علموا أولادك محبة الرسول صلى الله عليله وسلم

محمد البدر
1434/02/29 - 2013/01/11 01:52AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد : عباد الله،قال تعالى : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا}.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِى الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ » رواه الترمذي وحسنه الألباني.
عباد الله : إنَّ نعمةَ الأولادِ مِنْ أعظمِ نعمِ اللهِ علينَا , ومِنْ عرفانِ هذهِ النِّعمةِ وتقديرِهَا أنْ نشكرَ اللهَ تعالَى عليهَا ونرعَاهَا حقَّ الرعايةِ، وقدْ بيَّنَ رسولُ اللهِ أنَّ المسؤوليَّةَ عَنِ الأولادِ عظيمةٌ، فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ »صححه الألباني .
عبادَ اللهِ:لقدِ اهتمَّ الإسلامُ بتنشئةِ الأولادِ وتربيتِهِم اهتماماً بالغاً، فبيِّنَ الأُسُسَ ووضَّحَ السُّبُلَ لذلكَ، ووضعَ المنهجَ السليمَ للوصولِ إلَى أفضلِ النتائجِ والثَّمراتِ فِي تربيةِ الأولادِ، ومِنْ هذهِ الأُسُسِ أنْ نُعلِّمَهُمْ مَا ينفعُهُمْ مِنَ أنواعِ العلومِ والمعارفِ التَِّي تُنَمِّي ثقافَتَهُمْ وترفَعُ قدْرَهُمْ ومكانَتَهُمْ فِي مجتَمَعِهِمْ, وتزيدُهُمْ رُقِيًّا وعزَّةً وحضارَةً, قالَ سبحانَهُ وتعالَى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} فبالعلمِ تنهضُ الدولُ وتتقدَّمُ الشعوبُ وتتسابقُ إلَى الرقِيِّ والرفعةِ ومَا يحققُ الخيرَ للبشريةِ، وإنَّ أعظمَ مَا نقدِّمُهُ لأبنائِنَا فِي هذهِ الأيامِ العلمُ النافعُ، وهذَا مَا سنجنِي جميعًا ثمراتِهِ، فكلمَا زادَ حظُّ الإنسانِ مِنَ العلمِ والمعرفةِ والثقافةِ زادَ إدراكُهُ ووعيُهُ بِمعانِي الحياةِ وأسرارِ الكونِ، وأَسْهَمَ فِي ترقيةِ نفسِهِ ومَنْ حولَهُ فينعَمَ بحياةٍ سعيدةٍ.ومِنْ أُسُسِ التربيةِ تنشئتُهُمْ علَى الإيمانِ باللهِ تعالَى, والاستعانةِ بهِ والتَّوكلِ عليهِ, ومُرَاقبَتِهِ والخشيةِ منْهُ وتربيتُهُمْ علَى الأخلاقِ الفاضلةِ كالصِّدقِ والأمانةِ والإخلاصِ، وتعليمُهُمْ كتابَ اللهِ، وتعويدُهُمْ علَى أداءِ الصَّلاةِ وحثُّهُمْ عليهَا لتسمُوَ نفوسُهُمْ فينعكِسَ ذلكَ علَى سُلوكِهِمْ، فلاَ يَصْدُرُ منهمْ إلاَّ خيرٌ.
عبادَ اللهِ:إنَّ مِنْ أنجحِ وسائلِ التَّربيةِ التَّربيةَ بالقدوةِ الحسنةِ، لأنَّ الطِّفْلَ يُقلِّدُ والدَيْهِ, فيطبعَانِ فِي نفسِهِ أقْوَى الآثارِ, ولهذَا نَهَى النَّبيُّ عَنِ الكذبِ علَى الأطفالِ, لأنَّهُ يعوِّدُهُم علَى ذلكَ, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ , قَالَ « مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ تَعَالَ هَاكَ , ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا ، فَهِيَ كِذْبَةٌ» صححه الألباني .
والأطفالُ يقتدُونَ بالكبارِ فِي سلوكِهِمْ,فعن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَةِ إِنِّى أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ اللَّهُمَّ عَافِنِى فِى بَدَنِى اللَّهُمَّ عَافِنِى فِى سَمْعِى اللَّهُمَّ عَافِنِى فِى بَصَرِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ تُعِيدُهَا ثَلاَثًا حِينَ تُصْبِحُ وَثَلاَثًا حِينَ تُمْسِى. فَقَالَ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِنَّ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ. رواه أبي داود وحسنه الألباني .
ومِنْ أساليبِ التربيةِ النَّاجِعَةِ معاملةُ الأولادِ بالرِّفقِ والرَّحمةِ واللِّينِ، لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُعْطِي علَى الرِّفقِ مَا لاَ يُعْطِي علَى الشِّدَّةِ والغِلْظَةِ, قالَ النَّبيُّ « إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ » رواه أبي داود صححه الألباني .
