عراقيل النصر بسوريا

احمد ابوبكر
1435/07/09 - 2014/05/08 07:20AM
في صدر ما يقال عما يعرقل انتصار أهل السنة في سوريا، ما يخص الناهضين بتحرير سوريا من الاحتلال الصهيوطائفي، ومدى قدرتهم على التمسك بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، مثلما يقول الله عز وجل: " أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "؛ فما من شك أن ثمة تقصير في هذا الخصوص، لا يمس السوريين وحدهم، بل شعوب إسلامية كثيرة أبطأت عن الوقوف إلى جوار الأحرار السوريين في محنتهم، ولم تمد لهم يد العون إلا قليل قاموا بجهد مشكور لكنه لا يقوم بواجب الكفاية حتى الآن.

ومفهوم أن السوريين حصل بين فصائلهم بعض الخلافات، والتنازع أحياناً، وأخفقوا حتى الآن في إنضاج وحدة حقيقية على كافة الأصعدة، العسكرية والسياسية والاقتصادية، كذلك؛ فإن النصر تبطئه المعاصي والآثام، أو قد يبطأ لحكمة يعلمها الله بخلاف ما تقدم.

على أن ما يعنينا في شأن الأعداء لسوريا أن معركة الهوية والاستقلال التي يخوضها الأحرار في سوريا الآن ليست معركة نمطية أو هي مقتصرة في الجانب العسكري وحده، وإنما حالة تدافع حضاري تعمل على أن تزيح مائتي عام من التغريب والتبعية والاسترقاق، ومقاومة لمشاريع إقليمية ودولية مستقرة في الإقليم كله.

معركة التحرر السورية تتصدى لمشروع صهيوأمريكي، يرى في تحرر الشام انهياراً للاستقرار الذي يتمتع الكيان الصهيوني، ويكسر شوكة هيمنته على المنطقة برمتها، ويعتبر أن أي تحرر لدمشق التي لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات من حدود فلسطين سيفضي إلى زوال الكيان الغاصب نهائياً، وأن في حصول هذا تشجيع لكل المحيط أن ينهي المشروع الصهيوني تماماً.

وهذه المعركة تهديداً واضحاً للفكر الصليبي الذي يحكم العقلية الأوروبية الحاكمة، والذي دفع فرنسا، وهي البعيدة كثيراً عن الشام، إلى الزحف إلى بلاد الشام لاحتلالها قبل مائة عام تكراراً للحملات الصليبيبة التقليدية، لتقويض فكرة النهضة الإسلامية واسترجاع نفوذ الدولة الإسلامية، ولعل أكثر من ينظر إلى معارك سوريا الشمالية، لاسيما معركة (الأنفال) بالساحل بقلق بالغ كانت العواصم الأوروبية التي انزعجت لمجرد وجود فصائل غير خاضعة للغرب تمكنت من النفاذ إلى شاطئ المتوسط ولو على امتداد مئات الأمتار فقط.

وتلك المعركة يراها الروس على أنها معركته الأخيرة على المتوسط، والتي إن خسرها فلن يكون لحلفائه أية إطلالة على هذا البحر الذي يتوسط العالم، وتجرى حوله معظم الملاحم، وتطل عليه اقتصادات العالم الأوروبي كله، وكذا؛ فإن حسابات استراتيجية (عسكرية) تجعل موسكو أكثر تحمساً لتقويض فكرة الاستقلال الإسلامي في سوريا، علاوة على العداء التقليدي الذي تكنه روسيا للمسلمين.

وإيران التي صرح بعض مسؤوليها مؤخراً أن أمنها القومي يبدأ من البحر المتوسط، ستفقده لا محالة إن فقدت سوريا، لأنها تلقائياً ستودع هيمنة "حزب الله" ومنظمة أمل الشيعيتين على لبنان، وتترك الباب مشرعاً أمام تحرر لبنان من ربقة السيطرة الإيرانية.

أخيراً؛ فإن بعض القوى الدولية تخشى كذلك من "عدوى" الثورة السورية إن نجحت في إلحاق الهزيمة بنظام بشار الأسد في أنها قد تفتح المجال مشرعاً لفكرة التغيير الثوري الخشن حيث اصطدم التغيير الناعم بالدبابات في بعض الدول..
لا غرو إذن أن تراوح الثورة السورية مكانها، ما دامت العراقيل كبيرة كهذه، فمن يمسك بثيابها خشية أن تنطلق كثيرون، ونفوذهم ليس هيناً، والتحدي كبير للثورة، لكن حسبنا أنها تسير في طريق النجاح بحول الله وقوته..
المشاهدات 823 | التعليقات 0