عيد الفطر.. خطبة مختصرة
عبدالله يعقوب
1437/09/28 - 2016/07/03 21:48PM
الحمد لله، وبحمده يُستفتحُ الكلام..
والحمد لله، وبحمده يتألقُ البدءُ والختام..
والحمد لله، وبحمده تُختتمُ مواسمُ العبادةِ العظام..
أحمده تعالى حمدًا يستدعي مزيدَ الإنعام..
وأشكره شكرًا يرقى بقائله إلى أسمى مقام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. الملكُ القدوسُ السلام، مَنَّ على من شاء من عباده بحسنِ الصيامِ والقيام.
وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه.. سيدُ الأنام، صلى الله عليه، وعلى آله البررةِ الكرام، وصحبهِ الأئمةِ الأعلام، والتابعين ومن تبعهم في التبجيلِ والإكرام، وسلم تسليمًا كثيرًا على الدوام.
الله أكبر - الله أكبر - لا إله إلا الله، الله أكبر - الله أكبر - ولله الحمد.
أما بعد عباد الله... فاتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، فمن اتقى ربه علا، ومن أعرض عنه غوى، ولم يضر الله شيئاً.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
عباد الله... مضى شهرُ رمضان المبارك، شاهداً لنا أو علينا بما أودعناه من أعمال، شاهداً للمشمرين بصيامهم وقيامهم، وبِرهم وإحسانهم، وعلى المقصرين بغفلتهم وإعراضهم، وشُحِّهم وعِصيانهم.
ألا إنَّ السعيد في ذاك الشهر المبارك، من وُفق لإتمام العملِ وإخلاصه، ومحاسبةِ النفس والاستغفارِ والتوبةِ النصوح في ختامه، فإن الأعمال بالخواتيم.
الله أكبر - الله أكبر - لا إله إلا الله، الله أكبر - الله أكبر - ولله الحمد.
إخوة الإيمان، لقد كان سلفنا الصالح يجتهدون في إتقان العمل وإتمامه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده..
يقول علي بن أبي طالب t : (كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ).
ويقول مالك بن دينار: "الخوفُ على العمل ألا يُتقبل أشدُ من العمل".
وقال فَضالة بن عبيد: "لو أني أعلم أنَّ الله تقبل مني حسنةً واحدةً، لكان أحبَّ إليَّ من الدنيا وما فيها".
هذه حال المشمرين، فاللهم ارحم ضعفنا وتقصيرنا.. وتقبّل صيامَنا وقيامَنا وصالحَ أعمالنا، واجعلنا ووالدينا من الذين خُتم لهم بالرضى والرضوانِ، والفوزِ بالجنانِ، والنجاةِ من النيرانِ.
الله أكبر - الله أكبر - لا إله إلا الله، الله أكبر - الله أكبر - ولله الحمد.
أيها المسلمون.. إنَّ يومكم هذا يومٌ مبارك، رفع الله قدره، وأعلى ذكره، وجعله عيداً للمسلمين، وفرحةً للصائمين القائمين.
عيدُنا في الإسلام.. عيدُ شُكْرٍ وطاعة، وذِكرٍ وإنابة، نشكر الله على تمام المنة بإكمال العدة، كما أمر الله تعالى فقال: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
عيدُنا في الإسلام.. ترى فيه الابتسامةَ الجميلةَ المشرقة، وتسمعُ فيه الكلمةَ العذبةَ الصادقة، وتشعرُ فيه بالأخوةِ الإسلامية، والرابطةِ الإيمانية.
عيدُنا في الإسلام.. عيدُ صلةٍ للأرحام، عيدُ برٍ ورحمةٍ للأراملِ والأيتام.
فلا تقاطعَ ولا تدابر ولا تهاجر، بل تواصلٌ وتراحمٌ وتزاور.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتْ الرَّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنْ الْقَطِيعَةِ، قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ، ثُمَّ قَالَ r اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ). متفق عليه واللفظ لمسلم.
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ) أخرجه مسلم.
فهذه الفرصة عبد الله بين يديك.. لتصل الأرحام، وتزور الأقارب، وتزيل الشحناء والبغضاء من القلوب. وتجعل مكانها النقاء والصفاء، واحذر من التقاطع بعد اللقاء. والهجر بعد الوصال، ففي الحديث عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ). أخرجه مسلم.
وقال r: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) رواه أحمد.
وحري بك وأنت الصائم القائم أن تكون حريصاً على أبواب الخير كلها. ومنها صلة الأرحام وذهاب الغل والحقد.
