عِيدُنا ثَبَاتٌ على الحَقِّ بِعَونِ اللهِ 1/10/1440هـ
خالد محمد القرعاوي
عِيدُنا ثَبَاتٌ على الحَقِّ بِعَونِ اللهِ 1/10/1440هـ
اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! الله أكبرُ. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ؛ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، نَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَسْبَغَ مِنَ النِّعَمِ وَأَسْدَى، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى، وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ، النَبِيُّ الْمُصْطَفَى، وَالخَلِيلُ الْمُجْتَبَى، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى. اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. مَا أَجْمَلَ صَبَاحَكَ يَا عِيدُ، وَمَا أَسْعَدَ أَهْلَكَ الَّذِينَ أَتَمُّوا الْعِدَّةَ، وَأَخْرَجُوا الْفِطْرَةَ، فَبُشْرَاهُمُ الْفَوْزُ مِنَ اللَّهِ القَائِلِ: ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ). أيُّها المُسلِمُونَ: عِيدُنا عَقِيدَةٌ، فَأَعيادُنا رَبَّانِيَّةٌ ليست كأعيادِ البَشرِ، لَيسَت لِمَولِدِ عَظِيمٍ، وَلا لِتَوَلِّي مَلِكٍ، وَلا هِيَ تَحَلُّلٌ مِن قُيُودِ الشَّرعِ، أَعْيَادُنَا فَرَحٌ بِإِكمَالِ العِبَادَاتِ، ودُعَاءٌ بقَبُولِها:(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).(ولِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: إذا أَفطرَ فَرِحَ بِفِطرِه، وإذا لَقِيَ ربَّه فَرِحَ بصومِهِ(.فالحمدُ اللهِ على التَّمَامِ والصِّيامِ، فقد أمَّدَ في أعمارِنا وَوَسَّعَ فِي أرزَاقِنا، وأمَّنَنَا في أوطَانِنِا، وَعَافَانَا فِي أَبْدَانِنا؛ وَصُمْنَا شَهْرَنَا بِأمْطَارٍ وَجَوٍّ بَاردٍ فَلا نُحْصِي ثَنَاءً عَليكَ يَا رَبَّنَا. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمْدُ.
عِيدُنَا يَا مُسْلِمُونَ: ثَبَاتٌ على الحَقِّ والمَبْدَأِ فَكَمْ ابْتَهَلْنَا فِي سُجُودِنَا لِرَبِّنَا اقْتَدَاءً بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِنَا»:يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قَلْبِي عَلَى طَاعَتِكَ«. فَمَا أَحْوَجَنَا لِلحَدِيثِ عَنِ الثَّبَاتِ فِي زَمَنِ جُنُونِ الْأَفْكَارِ، وَتَزْوِيرِ الْهُوِيَّاتِ, فِتَنٌ خَطَّافَةٌ تَمُوجُ بِأَهْلِهَا مَوْجًا، وَتَرْمِيهِمْ فِي دَرَكَاتِ التَّقَلُّبَاتِ فَوْجًا فَوْجًا! فَلَا يَسَعُكَ يا مُسْلِمُ وَأَنْتَ تَرَى مَا تَرَى إِلَّا أَنْ تَضَعَ كَفَّكَ عَلَى قَلْبِكَ، وَتُنَاجِيَ رَبَّكَ: »يَا مُقَلِّبَ الْقَلْبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ«.فَلَا نِعْمَةَ أَعْظَمُ مِنَ اسْتِشْعَارِكَ أَنَّكَ تَتَنَفَّسُ الْإِسْلَامَ، وَتَحْيَا عَلَى السُّنَّةِ، وَتَعِيشُ رَاضِيًا مُطْمَئِنًّا. كَلِماتُ الثَّباتِ يَا عَبْدَ اللهِ تُخاطَبُ بِهَا أَنتَ ، فإيمَانُكَ وَمُعْتقَدُكَ وَأَخْلاقُكَ أَعْظَمُ مِنَّةٍ تَنْعَمُ بِهَا، فلَا أَمَانَ لَكَ إِلَّا بِتَثْبِيتِ اللَّهِ لَكَ، فَالثَّبَاتُ عَلى الحَقِّ لَا يَحُوزُهُ الْمَرْءُ بِمَالِهِ وَذَكَائِهِ، بَلْ مِنْحَةُ الْكَرِيمِ الرَّحْمَنِ.( وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ). وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دَائِمَا يُرَدِّدُونَ: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا).
يَا مُسْلِمُونَ: نَتَحَدَّثُ عَنِ الثَّبَاتِ عَلى الحَقِّ؛ لِأَنَّنَا نَعِيشُ فِي وَاقِعٍ مُنْفَتِحٍ وَمَفْتُوحٍ، أَصْبَحَتِ فِيهِ الِانْحِرَافَاتُ الْبِدْعِيَّةُ، وَالْأَفْكَارُ الْإِلْحَادِيَّةُ تَعْبُرُ الْحُدُودَ، وَتَغْزُو الْبُيُوتَ, وَلِأَنَّ الْمُنْتَكِسِينَ وَالمُتَمَلِّقِينَ يُصَدَّرُونَ وَيَتَصَدَّرُونَ عَبْرَ وَسَائِلِ الإعْلامِ!
يَا مُسْلِمُونَ: نَتَواصَى بالثَّبَاتِ عَلى الحَقِّ ؛ لِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَبْنَائِنَا تَبْحَثُ عَنِ التَّغْيِيرِ أَيًّا كَانَ هَذَا التَّغْيِيرُ، وَاللَّهُ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.
وَاعْلَمُوا يَا رَعَاكُمُ اللهُ: أنَّ الْحَقَّ لَا يَضْعُفُ، وَلَا يَنْتَصِرُ الْبَاطِلُ عَلَيْهِ إِلَّا إِذَا ضَعُفَ الثَّبَاتُ، وَاهْتَزَّ التَّدَيُّنُ فِي الْقُلُوبِ.
أيُّهَا المُسْلِمُ: وَحِفَاظًا عَلَى الثَّبَاتِ وَالِاعْتِدَالِ، فَالْوَاجِبُ الِاعْتِدَالُ فِي النَّظَرِ إِلَى الرِّجَالِ، فَمَهْمَا عَلَتْ مَنْزِلَتُهُمْ تَبْقَى أَقْوَالُهُمْ مَرْهُونَةً بِمُوَافَقَتِهَ لِلْحَقِّ كِتَابًا وَسُنَّةً، وَلَا يَأْمَنُ أَحَدٌ الْبَلَاءَ عَلى نَفْسِهِ ! فَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَافَ فَقَالَ: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ). وَمَا أَجْمَلَ وَصِيَّةَ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ( مَنْ كَانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ الْحيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ). وَكَثِيرَاً ما كَانَ يُرَدِّدُ شَيخُنَا ابنُ العُثَيمِينَ عليهِ رَحمَةُ اللهِ: لا تَجْعَلُوا الحَقَّ مَرْبُوطَاً بالرِّجَالِ, فَالرِّجَالُ يَمُوتُونَ, وَقَدْ يَضِلُّونَ وَيَغْتَرُّونَ وَقَدْ يَسْلُكُونَ مَسْلَكَاً غَيرَ صَحِيحٍ فَيَحْصُلُ بِذلِكَ الهلاكُ!
يَا مُؤمِنُونَ: الثَّابِتُونَ لَا تُغَيِّرُهُمُ الْأَحْدَاثُ، وَلَا يَسْتَخِفَّنَّهُمُ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ؛ لِأَنَّهُمْ طَلِبُوا الثَّبَاتَ بِتَعْظِيمِ النُصُوصِ ، حَقَّاً: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا). وَتَيَقَّنْ يَا عَبْدَ اللهِ أَنَّ فَلَاحَكَ وَنَجَاتَكَ هُوَ فِي ثَبَاتِكَ. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمْدُ.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ أَظهَرَ نَبِيُّنا مُحمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الفَرَحَ بِالعِيدِ فَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ، وأَذِنَ لِلمُسلِمِينَ بَأَنْ يَفرَحُوا، فَحُقَ لَنَا أَنْ نَفْرَحَ ونَسْتَشْعِرَ فَضْلَ رَمَضَانَ عَلَيْنا.
فَشُكْرًا رَمَضَانَ، فَقَدْ رَبَطَّتَنا بِدينِنَا وأَخْلاقِنَا وذَكَّرْتَنا بِنِعمَةِ اللهِ عَلينا أَنْ خَلَقَنَا فِي أَحْسَنِ تَقويمٍ وَهَدَانا صِرَاطَهُ المُستقيمَ! شُكْرًا سَيِّدَ الشُّهُورِ فَقَدْ هَجَرْنَا الْمُلْهِيَاتِ وَأَقْبَلَنا عَلَى الصَّالِحَاتِ،
شُكْرًا رَمَضَانَ، فَقَدْ عَلَّمْتَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّنَا نَرَاهُ، فَأَعْطَيتَنَا دُرُوسَاً فِي مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالى، لِأَنَّ وَاعِظَاً يُخَاطِبُنا دَوْمَاً بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى! فَمَا أَجْمَلَ أَنَّ تَكُونَ تِلْكَ الْمُرَاقَبَةُ مَنْهَجَ حَيَاةٍ لَنا!
