عرفةُ وعيدُ الأضحى والأضحيةُ-5-12-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ سعيد الشهراني

محمد بن سامر
1444/12/04 - 2023/06/22 11:01AM

عرفةُ وعيدُ الأضحى والأضحيةُ-5-12-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ سعيد الشهراني

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

 وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

نحن في أَيَّامِ الْعَشْرِ الفَاضِلَةِ وَالَّتِي سَرَعَانَ مَا تَمُرُّ وَتَنْقَضِي كَما مَرَّ غَيْرُهَا، فَمَنْ كَانَ اجْتَهَدَ فِيهَا فَلْيَسْتَمِرَّ، وَيَسْأَلَ رَبَّهُ الْإِعَانَةَ وَالْقَبُولَ، وَمَنْ كَانَ كَسِلَ وَسَوَّفَ فَلْيَبْدَأْ، فَمَا زَالَ الْوَقْتُ مُتَاحًا، فَمِنْ صِيَامٍ وَذِكْرٍ وَقِرَاءَةٍ لِلْقُرْآنِ، إِلَى صَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ، وَإِحْسَانٍ إِلَى قَرِيبٍ وَجَارٍ وَفَقِيرٍ، قَالَ اللهُ-تَعَالَى-: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، وَالْمُسَارَعَةُ لِلْجَّنَةِ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمٌ فَاضِلٌ جِدًّا، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَقَدْ ثَبَتَتِ السُّنَّةُ بِالْحَثِّ عَلَى عَمَلَيْنِ فِيهِ:

الْأَوَّلِ: الإِكْثَارُ مِنْ قَوْلِ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، طُوَالَ هَذَا الْيَوْمِ، سَوَاءٌ كَانَ الإِنْسَانُ حَاجًّا أَمْ لا، قَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

الثَّانِي: الصَّوْمُ لِغَيْرِ الْحُاجِّ، وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-عَن صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ".

أَمَّا الحَاجُّ فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُفْطِرَ يَوْمَ عَرَفَةَ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: وَأَمَّا يَومُ عِيدِ الأَضْحَى فِإنَّهُ يُشْرَعُ فِيهِ لِغَيْرِ الحَاجِّ عِبَادَتَانِ عَظِيمَتَانِ:

الأُولَى: صَلَاةُ العِيدِ.

وَالثَّانِيَةُ: ذَبْحُ الأَضَاحِي.

فأَمَّا صَلَاةُ العِيدِ: فَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلامِ، يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، مُرَدِّدِينَ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ، وَصَلاةُ العِيدِ وَاجِبَةٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَي العُلَمَاءِ، وَهِيَ سُنَّةٌ في حَقِّ النِّسَاءِ، فَمَنْ تَرَكَ صَلاةَ العِيدِ مِنَ الرِّجَالِ البَالِغِينَ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ فَهُوَ آثِمٌ.

وَمِنْ سُنَنِ العِيدِ: التَّكْبِيرُ، والاغْتِسَالُ، وَلُبْسُ أَحْسِنِ الثِّيَابِ، والتَّطَيِّبُ، وَالذَّهَابُ مِنْ طِرِيقٍ إِلَى الْمُصَلَّى وَالعَوْدَةُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، واصْطِحَابُ الأَطْفَالِ للاسْتِمَاعِ إِلَى خُطْبَةِ العِيدِ، وَالْمُشَارَكَةِ فِي بَرَكَةِ ذَلِكَ اليَوْمِ.

وَمِنَ السُّنَنِ الخَاصَّةِ بِعِيدِ الأَضْحَى: أَلَا يَأْكُلَ حَتَّى يَرْجِعَ مِنَ مُصَلَّاهُ، فَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ-رَضَيَ اللهُ عَنْهُا-قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-لَا يَخْرُجُ يَوْمَ اَلْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ اَلْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ".

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: وَأَمَّا الأُضْحِيَةُ فَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ-عَلَيْهِ السَّلامُ-، وَمِنْ هَدْيِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ-وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ، وَبَعْضُ العُلَمَاءِ أَوْجَبَهَا، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: "مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا".

وَمَعْنَى (سَعَةٌ) أَيْ اسْتِطَاعَةٌ، وَعَلَيْهِ فَمَنَ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَيْسَ لَهُ وَفَاءٌ أَوْ كَانَ دَخْلُهُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ وَحَاجِةِ مَنْ يَعُولُ فَلا يُضَحِّي، لِأَنَّ الأُضْحِيَةَ سُنَّةٌ وَسَدَادُ الدَيْنِ وَاجِبٌ، فَلْيُنْتَبَهُ لِهَذَا!

واعْلَمُوا أَنَّ السُنَّةَ فِي الأُضْحِيَةِ: أَنْ تَكُونَ عَن الأحياء، فَيُضَحِّي الرَّجُلُ عَن نَفْسِهِ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الأَحْيَاءِ منهم، وكذلك عن الأَمْوَاتِ فَيَشْمَلُهُم الأَجْرُ بإذنِ اللهِ، فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ لنا وللمسلمين عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا.

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ الأُضْحِيَةَ لا تَصِحُّ إِلا بِالشُّرُوطِ الآتيةِ:

الأَوَّلِ: أَنْ تَكُونَ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهِي: الِإبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ والـمَعْزُ.

الثَّانِي: أَنْ تَبْلُغَ السِّنَّ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعًا، وَهِيَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ للضَّأْنِ، وَسَنَةٌ للْمَعْزِ، وَسَنَتَانِ للْبَقَرِ، وَخَمْسُ سِنِينَ للإِبِلِ، فَلَا يُجْزِئُ مَا دُونَ ذَلِكَ.

الثَّالِثِ: أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِن العُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنَ الإِجْزَاءِ، وَهِيَ مَا وَرَدَت فِي حَدِيثِ اَلْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ-رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اَللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فَقَالَ: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي اَلضَّحَايَا : اَلْعَوْرَاءُ اَلْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ اَلْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ اَلْبَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالْعَجْفَاءُ اَلَّتِي لَا تُنْقِي".

الشَّرْطِ الرَّابِعِ: أَنْ يُضَحِّىَ بِهَا فِي الوَقْتِ الْمَحْدَّدِ شَرْعًا، وَهُوَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ فَرَاغِ صَلاةِ العِيدِ، أَوْ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ لمْ تَصِحَّ أُضْحِيَتُهُ.

وَالذَّبْحُ يَوْمَ العِيدِ أَفْضَلُ لأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ التِي هِيَ أَفْضُلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَلِمَا فِيهِ مِن الْمُبَادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: اذْبَحُوا أَضَاِحيكُمْ طَيَّبَةً بِهَا نُفُوسُكُمْ، رَاضِيَةً بِهَا قُلُوبُكُمْ، فَكُلُوا مِنْهَا، وَتَصَدَّقُوا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَأَهْدُوا لِمَنْ تُحِبُّونَ مِنَ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ، واعْلَمُوا أَنَّكُمْ تَتَقَرَّبُونَ إِلى رِبِّكِمْ، وَتَقْتَدُونَ بِنَبِيِّكُمْ مَحَمَّدٍ، وَأَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ-عَلَيْهِمَا الصَلَاةُ وَالسَّلَامُ-.

يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللهم أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمْهم واجعلْهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمينَ، اللهم إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ، اللهم يا شافي اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ والـمسالـمينَ، اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ، اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ ورَحْـمَتِكَ فإنَّهُ لا يـَمْلِكُها إلا أنتَ، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، حسبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ، لا إلهَ إلَّا هوَ عليهِ توكلنا وهو ربُّ العرشِ العظيمِ، اللهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم، اللهم إنَّا والمسلمينَ مستضعفونَ فانتصرْ لنا يا قويُ يا عزيزُ.

اللهم أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمين.

المرفقات

1687421548_عرفةُ وعيدُ الأضحى والأضحيةُ-5-12-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ سعيد الشهراني.docx

1687421548_عرفةُ وعيدُ الأضحى والأضحيةُ-5-12-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ سعيد الشهراني.pdf

المشاهدات 969 | التعليقات 0