عن الترفيه والترويح (1) الشيخ عبدالله علي الغامدي
الفريق العلمي
1438/04/20 - 2017/01/18 19:52PM
[align=justify]الحمد لله فالق الإصباح , وخالق الأرواح , ومصرف الرياح , وضع عن عباده إصرهم , والأغلال التي كانت عليهم وأزاح , وأذن لأمة السؤدد والكفاح ومن خلّدوا مآثر العز والفلاح بشيء من اللهو المباح , والمداعبة والملاعبة والمزاح , في حدود ما شرع الله وأتاح.
نحمده على ما تجدد من نعمه , ونشكره بالغدوّة والرواح، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , الذي قدم إليه أهل الحبشة وكانوا يلعبون بحراب لهم فقال عليه الصلاة والسلام : " العبوا يا بني أرفده! حتى تعلم اليهود والنصارى أنَّ في ديننا فسحة " (في السلسلة الصحيحة 1829).
وورد في حديث آخر قوله عليه الصلاة والسلام "كُلُّ شيء لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ سَهْوٌ وَلَهْوٌ إِلاَّ أَرْبَعًا مَشْيَ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَتَعَلُّمَهُ السِّبَاحَةَ وَمُلاَعَبَتَهُ أَهْلَهُ ».(في السلسلة الصحيحة 315). صلى الله عليه وعلى آله ما بدا فجر ولاح , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
عباد الله :
أوصيكم ونفسي بتقوى الله خيرِ زاد وأرجى مدّخر , ولنعمر أعمارنا بما فيه عمار آخرتنا من صالح الأعمال وأزكى القربات ومحاسن الأخلاق.
أيها الجمع الكريم
إن مشكلة الفراغ في حياة الأمة أسرا وأبناء كبارا وصغارا لآفة مروعه , وداء مخيف .
إن معنى الفراغ بصورته الحقيقية البطالة والكسل والقعود والرضي بالدون .
إن معنى الفراغ أن تتفشى في أوساط المجتمعات الخمرة والمخدرات والسرقة والانحرافات السلوكية والأخلاقية 00
إن معنى الفراغ إنْ دبّ في شريان الأسر وأركانها , ضياع الأبناء , والانشغال بملاحقة الموضة والأزياء , والسهرعلى قنوات الفضاء, والمكث ساعات طوال ملاحقة لجديد مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت عبر الجوال.
إن الفراغ في حقيقته ليس فراغ الوقت , ولكنه فراغ النفس والقلب فراغ القيم والمبادئ العليا , فراغ الأهداف الجادة والعمل البنّاء 00
ولوجود الفراغ في حياة الأمة أسبابه :
1- والتي منها الترف ووفرة المال.
2- وتوفر الخدم .
3- وكثرة وسائل الراحة على صعيد أعمال البيت والوظيفة والتنقل ومرافق الحياة الأخرى.
4- ومن أسبابه الرئيسة أيضا تسارع صناعة الترويح والترفيه والملاهي ونحوها
فأنشئت لذلك مؤسسات واستحدثت دراسات وصدرت صناعات ووضعت لذلك برامج وأنشطة , وأقيمت مسابقات وأجريت منافسات , بل أنشئت من أجل ذلك وزارات وهيئات , إذ أصبح الاستثمار السياحي على سبيل المثال يشكل حجر زاوية في وارادات كثير من الدول , ألا ترى أخي إذا اقبل الصيف أو أوقات العطل كم هو التنافس المحموم لإغراء السائح والمتنزّه بتنزيلات وتخفيضات , وخدمات وتنقلات , وإمكانات ووجبات وزيارات وتسهيلات , ناهيك عما يكتنف ذلك من خدمات أخرى لا تظهر في الإعلانات ويستحيا من ذكرها في الدعايات مما يعرفه السائحون والسائحات 00واللبيب بالإشارة يفهم 00
أخي المؤمن 00اغتنم خمسا قبل خمس .
والسؤال الذي يطرح نفسه :
ما موقف الإسلام من الترويح والترفيه ؟ وما تعرفيهما الصحيح؟
إن الترويح في أحسن تعاريفه المختارة يتمثل في " نشاط هادف ممتع يُمارس اختياريا بوسائل عديدة ومباحة شرعا , تستجم به النفس باعث لها على النشاط بعد فتور وتعب , وعلى سرور وانشراح بعد اغتمام وهمّ" ..
