عقبات في طريق الزواج

منديل الفقيه
1434/08/20 - 2013/06/29 02:58AM
[align=justify] عقبات في طريق الزواج
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا أحمده سبحانه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها وجعل بيننا مودة ورحمة وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث للعالمين رحمة صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستن بسنته أما بعد فاتقوا الله عباد الله { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } أيها المسلمون : لقد أنعم الله علينا بنعم لا تحصر وإحسانه وفضله علينا في كل لحظة من لحظات حياتنا فما أصبح عبد منا ولا أمسى في نعمة إلا وهي من الله تعالى { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } وإن من نعمة الله علينا ما من به علينا من نعمة الذرية الصالحة التي ذكرنا الله بها لنقوم بواجب الشكر عليها{ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ففي هذه الآية يمتن الله علينا بما شرعه لنا من الزواج الذي يحصل به بسببه الأبناء والحفدة ويحصل به الأنس والرحمة ويحصل بسببه صيانة الأعراض والعفة وحفظ الفروج وغض الأبصار وبسببه يتم الترابط بين الأسر والأقارب والتلاحم والتكافل في المجتمع وبسببه تحفظ الأنساب ويكثر النسل وتقوية الأمة بكثرة أفرادها عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأمم يَوْمَ الْقِيَامَةِ " المسند بسند صحيح وبسببه يحصل تدبير المنزل والقيام بشؤونه كما أن الزواج سبب للغنى وكثرة الرزق { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } روي عن أَبَي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ النِّكَاحِ, يُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْغِنَى, قَالَ تَعَالَى:ثم قرأ الآية " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " قال ابن مسعود: " التمسوا الغنى في النكاح " وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ ... وذكر منهم وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ " النسائي والترمذي بسند حسن ومن المعلوم أن الزواج من سنن المرسلين { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً } ورغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ » البخاري ومسلم . فبادروا أيها الشباب بالزواج امتثالا لأمر الله ورسوله وصيانة لأنفسكم وأعراضكم وطلبا للذرية الصالحة النافعة وطمعا في وعد الله لكم بالغنى ، وأنتم أيها الآباء أعينوا أبناءكم وحثوهم على الزواج ورغبوهم فيه وذللوا لهم الأمور التي قد يرون أنها عقبات في طريق زواجهم حفظا عليهم من فتنة الشهوات المستعرة بسبب الإعلام الماجن وأنتم يا أولياء أمور الفتيات اعلموا أن الفتيات أمانة في أعناقكم احرصوا على تزويجهن بالأكفاء ممن يرضى دينه وخلقه ورغبوهن فيه ولا تضعوا العقبات في طريق زواجهن بأي عذر كان سواء كان الدراسة أو غيرها من الأعذار الواهية والتي قد لا تحمد عقباها فإن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال" إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ"الترمذي بسند حسن.
أيها المسلمون إن المشاكل الاجتماعية المتفشية والمنتشرة بين المسلمين في المدن والقرى يجب على كل مسلم أن يهتم بها ومعالجتها وأن يبحث علن أسهل الطرق والحلول التي تكفل القضاء عليها والتخلص منها , وإن من المشاكل الهامة والمنتشرة في المجتمع اليوم مشكلة الزواج وما يتعلق به من رد الأكفاء وعدم الاستجابة لهم وامتناع كثير من الأولياء عن تزويج مولياتهم إما لقصور نظر أو تعنت أو غير ذلك من الأغراض وكذلك المغالاة في المهور والتفاخر بها وكذا الإسراف في الحفلات وما يصاحبها من منكرات وما تحتوي عليه من فخر وخيلاء وإضاعة للمال في أمور تافهة لا صلة لها بالزواج كلها عقبات في طريق الزواج لكلا الجنسين . أيها المسلمون إن هذه العقبات يجب على كل ولي معالجتها وكل شخص مسئول بحسبه لكن المسؤولية الكبرى تقع على من له قدرة ومكانة في مجتمعه من وجهاء الناس وقادتهم ومسموعي الكلمة عند الخاصة والعامة من ولاة الأمور والعلماء والوجهاء فيجب عليهم أن لا يتركوا هذه العقبات تستمر وتتزايد في المجتمع فالزواج من ضروريات الحياة ولا بد منه لكل من الرجال والنساء فهو مقتضى الفطرة وهدي سيد المرسلين الذي قال
( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) .
أيها المسلمون إن من مشاكل الزواج وعقباته العظمى المغالاة في المهور والإسراف في الحفلات والتباهي بكثرة الحلي والأثاث وهي أمور لا محمدة فيها لأحد إنما هي فخر وخيلاء وإثقال لكواهل أهل الإعسار وإتعاب لذوي الجدة واليسار وسبب لتعطيل حكمة الله التي من أجلها شرع الزواج فبالتغالي في المهور يحصل فساد عظيم وظلم للنساء بمنعهن من الزواج بالأكفاء ويصرف نظر كثير من الشباب عن الزواج وربما اتجه للحرام كالشباب الذين يسافرون إلى بلاد يشتهر فيها الفسق والفجور فبعض الأولياء يطلب مهوراً مرتفعة ونفقات باهظة لم يأمر بها الدين وليست من الحكمة ولا المصلحة ولا من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه الجشع والطمع من ذوي القلوب المريضة فعن أبي العَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ قال: خَطَبَنَا عمر رحمه الله، فقال: ألا لا تُغَالُوا بِصُدُقِ النساء؛ فإنها لو كانت مَكْرُمَةً في الدنيا، أو تقوى عند الله؛ لكان أولاكم بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ما أصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةً من نسائه، ولا أُصْدِقَتِ امرأةٌ من بناته أكثرَ من ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً "أبو داود بسند صحيح.
