عوائد التضامن الإسلامي // د. عامر الهوشان
احمد ابوبكر
1436/06/10 - 2015/03/30 03:34AM
[align=justify]كثيرة هي فترات الضعف التي ألمت بالأمة الإسلامية في تاريخها الطويل , ولعل ما شهدته الدول العربية والإسلامية من ضعف وتفرق وتشرذم منذ زوال الخلافة العثمانية وحتى الآن هو الأسوأ من نوعه من بين فترات الضعف تلك .
لم يكن هذا الضعف يوما إلا بسبب التفرق والتشرذم الذي فرضته الدول الاستعمارية الغربية منذ اتفاقية سايكس بيكو , بالإضافة إلى البعد عن مصدر قوة هذه الأمة وعزتها "الإسلام" , فإذا بأعداء الأمة يتداعون عليها كما تداعى الأكلة إلى قصعتها , وينفردون بكل دولة أو دويلة على حدة , ويستثمرون حالة عدم استشعار وإدراك الأمة لمغزى قوله تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ...} آل عمران/103 , وقوله تعالى : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } الأنفال/46
وقد ساد هذا الضعف حتى وصل الحال بالأمة إلى ما نراه اليوم من تداعي عواصمها الإسلامية العريقة أمام تحالف صهيوني صليبي صفوي لم يشهد التاريخ له مثيل , وتهديد بقية الدول الإسلامية بنفس المصير إن لم تتدارك نفسها , على اعتبار أن عودة اجتماع هذه الأمة ضربا من الخيال أو المحال حسب اعتقادها .
إلا أن الواقع قد كذب ما ظنه أعداء هذا الدين , وها هي الدول العربية والإسلامية تحصد أخيرا نتائج وحدتها , وتذوق طعم العزة والكرامة جراء تضامنها تجاه قضية تهدد كيانها ومصيرها , وقد ظهر ذلك جليا في مشهدين اثنين هما :
1- مشهد اعتذار الحكومة السويدية عن توتر العلاقات بين البلدين جراء تصريحات مسيئة لوزيرة الخارجية السويدية تجاه المملكة منذ أيام .
2- ومشهد الرد القوي والحازم الذي قامت به عشر دول عربية وإسلامية بتأييد عربي ودولي واسع وبقيادة المملكة العربية السعودية على التهديد الحوثي لأمن واستقرار اليمن ودول المنطقة بأسرها , من خلال القيام بعملية عسكرية نوعية باسم "عاصفة الحزم" ضد مواقع قوات الحوثي وقوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح .
أما بالنسبة للمشهد الأول , فقد حصدت الدول الخليجية تحديدا على نتيجة تضامنهم وتعاضدهم مع المملكة السعودية , تجاه تصريحات لوزيرة خارجية السويد مارغو والستروم أمام برلمان بلادها تضمنت انتقادا لأحكام النظام القضائي الإسلامي في المملكة , الأمر الذي اعتبرته السعودية "تدخلا سافرا في شؤونها الداخلية" .
لقد أثمر تضامن كل من دولة قطر والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي و عمان والكويت والبحرين مع المملكة , وتجاوز الاقتصار على التنديد بالتصريحات السويدية إلى سحب السفراء وتهديد المصالح الاقتصادية السويدية مع السعودية بشكل خاص والخليج بشكل عام , إلى تراجع في المواقف السويدية , والذي تكلل آخر المطاف بالاعتذار رسميا للسعودية .
فقد شدد ملك السويد كارل غوستاف في رسالة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز على قوة ومتانة العلاقات بين المملكتي , كما تسلم الملك سلمان رسالة أخرى من رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين أبدى فيها بالغ الأسى والأسف بشأن الأزمة التي تمر بها العلاقات بين البلدين ، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية .
كما أكد رئيس الوزراء السويدي حرص حكومته ورغبتها العميقة في الحفاظ على العلاقات بين البلدين، وتطلعها للترحيب بعودة السفير السعودي إلى أستوكهولم، والبدء بالعمل المشترك لتعزيز العلاقات الثنائية وفق حوار قائم على الأمانة والاحترام المتبادل في كل القضايا , لتقرر المملكة إعادة السفير بعد قبول الاعتذار .