أما شريعة الكريم الرحمن أخي في الله فبكمالها وشمولها لم تترك مجالا من مجالات الحياة الإنسانية إلا وبيّنت أحكامه وفصّلت آدابه وضوابطه 00(ما فرطنا في الكتاب من شيء)ومع ذلك فقد تميزت بفضل الله - أي هذه الشريعة - بالسماحة واليسر والاستجابة لمتطلبات الفطرة والنفس البشرية بما لا غلو فيه ولا إهمال ولا تفريط ولا إفراط 00
ولأن الترويح بدأت تكثر وسائله وتتعدد مناحيه وتروّج بين الناس دعاياته فهو من الموضوعات الشائكة , فهو يحقق رغبات وشهوات نفسية تجعل النفوس إليه أميل والتساهل فيه أكبر والترخص فيه والتنازل أكثر وأخطر
وإليك أخي جوانب في حياة القدوة والأسوة محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه , ومن عاشره من صحابته رضي الله عنهم , ومن خلفهم على النهج ذاته والسنة نفسهما تبين لنا بجلاء كيف كان الترويح والترفيه في حياتهم , وهل كان له وجود فعليا بينهم , ومن ثم توضح أنواعه وضوابطه بإذن الله تعالى: فمن ذلك:
1- الترويح بالمداعبة والممازحة.
لقد كان صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه رضي الله عنهم حتى قالوا: يارسول إنك تداعبنا؛ فقال: إني لا أقول إلا حقا وأخبر عن أفضل الأعمال بقوله " من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن ، تقضي عنه دينا ، تقضي له حاجة ، تنفّس له كربة ". (السلسلة الصحيحة 2291).
وأتته عليه الصلاة والسلام يوما امرأة عجوز فقالت يارسول الله ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة فقال (يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز) فولّت تبكي فقال (أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول (إنا أنشأنهن إنشاء فجعلهن أبكارا عربا أترابا )في السلسلة الصحيحة 02987
وكان ينادي عليه الصلاة والسلام أحد الصحابة "يا ذا الأذنين "صحيح الجامع 7909 ورسول الله صلي الله عليه وسلم صادق في وصفه
وكان صهيب الرومي رضي الله عنه مزّاحا ,فقد قال:" قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ادن فكل فأخذت آكل من التمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم تأكل تمرا وبك رمد قال فقلت إني أمضغ من ناحية أخرى فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم" صحيح ابن ماجة 3443 .
وكان هذا خلقه عليه الصلاة والسلام حتى مع أهل بيته وقد سرت هذه الروح السمحة المرحة إلى نفوس أصحابه فكانوا على ما هم عليه من جدّ وجهاد وعبادة وعمل يتمازحون ويداعب بعضهم بعضا وكانوا يترامون بقشر البطيخ ولكن إذا جدّ الجدّ فهم الرجال رضي الله عنهم وأرضاهم .
2- الترويح بالفروسية والرمي .
عُرف العرب منذ الجاهلية بتعلمهم الفروسية بأنواعها من ركوب للخيل ورمي بالقوس ومطاعنة بالرماح ومداورة بالسيوف , وكانوا ينشئون عليها أولادهم , وجاء الإسلام فأقر هذه كلها بل وشجع على ممارستها .
قال عليه الصلاة والسلام (اللهو في ثلاث : تأديب فرسك و رميك بقوسك و ملاعبتك أهلك) (صحيح الجامع 5498). وكان ينتهز الفرص ليسابق بين الخيل سواء أكان في المدينة والمسلمون لم يتهيئوا للحرب أم كان والمسلمون عائدون من الغزو , ولربما أحيانا شارك في الرهان ويفرح حين تفوز خيله ومن ذلك أنه" راهن على فرس يقال له (سبحه)فسبق الناس فبش لذلك عليه الصلاة والسلام وأعجبه " (حديث حسن في غاية المرام 391).
وما كان ليفعل ذلك عليه الصلاة والسلام إلا تعويدا على الجهاد والشجاعة والرجولة
والرمي من فنون القتال قال عليه الصلاة والسلام (ستفتح أرضون ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بسهمه) رواه مسلم
ومرّ النبي صلوات ربى وسلامه عليه على نفر من أسلم ينتصلون في السوق فقال (ارموا بني إسماعيل فان أباكم كان راميا , ارموا وأنا مع بني فلان) قال فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: مالكم لا ترمون؟ قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم (ارموا وأنا معكم كلكم). (في صحيح الترغيب والترهيب 1280)
3- الترويح بالحِداء.
