عشر مباركة

أحمد بن عبدالله الحزيمي
1444/11/26 - 2023/06/15 10:46AM
عشرٌ مباركة ( خطبة عن فضل عشر ذي الحجة) الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين، مَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِمَوَاسِمِ الْخَيْرَاتِ لِيَغْفِرَ لَهُمُ الذُّنُوبَ وَالسَّيِّئَاتِ، وَيُجْزِلَ لَهُمُ الْعَطَايَا وَالْهِبَاتِ، أَشْكُرُهُ تَعَالَى وَقَدْ خَصَّ بِالْفَضِيلَةِ الأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, أَكْمَلَ لَنَا الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا النِّعْمَةَ، وَرَضِيَ لَنَا الإِسْلامَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عِبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً إِلَى يَوْمِ الدِّين... أمَّا بَعدُ: عبادَ اللهِ: أُوصيكُم ونفسِي بتقوَى اللهِ، فاتَّقُوا اللهَ العَليَّ حقَّ تَقواهُ, وراقِبوهُ مُراقبَةَ مَنْ يَعلَمُ أنه يَرَاهُ، وتَزَوَّدوا مِن دُنياكُم لآخِرتِكُم عَملاً يَرْضَاهُ، واعْلمُوا أنَّه لا يَضُرُّ ويَنفعُ، ويَصِلُ ويقطَعُ، ويُفًرِّقُ ويجمعُ، ويُعطِي ويمنَعُ،ويَخفِضُ ويَرفَعُ. إلا اللهُ. عبادَ اللهِ: أيام يسيرة تَفْصِلُنَا عَن لحَظاتٍ تَارِيخيَّةٍ. نَعمْ .. لحظاتٌ تاريخيةٌ بِحقٍّ .. كيفَ لا؟! وقد أَقسمَ اللهُ تعالى بِهَا؛ يقولُ سبحانَه وتعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}, قَال تُرْجُمَانِ القرآنِ ابنُ عَبَّاسٍ: "هُنَّ الليَالي الأُولُ مِن ذِي الحِجَّةِ"، أخْرجَه الطَّبَرِيُّ. وكيفَ لا تكونُ كَذلكَ؟!والرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ بأنَّهَا أفضلُ أيَّامِ الدُّنيَا؛ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ"، يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحَجَّةِ، قِيلَ: وَلا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَلا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ عُفِّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ"، رَوَاه البَزَّارُ والطَّبرانِيُّ وصحَّحه الْهَيْثَمِيُّ. كَيفَ لا تكونُ لحظاتٍ تاريخيةً؟! والعملُ الصالحُ فيها أفضلُ من العَملِ في غيرِها، أفضلُ من جميعِ أيَّامِ العَامِ، حتَّى من أيامِ رَمَضانَ، باستثناءِ الليالي العَشْرِ الأخِيرةِ؛ روَى البخَارِيُّ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟"-يَعنِي أيامَ العَشْرِ- قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: "وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ". قَالَ الحافظُ ابنُ رَجَبٍ:"جميعُ الأعمَالِ الصَّالحةِ مُضاعَفةٌ في العَشرِ مِن غيرِ اسْتثنَاءِ شَيءٍ مِنهَا". ولَعَلَّ سُؤالاً مُلِحًّا يقولُ: يَاتُرَى مَا سَببُ هذا الاحْتِفاءِ العَظِيمِ بهذِهِ الأيامِ المبَاركةِ؟ وجَوَابُه: لِمَا اشْتملَتْ عليهِ هذه العشرُ مِن اجتمَاعِ أُمَّهاتِ العِبادَةِ: رُكنُ الدِّيانةِ الحَجُّ مع الصلاةِ التي لا تَنْقَطِعُ، والصَّومُ ونَحرُ الدماءِ وإراقَتُهَا، ومَا فيها من أيامٍ عَظيمةٍ كيومِ عَرفَةَ، ويومِ النَّحرِ، وعباداتٌ أُخرَى كالذكرِ والصدقةِ والبِرِّ والإحسانِ؛ لذا اسْتَحقَّتْتِلكُمُ الأيامُ أن تَرتفِعَ إِلى ذُرْوةِ الأيامِ الفاضلةِ.. إلى ذُروةِ سَنَامِ الْمجدِ والفضلِ لِتكونَ هذِه الأيامُ أَفضلَ الأيامِ علَى الإطْلاقِ.  