عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
علي القرني
1434/10/15 - 2013/08/22 10:41AM
عباد الله، إنّ من الطّاعات العظيمة و فرائض الإسلام الجليلة التّوكلَ على الله تبارك و تعالى في جلب المنافع و دفع المضار و تحصيل المصالح الدنيوية والأخرويّة مع الاعتقاد التام أن الله تبارك و تعالى هو وحده المولى و نعم الوكيل فلا وكيل إلا الله و لا يجوز للعبد أن يتخذ وكيلا غير الله قال الله تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ﴾
يخاطب بالتوكل العامة من الناس. التوكل على الله شعور ويقين بعظمة الله وربوبيته وهيمنته على الحياة والوجود والأفلاك والأكوان ومن فيها وما عليها والدول وكل ما تملك، فكل ذلك محكوم بحوله وقوته سبحانه.
التوكل قطع القلب عن العلائق، ورفض التعلّق بالخلائق، وإعلان الافتقار إلى محوّل الأحوال ومقدّر الأقدار، لا إله إلا هو، عباد الله، والتوكل عبادة قلبية مكانها القلب و هي تقوم على أصلين عظيمين لابد من قيامهما بالقلب ليكون العبد متوكِّلاً على الله حقّاً و صدقا
الأمر الأول: علم العبد بالله وأنه سبحانه الوكيل و لا وكيل سواه و أنّه الرّب العظيم المدبِّر المسخر الذي بيده أزمّة الأمور، والأصل الثاني ـ عباد الله ـ عمل القلب و هو اعتماده على الله و حسن التجاءه إليه وحسن تفويضه الأمور إلى الله جلّ و علا اعتماداً و التجاءً و تفويضاً فلا يكون في القلب التفات إلى الأسباب ولا اعتماد عليها، وإنما يكون القلب معتمداً على الله جلّ وعلا مفوِّضاً الأمور كلّها إليه في جميع مصالح العبد الدينيّة والدنيويّة.
عباد الله والتوكل على الله جلّ و علا لا يتنافى مع فعل الأسباب بل فعلها من تمام التوكل و لهذا كان سيِّد المتوكلين عليه الصلاة و السلام يباشر الأسباب و يأمر بفعلها ومباشرتها قال صلى الله عليه و سلم: (( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِز )) و قال عليه الصّلاة و السّلام للرجل الذي سأله عن ناقته، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَال: (( اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ)) فأرشده إلى فعل الأسباب وجاء في الترمذي من حديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ))، فذكر فعلها للأسباب و هو غدوّها في الصباح الباكر لطلب العيش و البحث عن الرزق و لهذا جاء عن عمر رضي الله عنه أنه سمع بنفر خرجوا من ديارهم بلا قوت و لا زاد و قالوا: نحن المتوكِّلون قال: "بل أنتم المتواكلون، إنما المتوكل على الله الذي يلقي حبه في الأرض - أي يضع البذر- و يتوكل على الله". التوكل غذاء الجهاد الطويل الذي قاوم به النبيون وأتباعهم ودعوا أعتى الطغاة حيث توكلوا عليه في أعلى المطالب بإقامة دينه كما بيّنه الله -تبارك وتعالى وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فليتوكل المتوكلون.
والله جلّ و علا ذكر التّوكل في كتابه في مواضع كثيرة من القرآن و ذكره جلّ و علا شريعة لجميع الأنبياء و نهجاً لجميع المرسلين قال الله تعالى عن نبيه نوح عليه السلام: ﴿ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ [يونس: 71]، وقال عن نبيِّه موسى عليه السلام: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾، وقال وعن نبيِّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام سيِّد المتوكِّلين صلى الله عليه و سلم قال:﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ، فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾
المسلم المتوكل يخرج من بيته متوجهًا إلى عمله والطالب إلى اختباراته ، والداعي إلى دعوته والمجاهد إلى جهاده، يخرج قدمه من عتبة بابه وهو يقول: "باسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أزِلَّ أو أُزَلّ، أو أَضِل أو أُضَل، أو أَظلِم أو أُظلَم، أو أَجهَل أو يُجهل علي" يقال له حينئذٍ: كُفيت ووقيت وهُديت، وتنحّى عنه الشيطان. وكان من ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم-: "اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون".
ويتأكد التوكل على الله في بعض المواطن::
ومنها عند النوم: فعن البراء بن عازب رضي اللّه عنهما أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الّذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهنّ آخر ما تتكلم به».