الله أكبر - الله أكبر - لا إله إلا الله، الله أكبر - الله أكبر - ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين...
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا..
وتَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا..
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا.
وأشهد ألاَّ إله إلا الله وحده لا شريك له..
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه وخيرتُه من خلقه وخليلُه...
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه على ملته وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين.
الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله... والله أكبر ،الله أكبر ، ولله الحمد.
وبعد عباد الله...
عيدُنا في الإسلام.. عيدُ بذلٍ ومواساةٍ وعطاء، ورحمةٍ وشفقةٍ وسخاء.
والناسُ في حاجةٍ ليدٍ رحيمة، تمتد إليهم بالحنان والعطف، والبر واللطف.
فالله الله في البر والإحسان، والعطف والحنان، على النساء والشيوخ والولدان.
ليكن عيدُنا شعاراً للرحمة، وعنواناً للتلاحم والتكاتف والمواساة.
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
أيها الناس، تَهادَوْا تحابُّوا، تعاطفوا وتراحموا وتزاوروا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلا تَحَسَّسُوا، وَلا تَنَافَسُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، ولا تقاطعوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ. بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ.
معاشر المسلمين: من صام رمضانَ ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر، ومن لم يخرِج زكاةَ فِطره.. فليبادِر إلى إخراجِها فورًا، ومن أتى مِنكم من طريقٍ.. فليرجِع من طريقٍ أخرى إن تيسَّر له ذلك.. اقتداءً بسنّة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
ألا فاتقوا الله - عباد الله - وابتهِجوا بعيدكم، ولاتكدِّروا جمالَه وجلالَه، وصفاءَه وبهاءَه، بالمعاصِي والآثام واللهوِ الحرام، واستقيموا على الطاعة والإحسان بعد رمضان، فما أحسنَ الإحسانَ.. يتبعُه الإحسان، وما أقبَح العصيانَ.. بعد الإحسان. ومن علامات قبول الطاعة.. الحسنةُ بعدها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم أعد علينا رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، اللهم أعده علينا وعلى الأمة الإسلامية ونحن في صحة وعافية في ديننا وأبداننا وأهلينا وأموالنا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك يا رب العالمين.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم إنّا اجتمعنا في هذا المكان.. رجالاً ونساءً.. نرجو رحمتَك، ونخشى عذابك, اللهم فتقبّل مساعيَنا وزكِّها، وارفع درجاتِنا وأعلها.
اللهمّ آتنا من الآمالِ منتهاها، ومن الخيرات أقصاها.
اللهم تقبّل صيامنا وقيامنا ودعاءنا يا أرحم الراحمين.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن. عن بلدنا هذا خاصة وعن بلاد المسلمين عامة.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات.
اللهم أنزل على المسلمين عامة، والحاضرين خاصة.. رحمةً من عندك.. تغفرُ بها ذنوبهم، وتسترُ بها عيوبهم، وترفعُ بها درجاتهم، وتشفُي بها مريضهم، وتعافي بها مبتلاهم، وتفرج بها همومهم، وتقضي بها ديونهم، وتيسر بها أمورهم، وتصلح بها نساءهم، وتهدي بها شبابهم.
اللهم يا رحمن يا رحيم ..أنج المستضعفين من المسلمين في الشام واليمن والعراق وبورما وفي كل مكان.
اللهم احقن دماءهم، واحفظ أعراضهم، وارفع ضراءهم، وفك أسراهم، واشف جرحاهم، وتقبل شهداءهم. وكن لهم مؤيداً ونصيراً، ومعيناً وظهيرا.
اللهم ولي على المسلمين خيارهم، واكفهم شرارهم، واجمع كلمتهم على الحق والهدى، ووفقهم لتحكيم كتابك وشرعك، واتباع سنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصليبين المحتلين، والرافضة الصفويين، والخوارج المارقين، والخونة المنافقين.
اللهم عليك بمن يحارب دينك، ويصد عن سبيلك، ويستهزئ بسنة نبيك، ويطعن في محكّمات الدين، وينشر الفساد والتغريب في بلاد المسلمين، ويشيع الفاحشة بين المؤمنين.
اللهم اكفناهم بما شئت يا قوي يامتين.
اللهم أصلح أئمتنا وولاةَ أمورنا، وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم صل وسلم على نبينا محمدٍ.. وعلى آله وصحبه أجمعين..