كان الصحابة رضي الله عنهم في عصر الرسول صلي الله عليه وسلم وما بعده يُنشدون وهم على الإبل حال سفرهم لتجارة أو جهاد أوغيرها، وكانت هذه الأناشيد تحفّز هممهم , وتجدد نشاطهم , وتحث الإبل على الإسراع في مسيرها , وما كان ينهاهم عن ذلك عليه الصلاة والسلام إلا إذا خشي أن تهيج الإبل فتُسقط ما عليها من هوادج النساء أو غيرها , فقد قال مرّة
" ارفق يا أنجشة - ويحك - بالقوارير". (صحيح الأدب المفرد 682).
روى البخاري رحمه الله أن المصطفى في مسيره عليه الصلاة والسلام لخيبر وكان الوقت ليلا, فقال رجل منهم لعامر بن الأكوع وكان حاديا حسن الصوت: ياعامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ فبدأ عامر يحدوا بالناس، ويقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولاصلينا
وقد سمعه الرسول فسأل عنه فقيل له ،عامر بن الأكوع فقال (يرحمه الله ).
4- الارتجاز.
وقد كان بعض الصحابة رضي الله عنهم يرتجزون سواء وهم في الجهاد أو كانوا في عمل شاق ليخفف عنهم العناء , ويروّح عن نفوسهم .
روى البخاري رحمه الله عن البراء - رضي الله عنه - قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب حتى وارى الترابُ شعر صدره عليه الصلاة والسلام,وكان رجلا كثير الشعر وهو يرتجز برجز /عبد الله بن رواحه
اللهم لولا انت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولاصلينا
فأنزلنْ سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأُلى قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا
وكان صلى الله عليه وسلم يرتجز بذلك رافعا صوته , وكذا كان ارتجازهم رضي الله عنهم يوم بنوا المسجد النبوي وهم يحملون الحجارة ويضعون اللبن , حينها جعل الحبيب يقول عليه الصلاة والسلام
اللهم إن العيش عيش الأخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
5- الترويح بالمسابقات الرياضية:
لقد عُرفت في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من المسابقات والمنافسات الرياضية , بل كان أحيانا يشاركهم في بعضها عليه الصلاة والسلام وأحيانا يكتفي بمشاهدته وإقراره لهم وتشجيعهم , ما بين مسابقات على الأقدام وبين الخيل وبين الإبل والرمي
أ) المصارعة .
شُغف العرب في الجاهلية بالمصارعة وكانوا - من ولعهم بها - يخصصون لها مكانا هاما في أسواقهم كسوق عكاظ ومَجِنّةَ وذي المجاز وغيرِها , ولذا صارع مرّة رسول صلى الله عليه وسلم ركانة رضي الله عنه وكان وقتها مشركا فعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ بِالْبَطْحَاءِ فَأَتَى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ رُكَانَةَ أَوْ رُكَانَةُ بْنُ يَزِيدَ وَمَعَهُ أَعْنُزٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ هَلْ لَكَ أَنْ تُصَارِعَنِى فَقَالَ :« مَا تُسْبِقْنِى ». قَالَ شَاةً مِنْ غَنَمِى فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ فَأَخَذَ شَاةً قَالَ رُكَانَةُ هَلْ لَكَ فِى الْعُودِ قَالَ :« مَا تُسْبِقْنِى؟ ». قَالَ أُخْرَى ذَكَرَ ذَلِكَ مِرَارًا فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا وَضَعَ أَحَدٌ جَنْبِى إِلَى الأَرْضِ وَمَا أَنْتَ الَّذِى تَصْرَعُنِى يَعْنِى فَأَسْلَمَ وَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَنَمَهُ".(حديث حسن في إرواء الغليل) .
وكان غلمان الأنصار يُعرضون عليه عليه الصلاة والسلام من كل عام فمن بلغ منهم بعثه (فعرضهم ذات مرّة فمرّ به غلام فأجازه في البعث , وعُرض عليه سمرة بن جندب رضي الله عنه فرده قال سمرة رضي الله عنه يا رسول الله أجزت غلاما ورددتني ولو صارعني لصرعته قال (فدونك فصارعه) قال فصارعته فصرعته فأجازني في البعث) . هذه أهداف المصارعة , ليست كما هي عليه اليوم من لباس لا يكاد يستر السوأتين , ناهيك إن كانت مصارعة غربية عن سلاسل تلبس , وصلبان تُعلّق , وأوشام على الأجساد ترسم ..