أيُّها المؤمنونَ: لماذَا يَشعرُ الجميعُ بِرَوْحَانيةٍ أيامَ رَمضانَ ولَيالِيهِ، فيصُومونَ للهِ فِي نَهَارهِ ويتلونَ كِتَابَهُ، ويَجُودُونَ فيهِ بمَا يَستَطِيعونَ. فِي حينِ أنَّ الكَثِيرينَ لَا يفعلونَ ذلكَ فِي أيَّامِ عشرِ ذِي الحِجَّةِ معَ أنَّ العملَ فيهَا أحبُّ إلَى اللهِ منْ كلِّ عَمَلٍ فِي أيِّ أيَّامِ السنةِ؟! إنَّنَا نَعتقِدُ أنَّ الجَهلَ بفضْلِ هذهِ الأيامِ أحدُ الأسبابِ التِي جَعَلَتِ الكثيرينَ مِنَّا لَا يَعلَمونَ أنَّ هذهِ الأيامَ بهذَا القَدْرِ الكَبيرِ منَ الأَجْرِ. وربمَا كانَ ضعفُ إيمانِ الشخصِ، وذنوبهُ المتراكمةُ تحرمُهُ منِ استغلالِ الخيراتِ فِي أوقاتهَا.  أيَّها المؤمنونَ: مِن أَهَمِّ أسبابِ وسائلِ اقْتناصِ فُرصَةِ هذِه الأيامِ هِي الوَعْيُ بقدرِ هذهِ الأيامِ وعُلوِّ مَكانَتِهَا وفضلِهَا الْمُدهِشِ.. هذهِ هيَ الْحَلَقةُ المفقُودةُ فِي حَياةِ الكَثيرِ منَ النَّاسِ، وإلَّا فهلْ يُعْقَلُ أنْ يكونَ العملُ فِي هذهِ الأيامِ اليَسيرَةِ بهذه الأُجورِ العَظِيمةِ، ثُمَّ لَا نَجِدُ الإِقبَالَ الذِي يُسْتَحَقُّ؟! لَيسَ الْمُهِمُّ -أيها الكِرامُ- أَنْ نَذكرَ بعضَ وظَائفَ هذهِ الأيامِ بقَدْرِ مَا يَهُمُّنَا أنْ نَعِيَ أَهميةَ هذهِ الأيامِ، ونُقَدِرَّهَا، ونَعرِفَ مَكانَتَهَا؛ فإذَا عَرفَ العبدُ مكانَتَهَا وفضْلَهَا العَظِيمَ عندَ اللهِ: كانَ حَمَاسُهُ وشَوقُهُ ولَهَفُهُ لَهَا كَبيرًا. مَا يَجعلُهُ يُخَطِّطُ بشكلٍ جَيدٍ لإدراكِهَا واستغْلالِهَا، وبالتالِي لَنْ يُفْلِتَ هذهِ الأيامَ القَليلةَ إلَّا وقدْ أَدرَكَ مِنهَا خَيراً عَظِيماً. ومعَ ذلكَ نَذكُرُ بعضاً مِنْ هذهِ الأعمالِ وباقْتِضَابٍ شَديدٍ.. عِبَادَ اللهِ:الأعمالُ الصالحةُ فِي هذهِ الأيامِ كمَا يقولُ العلماءُ: غيرُ مَحصُورةٍ ولَا مَخصُوصةٍ بعبادةٍ مُعينةٍ أوْ قُربةٍ خَاصةٍ؛ فكُلُّ القُرُبَاتِ التِي يُتقَرَّبُ بهَا إلَى اللهِ تُشْرعُ فِي هذهِ الأيامِ، فيُستحَبُّ فيهَا الصلاةُ والصيامُ والحجُّ والعمرةُ والأضحيةُ والذكرُ وتلاوةُ القرآنِ والصدقاتِ، إلَى غَيرِ ذلكَ منْ أعمالٍ صالحةٍ، كَمَا هو لَفْظُ الحَدِيثِ: "العملُ الصالحُ". معاشرَ المسلمينَ: ومِمَّا يَنْتَهِزُهُ المسلمُ في هذه الأيامِ التوبةَ النَّصُوحَ؛ فلَهَا في هذِه الأيامِ شَأنٌ عَظيمٌ، فأجْرُهَا مُضاعَفٌ، وإذا اجْتمعَ تَوبةٌ نَصوحٌ معَ أعمالٍ فاضلةٍ في أَزمِنَةٍ فاضِلةٍ فهذَا عُنوانُ الفَلاحِ: {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ}. مِنْ أعمالِ هذهِ الأيامِ: أداءُ الحجِّ والعُمرةِ؛ ولْيَتَذَكَّرِ المسلمُ أنَّ الحجَّ المبرورَ ليسَ لهُ جَزاءٌ إلَّا الجنةُ، وأنَّ جَائزةَ أهلِ عرفاتٍ أنْ يُقَالَ لهمْ: "انْصَرِفُوا مَغفورًا لكمْ". ومِنهَا صِيامُ تِسعَةِ أيامٍ مِنْ هذهِ العشرِ أوْ مَا تيسرَ مِنها؛ فقدْ كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصومُ تِسعَ ذِي الحِجةِ، فقد رَوَى أَبو دَاودَ بإسنادٍ صحَّحهُ الألبانيُّ، عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ"؛ولِهَذا اسْتَحَبَّ صَوْمَهَا كِثيرٌ من العلماءِ، قال الإمامُ النَوويُّ عن صَومِ أيامِ العشرِ أَنه مُستَحَبٌّ، اسْتحبَاباً شَدِيداً.  ومنَ الأعمالِ الصالحةِ: التكبيرُ والتحميدُ والتهليلُ والتَّسبيحُ أيامَ العشرِ، والجهرُ بذلكَ فِي المسَاجِدِ والمنَازلِ والطُرُقاتِ، وكلِّ مَوْضعٍ يجوزُ فيهِ ذِكرُ اللهِ، إظْهارًا للعبادةِ، وإعْلانًا وتَعظِيمًا للهِ تَعَالَى، يَجْهَرُ بهِ الرِّجَالُ ويُخفِيهِ النِّساءُ، قالَ تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}. والتَّكْبِيرُ المطلَقُ الذِي هوَ فِي جميعِ الأوقاتِ يَبدأُ مِنْ أوَّلِ دُخولِ شَهرِ ذِي الحجَّةِ إلَى آخرِ أيامِ التَّشْريقِ. وأمَّا التكبيرُ الْمقَيَّدُ، وهوَ الذِي يَكونُ بعدَ الصَّلَواتِ المفروضَةِ، فإنَّه يَبدَأُ لغيرِ الحَاجِّ منْ صَلاةِ صُبْحِ يَومِ عَرَفةَ إلَى صَلاةِ عَصْرِ آخرِ أيَّامِ التشْريقِ. وَصِيغُ التَّكبيرِ: "اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ كبيرًا"، "اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لَا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ"، (اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لَا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ".  قالَ فِي سُبلِ السَّلامِ: "وفِي الشَّرعِ صِفاتٌ كثيرةٌ للتكبيرِ واستحسَاناتٌ عنْ عِدَّةٍ منَ الأَئِمةِ، وهوَ يَدلُّ علَى التَوسِعَةِ فِي الأمرِ، وإطَلاقُ الآيةِ يَقتضِي ذلكَ". وفي هذِه الأيامِ يَحْسُنُ التَّقربُ إلَى اللهِ تعالَى بذَبحِ الأضَاحِي، وهيَ مِنْ أعْظمِ الأَعمالِ لِمَنْ قَدَرَ عليهَا، ولا يَخفَاكُم أَنَّ مَنْ أَرادَ الأُضْحِيةَ وَهَلَّ عليهِ هِلالُ ذِي الحِجةِ فلَا يَأْخُذنَّ منْ شَعْرِهِ ولَا منْ أَظفَارهِ شَيئًا حتَّى يُضَحِّيَ. وهَذَا الحكمُ خاصٌّ بالْمُضَحِّي فَقطْ، أمَّا الْمُضَحَّى عَنهُمْ فلَا يَلْزَمُهُمُ الإمْسَاكُ. ومِن أعمَالِ العَشرِ: الصدقةُ والإحسانُ إلَى الْخَلْقِ؛ تَصَدَّقْ -عبدَ الله- فِي كُلِّ يومٍ منْ هذهِ الأيامِ ولوْ بالقليلِ اليسيرِ. ومِن أعمالِ العَشرِ: الحرصُ علَى أداءِ الصلاةِ جماعةً، وذلكَ بألَّا تَفُوتُكَ إدْراكُ تكبيرةِ الإحرامِ، وأداءُ السُّننِ الرَّواتبِ والنوافلِ المطلَقةِ، والتَّبكِيرُ للصلاةِ، والانتظارُ بعدَهَا، وعلَيكَ ألَّا تُفَوِّتَ قِيامَ الليلِ. ولْتَحْرِصْ أيضًا علَى تِلاوةِ القرآنِ، وإنْ خَتَمْتَهُ ولوْ لِمَرَّةٍ واحِدةٍ فِي هَذهِ الْعشْرِ لَكُنْتَ مُحْسِنًا أَيَّمَا إِحْسَانٍ, فَاقْرَأْ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَاجْعَلْ لَهَا وَقْتَا خَاصًّا إِمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ هذهِ جُمْلةٌ منَ خَصائِصِ وفضَائلِ هذَا الْمَوْسِمِ العَظِيمِ الفَاضِلِ؛ الذي نَسأَلُ اللهَ عزَّ وجلَّ بأسمائهِ الحسنَى، وصِفَاتهِ العُلَى، أنْ يجعَلَهَا لنَا جميعًا مغنمًا، وإلى الخيرِ مُرْتقَىً وسُلَّمًا، إنهُ تباركَ وتعالَى سميعُ الدعاءِ، وهوَ أهلُ الرجاءِ، وهوَ حسبنَا ونعمَ الوكيلُ. باركَ اللهُ لِي ولكم ....  
