عُنوانُ الخطبَةِ (زلزالٌ وإِعصار) 30 ــ 2 ــ 1445هـ
عبدالعزيز بن محمد
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أيها المسلمون: حَدَثَانِ جَليلان، وواقِعَتَانِ مُؤْلِمَتَان، فَصَلَ بِيْنَهما يَومانِ لا أَكْثَر..
في بَلَدَيْنِ مُتَقارِبَينِ.. نَزَلَ فيهما قَدَرٌ مِن أَقْدَارِ اللهِ المُؤْلِمَةِ. وأَقْدَارُ اللهِ يَقْضِيْها بِحِكْمَةٍ وَهُوَ أَحْكَمُ الْـحَاكِمِيْن.
حَدَثَانِ.. أَبْصَرَ العِبادُ فيهما شَيئاً مِنْ قُدْرَةِ اللهِ القاهِرَة، وشاهَدُوا فيهما شَيئَاً مَنْ قُوَّتِهِ الباهِرَة. وأَدْرَكُوا.. أَنَّهُمْ في كَنَفِ اللهِ يُرْعَونَ، وفي عِنايَتِهِ يُكْلَؤُوْن. وأَنَّهُم لَولا عِنايَةُ اللهِ بِهِم.. لَمْ تَسْتَقِمْ لَهُم حَياةٌ، وَلَمْ تَبْقَ لَهُم باقِيَة.
حَدَثَانِ جَلِيْلان.. لا قِبَلَ لِلْبَشَرِيَّةِ بِرَدِّهِما. ولا طَاقَةَ للعبادِ بِصَدِّهِما. (زِلْزالٌ وإِعْصارْ) زِلْزالٌ اهْتَزَّتْ بِهِ الأَرْضُ.. ولا تَهْتَزُّ الأَرْضُ إِلا بأَمْرِ الله.
وإِعصارٌ.. اشْتَدَّ مَسِيْرُهُ.. ولا تُرْسَلُ الرِياحُ إِلا بأَمْرِ اللهِ {أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا}
* في مَساكِنِهِم آمِنِيْن.. وفي أَوطانِهِم مُطْمَئِنِّين، يَرُوُحُونَ ويَغْدُونَ في عَافِيَةٍ، يَنَامُوْنَ ويَسْتَيْقِظُونَ في عافِيَة، يَجْتَمِعُونَ ويَفْتَرِقُونَ فِي عَافِيَة.. في رَغَدٍ مِنَ العَيْش، وسَعَةٍ مِنَ الرِّزْق. لهم آمالٌ طَوِيْلَةٌ، وأَحلامٌ عَرِيْضَة.
يُمْسُونَ ويُصْبِحُون.. تُشْرِقُ شَمْسٌ ثُمَّ تَغِيْب، ويُعَسْعِسُ لَيْلٌ ثُمَّ يُدْبِر. وفي كُلِّ يَومٍ لَهُمْ أَعْمالٌ يَعْمَلُونَها، وأَماكِنُ يَرْتَادُونَها.
وفي مَسَاءِ يَومِ الفاجِعَةِ.. أَظْلَمَ الليلُ كَما كانَ يُظْلِم.. وانْطَلَقَ كُلُّ امْرِئٍ نَحْوَ مَقْصِدَه، ولِكُلِّ امْرِئٍ في لَيْلِهِ ما اعْتادَ. ولِكُلِّ سَاعٍ في المَساءِ طَرِيْقُ.
وبَيْنَما النَّاسُ عَلى أَحْوالِهِمْ مُقِيْمُون.. ــ مُقِيْمٌ عَلى خَيْرٍ ومُقِيْمٌ عَلى ضِدِّه ــ إِذْ أَذِنَ اللهُ للأَرْضِ أَنْ تَهْتَزَّ.. وأَنْ يَكُوْنَ اهْتِزازُها بَقَدْرٍ مَعْلَومٍ،وفي مَكانٍ مَعْلُومٍ، وفي مُدَةٍ يَسِيْرَةٍ مَعْلُومَة. لَمْ تَتَجاوزْ هَزَّةُ الأَرْضِ ثلاثاً وعشرين ثانيةٍ.
فتَداعَتْ مَبانٍ، وتَهاوَتْ بُيُوت. واسْتَحالَتْ أَحْوالٌ وحَلَّ مُصَاب، وفاضَتْ أَرْواحٌ وعَمَّ خَراب. جَرْحَى ومَفْقُودُون، وثَكْلَى وأَيتامٌ ومُشَرَّدُون.