ب) سباق الأقدام.
وقد سابق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عائشة رضي الله عنها مرتين وتسابق الصحابة رضي الله عنهم في حضرته وممن عُرفوا بذلك سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فقد كان يسابق الخيل فيسبقها 0
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم . فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله وكفى 00وصلاة وسلاما على الرسول المصطفى والأسوة المجتبى 00صلى الله عليه وعلى آله ومن سار على هداه واقتفي
عباد الله : ومن المنافسات الرياضية التي حث على تعلمها ديننا :
ج ) السباحة .
قال عليه الصلاة والسلام "كُلُّ شيء لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ سَهْوٌ وَلَهْوٌ إِلاَّ أَرْبَعًا مَشْيَ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَتَعَلُّمَهُ السِّبَاحَةَ وَمُلاَعَبَتَهُ أَهْلَهُ ».
وقد أجاد السباحة نفر من الصحابة رضي الله عنهم إجادة فائقة , ففي الإصابة ذكر ابن حجر رحمه الله ان عبد الله بن الزبير طاف بالبيت سباحه بعدما غمرته مياه أحد السيول
6- الترويح بالصيد .
كان للصيد شأنه الكبير في حياة العرب , فلما جاء الإسلام نظم هذه الرياضة:
1- محدّدا ما يصاد ومالا يصاد .
2- كما بيّن جواز استخدام بعض الحيوانات والطيور في الصيد ومالا يجوز .
3- وبين حكم المصيدات في أماكن معيّنة كالحرم , وفي أزمنة محددة , كوقت تلبس العبد بالإحرام .
4- وبين أحكام آلات الصيد وأدواته .
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم (انا قوم نتصيد 00) فأقره عليه الصلاة والسلام (رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح 18270).
إلا أنه في المقابل نهى عن إضاعة الأوقات في تتبع الصيد فقال (من بدا جفا ومن اتّبع الصيد غفل) رواه البخاري .
وروى أيضا أن الصحابة رضي الله عنهم صادوا في أحد أسفارهم أرنبا وبعثوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم (بوركها وفخذيها فقبله).
أخي المؤمن
لقد كان الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من سلف الأمة يدركون أن للنفس إقبالا وإدبارا وأنها تضجر وتملّ , فها هو ابن مسعود رضي الله عنه يقول (أريحوا القلوب فإن القلب إذا أكره عمي ) وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا أُكثر عليه في مسائل القرآن والحديث يقول (إحمضوا ، يريد :خذوا في الشعر وأخبار العرب وقال على رضي الله عنه (لابأس بالمفاكهة يخرج بها الرجل عن حد العبوس ) وفي تذكرة السامع لابن جماعة رحمه الله يقول (ولابأس أن يريح نفسه - أي المتعلم - وقلبه وذهنه وبصره إذا كلّ شيئا من ذلك أو ضعف بتنزه وتفرّج في المستنزهات بحيث يعود إلى حاله ولا يضيع عليه زمانه , ولا بأس بمعاناة المشي ورياضة البدن به فقد قيل إنه ينعش الحرارة ويذيب فضول الأخلاط وينشّط البدن.
يقول ابن الخطاب عمر رضي الله عنه (إني ليعجبني أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي , فإذا بغي حاجة وُجد رجلا ).
أما النساء فقد أذن لهن الشارع الحكيم باللعب
1- ضربا بالدفوف الخالية من الخلاخل .
2- شريطة بعدهن عن سمع الرجال وبصرهم .
3- وأن يكون لعبهن بكلمات طيبة عفيفة .
فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها (أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ياعائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو" 0
وفي رواية (فهل بعثتم معها جاريه تضرب بالدف وتغني قلت تقول ماذا؟ قال تقول
(أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم) (ولولا الذهب الأحمر ماحلت بواديكم)
(ولولا الحنطة السوداء ما سمنت عذاريكم).
أخي في الله
نعم لقد جاء الإسلام مراعيا في الإنسان عقلا له تفكيره , وجسما له مطالبه , وروحا لها أشواقها لذا قال صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وانام , وأصوم وأفطر , وأتزوج النساء , فمن رغب عن سنتي فليس مني , والأصل في وجود الإنسان على هذه المعمورة والهدف والغاية /مشار إليه في قوله سبحانه (وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين).