عبادَ اللهِ:إنَّ أبناءَنَا أمانةٌ فِي أعناقِنَا، ونحنُ مسؤولونَ عنْهُمْ أمامَ ربِّنَا، وهُمْ مستقبلُنَا وزَرْعُنَا، فلننظُرْ ماذَا سنحصدُ منهُ، فينبغِي علَى الآباءِ مراقبَةُ تصرفاتِ الأبناءِ وتوجِيهُ سلوكِهِمْ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ, والتواصلُ معَ المدرسةِ لمتابعةِ تحصيلِهِم العلميِّ، وإرشادُهُمْ إلَى مَا ينفعُهُمْ ونصحُهُمْ فِي اختيارِ أصدقائِهِمْ، فإنَّ الصديقَ مرآةُ صديقِهِ وآخِذٌ بيدِهِ إلَى طريقِ الهدايةِ.
عباد الله : واعلمُوا أنَّ مِنْ أُسُسِ تربيةِ الأبناءِ أَنْ نغرِسَ فِي نفوسِهِمْ حبَّ الوطنِ والولاءَ لهُ، فعلَى أرضِ هذَا الوطنِ نعيشُ وننعمُ بخيراتِهِ، ونتعلمُ فِي مدارسِهِ ومؤسساتِهِ، وقدْ أمرَنَا دينُنَا الحنيفُ بالإحسانِ إلَى كلِّ مَنْ أَحْسَنَ إلينَا، قالَ تعالَى:{هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ} فعلينَا أنْ نكونَ فِي خدمةِ هذَا الوطنِ ونكونَ أوفياءَ لهُ ردًّا للجميلِ وشُكرًا علَى كُلِّ معروفٍ قدَّمَهُ لنَا.

أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ.
الخطبةُ الثانيةُ:
أما بعد :عباد الله : بعد أن عرفنا عظمة المسئولية أمام أبنائنا، وعرفنا بعض الوسائل التربوية التي تعين الوالدين على تربية أبنائهم، والاهتمام بحفظ أوقاتهم، فإن هناك سؤال يطرح نفسه على ماذا نربي أولادنا؟ وبأي شيء يحفظ أوقاتهم ؟. إن تربية الأبناء وفلذات الأكباد تكون على العقيدة الصحيحة أولا ً فالآباء ينبغي عليهم أن يعلموا أبناءهم أصول الإيمان، ومبادئ العقيدة الصحيحة، فيعرفوهم بربهم وأنه الخالق والمحي والمميت، والمعز والمذل، والقابض والباسط، وأنه واحد لا شريك له؛ وأنه لا معبود بحق إلا الله ويحذرانهم من الشرك وأهله وتعرفيهم بأركان الإسلام والإيمان.
ثانيا ً:تربية الأبناء على محبة الله-تعالى-ومخافته، فهو الذي خلق السماوات السبع والأرضين وما بينهما وهو الذي يقول للشيء كن فيكون، والقادر والمطلع على كل شيء خفي أو أعلن، فلقد كان السلف الصالح يعلمون أبناءهم مخافة الله .
ثالثا ً : غرس حب رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفوس الأبناء فحب رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الإيمان فعن أنس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قال : قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »مُتَّفَق عَلَيْهِ . فتكون محبة رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطاعته واقتفاء أثره وموالاة من كان يوالي ، ومعاداة من كان يعادي ، وتصديقه في كل ما أخبر به، وإحياء سنته وإظهار شريعته، وإبلاغ دعوته، وإنفاذ وصاياه، وحب الصالحين وموالاتهم بحبه، وبغض الفاسقين ومعاداتهم ببغضه .
رابعا ً: تعليم القرآن الكريم تلاوة وحفظاً، ففيه آداب كثيرة تعلمنا آداب الاستئذان، والصدق، والتواضع، والأمانة، والإيثار، وبر الوالدين، والرفق في معاملة اليتيم وغض البصر وخفض الصوت، وإخفاء الصدقات والصبر، وغير ذلك من الآداب والأخلاق،فعلى الآباء أن يحرصوا على تعليم أبنائهم القرآن؛ لأنه من أهم أسس التربية الإسلامية.
عباد الله :إن تربية الأبناء على الأخلاق الفاضلة، والخصال الحميدة مسئولية الأبوين والمعلمين إذ الأخلاق غاية التربية الإسلامية وروحها، فالإسلام حث على حسن الخلق لأهميته في حياة الأبناء، والأخلاق عبارة عن سلوك الفرد في حياته اليومية، فالأبناء يأخذون هذه الأخلاق من الوالدين والمجتمع المحيط بهم .
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْه...
[/align]
المشاهدات 3544 | التعليقات 0