أيها المسلمون : إن غلاء المهور عائق كبير من معوقات الزواج الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم حث على تخفيف المهر وتسهليه وتيسيره فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَةً" أحمد والبيهقي وعن سهل ابن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ لرجل أراد أن يزوجه امرأة هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا قَالَ مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي فَقَالَ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا فَقَالَ مَا أَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَلَمْ يَجِدْ فَقَالَ أَمَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا فَقَالَ قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ " البخاري . إن الذي يغالي في المهور لم يعرف قيمة المرأة ولا قدرها فهي درة لا تساويها الدنيا بمتاعها بل إنه نظر إليها نظرة مادية بحتة وكأنها سعلة تباع وتشترى فطالب فيها بأغلى الأسعار فمهلاً أيها المغالي إن البنت أغلى من هذا كله إنها ثمرة فؤادك وفلذة كبدك وستراً لجسدك من النار فلماذا تجعلها شبيهة بهذه السلع الرخيصة بل إن الذي يغالي في المهور أكبر معين لأعداء الإسلام من العلمانيين والليبراليين الذين يسعون جاهدين إلى إفساد المرأة المسلمة في هذا البلد بل المغالي ممن يسعى إلى نشر الفاحشة في اللذين امنوا خصوصاً مع وجود الحملة المكثفة من أعداء الله على الشباب والشابات عبر وسائل الإعلام المختلفة التي تحث على الرذيلة وتعرض مقدمات الزنا بعرض الأغنيات الماجنة والمسلسلات الداعرة والأفلام الهابطة التي تفعل فيها مقدمات الزنا من اختلاط الرجال بالنساء بل إن المرأة فيها تنام مع الرجل الغريب على الفراش باسم الفن على أنها زوجته في هذا المسلسل تم تظهر الممثلة نفسها زوجة لفاجر آخر في مسلسل أخر وهكذا وأما أجهزة الاتصال الذكية الحديثة من جوالات وانترنت فقد يسرت سبل الفاحشة حتى للأطفال فبلمسة لهذه الأجهزة يشاهد الطفل وغيره كل أنواع الفواحش فهل هذا الفحش يقره دين أو عقل ؟ أين الغيرة أيها الأولياء ؟ وأين العفة والحرص على الأعراض ؟ أفيكون أبو جهل وأمثاله من الجاهليين أشد غيرة منا اليوم ونحن أهل الإسلام وسكان بلاد الحرمين، لقد كان الجاهليون يأدون البنات خشية العار وخوف الفضيحة وما أقبحها من عادة أبطلها الإسلام وأنكرها إلا أنها تظهر في طياتها غيرة العربي الجاهلي على العرض وحرصه على ألا تنتهك حرمته أفيكون الجاهليون يغارون على أعراضهم أكثر من غيرتنا ؟ ترى ما الذي سيفعله الشاب والشابة وهما يشاهدان المرأة تنام مع الرجل في ثياب شفافة وهما يعلمان أنها ليست زوجة له ؟
ما الذي يفعله هذا الشاب وتلك الشابة وهما يشاهدان مثل هذه القبائح ولا يجدون من الآباء إلا تعنتاً وطلباً للمهور الغالية التي تحول بينهم وبين ما شرع الله ، فهل من رجل عاقل يبعد مثل هذه الأجهزة عن بيته وأيدي أولاده ليحمي أبنائه وبناته .
أيها المسلمون: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فاقتدوا بنبيكم وتشبهوا بأسلافكم ولا تغالوا في المهور ولا تسرفوا في الحفلات ولا تضيعوا أموالكم بما لا يعود عليكم بمصلحة بل ربما عاد بالمضرة العاجلة والآجلة ولا تقفوا عائقا دون تزويج بناتكم وأخواتكم ومولاياتكم من أكفائهن ، إن الكفاءة ليست في المال ولا في الجاه وإنما هي في الدين والخلق فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ،إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» الترمذي بسند حسن .
إن مما يؤسف له أشد الأسف أن المهر أصبح عند كثير من الأولياء كأنه هو المقصود بالذات من الزواج ويردون الكفؤ من أجله ويقبلون غير الكفء من أجله ، فما ذنب من لم يقدر من شبابنا على دفع هذه المهور الغالية ومجارات أصحاب هذه العادات السيئة المثقلة للكواهل ؟ وما ذنب الفتيات الضعيفات المغلوبات على أمرهن اللآتي حيل بينهن وبين ما خلقن من أجله بسبب التعنت في غلاء المهور ومنعهن من أن يكن ربات بيوت وزوجات صالحات وأمهات مشفقات لذرية صالحة طيبة.