هذه بعض صور الترفيه في حياة السلف الصالح رحمهم الله وفي عهد النبوة الأولى , وللحديث بإذن الله بقية في خطبة قادمة حول موضوع الترويح الترفيه بيانا لضوابطه وأحكامه ومراتبه وآدابه .
[/align]
نحمده على ما تجدد من نعمه , ونشكره بالغدوّة والرواح، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , الذي قدم إليه أهل الحبشة وكانوا يلعبون بحراب لهم فقال عليه الصلاة والسلام : " العبوا يا بني أرفده! حتى تعلم اليهود والنصارى أنَّ في ديننا فسحة " (في السلسلة الصحيحة 1829).
وورد في حديث آخر قوله عليه الصلاة والسلام "كُلُّ شيء لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ سَهْوٌ وَلَهْوٌ إِلاَّ أَرْبَعًا مَشْيَ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَتَعَلُّمَهُ السِّبَاحَةَ وَمُلاَعَبَتَهُ أَهْلَهُ ».(في السلسلة الصحيحة 315). صلى الله عليه وعلى آله ما بدا فجر ولاح , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
عباد الله :
أوصيكم ونفسي بتقوى الله خيرِ زاد وأرجى مدّخر , ولنعمر أعمارنا بما فيه عمار آخرتنا من صالح الأعمال وأزكى القربات ومحاسن الأخلاق.
أيها الجمع الكريم
إن مشكلة الفراغ في حياة الأمة أسرا وأبناء كبارا وصغارا لآفة مروعه , وداء مخيف .
إن معنى الفراغ بصورته الحقيقية البطالة والكسل والقعود والرضي بالدون .
إن معنى الفراغ أن تتفشى في أوساط المجتمعات الخمرة والمخدرات والسرقة والانحرافات السلوكية والأخلاقية 00
إن معنى الفراغ إنْ دبّ في شريان الأسر وأركانها , ضياع الأبناء , والانشغال بملاحقة الموضة والأزياء , والسهرعلى قنوات الفضاء, والمكث ساعات طوال ملاحقة لجديد مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت عبر الجوال.
إن الفراغ في حقيقته ليس فراغ الوقت , ولكنه فراغ النفس والقلب فراغ القيم والمبادئ العليا , فراغ الأهداف الجادة والعمل البنّاء 00
ولوجود الفراغ في حياة الأمة أسبابه :
1- والتي منها الترف ووفرة المال.
2- وتوفر الخدم .
3- وكثرة وسائل الراحة على صعيد أعمال البيت والوظيفة والتنقل ومرافق الحياة الأخرى.
4- ومن أسبابه الرئيسة أيضا تسارع صناعة الترويح والترفيه والملاهي ونحوها
فأنشئت لذلك مؤسسات واستحدثت دراسات وصدرت صناعات ووضعت لذلك برامج وأنشطة , وأقيمت مسابقات وأجريت منافسات , بل أنشئت من أجل ذلك وزارات وهيئات , إذ أصبح الاستثمار السياحي على سبيل المثال يشكل حجر زاوية في وارادات كثير من الدول , ألا ترى أخي إذا اقبل الصيف أو أوقات العطل كم هو التنافس المحموم لإغراء السائح والمتنزّه بتنزيلات وتخفيضات , وخدمات وتنقلات , وإمكانات ووجبات وزيارات وتسهيلات , ناهيك عما يكتنف ذلك من خدمات أخرى لا تظهر في الإعلانات ويستحيا من ذكرها في الدعايات مما يعرفه السائحون والسائحات 00واللبيب بالإشارة يفهم 00
أخي المؤمن 00اغتنم خمسا قبل خمس .
والسؤال الذي يطرح نفسه :
ما موقف الإسلام من الترويح والترفيه ؟ وما تعرفيهما الصحيح؟
إن الترويح في أحسن تعاريفه المختارة يتمثل في " نشاط هادف ممتع يُمارس اختياريا بوسائل عديدة ومباحة شرعا , تستجم به النفس باعث لها على النشاط بعد فتور وتعب , وعلى سرور وانشراح بعد اغتمام وهمّ" ..