  الخطبة الثانية الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ،  والصلاة والسلام على عبدُه ورسولُه محمد، صلَّى اللهُ وسلَّم عليهِ وعلَى آلِه وأصحابِه خيرِ صَحْبٍ وآلٍ، وسَلَّم تَسليمًا كثيرًا... أمَّا بعدُ: معاشرَ المؤمنينَ: وكما أنَّ الطَاعاتِ في مَوسِمِ الخيراتِ يَزْدَادُ شَرَفُهَا، ويَعظُمُ أجْرُهَا، فكذا المعَاصي في الأزمِنةِ الفاضلةِ يَعظُمُ جُرْمُهَا، ويَزدَادُ قُبحُهَا؛ قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ رحمهُ الله: "والمعاصِي في الأيَّامِ الفاضلةِ والأمكِنةِ المفضَّلةِ تُغَلَّظُ، وعِقَابُهَا بقَدْرِ فضيلةِ الزمانِ والمكانِ" ا.هـ. أيُّها الإخوةُ: قدْ أَقْبَلَتْ علينا أيامُ عَشرِ ذِي الحِجَّةِ الفاضِلَةُ فاغْتَنِمُوها، وبَادِروا، وسَارِعوا، وسَابِقوا إلى جَنَّةٍ عَرضُهَا السماواتُ والأرضُ. أينَ أنتَ منْ هذَا العرضِ الربانيِّ الضخمِ، والعطاءِ الإلَهيِّ الجزلِ، أينَ مَن يبحثُ عنِ الفرصِ الاستثماريةِ المضمونةِ الربحِ؟ بلْ وبنسبةٍ عاليةٍ جدًّا، إنَّهَا فرصةٌ تلوحُ الآنَ فِي الأفقِ لأجرٍ كبيرٍ وعظيمٍ وعظيمٍ. فهلَّا اهتبلت الفرصةُ. وفقكَ اللهُ لذلكَ وأكثرَ ويسرَ وأعانَ
هذَا وصَلُّوا وسلِّموا -رحِمَكمُ اللهُ- على النبيِّ المصطفَى، والحبيبِ المُجتَبَى، كما أمرَكُم بذلكَ ربُّكم جلَّ وعلا، فقالَ تعالى قولاً كريمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صلَّى عليَّ صَلاةً صلَّى اللهُ عليهِ بِهَا عَشْرًا». اللهمَّ يَسِّرْ للحجَّاجِ حَجَّهُم وأَعِنْهُمْ علَى أَداءِ مَناسِكِ حَجِّهِمْ. اللهمَّ اجْعَلْ حَجَّهُم مَبرورًا، وسَعْيَهُم مَشكورًا، وذَنبَهُمْ مَغفورًا. ‏ اللهمَّ إنَّا نَستودِعُكَ حُجاجَ بَيتِكَ، اللهمَّ احْفظْهُمْ بحِفظِكَ واكْلأْهُمْ برِعايَتِكَ. اللهمَّ سَلِّمِ الحجاجَ المعتمرينَ في بَرِّكَ وجَوِّكَ وبَحرِكَ، وأَعِدْهُم لأَهلِيهِم سَالمينَ غَانمينَ بِمَنِّكَ وجُودِكَ يا أَكرَمَ الأَكرَمِينَ. اللهمَّ اجْزِ قَادةَ هذِه البلادِ خَيرَ الجَزاءِ على مَا يقدِّمونَه للإسلامِ والمسلمينَ وعلى عُمَّارِ بَيتِكَ المُقدَّسِ وعلَى كُل مَا يُبْذَلُ للحجاجِ والمعتمرينَ. اللهم اكفنا بمنك وكرمك كل من يريد سوءا لهذه البلاد  اللهم رد كيده في نحره وافضحه للعالمين يا عظيم يا ذا البأس الشديد. اللهمَّ تَقبَّل مِنَّا صَالِحَ العَملِ، واغفرْ لنا الذَّنبَ والزَّللَ، وتَوفَّنَا وأنتَ رَاضٍ عَنَّا. وصلى اللهُ وسَلَّمَ على نَبِيِّنَا محمَّدٍ.
المرفقات

1686815192_- عشرٌ مباركة.docx

المشاهدات 1347 | التعليقات 0