والحمد لله رب العالمين.
والحمد لله، وبحمده يتألقُ البدءُ والختام..
والحمد لله، وبحمده تُختتمُ مواسمُ العبادةِ العظام..
أحمده تعالى حمدًا يستدعي مزيدَ الإنعام..
وأشكره شكرًا يرقى بقائله إلى أسمى مقام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. الملكُ القدوسُ السلام، مَنَّ على من شاء من عباده بحسنِ الصيامِ والقيام.
وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه.. سيدُ الأنام، صلى الله عليه، وعلى آله البررةِ الكرام، وصحبهِ الأئمةِ الأعلام، والتابعين ومن تبعهم في التبجيلِ والإكرام، وسلم تسليمًا كثيرًا على الدوام.
الله أكبر - الله أكبر - لا إله إلا الله، الله أكبر - الله أكبر - ولله الحمد.
أما بعد عباد الله... فاتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، فمن اتقى ربه علا، ومن أعرض عنه غوى، ولم يضر الله شيئاً.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
عباد الله... مضى شهرُ رمضان المبارك، شاهداً لنا أو علينا بما أودعناه من أعمال، شاهداً للمشمرين بصيامهم وقيامهم، وبِرهم وإحسانهم، وعلى المقصرين بغفلتهم وإعراضهم، وشُحِّهم وعِصيانهم.
ألا إنَّ السعيد في ذاك الشهر المبارك، من وُفق لإتمام العملِ وإخلاصه، ومحاسبةِ النفس والاستغفارِ والتوبةِ النصوح في ختامه، فإن الأعمال بالخواتيم.
الله أكبر - الله أكبر - لا إله إلا الله، الله أكبر - الله أكبر - ولله الحمد.
إخوة الإيمان، لقد كان سلفنا الصالح يجتهدون في إتقان العمل وإتمامه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده..
يقول علي بن أبي طالب t : (كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ).
ويقول مالك بن دينار: "الخوفُ على العمل ألا يُتقبل أشدُ من العمل".
وقال فَضالة بن عبيد: "لو أني أعلم أنَّ الله تقبل مني حسنةً واحدةً، لكان أحبَّ إليَّ من الدنيا وما فيها".
هذه حال المشمرين، فاللهم ارحم ضعفنا وتقصيرنا.. وتقبّل صيامَنا وقيامَنا وصالحَ أعمالنا، واجعلنا ووالدينا من الذين خُتم لهم بالرضى والرضوانِ، والفوزِ بالجنانِ، والنجاةِ من النيرانِ.
الله أكبر - الله أكبر - لا إله إلا الله، الله أكبر - الله أكبر - ولله الحمد.
أيها المسلمون.. إنَّ يومكم هذا يومٌ مبارك، رفع الله قدره، وأعلى ذكره، وجعله عيداً للمسلمين، وفرحةً للصائمين القائمين.
عيدُنا في الإسلام.. عيدُ شُكْرٍ وطاعة، وذِكرٍ وإنابة، نشكر الله على تمام المنة بإكمال العدة، كما أمر الله تعالى فقال: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
عيدُنا في الإسلام.. ترى فيه الابتسامةَ الجميلةَ المشرقة، وتسمعُ فيه الكلمةَ العذبةَ الصادقة، وتشعرُ فيه بالأخوةِ الإسلامية، والرابطةِ الإيمانية.
عيدُنا في الإسلام.. عيدُ صلةٍ للأرحام، عيدُ برٍ ورحمةٍ للأراملِ والأيتام.
فلا تقاطعَ ولا تدابر ولا تهاجر، بل تواصلٌ وتراحمٌ وتزاور.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتْ الرَّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنْ الْقَطِيعَةِ، قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ، ثُمَّ قَالَ r اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ). متفق عليه واللفظ لمسلم.
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ) أخرجه مسلم.
فهذه الفرصة عبد الله بين يديك.. لتصل الأرحام، وتزور الأقارب، وتزيل الشحناء والبغضاء من القلوب. وتجعل مكانها النقاء والصفاء، واحذر من التقاطع بعد اللقاء. والهجر بعد الوصال، ففي الحديث عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ). أخرجه مسلم.
وقال r: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) رواه أحمد.
وحري بك وأنت الصائم القائم أن تكون حريصاً على أبواب الخير كلها. ومنها صلة الأرحام وذهاب الغل والحقد.
الله أكبر - الله أكبر - لا إله إلا الله، الله أكبر - الله أكبر - ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين...