أما شريعة الكريم الرحمن أخي في الله فبكمالها وشمولها لم تترك مجالا من مجالات الحياة الإنسانية إلا وبيّنت أحكامه وفصّلت آدابه وضوابطه 00(ما فرطنا في الكتاب من شيء)ومع ذلك فقد تميزت بفضل الله - أي هذه الشريعة - بالسماحة واليسر والاستجابة لمتطلبات الفطرة والنفس البشرية بما لا غلو فيه ولا إهمال ولا تفريط ولا إفراط 00
ولأن الترويح بدأت تكثر وسائله وتتعدد مناحيه وتروّج بين الناس دعاياته فهو من الموضوعات الشائكة , فهو يحقق رغبات وشهوات نفسية تجعل النفوس إليه أميل والتساهل فيه أكبر والترخص فيه والتنازل أكثر وأخطر
وإليك أخي جوانب في حياة القدوة والأسوة محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه , ومن عاشره من صحابته رضي الله عنهم , ومن خلفهم على النهج ذاته والسنة نفسهما تبين لنا بجلاء كيف كان الترويح والترفيه في حياتهم , وهل كان له وجود فعليا بينهم , ومن ثم توضح أنواعه وضوابطه بإذن الله تعالى: فمن ذلك:
1- الترويح بالمداعبة والممازحة.
لقد كان صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه رضي الله عنهم حتى قالوا: يارسول إنك تداعبنا؛ فقال: إني لا أقول إلا حقا وأخبر عن أفضل الأعمال بقوله " من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن ، تقضي عنه دينا ، تقضي له حاجة ، تنفّس له كربة ". (السلسلة الصحيحة 2291).
وأتته عليه الصلاة والسلام يوما امرأة عجوز فقالت يارسول الله ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة فقال (يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز) فولّت تبكي فقال (أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول (إنا أنشأنهن إنشاء فجعلهن أبكارا عربا أترابا )في السلسلة الصحيحة 02987
وكان ينادي عليه الصلاة والسلام أحد الصحابة "يا ذا الأذنين "صحيح الجامع 7909 ورسول الله صلي الله عليه وسلم صادق في وصفه
وكان صهيب الرومي رضي الله عنه مزّاحا ,فقد قال:" قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ادن فكل فأخذت آكل من التمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم تأكل تمرا وبك رمد قال فقلت إني أمضغ من ناحية أخرى فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم" صحيح ابن ماجة 3443 .
وكان هذا خلقه عليه الصلاة والسلام حتى مع أهل بيته وقد سرت هذه الروح السمحة المرحة إلى نفوس أصحابه فكانوا على ما هم عليه من جدّ وجهاد وعبادة وعمل يتمازحون ويداعب بعضهم بعضا وكانوا يترامون بقشر البطيخ ولكن إذا جدّ الجدّ فهم الرجال رضي الله عنهم وأرضاهم .
2- الترويح بالفروسية والرمي .
عُرف العرب منذ الجاهلية بتعلمهم الفروسية بأنواعها من ركوب للخيل ورمي بالقوس ومطاعنة بالرماح ومداورة بالسيوف , وكانوا ينشئون عليها أولادهم , وجاء الإسلام فأقر هذه كلها بل وشجع على ممارستها .
قال عليه الصلاة والسلام (اللهو في ثلاث : تأديب فرسك و رميك بقوسك و ملاعبتك أهلك) (صحيح الجامع 5498). وكان ينتهز الفرص ليسابق بين الخيل سواء أكان في المدينة والمسلمون لم يتهيئوا للحرب أم كان والمسلمون عائدون من الغزو , ولربما أحيانا شارك في الرهان ويفرح حين تفوز خيله ومن ذلك أنه" راهن على فرس يقال له (سبحه)فسبق الناس فبش لذلك عليه الصلاة والسلام وأعجبه " (حديث حسن في غاية المرام 391).
وما كان ليفعل ذلك عليه الصلاة والسلام إلا تعويدا على الجهاد والشجاعة والرجولة
والرمي من فنون القتال قال عليه الصلاة والسلام (ستفتح أرضون ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بسهمه) رواه مسلم
ومرّ النبي صلوات ربى وسلامه عليه على نفر من أسلم ينتصلون في السوق فقال (ارموا بني إسماعيل فان أباكم كان راميا , ارموا وأنا مع بني فلان) قال فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: مالكم لا ترمون؟ قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم (ارموا وأنا معكم كلكم). (في صحيح الترغيب والترهيب 1280)
3- الترويح بالحِداء.