حُقَّ لنا أنْ نَفرحَ بعيدِنا، فَنَحنُ في يوم الجَوائِزِ، فيا من أدَّيتم فَرْضَكُم وَأَطَعْتُمْ ربَّكُمْ، وَصُمتُم شَهْرَكُم، أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكم، وثِقُوا بِحُسْنِ جَزَائِهِ وَثوَابِهِ، وَانْشُروا المَحبَّةَ بينَكُم، وَتَزَاوَرُوا وتَبَادَلُوا التَّهَانِيَ وَالدَّعَوَاتِ .اليومَ فَرَحٌ وَسُرُورٌ، لا نُرِيدُ أَحَدَاً بِإذْنِ اللهِ مِنَّا حَزِينًا! نُرِيدُكَ أَنْ تَعِيشَ مُتَفَائِلاً بالإنجَازاتِ التي حقَّقتَها في رَمضَانِكَ! فَقَدْ كَشَفَ لَنَا رَمَضَانُ، أَنَّ فِي نُفُوسِنَا خَيراً كَثِيراً، وأنَّنا قادِرُون بإذنِ اللهِ على فِعْلِ الكَثِيرَ لِأَنْفُسِنَا وَأُمَّتِنَا. شُكْرًا رَمَضَانَ، فَقد كَشَفْتَ لَنَا عَن قُوَّةِ صَبْرِنا وعَزِيمَتِنا على شَهَواتِنا! فَأَدْرَكْنَا أنَّا قَادِرُونَ بِعَونِ اللهِ على التَّغلُّبِ على أَنْفُسِنَا وعلى الشَّيطانِ الرَّجيم فَهَجَرنا القَنَواتِ المَاجِنَةِ, والمُسَلسَلاتِ العَاصِفَةِ الهَابِطَةِ الكَاذِبَةِ, وانْقَطَعْنا عن استِرَاحَاتِ الَّلهو التي تضرُّ ولا تنفع! وصدقَ اللهُ: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا).
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
يا مُؤمِنُونَ: عِيدُنا كَريمٌ، فَاقدُرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ، أُعفُوا وَاصفَحُوا (أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغفِرَ اللهُ لَكُم).استقبلوا عيدَكم بِصَفَاءِ القُلُوبِ ونَقَائِها من الشَّحناءِ والبَغضَاءِ, فَقَبْلَ حُسْنِ مَلْبَسِنا دَعوةٌ أنْ نُنَظِّفَ قُلوبَنا، اترُكُوا مَا مَضَى فَقَدْ قالَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ» .وَقَالَ: «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ». فرَحِمَ اللهُ عبدًا يصِلُ رَحِمَهُ وإنْ قَطَعُوه، وَيَتَعهَّدُهم بالزِّيارةِ وإنْ جَفَوه، وهَنِيئًا لِمَن أَعَانَ على الصِّلةِ بِقَبُولِ العُذرِ وَالصَّفحِ عَنِ الزَّلاَّتِ وَالتَّغَاضِي عَنِ الهَفَوَاتِ، لا يَعرِفُ السِّبَابَ وَلا يُكثِرُ العِتَابَ.
أيُّها الأبْنَـاءُ الكِرَامُ: أُخَاطِبُكُمْ بِكُلِّ قَلْبي ، اتَّقوا اللهَ فِي وَالِدِيكُمْ، واقدُروا لهذه النِّعمَةِ قَدْرَها، واغتنموا خَيرَهُمَا وبِرَّهُمَا رَدِّدوا :(رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).
مَعَاشِرَ الأَبْنَاءِ وَالبَنَاتِ: صَلاتُكم عزِّكُم ونورُكم، وصِلَتُكم بربِّكم وهي سَبَبٌ لانشِرَاحِ صُدورِكُم، وَتَيسيرِ أُمورِكم واللهَ اللهَ لا يَغلِبَنَّكُم عن الصَّلاةِ شُغلٌ ولا هَوَى، ولا شَيطَانٌ ولا قَرِينُ سُوءٍ! اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
يا أَمَةَ الرَّحمانِ تَيقَّظِي لِدينِكِ ومُستقبلِ حَيَاتَكِ وَعِرْضِكِ، فهُناكَ مُتَغَيِّرَاتٌ خَطِيرَةٌ تَحْدُثُ في مُجْتَمَعِنَا! فَكُونِي على خَوفٍ وَحَذَرٍ, فَكَثْرَةُ التِّجْوَالِ في الأسْواقِ وَمَوَاقِعِ المَشْرُوبَاتِ والجَلَسَاتِ رُبَّمَا صَارَتْ مَكَانَ فِتْنَةٍ لَكُنَّ وَبِكِنَّ, فَتَذَكَّرِي نِدَاءَ اللهِ لَكِ:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ(.فَابْتَعِدِي عَنْ مُخَالَطَةِ الرِّجالِ وإبْدَاءِ الزِّينةِ أَمَامَهُمْ، وَتَجَمَّلي بِالحَيَاءِ وَتزَيَّنِي بِالسِّترِ، وَاحذَرِي المَلابِسَ الفَاتِنَةَ، وَالأمَاكِنَ المَوبُوءَةَ فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
أيُّها المُسْلِمُونَ: سُئِلَتِ الَّلجْنَةُ الدَّائِمَةُ للإفتاءِ فِي المملكَةِ عن حكمِ حُضُورِ وَإقَامَةِ مَهْرَجَانَاتٍ وَحَفَلاتٍ تَتَضَمَّنُ لَهْواً وَغِنَاءً وَطَرَباً وَدَعْوَةَ مُغَنِّينَ وَمُمَثِّلِينَ لَها؟ فَأَجَابَتْ بِمَا مَفَادُهُ بِأَنَّه: يَحرُمُ على المُسلِمِ إقَامَةُ حَفَلاتٍ مُشْتَمِلَةٍ على أُمُورٍ مُنْكَرَةٍ؛ كَالغِنَاءِ وَالمُوسِيقُى، وَإحْضَارِ السَّحَرَةِ, وَاخْتِلاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، فَإنَّهَا مِن أَسْبَابِ الوُقُوعِ فِي الفَوَاحِشِ وَالفُجُورِ، وَقَد تَوَعَّدَ اللهُ مَنْ أَحَبَّ شُيُوعَ الفَاحِشَةِ في المُؤمِنِينَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ). وَحُضُورُها مُحَرَّمٌ؛ لأنَّهُ مِن إضاعَةِ الوَقْتِ وَالمَالِ فِيمَا لا يُرضِي اللهَ سُبْحَانَهُ، وَمِن التَّعَاوُنِ على الإثْمِ وَالعُدوَانِ. وَبِاللهِ التَّوفِيقِ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
عِبَادَ اللهِ: حَافِظُوا على صِيَامِ سِتٍّ من شَوَّالٍ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» واتْرُكُوا المُشَكِّكِينَ والمُخَذِّلِينَ فَقَولُ الرَّسُولِ الكَرِيمِ أَتَمُّ وَأَحْكَمُ! ثُمَّ استَقِيموا على العَمَلِ الصَّالحِ وَاثْبُتُوا على الطَّاعَةِ، وانْطَلِقُوا بِعِيدِكُمْ مُبْتَهِجِينَ مُسْتَبشِرِينَ وَقَابِلوا أَهلِيكُم وأَصْحَابِكُمْ وَجِيرَانِكُم وَالعَمَالَةِ الوَافِدَةِ بِالبِشْرِ والتِّرْحَابِ، ولا يعكِّرْ عليكَ الشَّيطانُ عيدَك!
أيُّها المُسلِمونَ: مَن كانَ يَعبدُ رَمضانَ فإنَّ رَمَضَان قد فَاتَ، ومَن كانَ يَعبُدُ ربَّ رَمضَانَ، فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يموتُ. فيا مَنْ عَهدناكَ في رمضانَ تَائِباً، نَقِيَّاً، خَلُوقاً تَقِيَّاً. باذِلاً سَخِيَّاً! أتُراكَ بعدما ذُقْتَ حلاوةَ الإيمانِ تعودُ إلى مَرارةِ العِصيانِ! فاستعذْ باللهِ من الضَّلالَةِ بَعْدَ الهِدَايَةِ، رَدِّدْ:(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهَّابُ) فاللهم إنَّا نسألكَ بركاتِ هذا العيدِ وجوائِزَهُ. واجعل عيدَنا فوزاً برضاكَ والجنَّةَ. اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامَه وقيامَه وأعمالَه. اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، اللهم اغفر لنا ولِولِدِينا وجمع المسلمينَ، الأحياءَ منهم والميتينَ، وفِّق ولاة أمورِنا لِما تُحبُّ وترضى. وأصلح أحوال المسلمين، وهيئ لهم قادَةً صالِحينَ مُصلِحينَ، اللهم احفظ حُدُودَنا وانصر جُنودَنا وتقبَّل موتاهم في الصَّالحينَ. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأمواتِ. اللهم واجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا وتوفَّنا وأنت راضٍ عنا يا كريمُ.(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار).سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.