عيد الفطر 1439
الدكتور علي بن صالح المسعود
الخطبة الأولى |
الحمد لله شرع الشرائع وأحكم الأحكام. أحمده سبحانه وأشكره فهو ولي كل إنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله سيد الأنام، أوضح المحجة، وأظهر معالم الشريعة، وبين الحلال والحرام، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه البررة الكرام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان.، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً أما بعد:أيها المسلمون، إنكم في يومٍ تبسمت لكم فيه الدنيا ، أرضُها وسماؤها ، شمسُها وضياؤها، صمتم وقمتم لله ، ثم جئتم اليوم ، تسألون الله الرضا والقبول وتحمدونه على الإنعام بالتمام، والتوفيق للصيام والقيام، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ [الأعراف: 43] هذا يوم يفطر فيه المسلمون و يفرح المؤمنون به، بارك الله لكم عيدكم وأعاده الله على هذه الأمة المرحومة وهي في عز وتمكين ونصر وتأييد . عباد الله : أوصيكم ونفسي ، بتقوى الله ـ عز وجل ـ فهي وصية الله للأولين والآخرين: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـٰكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ عباد الله: حافظوا على الصلاةَ، فمن حفظها فقد حفظ دينَه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.أدوا زكاة أموالكم، طيبة بها نفوسكم. حافظوا على صيام رمضان، وحج بيت الله الحرام، واعلموا أن الله أمركم ببر الوالدين، وصلة الأرحام، والصبرِ عند فجائع الأيام، والإحسان إلى الضعفاء والأيتام .وكونوا عباد الله إخواناً وعلى الحق أعوانًا، لا ظلم ولا عدوان، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقِره.ولا تباغضوا، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تناجشوا، رحم الله عبداً سمحاً إذا باع وإذا اشترى، وإذا قضى وإذا اقتضى. عباد الله، اجتنبوا اللهو والغناء ، فإنه مزمار الشيطان ورقية الزنا ، وهو الجالب للفساد وحاديه ، والداعي للتحلل ومناديه ، عباد الله، بالمكاسب المحرمة تحلّ الآثار السيئة والعواقب الخطرة، فأطيبوا كسبكم، والتزموا منهج ربكم. ألا وإن أعظم الخبائث الكسب بالربا، فلن يفشو الربا في مجتمع إلا وكان على شفا جرف هار، وهو من الآفات الجائحة والبلايا المهلكة.الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد . عباد الله إن جناب الشريعة عظيم، لا يرميها بالهزأ والتنقص إلا مختوم عليه بالنفاق والكفر، (قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ). والعلماء هم حملة الرسالة وأوعية العلم والنجوم التي يهتدي بها الساري، وتنقيصهم ورميهم بالشتيمة شنشنة منافق مأفون، "مَا رَأينا مثل قرائنا هؤلاء"، وهذا لا يعني العصمة فيهم، فكل يؤخذ من قوله ويرد, لكن هذا لا يصح أن يتخذ وسيلة للتجريح والإسقاط. إن رمي العلماء بالنقيصة في أعمدة الصحف والمجلات والولوغ في السلطات القضائية وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمؤسسات الخيرية والدعوية والأنشطة الطلابية ووصفها بالإرهاب والتطرف والهجمة على الحجاب والحشمة بحجة التمدن هو محاولة للتسلل لهدم الشريعة بتقويض رموزها الظاهرة وأعلامها العلية. لقد غص المنافق وشرق بريقه لما رأى اتساع الصحوة وسرعة انتشاره وقبول الناس له، فشن دعاة التغريب حملة شعوا ورموا بكنانتهم في محاولة لإحراق الأخضر واليابس والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد . أيها المسلمون، كم هو جميل أن تظهر أعياد الأمة بمظهر الواعي لأحوالها وقضاياها، فلا تحول بهجتها بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فئامٌ من أبنائها حيث يجب أن يطغى الشعور بالإخاء قوياً ، فلا ننسى فلسطين ولا سوريا واليمن و أراضيَ في المسلمين أخرى منكوبةً ، بمجاهديها وشهدائها، بيتاماها و أراملها، بأطفالها وأسراها،لا بد أن نتذكر هؤلاء في عيدنا.لقد جاء العيد والأمة تواجه حرباً صليبية مسعورة تستهدف دينها ومقدساتِها، ومضى شهر رمضان ومضت معه وفي أثنائه آلاف الأرواح إلى بارئها قتلاً وسحلاً وتقطيعاً وحرقاً.وهذه الصهيونية العالمية، الأمة الخوانة، التي ليس لها عهد ولا أمانة، تمارس في فلسطين أبشعَ صور الظلم والقهر والتخويف والإرهاب، تفرض ألوان الحصار، وتقتل الرجال والنساء والصغار، وتهدف إلى إبادة المسلمين، وتصفيتهم جسدياً، وإرعابهم نفسياً،. إن إسرائيل تمارس أمام نظر العالم وسمعه الإرهاب بمختلف أشكاله وألوانه، وبجميع أنواعه وأدواته، فأين من يوقف وحشية هذا الإرهاب وبشاعته، ويطارد رجاله وقادته، ويستأصل شأفتهم، ويقتلع كافَّتهم؟! أين ميزان العدل والإنصاف ؟! أين شعارات التقدم والتحرر والحضارة والسلام، التي لا نراها إلا حين تصبّ في مصلحة يهود ومن وراء يهود؟!! إذا مات من صهيــــون كلب سمعت كلاب أمريكا تنوح وشعب القدس يذبح كالمـــواشي فما ناحوا عليه ومن ينوح؟؟ أيها المسلمون: إن تنتصر هذه الأمة على نفسها وأهوائها، وتطبق شريعة الله في جميع مناحي حياتها، ويستقم أفرادها على دين خالقها تنتصر على عدوها، وتعلُ كلمتها، وتُحرَسْ نعمتها، ويدُمْ عزّها، وتشتدّ قدرتها، وتزددْ قوتها، وإن لم تقمْ الأمة بذلك فهي على خطر أن ينالها وعيد الله في قوله جل وعلا وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم [محمد: 38]، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد . أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه
الخطبة الثانية الحمد لله الذي وفق من شاء لطاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون، فمن اتقاه حفظه في دنياه وأخراه.أيها المسلمون، في العيد تتقارب القلوب، ألا وإن هذه الأمة تبلغ أوجَ عزّها وتنال كمالَ قوتها كلما أزهقت روحَ الشقاق والفرقة بيد التجمع والألفة، قال الله جل وعلا: (وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:103].أيها الفضلاء، أثمنُ ما في الأمة شبابها، فيا شباب الإسلام، تمسكوا بدينكم، وإياكم والاغترار بالقوة والنشاط فلا بد أن يكون بعدها ضعف ، احرصوا على التأصيل المبني على السنة المحمدية والمنهجية الصحيحة، والتزموا منهجا وسطا، بلا غلو أو تقصير، ولا إفراط أو تفريط.. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد أيها المسلمون، العيد صورة من الفرحة تبدو واضحة حين يداعب الرجل أهله وأبناءه في يوم العيد، وحين يشاركهم لهوهم وسعادتهم في مثل هذه الأيام، ويبدو العيد أكثر فرحة حين تمتد اللقاءات بين الجيران والأصدقاء، حين يخرج المرء من بيته قاصدًا أهله وصحبه وإخوانه، لا لشيء إلا لمدّ فرحة العيد في قلوب الآخرين. وتبدو أكثر أثرًا وأوضح صورة حين يتجاوز أحدنا خلافاته مع الآخرين فينطلق إليهم إلى بيوتهم، فيسلم عليهم داعيًا لهم بهذه القدوة إلى نوع من الإبداع في صورة العيد في نفوسهم. نحتاج إلى عيد خاليًا من دنس المعصية، بعيدًا عن جرح بالذنوب. العيد صورة من صور العبادة لله تعالى، والفرحة التي نعيشها فيه إنما تنطلق من سياج العبودية العظيم، فاحذر أن تبدد الفرحة اليوم بمقارفة منكر أو دنس ريبة،. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد عباد الله على الزوج أن يتقي الله في زوجته، فيحسن إليها ولا يظلمها أو يضربها، عليه أن يحفظ لها قيمتها وقدرها خصوصًا عند أولادها. وحينما يرى أحد الزوجين من الآخر ما يسوؤه فليتذكر محاسنه وجوانب الكمال فيه، والمرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فيها الغيرة والعاطفة والليونة، وهذا كمال في طبيعتها ومتمم لأنوثتها. يا معاشر النساء، أجبن نداء الله لكن حيث قال: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب: 33]. إن الأصل في المرأة قرارها في البيت، إذ هي نور أركانه وسكن أرجائه، والخروج من البيت أمر طارئ لا يكون إلا لحاجة. البيت هو وظيفة المرأة الأساس، فما بالنا نرى تهافت النساء على الخروج من البيت لحاجة ولغير حاجة؟! لقد اكتظت الأسواق وازدحمت المتنزهات في حين بقيت البيوت خالية من سكانها.أيتها المرأة المسلمة عليكِ بخدمة الزوج والقيام معه بالطاعة وأسمعي لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلّت المرأة خمسها وصامت فرضها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت)) رواه الخمسة وصححه الألباني، لا تكلفي زوجك من النفقة ما لا يطيق، ولا ترهقيه من أمره عسرا، واحذري الخضوع في مخاطبة الرجال ومخالطتَهم وإبداء الزينة لهم، ابتعدي عن ذلك في أماكن العبادة كمكة وفي الأعياد والجمع فضلاً عن الأسواق والحدائق العامة, واحذري مشابهة الكافرات والماجنات بحجة متابعة الموضة، فمن تشبه بقوم فهو منهم، واحذري دعوات التغريب وسهام التضليل التي يقذف بها الأعداء. احذري تمييع الحجاب, فالحجاب عبادة وليس عادة، الحجاب ستر وليس زينة. ليست العباءة الضيقة ولا الشفافة ولا مطرزة الأكمام حجابًا شرعيًا، بل هي فتنة ولكن أكثر الناس لا يعلمون.أيتها المرأة المسلمة في هذه البلاد، لقد صمدتِ كثيرًا ودافعت التغريب طويلاً، فأنت آخر حصن لم يسقط بعدُ ولن يسقط بإذن الله. لقد ضاق العلمانيون المنافقون بك ذرعًا، فصاروا يحيكون المؤامرات لك ليلاً ونهارًا، فصمودًا وصبرًا وثباتًا واستعلاءً على كيد الشيطان وحزبه، (إِنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، وحذار مما يقع به بعض النساء من إفساد أحد الزوجين على الآخر والمشي بينهم بالنميمة فإن ذلك من مكر الشيطان وفي الحديث الصحيح: ((من خبّب زوجة أو مملوكًا فليس منا))، و((لا يدخل الجنة نمام)). وكل فساد يقع بسبب الطلاق الناتج عن التحريش بين الزوجين فعلى الجاني إثم ذلك ولا يظلم ربك أحدا. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد هنيئًا بالعيد يا أهل العيد، وأدام الله عليكم أيام الفرح، وسقاكم سلسبيل الحب والإخاء، ولا أراكم في يوم عيدكم مكروهًا.ألا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه.اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين...
|
المرفقات
الفطر1439
الفطر1439