطماع حثالة المنافقين.
استنفار الصحابة :
ولقد أبلى الصحابة مع نبيهم –صلى الله عليه وسلم-، أبلوا في هذه الغزوة بلاءً حسناً مستجيبين لقوله تعالى (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [التوبة: 41].
وقوله: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) [التوبة: 123]، فلمَّا قلَّ المالُ، وأتت هذه الغزوة في ظرف اقتصادي شديد على الدولة الإسلامية، حتى سُمِّي ذلك الجيش بجيش العُسرة سارع أغنياء الصحابة فقدَّموا أموالهم، وعرضوا تجارتهم مع الله التجارة الرابحة،
فجاء أبو بكرٍ الصديق -رضي الله تعالى عنه- بماله كُله، فقال له رسول الله-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «هَلْ أبْقيْتَ لأَهلِك شيئًا»، فأجاب أبو بكر بيقينٍ ثابت: "أبقيت لهم الله ورسوله" , ثُمَّ جاء عُمر فتصدق بنصف ماله رغبةً في سبق كل أحد، فوجد أبا بكرٍ قد سبقه،
وجاء عثمان - رضي الله عنه – لما بلغه قول النبي –صلى الله عليه وسلم- من جهَّز جيش العسرة فله الجنة، ما كان منه إلا أن أتَى بألف دينارٍ فصبها في حجر النبي –صلى الله عليه وسلم-، وقدَّم معوناتٍ أخرى للجيش كالإبلٍ وعُدَّتها فأعجب بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: "ما ضرَّ ابنَ عفان ما عمل بعد اليوم".
وجاء عبد الرحمن بن عوف فأنفق نصف أمواله.
بل لم يقف الحدُّ عند صدقات الأغنياء، فهاهم فقراء الصحابة يسارعون ويتطوعون بما يستطيعون، فقد جاء أبو خيثمة الأنصاري بصاع تمرٍ، فلمزه المنافقون، وجاء أبو عقيلٍ بنصف صاعٍ، حتى قال المنافقون: "إنَّ الله لغني عن صدقة هذا"!
البكاؤون:
وبينا كَانَ الْأَغْنِيَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ يَتَجَهَّزُونَ وَيُجَهِّزُونَ، والْفُقَرَاءُ لَا يَجِدُونَ، واشْتَاقُوا لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنْ أَعْجَزَتْهُمُ الْوَسَائِلُ الَّتِي تُبْلِغُهُمُ الْمَيْدَانَ، فَسَحَّتْ أَعْيُنُهُمْ بِالدَّمْعِ لِهَذَا الْحِرْمَانِ، كَانَ مِنْهُمْ عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ بَكَى، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَصَدَّقُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلِمَةٍ أَصَابَنِي فِيهَا فِي مَالٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ عِرْضٍ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَبْشِرْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ كُتِبَتْ فِي الزَّكَاةِ الْمُتَقَبَّلَةِ"، ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَوَصَلَهُ الْحَافِظُ.
لَقَدْ كَانَ عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ وَاحِدًا مِنْ سَبْعَةِ رِجَالٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عُرِفُوا بِالْبَكَّائِينَ، أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطْلُبُونَ مِنْهُ مَا يَخْرُجُونَ عَلَيْهِ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ، فَلَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، فَبَكَوْا لِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) [التَّوْبَةِ: 91 - 92].
لا اله الا الله يبكون لأنهم لم يشاركوا في القتال في ملاقاة العدو، لَمْ يَفْرَحُوا بِتَخَلُّفِهِمْ ، وَمَعَ أَنَّهُمْ عُذِرُوا وَلَمْ يَخْرُجُوا لِلْغَزْوِ، فَإِنَّ قُلُوبَهُمْ كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذَكَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَسِيرِ خَبَرَهُمْ فَقَالَ: " إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ "، قَالُوا: " يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟! "، قَالَ: " وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
موقف المنافقين:
وكان المنافقون يثبطونَ أهلَ الخيرِ عن خيرهم، وينشرون دعايةَ الشر في أوساطهم، وكان من تخذلهم أن أكثروا المعاذير لرسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وصاروا يستأذنون في التخلف عن الغزو بحجج بالية، وأعذار كاذبة، حتى عاتب الله نبيه على إذنه لهم (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) [التوبة: 43].