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا..
وتَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا..
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا.
وأشهد ألاَّ إله إلا الله وحده لا شريك له..
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه وخيرتُه من خلقه وخليلُه...
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه على ملته وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين.
الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله... والله أكبر ،الله أكبر ، ولله الحمد.
وبعد عباد الله...
عيدُنا في الإسلام.. عيدُ بذلٍ ومواساةٍ وعطاء، ورحمةٍ وشفقةٍ وسخاء.
والناسُ في حاجةٍ ليدٍ رحيمة، تمتد إليهم بالحنان والعطف، والبر واللطف.
وخيرُ الناس ما بين الورى رجلٌ *** تقضى على يده للناس حاجاتُ
فالله الله في البر والإحسان، والعطف والحنان، على النساء والشيوخ والولدان.
ليكن عيدُنا شعاراً للرحمة، وعنواناً للتلاحم والتكاتف والمواساة.
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
أيها الناس، تَهادَوْا تحابُّوا، تعاطفوا وتراحموا وتزاوروا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلا تَحَسَّسُوا، وَلا تَنَافَسُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، ولا تقاطعوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ. بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ.
معاشر المسلمين: من صام رمضانَ ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر، ومن لم يخرِج زكاةَ فِطره.. فليبادِر إلى إخراجِها فورًا، ومن أتى مِنكم من طريقٍ.. فليرجِع من طريقٍ أخرى إن تيسَّر له ذلك.. اقتداءً بسنّة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
ألا فاتقوا الله - عباد الله - وابتهِجوا بعيدكم، ولاتكدِّروا جمالَه وجلالَه، وصفاءَه وبهاءَه، بالمعاصِي والآثام واللهوِ الحرام، واستقيموا على الطاعة والإحسان بعد رمضان، فما أحسنَ الإحسانَ.. يتبعُه الإحسان، وما أقبَح العصيانَ.. بعد الإحسان. ومن علامات قبول الطاعة.. الحسنةُ بعدها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم أعد علينا رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، اللهم أعده علينا وعلى الأمة الإسلامية ونحن في صحة وعافية في ديننا وأبداننا وأهلينا وأموالنا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك يا رب العالمين.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم إنّا اجتمعنا في هذا المكان.. رجالاً ونساءً.. نرجو رحمتَك، ونخشى عذابك, اللهم فتقبّل مساعيَنا وزكِّها، وارفع درجاتِنا وأعلها.
اللهمّ آتنا من الآمالِ منتهاها، ومن الخيرات أقصاها.
اللهم تقبّل صيامنا وقيامنا ودعاءنا يا أرحم الراحمين.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن. عن بلدنا هذا خاصة وعن بلاد المسلمين عامة.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات.
اللهم أنزل على المسلمين عامة، والحاضرين خاصة.. رحمةً من عندك.. تغفرُ بها ذنوبهم، وتسترُ بها عيوبهم، وترفعُ بها درجاتهم، وتشفُي بها مريضهم، وتعافي بها مبتلاهم، وتفرج بها همومهم، وتقضي بها ديونهم، وتيسر بها أمورهم، وتصلح بها نساءهم، وتهدي بها شبابهم.
اللهم يا رحمن يا رحيم ..أنج المستضعفين من المسلمين في الشام واليمن والعراق وبورما وفي كل مكان.
اللهم احقن دماءهم، واحفظ أعراضهم، وارفع ضراءهم، وفك أسراهم، واشف جرحاهم، وتقبل شهداءهم. وكن لهم مؤيداً ونصيراً، ومعيناً وظهيرا.
اللهم ولي على المسلمين خيارهم، واكفهم شرارهم، واجمع كلمتهم على الحق والهدى، ووفقهم لتحكيم كتابك وشرعك، واتباع سنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصليبين المحتلين، والرافضة الصفويين، والخوارج المارقين، والخونة المنافقين.
اللهم عليك بمن يحارب دينك، ويصد عن سبيلك، ويستهزئ بسنة نبيك، ويطعن في محكّمات الدين، وينشر الفساد والتغريب في بلاد المسلمين، ويشيع الفاحشة بين المؤمنين.
اللهم اكفناهم بما شئت يا قوي يامتين.
اللهم أصلح أئمتنا وولاةَ أمورنا، وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم صل وسلم على نبينا محمدٍ.. وعلى آله وصحبه أجمعين..
والحمد لله رب العالمين.