علامات حسن الخاتمة

إبراهيم بن سلطان العريفان
1436/12/12 - 2015/09/25 08:18AM
الحمد لله الذي كتب العزة لمن أطاعه واتبع هداه، وكتب الذلة والشقاء لمن أعرض عن سبيل الهدى واتبع هواه، أحمده سبحانه وأشكره لما تفضل به علينا من النعم وأسداه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يخيب من رجاه ، ولا يسأم من ناجاه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله اختاره ربه من بين البرية واصطفاه، وطهره من الرجس والآثام ونقاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن والاه.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ).
إخوة الإيمان والعقيدة ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ ! قَالَ ( يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ ) جعلني الله وإياكم ممن أراد بهم الخير فأحسن خاتمتهم.
معاشر المؤمنين .. إن من كتب الله له السعادة وفاز بحسن الخاتمة كان من أول البشرى له في ساعة الاحتضار بشرى من الملائكة الكرام ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) بشرى لما بعد الموت وطمأنينة لما خلف من أهل وأولاد.
إن العبد الصالح إذا حضرته الوفاة ورأى البشرى بالنجاة أحب لقاء الله، فيحب الله لقاءه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ) فقالت إحدى زوجاته: إنا لنكره الموت ! فقال عليه الصلاة والسلام ( لَيْسَ ذَاكِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَه ).
عباد الله .. لحسن الخاتمة علامات كثيرة منها : النطق بالشهادتين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ كَانَ آخِر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا اللَّه دَخَلَ الْجَنَّة ) فياليت شعري هل نوفق لذلك أم تغلب علينا ذنوب اقترفناها فنخذل في تلك الساعة!.
ومن علامات حسن الخاتمة: رشح جبينه عرقاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ ).
ومن علامات حسن الخاتمة: الموت ليلة الجمعة أو نهارها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ ).
ومن علامات حسن الخاتمة: أن يموت شهيداً في سبيل الله - بأي نوع من أنواع الشهادة - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ ) قالوا: يا رسول الله! ممَنْ قُتِلَ فِي سبيل الله فهو شهيد، قال ( إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ ) قالوا: فمن هَمْ يا رسول الله ؟ قال ( مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ ) وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ –أي بحمل أو نفاس-شَهِيدٌ ).
ومن علامات حسن الخاتمة: الموت رباطاً في سبيل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ ) وهذا الحديث بشرى لرجال الأمن وحرس الحدود، وأرجو أن يكون منهم من قام بخدمة حجاج بيت الله الحرام.
ومن علامات حسن الخاتمة: الموت على عمل صالح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ حَسَنٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ).
نسأل الله تعالى أن يختم حياتنا بعمل صالح ... ولقد آلمنا ما حصل لإخواننا الحجاج من الإصابات والوفيات، فنسأل الله أن يرحم يمتهم ويشفي مريضهم، وعزاؤنا فيمن مات، أنه مات وختم له على عمل صالح إن شاء الله، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينما رجل واقف بعرفة، إذ وقع عن راحلته فوقصته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) وهذه بشرى ربانية ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ).
يا ربِ إن عَظُمتْ ذنوبي كثرةً فلقد علمتُ بأن عفوكَ أعظمُ
إن كانَ لا يرجوكَ إلا مُحسنٌ فمن ذا الذي يدعو ويرجو المجرمُ
أدعوكَ ربِّ كما أمرتَ تضرعاً فإذا رددتَ يدي فمنْ ذا يرحمُ
مالي إليكَ وسيلةً إلا الرجاء وجميل عفوك ثم إني مسلمُ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ )
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... لقد تداول الناس صور ومقاطع ما حدث في الحج من الوفيات والإصابات، ولا اعرف ما أهمية نشر تلك الصور والمقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي .. حتى أصبح البعض يتسابق في نشرها ظنًا منه أنه تميز عن غيره في متابعة الأحداث .. وظهر من البعض من يتصدر للتحليل والحديث عن أسباب ومعوقات، وكأنه حاضر وشاهد الموقع في وقته.
احذروا – عباد الله – من التسرع في الأحكام ونشر مثل تلك الصور والمقاطع .. فلقد فتح باب لأعداء الدين وأعداء البلاد للخوض والمطالبات والتصيد للأخطاء .. حتى ظهر من يطالب بإلغاء الحج حماية للناس. وستظهر – كعادتها – حملة مسعورة ضد بلادنا المباركة فيها الكثير من الكذب والمغالطات.
وإن حكومتنا المباركة وفقها الله تعالى تسعى جاهدة مجدة في خدمة وتيسير الحجاج، فهي مسؤولة عن تنظيم الحج وليس مسؤولة عن تنظيم عقول الحجاج.
فنسأل الله تعالى أن يرحم موتانا وموتى المسلمين ...
اللهم هون على إمامنا وحاكمنا ومليكنا، فإنه لا حول ولا قوة له إلا بك .. تعدد الجبهات والمصائب وزاد الحمل عليه.. اللهم ألهمه الصبر ومده بعونك. اللهم إن مليكنا يسعى لخدمة ضيوفك .. فيا رب جازه بالإحسان إحسانا .. وبالخطأ عفوا وغفراناً.
المشاهدات 2182 | التعليقات 0