ما أَفْجَعَهُ مِنْ خَطْبٍ، وما أَعظَمَهُ مِنْ جَلل. وكَأَنَّ نِعْمَةً رَحَلَتْ.. لَمْ تَكُنْ قُبَيْلَ الحَدَثْ في أَرْجائِهِم تُرَفْرف. فَجَبَرَ اللهُ مُصابَ إِخْوَانِنا في بَلَدِ المَغْرِب.. وشَفَى جَرْحاهُم، وعَظَّمَ أَجْرَهُم وتَقَبَّلَ في الشُهداءِ مَوْتاهُم.
* وفي مَكانٍ آخَرَ عَنْهُم غَيْرُ بَعِيد.. أَرْسَلَ اللهُ إِعْصَاراً يَشُقُّ البِحارَ.. يَتَخَطَّى الحَواجِزَ والعَوائِقَ والحُدُود. رِيْحٌ اشْتَدَّ مَسِيْرُها، وتَضَاعَفَتْ قُوَّتُها.
واقْتَحَمَتْ اليابسَةَ.. تَقْتَلِعُ ما أُذِنَ لَها أَنْ تَقْتَلِع، وتَنْسِفُ ما أُمِرَتْ أَنْ تَنْسِفْ، وأَنْزَلَ اللهُ مَعَها مَطَراً غَزِيْرَاً.. فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ وتَحَطَمَتْ سُدُودٌ.. فَغَرِقَتْ مَدِيْنَةٌ كَانَتْ بالحَياةِ عَامِرَة. وجُرفَتْ مَنازِلُ كانَتْ بالبِناءِ مُشَّيَّدَة، وأَلْقَى الماءُ الجارِفُ بِرُكامِ المَنازِلِ وبِمَنْ كانَ فِيها في اليَمّ.
فَلا تَسَلْ عَن بَلدٍ..أَقْبَلَ عَلِيْهِ اللَّيْلُ وهُوَ في أَمْنِ وطُمأَنِيْنَةٍ ودَعَة. طَرَقَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ طارِقٌ.. فأَفاقَ عَلى خَطْبٍ أَقَضَّهُ وآلَمَهُ وأَوْجَعَه.
يَا رَاقِدَ اللَّيلِ مَسْرُوْراً بِأَوَّلهِ ** إنَّ الحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا
فَجَبَرَ اللهُ مُصابَ إِخوانِنا في لِيبيا وشَفى جَرْحاهُم، وعَظَّمَ أَجْرَهُم وتَقَبَّلَ في الشُهداءِ مَوتاهُم.
عباد الله: أَحداثٌ جِسَامٌ.. يَجِبُ عَلى العَاقِلِ أَنْ لا يُمِرَّها مِنْ غَيْرِ اعْتِبار. وكَمْ في القُرآنِ مِن دَعوةٍ.. للتَّفَكُرِ في أَحوَالِ القُرى وأَيامِ اللهِ في أَهْلِها؟!
كَمْ قَصَّ اللهُ عَلَيْنا مِنْ عَجَائِب قُدْرَتِه، وخَوَّفَنا أَلِيْمَ نِقْمَتِهِ، وحَذَّرَنا شِدَّةَ بأَسِهِ، فَقالَ فيما وأَنْزَل: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}
{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}
واللهُ تَعالى.. أَجَلُّ وأَكْرَمُ، وأَعَزُّ أَعْلَمْ، وأَعْدَلُ وأَحْكَم. يَقْضِيْ القَضاءَ وعَدْلُهُ قائِمٌ، ويُقَدِّرُ القَدَرَ وحِكْمَتُهُ بالغَةٌ، ويُنْفِذُ الأَمْرَ وعِلْمُهُ مُحِيْطٌ. وهُوَ تَعالَى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} {وَمَا رَبُكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيْد}
فَمَا يُنْزِلُهُ اللهُ بَالعِبَادِ مِنْ قَوَارِعَ ومَصَائِبَ وخُطُوُب.. فإِنَّهُ للمؤْمِنِينَ رِفْعَةٌ وكَفارةُ وشَهادَةٌ. وهُو لِلْكَافِرِينَ نِقْمَةٌ وعُقُوبَةٌ وَعَذَاب. وهُوَ لِلْمُعْتَبِرِيْنَ مَوعِظَةٌ وتَبْصِرَةٌ وذِكْرَى {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}
وما أَنْزَلَ اللهُ بِعِبادٍ مُصِيْبَةً.. إِلا وَلِلعِبادِ سَبَبٌ في اسْتِجْلابِها. نَصٌّ مُحْكَمٌ في القُرآنِ {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
وقَدْ ضَمِنَ اللهُ للعبادِ.. أَنْ لا يَنْزَعَ عَنْهُم نُعْمَةً شَكَرُوها {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}
وقَدْ كانَ مِنْ دُعاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ, وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ, وفُجاءَةِ نِقْمَتِكَ, وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» رواه مُسْلِمٌ
{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} بارك الله لي ولكم..