كان الصحابة رضي الله عنهم في عصر الرسول صلي الله عليه وسلم وما بعده يُنشدون وهم على الإبل حال سفرهم لتجارة أو جهاد أوغيرها، وكانت هذه الأناشيد تحفّز هممهم , وتجدد نشاطهم , وتحث الإبل على الإسراع في مسيرها , وما كان ينهاهم عن ذلك عليه الصلاة والسلام إلا إذا خشي أن تهيج الإبل فتُسقط ما عليها من هوادج النساء أو غيرها , فقد قال مرّة
" ارفق يا أنجشة - ويحك - بالقوارير". (صحيح الأدب المفرد 682).
روى البخاري رحمه الله أن المصطفى في مسيره عليه الصلاة والسلام لخيبر وكان الوقت ليلا, فقال رجل منهم لعامر بن الأكوع وكان حاديا حسن الصوت: ياعامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ فبدأ عامر يحدوا بالناس، ويقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولاصلينا
وقد سمعه الرسول فسأل عنه فقيل له ،عامر بن الأكوع فقال (يرحمه الله ).
4- الارتجاز.
وقد كان بعض الصحابة رضي الله عنهم يرتجزون سواء وهم في الجهاد أو كانوا في عمل شاق ليخفف عنهم العناء , ويروّح عن نفوسهم .
روى البخاري رحمه الله عن البراء - رضي الله عنه - قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب حتى وارى الترابُ شعر صدره عليه الصلاة والسلام,وكان رجلا كثير الشعر وهو يرتجز برجز /عبد الله بن رواحه
اللهم لولا انت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولاصلينا
فأنزلنْ سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأُلى قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا
وكان صلى الله عليه وسلم يرتجز بذلك رافعا صوته , وكذا كان ارتجازهم رضي الله عنهم يوم بنوا المسجد النبوي وهم يحملون الحجارة ويضعون اللبن , حينها جعل الحبيب يقول عليه الصلاة والسلام
اللهم إن العيش عيش الأخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
5- الترويح بالمسابقات الرياضية:
لقد عُرفت في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من المسابقات والمنافسات الرياضية , بل كان أحيانا يشاركهم في بعضها عليه الصلاة والسلام وأحيانا يكتفي بمشاهدته وإقراره لهم وتشجيعهم , ما بين مسابقات على الأقدام وبين الخيل وبين الإبل والرمي
أ) المصارعة .
شُغف العرب في الجاهلية بالمصارعة وكانوا - من ولعهم بها - يخصصون لها مكانا هاما في أسواقهم كسوق عكاظ ومَجِنّةَ وذي المجاز وغيرِها , ولذا صارع مرّة رسول صلى الله عليه وسلم ركانة رضي الله عنه وكان وقتها مشركا فعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ بِالْبَطْحَاءِ فَأَتَى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ رُكَانَةَ أَوْ رُكَانَةُ بْنُ يَزِيدَ وَمَعَهُ أَعْنُزٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ هَلْ لَكَ أَنْ تُصَارِعَنِى فَقَالَ :« مَا تُسْبِقْنِى ». قَالَ شَاةً مِنْ غَنَمِى فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ فَأَخَذَ شَاةً قَالَ رُكَانَةُ هَلْ لَكَ فِى الْعُودِ قَالَ :« مَا تُسْبِقْنِى؟ ». قَالَ أُخْرَى ذَكَرَ ذَلِكَ مِرَارًا فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا وَضَعَ أَحَدٌ جَنْبِى إِلَى الأَرْضِ وَمَا أَنْتَ الَّذِى تَصْرَعُنِى يَعْنِى فَأَسْلَمَ وَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَنَمَهُ".(حديث حسن في إرواء الغليل) .
وكان غلمان الأنصار يُعرضون عليه عليه الصلاة والسلام من كل عام فمن بلغ منهم بعثه (فعرضهم ذات مرّة فمرّ به غلام فأجازه في البعث , وعُرض عليه سمرة بن جندب رضي الله عنه فرده قال سمرة رضي الله عنه يا رسول الله أجزت غلاما ورددتني ولو صارعني لصرعته قال (فدونك فصارعه) قال فصارعته فصرعته فأجازني في البعث) . هذه أهداف المصارعة , ليست كما هي عليه اليوم من لباس لا يكاد يستر السوأتين , ناهيك إن كانت مصارعة غربية عن سلاسل تلبس , وصلبان تُعلّق , وأوشام على الأجساد ترسم ..
ب) سباق الأقدام.
