عبوديةُ الرِّجلِ في الإسلام.
رشيد بن ابراهيم بوعافية
1434/05/22 - 2013/04/03 11:41AM
[FONT="]خطبة الجمعة: عبوديةُ الرِّجلِ في الإسلام[/FONT][FONT="]. [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]الاستفتاح بخطبة الحاجة،ثم أما بعد[/FONT][FONT="]، معشر المؤمنين: ربنا سبحانهُ خلق للإنسانِ حواسَّ وجوارح،وركَّبَ في كلّ منها شهوةً من الشهوات يميلُ وينقادُ إليها العبدُ بالطبع ، ثمَّ أنزلَ سبحانهُ من الشرائع والتكاليف ما يُضادُّ الطبعَ امتحانًا وابتلاءَا ، وتحقيقًا للمصالح ودفعًا للمفاسد ، فمن صبرَ على مُخالفة الطبع والهوى عاشَ الحياةَ الطيّبةَ في الدنيا وفاز بالنعيم المُقيم يوم القيامة، ومن أطاعَ الغرائزَ وانقادَ للشهوات نالَ لذَّةَ ساعة،وانتقل إلى مرارة الأبد، وخانتهُ الجوارحُ أحوجَ ما يكونُ إليها ..[/FONT]
[FONT="] من هذه الجوارح- معشر المؤمنين- جارحةُ الرّجل، تشهدُ على صاحبها يومَ القيامة بخيرِ مَا كان منهُ وشَرّه، مصداقُ ذلك قوله تعالى : [/FONT][FONT="]قوله تعالى:﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾ (النور:24)،وقولُهُ تعالى :[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (يس65[/FONT][FONT="]).[/FONT][FONT="] من أجل ذلك كانَ حقًّا على أولي الألباب معرفةُ مجالات عُبُوديَّتِها لله ليثبُتُوا عليها، ومعرفةُ مجالاتِ مُخالفتِها للعبودية ليجتنبوها،وهذه ال[/FONT][FONT="]مجالاتُ كثيرةٌ متنوّعة لا يتَّسعُ المجال لحصرها جميعًا،ولكنَّنا نكتفي بالإشارة إلى ما يدلُّ على المرادِ وينبّهُ على المقصود[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]أوَّلُ هذه المجالات[/FONT][FONT="] : حمدُ الله تعالى على نعمة الرجلين وسلامة البدن، فإنَّ الرّجلَ نعمةٌ من الله تعالى تحملُ جسدَ العبد وتتنقَّلُ به حيثُ يشاء،غيرَ أنَّ الكثيرين لا يُحسُّون بأنَّها نعمة تحتاجُ إلى شُكر لأنَّهم اعتادُوها وأَلِفُوا الحَرَكَةَ بها،كما ألِفُوا البصر بالعين والسمع بالأذن وسلامةَ العقل وغيرها من النّعم .[/FONT]
[FONT="] المؤمنُ لهُ وقفاتٌ مع هذه النعمة وغيرها ،يشكُرُ عليها الواهبَ الجليل وينظُرُ بعين الاعتبار في حال من سُلبَ تلكَ النّعم،كيف يعيشُ وكيفَ يتصرَّف ؟!،كيف يتنقَّلُ وكيف يقطعُ الطريق،كيف سيصعدُ لو أرادَ الصعود،وكيف ينزلُ لو أرادَ النزول؟!،انظُر في حالِ من قُطعت رِجلاهُ أو ابتلاهُ الله بالشَّلَل،انظُر في حال من ابتلاهُ اللهُ بتورُّمِ القدمين وتعطُّل الركبتين كيف يعيشُ وكيفَ يتصرَّف ؟!، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم :[/FONT][FONT="]" إن أول ما يُسأل عنه العبدُ يوم القيامة من النعيم أن يقال له ألم نُصِحَّ لَكَ جسمك ونُرْوِيَكَ من الماء البارد ؟ "(صحيح الجامع :2022) [/FONT][FONT="]،فحقٌّ على كل واحدٍ منَّا الوقوفُ مع هذه العبوديَّة وشُكرُ الله على نعمة السلامةِ والعافية .[/FONT]
[FONT="]ثمَّ أعظمُ مجالات عبودية الرّجل في الإسلام[/FONT][FONT="] : محاسبتُها على فعل الواجبات وترك المحرَّمات، فقد أوجبَ اللهُ على الرجل جملةَ واجبات، وحرَّمَ عليها مُحَرَّمَات، حقٌّ على كلِّ مُسلمٍ معرفتُها ومحاسبةُ النفس عليها، وهي كثيرةٌ غيرُ منحصرة نشيرُ إلى ما يدلُّ على غيره : [/FONT]
