عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ فَضَائِلُ وَأَحْكَامُ 29 ذِي القَعْدَةِ 1442هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1442/11/27 - 2021/07/07 16:57PM

عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ فَضَائِلُ وَأَحْكَامُ 29 ذِي القَعْدَةِ 1442هـ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين، مَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِمَوَاسِمِ الْخَيْرَات لِيَغْفِرَ لَهُمْ الذُّنُوبَ وَالسَّيِّئَات، وَيُجْزِلَ لَهُمُ الْعَطَايَا وَالْهِبَات، أَشْكُرُهُ تَعَالَى وَقَدْ خَصَّ بِالْفَضِيلَةِ الأَيَّامَ الْمَعْدُودَات، وَأَمَاكِنَ الْمَشَاعِرِ الْمَعْرُوفَات، فَالْمُوَفَّقُ مَنِ اغْتَنَمَها بِالطَّاعَات، وَالْمَغْبونُ مَنْ فَرَّطَ فِيهَا وَمَلأَهَا بِالسَّيِّئَات! وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , أَكْمَلَ لَنَا الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا النِّعْمَةَ، وَرَضِيَ لَنَا الإِسْلامَ دِينَاً، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عِبْدُهُ وَرَسُولُهُ، عَلَّمَ الأُمَّةَ مَا يَنْفَعُهَا، وَوَجَّهَهَا لِلْعِبَادَةِ وِفْقَ شَرْعِ رَبِّهَا, صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً إِلَى يَوْمِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مِنَّا مَوْسِمٌ عَظِيمٌ وَأَيَّامٌ فَاضِلَةٌ, وَأَوْقَاتٌ مُبَارَكةٌ! مَنْ أَدْرَكَهَا فَقَدْ تَفَضَّلَ اللهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ جَدِيدَةٍ, وَمِنَّةٍ أَكْيدَةٍ, وَشُكْرُ النِّعَمِ يَكُونُ بِالْعَمَلِ الصَّالِح!

إِنَّهَا أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ! إِنَّهَا الأَيَّامُ التِي هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ عَلَى الإِطْلاقِ, إِنَّهَا الأَيَّام ُالتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا لا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الأَوْقَاتِ! عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ (وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذلك بشيء) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ الله وَلا أَحَبُ إِلَيْهِ فِيهِنَّ الْعَمَلُ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ: عَشْرِ ذِي الحِجَّة - أَوْ قَالَ: الْعَشْرِ - فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ من التَّهْلِيلِ والتسبيحِ , وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِسَنَدٍ صَحِيح.

أَيَّهَا الْمُسْلِمُ : عَلَيْكَ فِي هَذِهِ الْعَشْر مَا يَلِي : أَوَّلاً : تُحَافِظُ عَلَى الطَّاعَاتِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّات, فَتَحُافِظُ عَلَى الصَّلاةِ فِي وَقْتِهَا مَعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ, وَتَحْذَرَ التَّفْرِيطَ فِيهَا ! قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ تُضَاعَفُ فِي الأَزْمَانِ الْفَاضِلَةِ وَالأَمَاكِنِ الْفَاضِلَة!

وَمِنَ الْوَاجِبَاتِ: حَقُّ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقَارِبِ وَالزَّوْجَةِ وَالأَوْلادِ, وَكَذَلِكَ حَقُّ الْعُمَّالِ وَالْخَدَمِ فَإِيَّاكَ وَالتَّفْرِيطَ فِي شَيْءِ مِنْ ذَلِكَ, وَمِنَ الْوَاجِبَاتِ: وَاجِبَاتُ الْعَمَلِ الْوَظِيفِيِّ سَوَاءً أَكُنْتَ تَعْمَلُ فِي مُؤَسَّسَةٍ حُكُومِيَّةٍ أَوْ أَهْلِيِّةٍ فَإِنَّكَ تَتَقَاضَى عَلَيْهَا رَاتِبَاً فَلا يَحِلُّ لَكَ التَّفْرِيطُ فِيهَا! وَمَا أَكْثَرَ تَهَاوُنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِالله!