وقد سابق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام عائشة رضي الله عنها مرتين وتسابق الصحابة رضي الله عنهم في حضرته وممن عُرفوا بذلك سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فقد كان يسابق الخيل فيسبقها 0
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم . فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله وكفى 00وصلاة وسلاما على الرسول المصطفى والأسوة المجتبى 00صلى الله عليه وعلى آله ومن سار على هداه واقتفي
عباد الله : ومن المنافسات الرياضية التي حث على تعلمها ديننا :
ج ) السباحة .
قال عليه الصلاة والسلام "كُلُّ شيء لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ سَهْوٌ وَلَهْوٌ إِلاَّ أَرْبَعًا مَشْيَ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَتَعَلُّمَهُ السِّبَاحَةَ وَمُلاَعَبَتَهُ أَهْلَهُ ».
وقد أجاد السباحة نفر من الصحابة رضي الله عنهم إجادة فائقة , ففي الإصابة ذكر ابن حجر رحمه الله ان عبد الله بن الزبير طاف بالبيت سباحه بعدما غمرته مياه أحد السيول
6- الترويح بالصيد .
كان للصيد شأنه الكبير في حياة العرب , فلما جاء الإسلام نظم هذه الرياضة:
1- محدّدا ما يصاد ومالا يصاد .
2- كما بيّن جواز استخدام بعض الحيوانات والطيور في الصيد ومالا يجوز .
3- وبين حكم المصيدات في أماكن معيّنة كالحرم , وفي أزمنة محددة , كوقت تلبس العبد بالإحرام .
4- وبين أحكام آلات الصيد وأدواته .
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم (انا قوم نتصيد 00) فأقره عليه الصلاة والسلام (رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح 18270).
إلا أنه في المقابل نهى عن إضاعة الأوقات في تتبع الصيد فقال (من بدا جفا ومن اتّبع الصيد غفل) رواه البخاري .
وروى أيضا أن الصحابة رضي الله عنهم صادوا في أحد أسفارهم أرنبا وبعثوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم (بوركها وفخذيها فقبله).
أخي المؤمن
لقد كان الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من سلف الأمة يدركون أن للنفس إقبالا وإدبارا وأنها تضجر وتملّ , فها هو ابن مسعود رضي الله عنه يقول (أريحوا القلوب فإن القلب إذا أكره عمي ) وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا أُكثر عليه في مسائل القرآن والحديث يقول (إحمضوا ، يريد :خذوا في الشعر وأخبار العرب وقال على رضي الله عنه (لابأس بالمفاكهة يخرج بها الرجل عن حد العبوس ) وفي تذكرة السامع لابن جماعة رحمه الله يقول (ولابأس أن يريح نفسه - أي المتعلم - وقلبه وذهنه وبصره إذا كلّ شيئا من ذلك أو ضعف بتنزه وتفرّج في المستنزهات بحيث يعود إلى حاله ولا يضيع عليه زمانه , ولا بأس بمعاناة المشي ورياضة البدن به فقد قيل إنه ينعش الحرارة ويذيب فضول الأخلاط وينشّط البدن.
يقول ابن الخطاب عمر رضي الله عنه (إني ليعجبني أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي , فإذا بغي حاجة وُجد رجلا ).
أما النساء فقد أذن لهن الشارع الحكيم باللعب
1- ضربا بالدفوف الخالية من الخلاخل .
2- شريطة بعدهن عن سمع الرجال وبصرهم .
3- وأن يكون لعبهن بكلمات طيبة عفيفة .
فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها (أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ياعائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو" 0
وفي رواية (فهل بعثتم معها جاريه تضرب بالدف وتغني قلت تقول ماذا؟ قال تقول
(أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم) (ولولا الذهب الأحمر ماحلت بواديكم)
(ولولا الحنطة السوداء ما سمنت عذاريكم).
أخي في الله
نعم لقد جاء الإسلام مراعيا في الإنسان عقلا له تفكيره , وجسما له مطالبه , وروحا لها أشواقها لذا قال صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وانام , وأصوم وأفطر , وأتزوج النساء , فمن رغب عن سنتي فليس مني , والأصل في وجود الإنسان على هذه المعمورة والهدف والغاية /مشار إليه في قوله سبحانه (وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين).
هذه بعض صور الترفيه في حياة السلف الصالح رحمهم الله وفي عهد النبوة الأولى , وللحديث بإذن الله بقية في خطبة قادمة حول موضوع الترويح الترفيه بيانا لضوابطه وأحكامه ومراتبه وآدابه .
[/align]