عَضُ النَّوَاجِذِ
يوسف العوض
1439/07/26 - 2018/04/12 11:19AM
الخطبة الأولى:
أيُّها المسلمون:التمسكُ بالسنةِ النبويةِ وعدمُ التفريطِ فيها سفينةٌ النجاةِ وبرُ الأمانِ ، حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال : ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ -أقصى الأضراس - وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) صححه الألباني .
عبادَ الله:حين يكثرُ الشرُّ والفسادُ ، وتظهرُ البدعُ والفتنُ ، يكون أجرُ التمسكِ بالسنةِ أعظمَ ، ومنزلةُ أصحابِ السنة أعلى وأكرمَ ، فإنهم يعيشون غربةً بما يحملون من نورٍ وسطَ ذلك الظلامِ ، وبسببِ ما يسعون من إصلاحِ ما أفسدَ الناسُ .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:( إِنَّ الإِسلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ . قِيلَ : مَن هُم يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ ) صححه الألباني .
فمع هذه الشرورِ كلها والفتنِ جميعها، وأمواجِ العداءِ مع الدينِ المتلاطمةِ ، والمزعجاتِ والمنغّصاتِ نحتاجُ إلى الأقوياءِ الذين يثبتون على الدينِ ولا ينبهرون بالشرقِ والغرب، ولا يخضعون لسلطانِ الحضاراتِ الفاسدةِ والمدنياتِ الزائفةِ التي حوّلت الإنسانَ إلى بهيمةٍ ! أجل -ياعباد الله -إنه الإسلامُ الأصيلُ الذي صار اليومَ غريبًا بين هذه الكثرةِ الكاثرةِ من الكفرةِ والمشركين والفسقةِ والملحدين والعلمانيين واللبراليين والدهريين والشيوعيين والوثنيين في جانب، وبين المسلمين بالإسم الذين يتّبعون أهواءَهم وشهواتِهم من جانبٍ آخر!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:( َإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْر ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ، قَالَوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟! قَالَ : أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ ) صححه الألباني .
سبحان الله!!أرأيتم جهادَ الصحابةِ وصبرَهم وإنفاقَهم وهجرتَهم ونصرتَهم للنبي صلى اللهُ عليه وسلم وأعمالَهم الطيبةَ فكلُّ هذا الخيرُ والبذلُ والعطاءُ ينالُه المسلمُ المتمسّكُ بسنةِ النبي صلى الله عليه وسلم في مثلِ هذه الأزمنةِ المتأخرةِ !
أيّها المسلمون: والتمسك بالسنة معناه :
1- القيامُ بالواجبات واجتنابُ المحرمات .
2- اجتنابُ البدعِ العملية ِوالاعتقاديةِ .
3- الحرصُ على تطبيقِ السننِ والمستحباتِ بحسب قدرتِه واستطاعتِه .
4- دعوةُ الناسِ إلى الخير ِومحاولةُ إصلاحِ ما أمكن .
أيُّها المؤمنون:لا شك أنَّ السنةَ النبويةَ مدونةٌ وموجودةٌ وقريبةٌ وسهلةٌ التناولِ لمن طلبها ، فما علينا إلا أنْ نبحثَ عنها ، فإذا عرفنا سنةً من السننِ عملنا بها ، ولا ننظرْ إلى من يُخَذّل أو من يحقّر أو من يستهزئ ونحوِ ذلك .
والسننُ قد تكون من الواجباتِ ، وقد تكون من المستحباتِ ، وقد تكون من الآدابِ والأخلاقِ ، فعلى المسلمِ أن يعملَ بكل سنةٍ يستطيعُها ، وذلك احتساباً للأجر وطلباً للثواب .
أيُّها المسلمون:المسلمُ المتّبعُ للسنةِ هو الذي كلما سمعَ حديثاً فإنه يسارعُ في تطبيقه ويحرصُ كلَّ الحرصِ على العملِ به ولو كان من المستحبَّات أو من النوافلِ ، فتراه مثلاً يسابقُ إلى المساجدِ ويسوؤه إذا سبقه غيرُه وتراه يسابقُ إلى كثرةِ القراءةِ للقرآنِ وكثرةِ الذكرِ أكثرَ من غيره وتراه يُكثرُ من أنواعِ العباداتِ والطاعاتِ ويحرصُ كلَّ الحرصِ أن تكونَ جميعُ أعماله وعباداتِه مُتّبعاً فيها السنةَ ، وليس فيها شيءٌ من البدع ، حتى تكون تلك الأعمالُ والعباداتُ مقبولةً عند الله ؛ لأنه متى قُبل العملُ فازَ المسلمُ برضوانِ ربه نسألُ اللهَ أن تكون أعمالُنا مقبولةً عنده إنه سميعٌ مجيب .
الخطبة الثانية:
أيّها الموحِّدون:ورُغمَ قلةِ هذه الفئةِ المسلمةِ فهم أهلُ النجاةِ والفوزِ والفلاح، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي قُبَّةٍ، قَالَ: ( أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ ) متفق عليه.
يَـا مِحْنَـةَ الإسْلــامِ مِنْ كُلِّ جَاهِــلٍ وَيَــا قِلّـَـةَ الأَنْصَـــارِ مِـنْ كُلِّ عَالِـــمِ
وَهَذَا أَوَانُ الصَّبْـــرِ إنْ كُنْـــتَ حَازِمًـــا عَلَى الدِّينِ فَاصْبِرْ صَبْرَ أَهْلِ الْعَزَائِمِ
فَمَـنْ يَتَمَسَّــكْ بِالْحَنِـيفِيَّــةِ الَّتِـــــي أَتَـتْنَـــا عَــنِ الْمَعْصُومِ صَفْــــوَةِ آدَمِ
لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ امْرَأً مِنْ ذَوِي الْهُدَى مِنَ الصَّحْبِ أَصْحَـابِ النَّبِيِّ الأَكَارِمِ
فَنُــحْ وَابْكِ وَاسْتَنْصِــــرْ بِرَبِّكَ رَاغِبًــــا إلَيْــــهِ فَـإنَّ اللّــهَ أَرْحَـــمُ رَاحِــــمِ
لِيَنْصُرَ هَـذَا الدِّيــنَ مِنْ بَعْدِ مَـا عَفَتْ مَعَالِمُـــهُ فِي الأَرْضِ بَيْنَ الْعَوَالِـــمِ
وَصَــلِّ عَلَــى الْمَعْصُومِ وَالآلِ كُلِّهِــمْ وَأَصْحَابِـــهِ أَهْـلِ التُّقَى وَالْمَكَـــارِمِ
نسألُ اللهَ أنْ يُثَبِّتَنا وإيَّاكم عليه إلى يومِ نلقاهُ غيرَ مُبَدِّلينَ ولا مُغَيِّرين، وصلَّى اللهُ وسلّم على نبيّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ أجمعين.