أيها المسلمون : متى يكون التسامح بيننا ومتى نترك هذه العادات السيئة ؟ ومتى يشد القوي منا عضد الضعيف ؟ ومتى يسهل المسلم لأخيه المسلم سبل الخير والحياة الطيبة ؟ ومتى نأتمر بأمر الله حين قال{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين وأستغفره لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين .

الخطبة الثانية
أيها المسلمون : ومن العقبات التي حالت بين الشباب والشابات وبين الزواج ما يفعله كثير من الآباء والقبائل من رد الأكفاء بحجة أنه ليس من القبيلة أو أن نسبه دون نسبي أو أنه خط 110 وكيف لأجنبي أن يتكئ في بيتي فهل مثل هذه الحجج الواهية يقرها شرع ودين ؟ أين روح الأخوة الإيمانية ؟ أليس احتقار المسلم وانتقاصه كبيرة من الكبائر ؟ ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ »مسلم . لقد جعل الإسلام ميزان التفاضل بين الناس بالتقوى فقال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } وقال النبي صلى الله عليه وسلم " أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى " أحمد بسند صحيح . إن ردَّ الكفؤ لكونه من قبيلة أخرى أو أن نسبه دون نسبي كما يفعله بعض المنتسبين لآل البيت خصلة من خصال الجاهلية وتصرف جاهلي أبطله الإسلام فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ " البخاري ومسلم . وقال « وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، فَهُوَ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ: «وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَا سَمَّاهُمُ الْمُسْلِمُونَ الْمُؤْمِنُونَ عِبَادَ اللَّهِ » أحمد . وربما احتج من يفعل ذلك بأن ما يفعله هو فعل آبائه وأجداده وعادة من عادات قبيلته فكيف يتركه ؟ إنني أعيذ من كان هذا مقاله أن يقدم العادات وأحكام القبائل على حكم الله فيجعل العادة وعرف القبيلة إلها من دون الله وأعيذه كذلك أن يكون حاله حال من قال الله عنه { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ }{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } .
أيها المسلمون : إن الانتساب إلى أهل البت لا يعطي المنتسب الحق في التعالي على الناس وازدراؤهم واحتقارهم فلم يكن جد المنتسبين إلى آل البيت يحتقر الناس ولا يتعالى عليهم ينسبه ويقول أنا نسبي شريف أو سيد فلا أزوج إلا من كان كذلك بل إنه صلى الله عليه وسلم قال « إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ،إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ » وزوج بنت عمه زينب بنت جحش القرشية لمولاه زيد بن حارثة وجاءته امرأة تستشيره وتخبره بأنه تقدم لخطبتها أبو سفيان القرشي وأبو جهم فما نصحها بأبي جهم ولا بأبي سفيان القرشي بل نصحها أن تتزوج المولى أسامة بن زيد فلماذا لا يقتدون بجدهم ويفعلون مثل فعله ما دام أن نسبهم يرجع إليه .
أيها المسلمون : إن الحيلولة بين تزوج الشابات بالشباب الأكفاء خطره جسيم وضرره كبير في المجتمع فهو يؤدي إلى شحن الصدور وانتشار البغضاء والغل والأحقاد بين الناس وسبب لانتشار الكبر ورسولنا يقول « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ » مسلم .
فاتقوا الله عباد الله وإياكم من المغالاة في المهور فإنها سبب كبير لتقهقر الشباب عن الزواج بل سبب لبقاء كثير من الشباب عزابا وكثير من الشابات عوانس وهذا أمر لا يرضاه شرع ولا عقل وإياكم وكثرة التكاليف في الزواج التي تصل إلى حد الإسراف ولا تردوا تقدم للزواج وكان مرضي الدين والخلق وإن كان غير مرضي الدين والخلق فمن حق الولي رده وما عدا ذلك فحرام وسبب فساد عريض صلوا وسلموا على خير الورى والنبي المجتبى وعلى الآل والصحب ومن اقتفى فاللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد...
[/align][align=justify][/align][align=justify][/align][align=justify][/align]
المشاهدات 2808 | التعليقات 1

بارك الله فيكم أستاذ منديل ، تحليل و نصيحةٌ في الصميم ، يمكن تلخيص العقبات بقولنا : النظام الاجتماعي الذي صيغَ بعيدًا عن الإسلامِ وقِيَمِهِ هو المسؤول عن إفراز تلك العقبات ، ووالله إنّ لا إله إلا الله عقيدةٌ وشريعةٌ ومنهجُ حياةٍ في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية ، فمن اصطبغ حقًّا بتلك الكلمة الطيّبة رجع إلى نظام الإسلام في كلّ شيء تعبُّدًا ورقَّا و حُبّا واعتزازًا ، ومن ذلك " نظام الإسلام في الزواج والتزويج " لا شرقيّة ولا غربية . .!
جزاك الله كل خير وجعلها في موازين حسناتك .