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَلِيّ الصَّالحينْ، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رَسُوْل رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً أما بعد: فَاتَّقُوْا اللهَ عِبَادَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْن
أيها المسلمون: اللهُ لَطِيْفٌ بِعِبادِهِ.. ولا يَنْفَكُّ لُطْفُهُ عَنْ قَدَرِه، والمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَنَّ للهِ حَكَمَاً بالِغَةً في كُلِّ قَدَرٍ يُقَدِّرُهُ، وفي كُلِّ قَضاءً يَقْضِيْه. والعِبادُ لا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ.. إِلا بِما شاءَ أَنْ يُطْلِعَهُمْ عَلَيْه.
ولَيْسَ للعَبْدِ أَنْ يُنْزِلَ أَقْدَارَ اللهِ في وِعاءِ عَقْلِهِ.. لِيَقْبَلَ مِنْها ما شاءَ ويَعْتَرِضَ عَلى ما شاءَ. ولَكِنَّه الإِيْمانُ باللهِ.. خالِقاً عالِماً حَكِيْماً مَدَبِراً. والتَسْلِيْم لِقَضائِه. ولانْقِيادُ لِحُكْمِه. (فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِضا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ)
وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبادِهِ.. أَنْ يُرِيَهُم شَيئاً مِنْ آياتِهِ الظَاهِرَةِ التِي تَقُودُهُم إِلى عَتَبَةِ العُبُودِيةِ راغِبِينَ راهِبِين {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
فَما عَظَّمَ اللهَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ آياتِه، وما وَقَّرَ اللهَ مَنْ غَفَل عَن التَّفَكُرِ فِيها. وما أَفْلَحَ قَلْبٌ لَمْ تَزِدْهُ الآياتُ والنُّذُرُ إِلا صُدُوداً. {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا}
{وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} قَالَ قَتَادَةُ رَحِمَهُ الله : (إِنَّ اللهَ خَوَّفَ النَّاسَ بِمَا يَشَاءُ مِنْ آيَاتِهِ.. لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُوْنَ وَيَذْكُرُوْنَ وَيَرْجِعُوْن)
وقَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ الله : (وَالزَّلَازِلُ مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ كَمَا يُخَوِّفُهُمْ بِالْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْآيَاتِ. وَالْحَوَادِثُ لَهَا أَسْبَابٌ وَحِكَم، فَكَوْنُهَا آيَةً يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ هِيَ مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ) ا.هـ.
ومَنْ تَدَبَّرَ كِتابَ اللهِ أَدْرَك.. ومَنْ اسْتَمْسَكَ بِهِ نَجا. فَمَا اسْتُجْلِبَتِ المَصَائِبُ على الأَفرادِ والأُمَمِ.. بِمِثْلِ البَطَرِ. بَطَرٌ تُكْفَرُ بِهِ النِّعْمَةُ، فَيَنْصَرِفُ المَرْءُ عَنْ التِزَامِ أَوامِرِ اللهِ ويَنْتَهِكُ الحُرُمات. في لَهْوٍ وغَفْلَةٍ وإِعراضْ {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ}
وإِذا شَاعَتْ المُنْكَرَاتُ في الأُمَمِ.. رُفِعَ عَنْها ضَمانُ الأَمْن. قَالَتْ أُمُّ المؤمنينَ زَيْنَبُ بنتُ جَحْشٍ رَضْيَ اللهُ عَنْها يا رَسُولَ الله: أَنَهلَكُ وَفِيْنَا الصَّالحُون؟ قَالَ: «نَعَمْ إذَا كَثُرَ الخَبَثُ» متَّفقٌ عليه فَبَقاءُ الصَّالِحِينَ.. لَا يُسْتَدْفَعُ بِهِ عذابُ الله، وإِنَّما يُسْتَدْفَعُ العذَابُ بالأَوفِياءِ لأَقْوَامِهِم، الرُّحَماءِ بأُمَمِهمِ، السَّاعِين في الإِصْلاح والأَمْرِ بالمعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَر. وعْدٌ مِنَ اللهِ لَنْ يُخْلَفْ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
الذُنُوبُ.. هِيَ المُوجِبَةُ للعُقُوباتِ وأَلِيْمِ المَصائِب.. والتَوْبَةُ والاسْتِغفارُ دِرْعٌ حَصِيْن {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
بارك الله لي ولكم..
المرفقات
1694687116_زلزال وإعصار ـ30 ـ 2 ـ 1445هـ.docx