ظهرت مخازي أهل النفاق الذين يتربصون بأهل الإيمان الدوائر، فإنهم لمَّا أعلن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وجهته، وأنه مُنطلقٌ إلى قتال الروم، قالوا لأهل الإيمان: "أَتَحْسِبُونَ جَلَّادَ بَنِي الْأَصْفَرِ ـ يعني: الروم ـ كَقِتَالِ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا! وَاَللَّهِ لَكَأَنَّا بِكَمْ غَدًا مُقَرَّنِينَ فِي الْحِبَالِ" ، ظنوا أنه لن يعود رسول الله وأصحابه من تلك المعركة، وقالوا: لا تنفروا في الحر تثبيطًا وإرجافًا، (وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81)) شحت قلوبهم، وجفَّت أيديهم، واستطار في المؤمنين شرهم، فانطلقت ألسنتهم في أهل الإيمان همزًا ولمزًا وسخريةً وطعنًا، هم العدو فاحذرهم، فإذا جاء المؤمن بالمال الكثير، قالوا: "ما أراد هذا إلا الفخر والرياء، وإذا جاء المؤمن بالمال القليل، قالوا: إن الله لغنيٌ عن صدقة هؤلاء، وفيهم قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾". .. .
وكان من تلك الأعذار التي اعتذر بها المنافقون ما اعتذر به الجد بن قيس وهو أحد المُنافقين، فقال للنبي-صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم-: "إني أخشى على نفسي الفتنة بنساء بني الأصفر، فإني لا أصبر على النساء"، فكذَّبه الله وفضحه، فقال سُبحانه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ .. .
أيها المؤمنون, قعد بعض أصحاب النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- بأمره كعلي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- إلا أن المُنافقين لم يتركوه، فجاءوا إليه، قالوا: "ما تركك إلا زُهدًا في صُحبتك"، فوجد في نفسه، فقال له النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أما تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي كهَارُونَ مِن مُوسَى» ، أي خليفةً لي في المُسلمين في خروجي هذا.
أبو خيثمة:
وكان أبو خيثمة -رضي الله تعالى عنه-، بعد خروج النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-في بيته، جاء وقد هُيأ له طعامٌ حسن، وظلٌ بارد، فاستيقظ قلبه، وقال لنفسه مُعاتبًا: "أبو خيثمة ـ يعني نفسه ـ في ظلٍ بارد، وطعامٍ مُهيأ، وامرأةٍ حسناء في ماله مُقيم، ورسول الله-صلَّى الله عليه وسلَّم- في الشمس والحر والريح، والله ما هذا بالنَصَف، والله ما هذا بالنَصَف، أي ما هذا بالعدل والإنصاف، فأعدَّ رحله ولحِق برسول الله-صلَّى الله عليه وسلَّم- فلمَّا أقبل النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- وهُم في تبوك قال الصحابة هذا راكبٌ على الطريق مُقبِل، فقال رسول الله-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «كُن أبا خيثمة»، فلما جاء إذا هو أبو خيثمة فكان من آيات نبينا-صلَّى الله عليه وسلَّم-، فأخبر النبي خبره، فقال له رسول الله-صلَّى الله عليه وسلَّم- خيرًا ودعا له" .
مواقف العسرة أثناء الطريق:
وَمِنَ الْعُسْرَةِ أَيْضًا: بُعْدُ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَتَبُوكَ، وَوُعُورَةُ الطَّرِيقِ، وَقِلَّةُ الظَّهْرِ; فَهِيَ عُسْرَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَسَّرَهَا جَابِرٌ بِأَنَّهَا عُسْرَةُ الظَّهْرِ، وَعُسْرَةُ الزَّادِ، وَعُسْرَةُ الْمَاءِ.
وَسُئِلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَأْنِ الْعُسْرَةِ فَقَالَ: " خَرَجْنَا إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ، حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَذْهَبُ يَلْتَمِسُ الْمَاءَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى نَظُنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ، فَيَعْصُرُ فَرْثَهِ فَيَشْرَبُهُ، وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ "، فرفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرْجِعْهُمَا حَتَّى أَظَلَّتْ سَحَابَةٌ، فَسَكَبَتْ، فَمَلَؤُوا مَا مَعَهُمْ، ". رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - "كَانَ الْعَشْرَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَخْرُجُونَ عَلَى بَعِيرٍ يَتَعَقَّبُونَهُ بَيْنَهُمْ، وَكَانَ زَادُهُمُ التَّمْرَ الْمُتَسَوِّسَ، وَالشَّعِيرَ الْمُتَغَيِّرَ، وَالْإِهَالَةَ الْمُنْتِنَةَ، وَكَانَ النَّفَرُ يُخْرِجُونَ مَا مَعَهُمْ إِلَّا التَّمَرَاتِ بَيْنَهُمْ، فَإِذَا بَلَغَ الْجُوعُ مِنْ أَحَدِهِمْ أَخَذَ التَّمْرَةَ فَلَاكَهَا حَتَّى يَجِدَ طَعْمَهَا، ثُمَّ يُعْطِيهَا صَاحِبَهُ حَتَّى يَشْرَبَ عَلَيْهَا جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ كَذَلِكَ، حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يَبْقَى مِنَ التَّمْرَةِ إِلَّا النَّوَاةُ، فَمَضَوْا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى صِدْقِهِمْ وَيَقِينِهِمْ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ".
مكافأة الصحابة:
أيها المؤمنون, خرج رسول الله-صلَّى الله عليه وسلَّم- ومعه المُهاجرون والأنصار في حرٍ شديد، وكربٍ عظيم، وساعة عُسرةٍ قوية طاعةً لله، ونُصرةً لدينه، صَدَقوا الله فصَدَقَهُم،
فكانت مكافأتهم عند الله عظيمة أن تاب الله عليهم كما تاب عليهم أول مرة عند الشجرة عند بيعة الرضوان ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ ،
انتصار المؤمنين:
ثم وصل الجيش بعد جهد جهيد، وبعد شقة
وسمع الروم مع كثرة عددهم بعزم المسلمين على استئصال شأفتهم فألقى الله الذعر في قلوبهم وتفرقوا في الشام،
ولما أتى المسلمون تبوك لم يلقوا عدوا مقاتلاً، ولا جيشاً مقاوماً، دفع الله عن المؤمنين وأبطل كيد الكائدين، ونصر اللهُ أولياءه
وصالح النبي -صلَّى الله عليه وسلم- القبائل العربية المتنصرة في تلك النواحي بعد أن أيقنوا ألا في خير في عهودهم مع أسيادهم الأولين من النصارى.
أمضى النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الغزوة بضعة عشر يوماً يراقب النواحي ويرسل العيون، فلمَّا استوثق أنَّ العدو مستكن في جحره مستخف داخل حدوده رجع بأصحابه إلى المدينة منتصرين آمنين مطمئنين، فذاع صيت المسلمين وأنهم جيش لا يقهر.
أقول قولي هذا....
الخطبة الثانية
أيها المؤمنون إنه من الواجبات على المؤمن الأخذ بالأسباب المنجية والمؤدية إلى السلامة خاصة فيما يتعلق بمستقبل أبنائنا الطلاب وإنه من هذه الأسباب التي يجب العمل بها حصول منسوبي التعليم من أعضاء هيئة التدريس والتدريب، والمعلمين والمعلمات، والطلاب والطالبات، والمتدربين والمتدربات) على جرعتين من لقاح فيروس كورونا حماية لأنفسهم وحفاظا على سلامة أسرهم وأقرانهم وللوقاية من العدوى وانتشار فيروس كورونا، ولكي تكون المنشآت التعليمية مكملة للبيئات الآمنة ولتحقق رسالتها التعليمية والتدريبية. اللهم احفظنا بحفظك ….
صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات
1628202782_خطبة غزوة تبوك التحصين ماجد بلال.docx
1628202798_خطبة غزوة تبوك التحصين ماجد بلال.pdf