عشر ذي الحجة-27-11-1436هـ-عنان-المنبر-بتصرف

محمد بن سامر
1436/11/26 - 2015/09/10 20:24PM
[align=justify]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا-أما بعد:
فإننا سنستقبلُ أيامًا فاضلةً، وأزمنةً شريفةً، وموسمًا مباركًا للعملِ الصالحِ، إنها الأيامُ العشرُ الأُولُ من شهرِ ذي الحجةِ، وهي أيامٌ مباركاتٌ، خصها اللهُ-عزَ وجلَّ-بخصائصَ، وميزها بِمُمَيزاتٍ، وهذه وقفةٌ للمؤمنِ مع خصائصِ هذهِ الأيامِ تُجددُ نشاطَه؛ لِيقبلَ بقلبِه ونفسِه على طاعةِ اللهِ وحسنِ عبادتهِ-عز وجل-.
فمن خصائصِ هذه الأيام أنَّ اللهَ-عز وجل-اختارها واصطفاها وجعلَها أفضلَ أيامِ السنةِ على الإطلاقِ.
ومن خصائصِها أنَّ اللهَ أقسمَ بها تشريفًا لها، وإعلاءً لشأنِها قال-سبحانه-: [والفجر*وليالٍ عشرٍ*والشفعِ والوترِ]، يقول ابنُ عباسٍ-رضي الله عنهما-وغيرُه من المفسرينَ: "المرادُ بالعشرِ في الآيةِ العشرُ الأولُ مِن ذي الحجةِ".
ومن خصائصِها أنها خيرُ أيامِ العملِ الصالحِ؛ فما تقرَّب إلى اللهِ مُتقربٌ بعبادةٍ أفضلَ مِن التقربِ إليه-تبارك وتعالى-في هذه الأيامِ الشريفةِ الفاضلةِ، قالَ النبيُ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "ما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ من هذهِ الأيامِ-يعني أيامَ العشرِ-قالوا: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قال: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلا رجلٌ خرجَ بنفسِه ومالِه ولم يرجعْ من ذلك بشيْءٍ".
ومن خصائصِها أنها أيامٌ تجتمعُ فيها من أٌماتِ الطاعاتِ التي لا تجتمعُ في غيرِها من أيامِ السنةِ، ففي هذه العشر تجتمع: الصلاةُ والصيامُ والحجُ والذبحُ، وغيرُها من الطاعاتِ الجليلةِ، والعباداتِ العظيمةِ.
ومن خصائصِها أنَّ اللهَ-تبارك وتعالى-جعلها موسمًا لحجاجِ بيتِ اللهِ الحرامِ، وجعل فيها أيامَه العظامَ؛ ففي هذه العشر يومُ عرفةَ الذي قالَ فيه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لما سُئل عنه: "يُكفِّر السنةَ الماضيةَ والباقيةَ".
إخواني الكرام: و يُشرَع في أيامِ العشرِ من ذي الحِجةِ التكبيرُ المطلقُ، وهو في جميعِ الأوقاتِ، من أولِ دخولِ شهرِ ذي الحِجةِ إلى آخرِ أيامِ التشريقِ؛ لقوله-سبحانه-: [ليشهدوا منافعَ لهم ويذكروا اسمَ اللهِ في أيامٍ معلوماتٍ]، وهي الأيامُ العشرُ أو عاشرُها وأيامُ التشريقِ الثلاثةِ بعدَه، وقال-سبحانه-: [واذكروا اللهَ في أيامٍ معدوداتٍ]، وهي أيامُ التشريقِ: الحادي عشرَ، والثاني عشرَ، والثالثُ عشرَ؛ لقولِ النبيِّ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "أيامُ التشريقِ أيامُ أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله-عز وجل-".
وذُكر عن ابنِ عمرَ وأبي هريرةَ-رضي الله عنهما-أنهما كانا يخرجانِ إلى السوقِ في أيامِ العشرِ فيكبران، ويكبرُ الناسُ بتكبيرِهما.
وأما التكبيرُ المقيَّدُ فهو بعد الصلواتِ الخمسِ المفروضةِ، ويبدأ من صلاة الصبحِ يومَ عرفةَ إلى صلاةِ العصر من آخرِ أيامِ التشريقِ وقد دلَّ على ذلك الإجماعُ وفعلُ الصحابةِ-رضي الله عنهم-.
وصفته: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدِ، أستغفر اللهَ العظيمَ لي ولكم...
الخطبة الثانية
فمما يُشرَع للمسلمِ في هذهِ العشرِ المباركةِ: الصدقاتُ بأنواعِها، وبذلُ الإحسانِ، وصلةُ الأرحامِ، والبرُّ بأبوابِه ومجالاتِه الواسعةِ.
ومِن الأعمالِ الصالحةِ التي يُشرَع للمسلمِ العنايةُ بها في هذه العشرِ المباركةِ وما بعدَها مِنْ أيامِ العيدِ، أنْ يتقربَ إلى اللهِ-سبحانه وتعالى-بنحرِ أضحيتِه في يومِ النحرِ، وهو اليومُ العاشرُ من هذهِ الأيامِ تقربًا إلى اللهِ وطلبًا لثوابِه، فإنَّ الحُجَاجَ يتقربونَ إلى اللهِ في يومِ النحرِ بذبحِ الهديِ، والمسلمون في البلدان يتقربونَ إلى اللهِ بذبحِ الأُضحيةِ، قال النبيُّ-صلى اللهُ عليه وآله وسلم-: "إذا رأيتمْ هلالَ ذي الحِجةِ، وأرادَ أحدُكم أنْ يضحيَ فلْيُمْسِكْ عن شعرِه وأظفارِه"، فمنْ أرادَ أن يضحيَ، فعليه إذا دخلتِ العشرُ ألا يأخذَ من شعرِه، ولا من أظفارِه شيئًا حتى يضحيَ، وهذا حُكْمٌ خاصٌ بمن أرادَ أنْ يضحيَ، أما أهلُه وأولادُه ومن يُضحي عنهم فإنه لا يشملهم ذلك الحكم، وإذا لم يأخذوا من أشعارِهم وأظافرِهم احتياطًا وخروجًا من الخلافِ فهو حسنٌ، قالَ الإمامُ النوويُ-رحمه الله-: "قال أصحابُنا: الحكمةُ من النهيِ أنْ يبقى كاملَ الأجزاءِ ليُعتَقَ من النَّارِ".
ومنْ أخذَ من المضحين شيئًا من شعرِه أو أظفارِه متعمدًا دونَ ضرورةٍ فإنه يأثمُ بذلك، ولا يضرُّ ذلك أضحيتَه، فإنها مجزئةٌ، وليس عليه كفارةٌ، وإنما عليه التوبةُ والاستغفارُ.
[/align]
المرفقات

عشر ذي الحجة-27-11-1436هـ-عنان-المنبر-بتصرف.doc

عشر ذي الحجة-27-11-1436هـ-عنان-المنبر-بتصرف.doc

المشاهدات 1294 | التعليقات 0