وَمِمَّا تُسْتَغَلُّ بِهِ هَذِهِ الأَيَّامُ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَإِنَّ فَضْلَهُمَا عَظِيمٌ جِدَّاً, فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ, وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ دُونَ الْجَنَة) وَفِي (وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَظَلُّ يَوْمَهُ مُحْرِمِاً إِلَّا غَابَتِ الشَّمْسُ بِذُنُوبِهِ) وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى( وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُلَبِّي للهِ بِالْحَجِّ إِلَّا شَهِدَ لَهُ مَا عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ الأَرْض) (صحيح الترغيب والترهيب 1133)

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: وَمَنْ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّام : الأُضْحَيَةُ وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ جِدَّاً وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبَهَا, لِمَنْ كَانَ قَادِرَاً عَلَيْهَا! وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّ كُلِّ مَنِ اسْتَقَلَّ بِبَيْتٍ عَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ صَغِيرَاً كَالشُّقَّةِ, وَتُجْزِئُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ, وَعَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّي أَنْ لا يأخذَ مِنْ شَعْرِهِ وَلا أَظْفَارِهِ وَلا بَشَرَتِهِ شَيْئَاً, إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ, وَفِي هَذَا العَامِ يَبْدَأُ الإِمْسَاكُ لِمَنْ يُرِيدُ الأُضْحِيَةَ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ السبت غدٍ, إِلَّا إِذَا ثَبَتَ دُخُولُ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ  هَذِهِ الَّليْلَةِ, فَيُمْسِكُ بِمُجَرَّدِ مَا يَعْرِفُ أَنَّ الشَّهْرَ دَخَلَ.

وَمِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ: التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ, وَهَذِهِ سُنَّةٌ يَنْبِغِي إِظْهَارُهَا وَإِشَاعَتُهَا, فَيُكَبَّرُ الرِّجَالُ رَافِعِينَ أَصْوَاتَهُمْ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ وَالأَسْوَاقِ, وَتُكِبِّرَ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا وَتَخْفِضَ صَوْتَهَا!

وَمِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ: الصَّيَامُ, وَلا سَيِّمَا يَوْمُ عَرَفَةَ فَإِنَّ صِيَامَهُ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَة!

وَهُنَا يَسْأَلُ بَعْضُ النَّاسِ مِمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ: هَلْ يَجُوزُ لَهُ الصَّيَامُ فِي الْعَشْرِ وَعَلَيْهِ قَضَاءٌ؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ نَعَمْ يَجُوزُ, وَلَكِنْ الأَفْضَلُ وَالأَكْمَلُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَصُومُ فِي الْعَشْرِ بِنِيِّةِ الْقَضَاءِ, لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ وَالصَّيَامُ فِي الْعَشْرِ نَافِلَةٌ فَلا تُقَدَّمُ النَّافِلَةُ وَتُؤَخَّرُ الْفَرِيضَةُ, فُصُمْ مَا عَلَيْكَ مِنْ رَمَضَانَ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ, وَلَعَلَّ اللهَ يَكْتُبُ لَكَ الأَجْرَيْنِ, وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيز ! أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ )

أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ, إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ, وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلِيُّ الصَّالحِينَ, وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النًّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاغْتَنِمُوا أَوْقَاتَكُمْ وَبَادِرُوا أَعْمَارَكُمْ, وَأَكْثِرُوا أَعْمَالَكُمْ قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ}

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْفَاضِلَةِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ: تِلاوَةُ الْقُرْآنِ, فَإِنَّ أَجْرَهَا عَظِيمٌ فِي كُلِّ الأَيَّامِ, فَكَيْفَ فِي هَذَا الْمَوْسِمِ الْفَضِيلِ؟ فَلَوْ أَنَّكَ جَعَلْتَ خَتْمَةً خَاصَّةً بِهَذِهِ الْعَشْرِ لِكُنْتَ مُحْسِنَاً أَيَّمَا إِحْسَان وَلَحَمِدْتَ اللهَ عَلَى فَضْلِهِ حِينَ تَفْعَلُ ذَلِكَ, فَاقْرَأْ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَاجْعَلْ لَهَا وَقْتَا خَاصَّاً إِمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ, وَاحْرِصْ أَنْ تَخْتِمَهَا فِي النَّهَارِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ اللَّيْلِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ!

أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي اللهِ: مِنَ الْمَسَائِلِ التِي يَحْتَاجُهَا النَّاسُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ خُصُوصَاً: الْحَجُّ أَوِ العُمْرَةُ عَنِ الْغَيْرِ, فَنَقُولُ إِنَّ الذِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ عُمُومَاً أَنْ يَجْعَلَ الْعَمَلَ لِنَفْسِهِ هُوَ, فَحَاجَتُهُ لِلْحَسَنَاتِ أَوْلَى مِنْ حَاجَةِ غَيْرِهِ, وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْوَالِدَيْنِ أَوِ الأَقَارِبِ فَأَفْضَلُ مَا يُقَدَّمُ لَهُمُ الدُّعَاءُ, لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا مَاتَ اَلْإِنْسَانُ اِنْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالَحٍ يَدْعُو لَهُ) رَوَاهُ مُسْلِم.

فَتَأَمَّلْ هَذَا الْحَدِيثَ كَيْفَ قَالَ (يَدْعُو لَهُ) وَلَمْ يَقُلْ يَحُجُّ عَنْهُ أَوْ يَعْتَمِرُ أَوْ يَتَصَدَّق, فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ مَا تُقَدِّمُهُ لِلْمَيِّتِ هُوَ الدُّعَاءُ!

وَلَكِنْ مَعَ هَذَا فَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ رَحِمَهُمُ اللهُ: إِنَّ أَيَّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِمِسْلِمٍ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ نَفَعَهُ ذَلِكَ! أَيْ نَفَعَ الْمَيِّتَ, وَأَمَّا الْحَيُّ فَلا يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ نَوَاهُ لِغَيْرِهِ, لَكِنْ قَدْ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ الإِحْسَانِ! لَكِنْ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ الْيَوْمَ الذِينَ حَيْثُ لا يَكَادُونَ يَتْرُكُونَ شَيْئَاً مِنَ أَعْمَالِهِمُ النَّوَافِلِ إِلَّا أَهْدُوهُ لا شَكَّ أَنَّهُ غَلَطٌ, فَصَارُوا كُلَّمَا قَرَأُوا أَوْ حَجَّوا أَوِ اعْتَمَرُوا أَوْ تَصَدَّقُوا جَعَلُوا الثَّوَابَ لِغَيْرِهِمْ وَتَرَكُوا أَنْفُسَهُمْ! وَهَذَا خِلافُ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَحِمَهُمُ اللهُ وَخِلافُ الدَّلِيلِ كَمَا سَمِعْتِمُ!

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ يَنْبِغِي لِلْمُسْلِمِ إِذِا أِرَادَ الحَجَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَنَاسِكَه لِكَيْ يَعْبُدَ اللهَ عَلَى بَصِيرَةٍ وَيُؤَدِّيَ مَنَاسِكَهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ الصَّحِيحِ, وَالْكُتُبُ مُتَوَفِّرَةٌ بِحَمْدِ اللهِ فَتَعْلَمَ كَيْفَ تَحُجُّ وَمَاذَا تَفْعَلُ فِي عِبَادَتِكَ, عَسَى اللهُ أَنْ يَقْبَلَهَا وَيَكْتُبَ لَكَ أَجْرَهَا, وَيَنْفَعُكَ ثَوَابُهَا! ثُمَّ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ فَبَادِرْ بِسُؤَالِ أَهْلِ العِلْم!

 اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنَ بَلَغَ الْعَشْرَ وَاغْتَنَمَهَا عَلَى الْوَجْهِ الذِي يُرْضِيكَ عَنَّا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ, عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ, مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ, وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ, عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ, مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ, اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ, وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ اَلْجَنَّةَ, وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ, وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ, وَمَا قَرَّبَ مِنْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ, وَنَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لنَا خَيْرًا يا رب العالمين! وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ, والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

المرفقات

1625677059_عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ فَضَائِلُ وَأَحْكَامُ 29 ذِي القَعْدَةِ 1442هـ.docx

المشاهدات 2558 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا