عرفة ويوم النحر والأضحية

صالح العويد
1432/12/05 - 2011/11/01 09:50AM
الحمد لله المحمود بكل لسان المعبود في كل زمان المقصود من كل مكان يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن جعل عدة الشهور اثنا عشر شهرا في القرآن وخص بالفضل منها العشر الأول من ذي الحجة على كل الأزمان ليتنافس فيه المتنافسون من أهل الإيمان واشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك الديان
واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المصطفى الهاشمي العدنان افصح من نطق بلسان واجمل ما رأت عينان وخيرمن صلى وصام وحج البيت الحرام وعلى آله والصحب الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى آخرالزمان أمابعدعباد الله
ياأيهاالذين آمنوااتقواالله حق تقاته ولاتموتن إلاوأنتم مسلمون
فَأُوصِيكُم ـ أَيُّها النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عز وجل وَتَعظِيمِ حُرُمَاتِهِ وَشَعَائِرِهِ، ((ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ))،((ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ)).
أَيُّهَا المُؤمِنُونَ، إِنَّكُم تَعِيشُونَ أَيَّامًا فَاضِلَةً جِدُّ فَاضِلَةٍ، أَيّامًا مِن أَفضَلِ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ، إِنها الأَيَّامُ المَعلُومَاتُ الفَاضِلاتُ التي
جَعَلَ اللهُ العَمَلَ فِيهَا لَيس كالعَمَلِ في غَيرِها، يَقُولُ صلى الله عليه وسلم : ((مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلى اللهِ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ العَشرِ))، قَالُوا: وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ؟! قَالَ: ((وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ، إِلاّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ فَلَم يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ))، وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم : ((مَا مِن أَيَّامِ أَعظَمُ عِندَ اللهِ سُبحَانَهُ وَلا أَحَبُّ إِلَيهِ العَمَلُ فِيهِنَّ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ العَشرِ، فَأَكثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهلِيلِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيدِ)).
إِنها الأَيَّامُ التي فِيهَا يَومُ عَرَفَةَ، اليَومُ التَّاسِعُ مِن ذِي الحِجَّةِ، وفي خِتَامِهَا يَكُونُ يَومُ عِيدِ الأَضحَى، يَومُ النَّحرِ وَأَوَّلُ أَيَّامِ العِيدِ. أَمَّا يَومُ عَرَفَةَ فشرفه الله بأن أقسم به في كتابه العزيزبقوله والفجروليال عشروالشفع والوتر قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة،
وقال سبحانه والسماءذات البروج واليوم الموعودوشاهدومشهود اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة
يوم عرفة يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:
قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًاعن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أميرالمؤمنين: آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت، معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: وأي آية؟ قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة في يوم جمعة
قال السدي: نزلت هذه الآية يوم عرفة، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام
يوم عرفة: يوم الإكثار من الدعاءوشهادة التوحيد:
فشهادة التوحيد هي أصل دين الإسلام الذي أكمله الله تعالى في يوم عرفة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
الدعاء سلوى المحزونين، ونجوى المتقين، ودأب الصالحين، فإذا صدر عن قلب سليم ونفس صافية، وجوارح خاشعة، وجد إجابة كريمة من رب ودود رحيم فينبغي لكل مسلم عاقل أن يجتهد يوم عرفة المبارك فيكثر من الدعاء ويسأل الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة، وليعلم أن الله يجيب دعوة عبده إذا أخلص في دعائه،
يوم عرفة: يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار:
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من يُعتق الله
فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، إنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما
أراد هؤلاء وعن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ، ففي هذا اليوم العظيم رخص سعر المغفرة ...... ومن ملك سمعه وبصره غفر له ، ولذا ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفه وما ذاك إلا أن الرحمة تتنزل فيه فيتجاوزالرب عن الذنوب العظام
فعظمواهذااليوم وصوموه وأكثروافيه من الدعاء والتكبيرفمن فجره يبدأالتكبيرالمقيدبأدبارالصلوات لغيرالحاج قال ابن رجب الحنبلي - رحمه الله-: يوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدًا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شهد منهم موسم
الحج ومن لم يشهده لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة، فإذا كمل يوم عرفة وأعتق الله عباده المؤمنين من النار، اشترك المسلمون كلهم في العيد عقب ذلك، وشرع للجميع التقربُ إليه بالنسك، وهو إراقة دماء الهدي والأضاحي
فَياالِلهِ ماأعظم هذا اليَومُ الشَّرِيفُ االذي يَقِفُ الحُجَّاجُ فِيهِ بِتِلكَ المَوَاقِفِ المُشَرَّفَةِ، وَيحظَونَ بِزِيَارَةِ تِلكَ البِقَاعِ المُطَهَّرَةِ، فَكَم مِن ضَارِعٍ بَينَهُم وَمُنكَسِرٍ! وَكَم مِن حَزِينٍ فِيهِم وَأَسِيفٍ! كَم مِن نَائِحٍ عَلَى ذُنُوبِهِ بَاكٍ عَلى عُيُوبِهِ! كَم مِن رَجُلٍ بَادَرَ اللهَ بِالتَّوبَةِ فَبَادَرَهُ بِالغُفرَانِ! لَيتَ شِعرِي، كَم يَنصَرِفُ ذَلِكَ اليَومَ مِنَ المَوقِفِ مِن رِجالٍ مَا عَلَيهِم مِنَ الأَوزَارِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ! قَد مَلأَت قُلُوبَهُمُ الأَفرَاحُ وَعَلت وُجُوهَهُمُ المَسَرَّةُ!
فَيَا مَن رَأَى هَذِهِ الجُمُوعَ وَقَدِ استَدبَرَت دُنيَاهَا وَاستَقبَلَت أُخرَاهَا، وَاستَوحَشَت مِن الأَرضِ وَحَرِيقِها، وَطَمِعَت في الجِنَانِ وَرَحِيقِهَا، جَعَلَت مُنَاجاتَهَا طَرِيقًا إِلى نجَاتِهَا، وَعَبرَتَهَا سَبِيلاً إِلى عِبرَتِهَا، مِئاتُ الآلافِ تجأَرُ إلى اللهِ بِمُختَلِفِ اللُّغَاتِ، وَاللهُ سُبحَانَهُ سميعٌ بصيرٌ، لا تختَلِفُ عَلَيهِ الأَلسِنَةُ وَلا يَشغَلُهُ سُؤَالٌ عَن سُؤَالٍ يسأله م في السموات والأرض كل يوم هوفي شأن.
عباد الله إِنَّ يَومَ عَرَفَةَ كَالمُقَدِّمَةِ لِعِيدِ النَّحرِ، إِذْ فِيهِ يَكُونُ الوُقُوفُ وَالتَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ، وَفِيهِ التَّوبَةُ والابتِهَالُ وَالاستِقَالَةُ من الذنوب والآثام فَهُوَ كَالطُّهُورِ وَالاغتِسَالِ بَينَ يَدَي يَومِ النَّحرِ يَومُ الحَجِّ الأَكَبرِ الذِي تَقَعُ فِيهِ أَكثَرُ أَعمَالِ الحَجِّ مِنَ الحُجَّاجِ، وَفِيهِ يَتَقَرَّبُ سَائِرُ أَهلِ الأَمصَارِ إِلى اللهِ بِالصَّلاةِ وَالنَّحرِ وَالذِّكرِ، وَهُوَ يَومٌ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ، يَرَى بَعضُ أَهلِ العِلمِ أَنَّهُ أَفضَلُ أَيَّامُ السَّنَةِ، وَأَنَّهُ أَفضَلُ حتى مِن يَومِ عَرَفَةَ، لِمَا في السُّنَنِ عنه صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: ((إِنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثم يَومُ القَرِّ)
وكِلَيهِمَا يَومَانِ فَاضِلانِ عَظِيمَانِ كَرِيمَانِ، وَاقِعَانِ في أَيَّامٍ عَظِيمَةٍ شَرِيفَةٍ، لا يَقدُرُهَا حَقَّ قَدرِهَا إِلاَّ المُوَفَّقُونَ الأَتقِيَاءُ، وَلا يُحرَمُ مِن فَضلِهَا إِلاَّ المحرومُونَ الأَشقِيَاءُ. وَعَن يَومِ عَرَفَةَ وَالعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ قَالَ عليه الصلاةُ والسلامُ: ((يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ عِيدُنَا أَهلَ الإِسلامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ)).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمِن أَعظَمِ شَعَائِرِ يَومِ العِيدِ وَأفضَلِ الأَعمَالِ وَأَحَبِّهَا إلى اللهِ تعالى فِيهِ وفي أَيَّامِ التَّشرِيقِ ذَبحُ الأَضاحِي وَالتَّقَرُّبُ إلى اللهِ بِإِهرَاقِ دِمَائِهَا والأضحية مَشرُوعَةٌ بِاتِّفَاقِ المُسلِمِينَ بِلا خِلافٍ بَينَهُم، وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، وقال بعضهم كابن تيمية بوجوبهاوقد أمر الله بها نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ). وَذَبحُ الهَدَايَا وَالأَضَاحِي مِن شَعَائِرِ هَذَا الدِّينِ الظَّاهِرَةِ ، فَعَلَهَا إِبرَاهِيمُ أَبُو الأَنبِيَاءِ فِدَاءً لابنِهِ إِسمَاعِيلَ عَلَيهِمَا السَّلامُ، وَسَنَّهَا نَبِيُّنَا محمدٌ صلى الله عليه وسلم وَحَثَّ أُمَّتَهُ عَلَيهَا، قال أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عنه: ضَحَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبشَينِ أَملَحَينِ أَقرَنَينِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. وَهِيَ مَطلُوبَةٌ في وَقتِهَا وَهُوَ مِن بَعدِ صَلاةِ العِيدِ إِلى غُرُوبِ الشَّمسِ في اليَومِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِن شَهرِ ذِي الحِجَّةِ وهي مِنَ الحَيِّ عَن نَفسِهِ وَعَن أَهلِ بَيتِهِ، وَلَهُ أَن يُشرِكَ في ثَوَابِهَا مَن شَاءَ مِنَ الأَحيَاءِ وَالأَموَاتِ. قال الشَّيخُ محمدُ بنُ صالحٍ العُثيمينُ رحمه اللهُ: "الأَصلُ في الأُضحِيَةِ أَنَّهَا مَشرُوعَةٌ في حَقِّ الأَحيَاءِ، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ وَأَصحَابُهُ يُضَحُّونَ عَن أَنفُسِهِم وَأَهلِيهِم، وَأَمَّا مَا يَظُنُّهُ بَعضُ العَامَّةِ مِنِ اختِصَاصِ الأُضحِيَةِ بِالأَموَاتِ فَلا أَصلَ لَهُ وعلى المضحي أن يتحرى فلا يضحي إلا بما بلغ السن المعتبر شرعا ، وهو خمس سنوات للأبل ، وسنتان للبقر ، وسنة للمعز ، وستة أشهر للضأن ، فما نقص عن ذلك فإنه لا يجزي وأن تكون سليمة من العيوب وللمضحي أن يأكل منها ، ويطعم البائس الفقير ، ويهدي منها .ولايلزم تقسيمها أثلاثافالأمرواسع ولله الحمد وفي دفع قيمة الأضحية للمؤسسات الخيرية وقيامهم بالذبح والتوزيع نيابة عن المضحي في البلدان الإسلامية المحتاجة يقول فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
المقصود من الأضحية إظهار الشعائر في البلاد الإسلامية ، فكما أن الحجاج يتقربون إلى الله بالهدي ، فأهل البلدان والمدن الأخرى يتقربون إلى الله بالأضاحي ، وليس المقصود بالأضاحي مجرد نفع الفقراء في الأكل من لحمها ، قال الله تعالى : ) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ( ذبح هذه الأضحية أهم من الصدقة بلحمها .

إلى أن قال : بل إن كثيرا من العلماء يقول : يجب على المضحي أن يأكل من أضحيته ، لأن الله أمر بذلك فقال : ) فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ( فأمر بالأكل ، مقدما على إطعام الفقير ، مما يدل على أهميته ونحن إذا أرسلنا الدراهم ، ليضحى بها ، في بلاد أخرى ، لم يحصل لنا الأكل منها ، ثم إنه يفوتنا أيضا ، أن نشرف على أضحيتنا ، ونعرف كيف وزعت وكيف تصرف فيها ثم إنه يفوتنا أيضا ذكر اسم الله عليها لأننا إذا باشرناها نحن بأنفسنا ؛ ذكرنا اسم الله عليها ، وذكر اسم الله عباده ، ثم إنه يفوت مصلحة عظيمة وهي أنها إذا ذبحت في بلادنا وفي بيوتنا عرف أبناؤنا وبناتنا الصغار هذه الشعيرة وعظموها إلى أن قال رحمه الله : ونحن لا نقول اتركوا المسلمين لا تساعدونهم ! نقول ساعدوهم لكن بالأموال بالأطعمة بالفرش بالألبسة ، بغير ذلك . أما ضحاياكم فلا تفرطوا فيها ، ضحوا في بلادكم ، ضحوا في بيوتكم .

فَضَحُّوا عباد الله وَطِيبُوا بِضَحَايَاكُم نَفسًا، وَاستَشعِرُوا في ذَبحِهَا التَّقَرُّبَ إِلى اللهِ وَإِخلاصَ النِّيَّةَ لَهُ وَاحتِسَابَ الأَجرِ وَالثَّوَابِ عِندَهُ، بَعِيدًا عَنِ الرِّيَاءِ وَالسُّمعَةِ وَالمُبَاهَاةِ وَالمُفَاخَرَةِ أَو مُجَارَاةِ النَّاسِ وَالسَّيرِ على عَادَاتِهِم وَاعلَمُوا ـ رحمكمُ اللهُ ـ أَنَّ الأُضحِيَةَ تَصِحُّ ممَّن أَخَذَ مِن شَعرِهِ أَو أَظفَارِهِ في أَيَّامِ العَشرِ، وَلا شَيءَ عَلَيهِ إِن فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِيًا أَو جَاهِلاً أَو لم يَكُنْ نَوَى أَن يُضَحِّيَ ثم نَوَى في أَثنَاءِ العَشرِ، أَمَّا مَن تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَعَلَيهِ الإِثمُ والإستغفاروَأُضحِيَتُهُ صَحِيحَةٌ.
أعوذبالله من الشيطان الرجيم وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الآيات والذكرالحكيم وبهدي سيد الأولين والآخرين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
المشاهدات 6182 | التعليقات 9

الحمد لله كما ينبغى أن يحمد و أصلي و أسلم على النبي أحمد
صلى الله عليه و على أصحابه و التابعين و من تعبد ثم أمابعد

فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم يَغفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم، وَأَطِيعُوهُ تُفلِحُوا وَتَسعَدُوا في دُنيَاكُم وَآخِرَتِكُم،واعلمواأن مِن أَفضَلِ الأَعمَالِ في يَومِ النحر صَلاةُ العِيدِ، وَإِنَّ مِنَ الشَّرَفِ حُضُورَهَا مَعَ المُسلِمِينَ، فَاحرِصُوا عَلَيهَا وَاشهَدُوهَا، فَقَد ذهب بَعضُ أَهلِ العِلمِ ومنهم شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه اللهُ أَنَّ صَلاةَ العِيدِ وَاجِبَةٌ عَلَى الأَعيَانِ، وَاستَدَلُّوا بِقَولِهِ تعالى: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ)) وَلا تَسقُطُ صَلاةُ العِيدِ عَن أَحَدٍ إِلاَّ بِعُذرٍ شَرعِيٍّ، حتى النِّسَاءُ عَلَيهِنَّ أَن يُصَلِّينَ العِيدَ وَيشهَدْنَ الخَيرَ مَعَ المُسلِمِينَ، بَل حتى الحُيَّضُ وَالعَوَاتِقُ، إِلاّ أَنّ الحُيَّضَ يَعتَزِلْنَ المُصلَّى. ومن أرادأن يضحي فإنه لايأكل شيئابعدصلاة الفجرحتى يصلي العيدويذبح أضحيته ويأكل منها هذه سنة نبينا محمدصلى الله عليه وسلم
أَيُّهَا الأحبة، لَئِن كَانَ بَعضُنا لم يَحظَ بِالحَجِّ وَأَدَاءِ المَنَاسِكِ فَإِنَّ اللهَ سُبحَانَهُ وَهُوَ الكَرِيمُ المَنَّانُ وَاسِعُ العَطَاءِ وَمُجزِلُ الإِحسَانِ قَد شَرَعَ لَنَا مِنَ العِبَادَاتِ وَالأَعمَالِ الصَّالحةِ في هَذِهِ الأَيَّامِ مَا تَقَرُّ بِهِ أَعينُ المُؤمِنِينَ وَتَسلُو بِهِ أَفئِدَةُ المُتَّقِينَ، فَمَن فَاتَهُ في هَذا العَامِ القِيَامُ بِعَرَفَةَ فَلْيَقُمْ للهِ بِالحَقِّ الذي عَرَفَهُ، وَمَن عَجَزَ عَنِ المَبِيتِ بِمُزدَلِفَةَ فَلْيُبَيِّتْ عَزمَهُ عَلى طَاعَةِ اللهِ الذي قَرَّبَهُ وَأَزلَفَهُ، وَمَن لم يَقدِرْ عَلى نَحرِ هَديِهِ بِمِنى فَلْيَذبَحْ هَوَاهُ هُنا، وَمَن لم يَصِلْ إِلى البَيتِ فَلْيَقصِدْ رَبَّ البَيتِ، وَلْيَتَّصِلْ بِخَالِقِ الكَونِ وَلْيُعظِمِ الرَّجاءَ فيه، فَإِنَّهُ سُبحانَهُ القَائِلُ: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَني فَإِني قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَستَجِيبُوا لي وَليُؤمِنُوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدُونَ)).
هذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا – رَحِمَنِي اللهُ وَإِيّاكُم – على مَنْ أَمَرَ اللهُ باِلصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَال :} إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا{ [الأحزاب:56] وقال ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى الله ُعَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) اللّهم صَلّي وَسَلّم على عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحمّد ، وعلى آلِه وَصَحْبهِ أَجْمَعِينَ ، وارضَ اللّهُمَّ عن الخلفاء الراشدينَ وعن بقيةِ صحابة رسولِكَ أجْمَعينَ ، وعَنِ التابعينَ وتابعيـهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين ، وعنّا مَعَهُم بِرحمتـكَ يا أرْحم الراحمين .


بارك الله في علمك ونفع بك وسددك ـ شيخ صالح ـ أجدت وأفدت ، فلا حرمك الله الأجر .

ما أشرت إليه ـ وفقك الله وسددك ـ ونقلته من كلام للشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ هو كلام نفيسٌ جليل القدر غزير الفائدة من إمامٍ فقيه ، وفيه ملحظ للشيخ جليلٌ ، ألا وهو تقديم الأهم على المهم ، والمحافظة على السنة وإقامتها في البلد وبين الأولاد والأهل ؛ لئلا تموت أو تصبح أمرًا منكرًا إذا هي قلت أو تهاون الناس فيها طلبًا لغيرها ، مهما كان ذلك الغير مهمًّا في نفسه ، وهذا ينطبق على من لا يضحي هنا البتة ، ويرسل بأضحيته إلى بلاد أخرى ، وقد قرأت للشيخ صالح الفوزان كلامًا قريبًا من كلام الشيخ محمد ، فجزى الله الشيخين خيرًا على حرصهما على إقامة السنة .
ولكني ـ أخي الكريم ـ أود الإشارة إلى أن ثمة من يفتي من علمائنا بجواز المساهمة في مشروعات الأضاحي خارج البلاد ويحث عليه ويرغب فيه كالشيخ عبدالله ابن جبرين ـ رحمه الله ـ ؛ لما في ذلك من إطعام لمساكين وفقراء يدور الحول عليهم ولم يذوقوا قطعة لحم واحدة ، وهم مسلمون لهم حق على إخوانهم في الأضحية كما للفقراء ها هنا حق فيها .
وأظن الشيخ محمدًا والشيخ صالحًا ـ رحم الله الميت منهم ووفق الحي ـ لو رأيا أولئك المسلمين وفرحتهم بهذه الأضاحي التي ترسل إليهم من هذه البلاد ، وسمعوا تلك الدعوات التي ترفع ، وعايشا تلك الدموع التي تراق ، وحضرا ذلك الاجتماع الذي يحصل في الأماكن التي تذبح فيها الأضاحي ، وما يبرز هنالك من تعاون بين المسلمين على البر والتقوى ، وتراحم بينهم وإيثار من بعضهم لبعض ، وتقاسم لهذا اللحم بالكيلو والكيلوين والثلاثة ، وتنظيم ومحافظة على أقل أجزاء الذبيحة بما قد لا يحصل عُشرُهُ عند بعض المتخمين باللحم هنا ، أظن لو رأى الشيخان ذلك لقالا بقول وسط يقول به مشايخ آخرون ، وهو أن أضحية المرء التي يضحيها لنفسه هي التي لا يحسن بحالٍ تركها ولا بعثها لجهة أخرى ، بل السنة والأولى والآكد أن يذبحها في بيته وعلى مرأى من أولاده وأهله ، ويأكل منها ويهدي ويتصدق ، فإن وجد زيادة من مال فبعثه لتلك المشروعات لتقام السنة أيضًا وتُحيا في جهات وبلاد أخرى ، فهو يجمع إلى أجر إشباع البطون الجائعة أجر إحياء السنة الميتة في بلاد قد لا تحيا فيها تلك السنة ، لا لأن أهلها لا يعرفونها كلهم ولا يقيمون لها وزنًا ، ولكن لأن أكثرهم لا يقدرون عليها ولا يطيقونها ، فما المانع لو أرسل كل مسلم لهم بأضحية غير أضحيته بنية إقامة السنة هنالك ، وطلبًا لأجر إطعام الطعام ، وتعليمًا للمسلمين الأخلاق الإسلامية التي جاء بها دينهم من تعاون على البر والتقوى وإيثار وبذل ندًى وتراحم وتواد وعطفِ بعضٍ على بعض ... إلخ .
وأقول هذا الكلام لأني قد شاركت مرة في مشروع أضاحٍ في منطقة من مناطق السنة ، وهي طرابلس في شمال لبنان ، حيث صلينا العيد ثم انطلقنا إلى مكان الذبح الذي جهزه أحد الإخوة عبر مؤسسة خيرية أقامها هناك لمتابعة أحوال أهل السنة ودعمهم ، فوجدنا الناس كبارًا وصغارًا قد اجتمعوا هناك في منظر يستدر سيول الدمع ويستثير كوامن النفس ، ويدعو إلى الرحمة ويبعث على الشفقة ، وهو في الوقت نفسه يبهج الخاطر ويشرح الصدر ويوحي بأنه لم يزل في المسلمين خير وشعور بإخوانهم شعور العضو بالجسد ، فذُبِحت أكثر من مئتين وخمسين أضحية ، وكان صاحب المؤسسة قد جهز أكياسًا لتوزيع اللحم ، وكان الناس يشاركون في الذبح والسلخ والتنطيف والتقطيع والتوزيع متعاونين ، ولم تغب شمس يوم العيد حتى كنا قد وزعنا لحم هذه الأضاحي على البيوت ، غير أن هذا المُوَزَّعَ لم يكن ليمثل ولا عشر معشار الحاجة الحقيقية القائمة ، في بيوت يمر بها الحول ولم تذق لحمًا .
وقد دُعيت لهذا المشروع مرارًا وفي جهات أخرى ، ولولا ظروف تحول لأجبت ، لما وجدته من سعادة بالغة في هذا وانشراح صدر لا يعلمه إلا الله .
فأقول : لعل القول الوسط في هذا أن الأضحية الأصلية للمرء أو ما عنده من وصايا فحقيق به ألا يفرط فيها وأن يذبحها في بلده ، وأما من كان يذبح ضحايا كثيرة ويخزنها في ثلاجاته ليأكل منها طول العام هو وأولاده ، أو يتبادل الولائم هو وجيرانه عليها حتى يصابوا بالتخمة من كثرة اللحم كما يحصل هنا كثيرًا ، فلا أظنه يتجه أن يقال لهم لا تساهموا ولو بأضحية نافلةً في مشروع من مشروعات الأضاحي التي تجمع بين الإطعام وإحياء السنة بصورة حية مشاهدة .

على كل حال الموضوع حقيق بالمناقشته والتوضيح بشكل أكبر ، فمن وجد زيادة من علم فليتحفنا بها .


شرف الله مقامك شيخ عبدالله

وشكرالله لك إضافتك الجميلة

ونفع بك والحق فيماقلت

وأثناء قرائتي في أول كلامك

مباشرة خطرببالي القول الوسط

في هذه المسألة ولكنك ماشاءالله عليك

لم تدع لناشيئا

وإذانظرناإلى أصل الأضحية ومشروعيتها

وأنهاشعيرة من شعائرالإسلام وحيث

أن بعض بلدان المسلمين قدتكون قدنسيت

هذه الشعيرة العظيمة ولاننس ارتباطها

بالعقيدة وأنهالله وحده رب العالمين ناسب

أن تقوم هذه الشعيرة في كل بلدمسلم

بالذات في البلدان التي يسعى فيهاأعداءالله

لنشرضلالاتهم فمثل هذه الشعيرة تزيدارتباط

المسلم بدينه ولعل الموضوع يتفاعل معه الإخوة

لتعم الفائدة وهناك مقترح

لوكل رب أسرة ضحى عنه وعن أهل بيته

وذكرأبنائه بفضيلة هذه الشعيرة العظيمة

ثم حثهم أ ن يتبرعوابأضحية لإخوانهم في

البلدان الأخرى لاسيما وقيمة الأضحية

زهيدمقابل مايعطون من هدايانقدية للعيد

فيطلب من أبنائه اقتطاع جزء منهالتقديمه

هدية لإخوانهم المسلمين

وأيضا هناك مسألة تحتاج إلى بحث شامل وافي

حول الإشتراك في قيمة الأضحية فبعض المشائخ

يرى ذلك وهناك من يمنع لاأريد أن أستأثربالكلام

فلعل الإخوة يثرواالموضوع بأطروحاتهم وآرائهم

ومرة أخرى أشكرك شيخ عبدالله على مشاركتك


جزاكم الله خيرا ..
ولكن السنة أحب وأقرب وأولى بالاتباع من مستحسنات العقول .. !
ولا أظن الشيخين - ابن عثيمين رحمه الله ، والفوزان وفقه الله - يخفى عليهما أمر إخواننا في أقطار الأرض ..
ولهذا جاء في كلامهما ما يدل على ذلك .. بأن حثا على التبرع المطلق لهم في هذه المناسبة وغيرها ، وأما الأضحية فتذبح في مكان بلد المضحي .
وهذا هو القول الأقرب والوسط في ظني ..
والله تعالى أعلم ..


@أبو العنود 8624 wrote:

جزاكم الله خيرا ..
ولكن السنة أحب وأقرب وأولى بالاتباع من مستحسنات العقول .. !