وأما بالنسبة للمشهد الثاني فها هي "عاصفة الحزم" تحصد نتائج ذلك التضامن العربي والإسلامي الذي كانت تفتقده الأمة منذ زمن طويل من عدة وجوه :
1- أوقفت هذه العملية العسكرية – على أقل تقدير – انهيار اليمن وسقوطه بيد الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح بشكل كامل , ناهيك عن تحجيمها لقوة الحوثيين من خلال استهداف الغارات المستمرة حتى الآن مقراتهم وأماكن مستودعات أسلحتهم في اليمن .
2- أعادت هذه العملية العسكرية الروح المعنوية للشعوب العربية والإسلامية , وهي نتيجة خطيرة وفي غاية الأهمية , فخيبة الأمل التي كانت تهيمن على نفوس هذه الشعوب من عدم تحرك الدول الإسلامية تجاه ما يجري في المنطقة , كان العامل الأبرز في استئساد أعداء الأمة وعبثها بأمن واستقرار الدول الإسلامية .
3- خفوت صوت الغرور الحوثي وحليفه علي عبد الله صالح , حيث طالب الأخير وقف غارات التحالف الإسلامي والقتال عموما في اليمن , داعيا إلى العودة للحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة بين المكونات السياسية اليمنية , ولم يكن صالح ليفعل ذلك لولا وقع الضربات القاسية عليه وعلى حلفائه الحوثيين .
4- تراجع في الموقف الإيراني من التهديد والوعيد إلى التنديد والدعوة إلى الحوار , حيث دعا وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إلى وقف الغارات الجوية للتحالف العشري بقيادة المملكة العربية , مضيفا أن على الجميع تشجيع الحوار والمصالحة الوطنية في اليمن ، وتفادي جعل الخلاف أكثر صعوبة على اليمنيين .
والحقيقة أن هذه لم تكن أبدا لغة طهران قبل بدء عملية "عاصفة الحزم" , بل كانت تأييدها لكل ما يقوم به الحوثيون واضح وصريح , بل لم تكن هذه لغتها بعد بدء العملية بساعات , حيث يمكن ملاحظة انتقالها من التهديد والوعيد إلى التنديد والدعوة للحوار , وهو ما دفع بعض المحللين للقول : إن طهران بدأت تتعاطى مع ما يجري في اليمن بأنه أمر واقع , وأنها مقتنعة بأن عاصفة الحزم لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها ، ما يجعلها مستعدة لتقديم أي تسهيلات للحوار والوصول إلى حل سياسي.
هذه بعض ثمار التضامن الإسلامي – وإن كان جزئيا – فكيف إذا كان هذا التضامن كاملا وشاملا ؟!
[/align]
لم يكن هذا الضعف يوما إلا بسبب التفرق والتشرذم الذي فرضته الدول الاستعمارية الغربية منذ اتفاقية سايكس بيكو , بالإضافة إلى البعد عن مصدر قوة هذه الأمة وعزتها "الإسلام" , فإذا بأعداء الأمة يتداعون عليها كما تداعى الأكلة إلى قصعتها , وينفردون بكل دولة أو دويلة على حدة , ويستثمرون حالة عدم استشعار وإدراك الأمة لمغزى قوله تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ...} آل عمران/103 , وقوله تعالى : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } الأنفال/46
وقد ساد هذا الضعف حتى وصل الحال بالأمة إلى ما نراه اليوم من تداعي عواصمها الإسلامية العريقة أمام تحالف صهيوني صليبي صفوي لم يشهد التاريخ له مثيل , وتهديد بقية الدول الإسلامية بنفس المصير إن لم تتدارك نفسها , على اعتبار أن عودة اجتماع هذه الأمة ضربا من الخيال أو المحال حسب اعتقادها .
إلا أن الواقع قد كذب ما ظنه أعداء هذا الدين , وها هي الدول العربية والإسلامية تحصد أخيرا نتائج وحدتها , وتذوق طعم العزة والكرامة جراء تضامنها تجاه قضية تهدد كيانها ومصيرها , وقد ظهر ذلك جليا في مشهدين اثنين هما :
1- مشهد اعتذار الحكومة السويدية عن توتر العلاقات بين البلدين جراء تصريحات مسيئة لوزيرة الخارجية السويدية تجاه المملكة منذ أيام .
2- ومشهد الرد القوي والحازم الذي قامت به عشر دول عربية وإسلامية بتأييد عربي ودولي واسع وبقيادة المملكة العربية السعودية على التهديد الحوثي لأمن واستقرار اليمن ودول المنطقة بأسرها , من خلال القيام بعملية عسكرية نوعية باسم "عاصفة الحزم" ضد مواقع قوات الحوثي وقوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح .
أما بالنسبة للمشهد الأول , فقد حصدت الدول الخليجية تحديدا على نتيجة تضامنهم وتعاضدهم مع المملكة السعودية , تجاه تصريحات لوزيرة خارجية السويد مارغو والستروم أمام برلمان بلادها تضمنت انتقادا لأحكام النظام القضائي الإسلامي في المملكة , الأمر الذي اعتبرته السعودية "تدخلا سافرا في شؤونها الداخلية" .
لقد أثمر تضامن كل من دولة قطر والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي و عمان والكويت والبحرين مع المملكة , وتجاوز الاقتصار على التنديد بالتصريحات السويدية إلى سحب السفراء وتهديد المصالح الاقتصادية السويدية مع السعودية بشكل خاص والخليج بشكل عام , إلى تراجع في المواقف السويدية , والذي تكلل آخر المطاف بالاعتذار رسميا للسعودية .
فقد شدد ملك السويد كارل غوستاف في رسالة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز على قوة ومتانة العلاقات بين المملكتي , كما تسلم الملك سلمان رسالة أخرى من رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين أبدى فيها بالغ الأسى والأسف بشأن الأزمة التي تمر بها العلاقات بين البلدين ، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية .
كما أكد رئيس الوزراء السويدي حرص حكومته ورغبتها العميقة في الحفاظ على العلاقات بين البلدين، وتطلعها للترحيب بعودة السفير السعودي إلى أستوكهولم، والبدء بالعمل المشترك لتعزيز العلاقات الثنائية وفق حوار قائم على الأمانة والاحترام المتبادل في كل القضايا , لتقرر المملكة إعادة السفير بعد قبول الاعتذار .
وأما بالنسبة للمشهد الثاني فها هي "عاصفة الحزم" تحصد نتائج ذلك التضامن العربي والإسلامي الذي كانت تفتقده الأمة منذ زمن طويل من عدة وجوه :
1- أوقفت هذه العملية العسكرية – على أقل تقدير – انهيار اليمن وسقوطه بيد الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح بشكل كامل , ناهيك عن تحجيمها لقوة الحوثيين من خلال استهداف الغارات المستمرة حتى الآن مقراتهم وأماكن مستودعات أسلحتهم في اليمن .
2- أعادت هذه العملية العسكرية الروح المعنوية للشعوب العربية والإسلامية , وهي نتيجة خطيرة وفي غاية الأهمية , فخيبة الأمل التي كانت تهيمن على نفوس هذه الشعوب من عدم تحرك الدول الإسلامية تجاه ما يجري في المنطقة , كان العامل الأبرز في استئساد أعداء الأمة وعبثها بأمن واستقرار الدول الإسلامية .
3- خفوت صوت الغرور الحوثي وحليفه علي عبد الله صالح , حيث طالب الأخير وقف غارات التحالف الإسلامي والقتال عموما في اليمن , داعيا إلى العودة للحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة بين المكونات السياسية اليمنية , ولم يكن صالح ليفعل ذلك لولا وقع الضربات القاسية عليه وعلى حلفائه الحوثيين .
4- تراجع في الموقف الإيراني من التهديد والوعيد إلى التنديد والدعوة إلى الحوار , حيث دعا وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إلى وقف الغارات الجوية للتحالف العشري بقيادة المملكة العربية , مضيفا أن على الجميع تشجيع الحوار والمصالحة الوطنية في اليمن ، وتفادي جعل الخلاف أكثر صعوبة على اليمنيين .
والحقيقة أن هذه لم تكن أبدا لغة طهران قبل بدء عملية "عاصفة الحزم" , بل كانت تأييدها لكل ما يقوم به الحوثيون واضح وصريح , بل لم تكن هذه لغتها بعد بدء العملية بساعات , حيث يمكن ملاحظة انتقالها من التهديد والوعيد إلى التنديد والدعوة للحوار , وهو ما دفع بعض المحللين للقول : إن طهران بدأت تتعاطى مع ما يجري في اليمن بأنه أمر واقع , وأنها مقتنعة بأن عاصفة الحزم لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها ، ما يجعلها مستعدة لتقديم أي تسهيلات للحوار والوصول إلى حل سياسي.
هذه بعض ثمار التضامن الإسلامي – وإن كان جزئيا – فكيف إذا كان هذا التضامن كاملا وشاملا ؟!
[/align]