و عند نزول الفاقة: ففي جامع الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ و عند الإعراض عن الأعداء: قال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلً}
وإذا أعرض الناس عنك: قال تعالى :{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وهو رب العرش العظيم}
وعند مسالمة الأعداء: قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}
وعند مواجهة الأعداء:
قال تعالى :الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم . الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.
وعند نزول المصائب وحلول الكرب:
قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [
وفي سنن أبى داود قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين .
الحمد لله على إحسانه والشُّكر له على منِّه وجوده و امتنانه، و أشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه و أشهد أن محمد عبده و رسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه و أعوانه أما بعد؛
أيها المسلمون: إذا اشتدت الكروب، وتفاقمت الخطوب، يتجلى إيمان المؤمنين، وفي خضم الحوادث وثنايا الكوارث يبرز صدق المتقين وزيف المنافقين وهوى المنحرفين، عند حلول الفتن وحصول المحن يظهر توجّه المتوكلين ؛ لأن الأحداث والشدائد والملمّات معايير دقيقة ومقاييس الرجال وإظهارهم على حقائقهم، والموفق من كان مع الله في كل أحواله، وعرف ربه في سرائه وضرائه، وسار في كل أموره متوكلاً على الله معتصمًا به، (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
عباد الله إن إخواننا وأهلنا في سوريا اليوم يقتلون ويشردون قد تآمر عليهم الكفرة والرافضة ممثلا في حزب الشيطان فعاثوا في الأرض الفساد ونحن والله على يقين بنصر الله يقول تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} .وقال تعالى ألا إن نصر الله قريب.
وما يقدمه إخواننا في الشام من تضحيات بإرواحهم من أجل رفع راية التوحيد لهو من الكرامة والشجاعة فمن امتلأ قلبه بالتوكل على الله فممن يخاف؟ يقول الشيخ ابن باز من فاته شرف الجهاد بالنفس فلا يفوته شرف الجهاد بالمال فعلى كل مسلم أن ينصر إخوانه أولا بالدعاءيقول الرسول الكريم (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم، رواه النسائي، وصححه الألباني. ثم بالمال عن طريق الهيئات المعتمدة . ياأيها الذين هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين.
فدلت الايات السابقة على الجهاد بالمال قبل النفس وحصول المغفرة ودخول الجنات والنصر من الله العزيز . أيها المصلون صلوا على خير من صلى وصام وحج البيت الحرام
يخاطب بالتوكل العامة من الناس. التوكل على الله شعور ويقين بعظمة الله وربوبيته وهيمنته على الحياة والوجود والأفلاك والأكوان ومن فيها وما عليها والدول وكل ما تملك، فكل ذلك محكوم بحوله وقوته سبحانه.
التوكل قطع القلب عن العلائق، ورفض التعلّق بالخلائق، وإعلان الافتقار إلى محوّل الأحوال ومقدّر الأقدار، لا إله إلا هو، عباد الله، والتوكل عبادة قلبية مكانها القلب و هي تقوم على أصلين عظيمين لابد من قيامهما بالقلب ليكون العبد متوكِّلاً على الله حقّاً و صدقا
الأمر الأول: علم العبد بالله وأنه سبحانه الوكيل و لا وكيل سواه و أنّه الرّب العظيم المدبِّر المسخر الذي بيده أزمّة الأمور، والأصل الثاني ـ عباد الله ـ عمل القلب و هو اعتماده على الله و حسن التجاءه إليه وحسن تفويضه الأمور إلى الله جلّ و علا اعتماداً و التجاءً و تفويضاً فلا يكون في القلب التفات إلى الأسباب ولا اعتماد عليها، وإنما يكون القلب معتمداً على الله جلّ وعلا مفوِّضاً الأمور كلّها إليه في جميع مصالح العبد الدينيّة والدنيويّة.
عباد الله والتوكل على الله جلّ و علا لا يتنافى مع فعل الأسباب بل فعلها من تمام التوكل و لهذا كان سيِّد المتوكلين عليه الصلاة و السلام يباشر الأسباب و يأمر بفعلها ومباشرتها قال صلى الله عليه و سلم: (( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِز )) و قال عليه الصّلاة و السّلام للرجل الذي سأله عن ناقته، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَال: (( اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ)) فأرشده إلى فعل الأسباب وجاء في الترمذي من حديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ))، فذكر فعلها للأسباب و هو غدوّها في الصباح الباكر لطلب العيش و البحث عن الرزق و لهذا جاء عن عمر رضي الله عنه أنه سمع بنفر خرجوا من ديارهم بلا قوت و لا زاد و قالوا: نحن المتوكِّلون قال: "بل أنتم المتواكلون، إنما المتوكل على الله الذي يلقي حبه في الأرض - أي يضع البذر- و يتوكل على الله". التوكل غذاء الجهاد الطويل الذي قاوم به النبيون وأتباعهم ودعوا أعتى الطغاة حيث توكلوا عليه في أعلى المطالب بإقامة دينه كما بيّنه الله -تبارك وتعالى وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فليتوكل المتوكلون.
والله جلّ و علا ذكر التّوكل في كتابه في مواضع كثيرة من القرآن و ذكره جلّ و علا شريعة لجميع الأنبياء و نهجاً لجميع المرسلين قال الله تعالى عن نبيه نوح عليه السلام: ﴿ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ [يونس: 71]، وقال عن نبيِّه موسى عليه السلام: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾، وقال وعن نبيِّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام سيِّد المتوكِّلين صلى الله عليه و سلم قال:﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ، فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾
المسلم المتوكل يخرج من بيته متوجهًا إلى عمله والطالب إلى اختباراته ، والداعي إلى دعوته والمجاهد إلى جهاده، يخرج قدمه من عتبة بابه وهو يقول: "باسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أزِلَّ أو أُزَلّ، أو أَضِل أو أُضَل، أو أَظلِم أو أُظلَم، أو أَجهَل أو يُجهل علي" يقال له حينئذٍ: كُفيت ووقيت وهُديت، وتنحّى عنه الشيطان. وكان من ذكر النبي –صلى الله عليه وسلم-: "اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون".
ويتأكد التوكل على الله في بعض المواطن::
ومنها عند النوم: فعن البراء بن عازب رضي اللّه عنهما أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الّذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهنّ آخر ما تتكلم به».
و عند نزول الفاقة: ففي جامع الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ و عند الإعراض عن الأعداء: قال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلً}
وإذا أعرض الناس عنك: قال تعالى :{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وهو رب العرش العظيم}
وعند مسالمة الأعداء: قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}
وعند مواجهة الأعداء:
قال تعالى :الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم . الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.
وعند نزول المصائب وحلول الكرب:
قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [
وفي سنن أبى داود قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين .
الحمد لله على إحسانه والشُّكر له على منِّه وجوده و امتنانه، و أشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه و أشهد أن محمد عبده و رسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه و أعوانه أما بعد؛
أيها المسلمون: إذا اشتدت الكروب، وتفاقمت الخطوب، يتجلى إيمان المؤمنين، وفي خضم الحوادث وثنايا الكوارث يبرز صدق المتقين وزيف المنافقين وهوى المنحرفين، عند حلول الفتن وحصول المحن يظهر توجّه المتوكلين ؛ لأن الأحداث والشدائد والملمّات معايير دقيقة ومقاييس الرجال وإظهارهم على حقائقهم، والموفق من كان مع الله في كل أحواله، وعرف ربه في سرائه وضرائه، وسار في كل أموره متوكلاً على الله معتصمًا به، (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
عباد الله إن إخواننا وأهلنا في سوريا اليوم يقتلون ويشردون قد تآمر عليهم الكفرة والرافضة ممثلا في حزب الشيطان فعاثوا في الأرض الفساد ونحن والله على يقين بنصر الله يقول تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} .وقال تعالى ألا إن نصر الله قريب.
وما يقدمه إخواننا في الشام من تضحيات بإرواحهم من أجل رفع راية التوحيد لهو من الكرامة والشجاعة فمن امتلأ قلبه بالتوكل على الله فممن يخاف؟ يقول الشيخ ابن باز من فاته شرف الجهاد بالنفس فلا يفوته شرف الجهاد بالمال فعلى كل مسلم أن ينصر إخوانه أولا بالدعاءيقول الرسول الكريم (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم، رواه النسائي، وصححه الألباني. ثم بالمال عن طريق الهيئات المعتمدة . ياأيها الذين هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين.
فدلت الايات السابقة على الجهاد بالمال قبل النفس وحصول المغفرة ودخول الجنات والنصر من الله العزيز . أيها المصلون صلوا على خير من صلى وصام وحج البيت الحرام