لا شك ولا ريب أن السنة أحب وأقرب وأولى بالاتباع وأبرك وأعظم أجرًا ، والعقل لا يقدم على النقل ولكنه يُعمَلُ في فهم النصوص .
إنكار الشيخين الجليلين ابن عثيمين والفوزان الظاهر أنه على من يرى أن تنقل الأضاحي كلها خارج البلاد ، ويترك الناس إقامة الشعيرة في بلادهم ، فهذا ولا شك خلل كبير .
وأما من قصده إحياء السنة هنا وهناك بصدقة يبعثها لإقامة سنة من السنن ، فلا أظنه إلا على خير وأجر ، والمسلمون إخوة ، وبلادهم واحدة ، ولكل منهم حق على الآخر .
وعلى كل حال هي مسألة اجتهد فيها علماء أكابر ، وكل منهم على خير إن شاء الله ، وهنا رأي الشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله ـ :

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=193847


بارك الله في الجميع


نقل الأضحية خارج بلد المضحي

الشيخ سليمان بن ناصرالعلوان | 1424/04/12 ه


بسم الله الرحمن الرحيم



صورة المسألة: حكم نقل المضحي أضحيته لتذبح في بلد غير بلده، سواء أ كان داخل دولته، أم في دولة أخرى؛ نظرا لوجود مسلمين

في تلك البلدان أشد حاجة إلى لحوم الأضاحي من المسلمين في بلده





الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:



اعلم أيها السائل الكريم أن من المصالح الكبرى التي عنيت بها الشريعة الإسلامية، وكانت أحد مقاصدها العظمى، تقديم المصالح، والعناية بذوي الحاجات والفقراء من المسلمين، وإن من المصالح المحققة في هذا الباب جواز نقل الأضحية من بلد المضحي إلى بلد آخر، لاسيما وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله _ صلى الله عليه وسلم _ ما يمنع ذلك ويدفعه، والأصل في ذلك الجواز، فإذا كانت الزكاة وهي واجبة بالإجماع يجوز نقلها من بلد إلى بلد للمصلحة والحاجة، فكيف بالأضحية المستحبة؟!

وقد منع بعض أهل العلم من ذلك؛ مستدلا بفوات إظهار الشعيرة، وقد قال _ تعالى _: "والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير، فاذكروا اسم الله عليها صواف، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر، كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون" (سورة الحج آية -36).

وفي الاستدلال بهذه الآية نظر من وجهين:



الوجه الأول:



أن الناس لا يتفقون كلهم ​​على ذبح ضحاياهم خارج بلادهم، بل يبقى منهم من يضحي في بلده، فيبقى إظهار الشعيرة من هذا الوجه موجودا.



الوجه الثاني:



على فرض أن الناس جميعا يذبحون ضحاياهم خارج البلد، فإن أصل إظهار الشعيرة باق غير منتف، فهو يظهر ويقوى ظهوره في بلد آخر، وإن ضعف ظهوره في بلد المضحي؛ وذلك للحاجة والمصلحة.

كما أن القصد من الأضاحي إظهار الشعيرة في كل بلد، ونفع الفقراء من المسلمين؛ يقول الله _ عز وجل _: "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم" (سورة الحج آية -37)، وقد جاء في الصحيحين من طريق أبي عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع _ رضي الله عنه _ قال: قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _: "من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته شيء، فلما كان العام المقبل قالوا:؟ يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضي قال : كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها ".

فالشارع لما نظر إلى فاقة الناس حرم عليهم الادخار فوق ثلاثة أيام، فلما زالت تلك العلة زال النهي.

وحينئذ لا نجد حرجا من الفتوى بجواز نقل الأضحية من بلد إلى آخر، إذا دعت حاجة المسلمين لذلك، فإن أعدادا كبيرة من المسلمين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ويعانون مسغبة، وقد يموتون جوعا، والحاجة داعية إلى الوقوف معهم، وإغاثتهم بالزكوات والصدقات، ونقل الأضاحي إلى بلادهم، فإنه لا يتعين في الأضحية مكان بلد المضحي، وحين تفوت سنية الأكل من الأضحية فلا تفوت مصلحة إغاثة الفقراء والمساكين من المسلمين وسد حاجتهم، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


بارك الله فيك أبااليسر


تقبل الله من الجميع