[FONT="] أوجبَ اللهُ على الرّجل القيامَ لهُ في الصلاة، فهي الجارحةُ التي تحملُ كلَّ البَدَن، وكانَ القيامُ في الصلاة المفروضة رُكنًا من أركان الصلاة على القادرِ لا تصحُّ الصلاةُ بدونه، المؤمنُ يستشعرُ وهو في الصلاةَ أنَّ الرِّجلَ عابدةٌ لله في جملة ما شُرِعَ في الصلاة من حركات، فعليه أن يُتِمَّ ذلك للهِ إيمانًا واحتسابَا، أداءً للطاعة، وإبراءً للذمَّة و رغبةً فيما عندَ الله من الأجر العظيم، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم زيادةً على إتمام الصلاة المفروضة يقومُ الليل حتَّى تتفطَّرَ قدمَاهُ دَمًا، تترجَّاهُ عائشةُ في ذلك فيقول :" أفلا أكون عبدا شكورا" متفق عليه . [/FONT]
[FONT="] وأوجبَ اللهُ على الرِّجلِ الحجَّ إلى بيت الله الحرام مرَّةً في العُمر لمن استطاعَ إلى ذلك سبيلاً، فمن استطاعَ ووجد السبيلَ ولم يتنقَّل إلى الحجِّ فهو آثمٌ مُقصّر، والعجبُ كلُّ العجبِ مِن حال صحيحِ الرّجلَين يتنقَّلُ برجليه إلى كلّ بقاع الدنيا ولم يفكّر يومًا في أداء سفرٍ أوجبهُ اللهُ عليه ! .[/FONT]
[FONT="] وأوجبَ اللهُ على الرّجلِ الخروجَ مُجاهدةً في سبيل الله ، ففي النَّفيرِ العامِّ لا يجوزُ لقادِرٍ القُعودُ عن الجهادِ وهو يسمعُ النّداء، نساءً ورجالاً شيوخًا وشُبَّانًا، قال سبحانه :[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="](التوبة41)،هذا النوعُ من النفير هو الذي ألقى الرُّعبَ في قلوب أعداء الله ، وهو الذي حَفِظَ للأمَّةِ دينها وعرضَها وأوطانَها، ويوم تقاعست عنهُ ضاعَ دينُها وانتُهكت أعراضُها وسُلبت أراضيها ومقدَّساتُها ..! [/FONT]
[FONT="] معشر المؤمنين : هذا وقد شُرِعَ في حقِّ الرِّجلِ ما يرفعُ الدَّرجاتِ ويحُطُّ الخطايا ويجبُرُ خلل التقصير ، من ذلك : نقلُ الخطواتِ إلى بيوتِ الله لأداءِ الصلاة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:[/FONT][FONT="]" من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله،كانت خطواته إحداها تحط خطيئة،والأخرى ترفع درجة"[FONT="][1][/FONT].[/FONT][FONT="]ومنها صلةُ الرَّحِمِ وزيارَةُ المريض واتّباعُ الجنائز والإصلاحُ بين الناس وطلبُ العلم وغيرُ ذلك من أبواب الخير والأجر . . [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى،أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه غفور رحيم [/FONT][FONT="].[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]الخطبة الثانية[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]: [/FONT][FONT="]هذا وقد حرَّمَ اللهُ على الرّجلِ جملةَ محرَّماتٍ نشيرُ إلى بعضها اقتصارًا على ما يدلُّ على غيره : حرَّمَ اللهُ على المسلمِ كشفَ عَوْرَةِ رِجلِه ، وحدَّدَ لهُ في رجلهِ مالا يجوزُ كشفهُ وإظهارُهُ، ففي حقّ الرَّجُل عورتُهُ في الرّجلِ ما فوقَ الركُّبة وهي الفخذ ، فلا يجوزُ للرَّجُلِ كشفُها وإن كشفها فهوَ آثم : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لجُرهدٍ رضي الله عنه وقد رآهُ كاشفًا فخذَهُ في المسجد :" غطِّ فَخِذَكَ فإنَّ الفَخِذَ عورة " (صحيح الجامع :4157) ، وأمَّا في حقِّ المرأة فالأمرُ أجلُّ وأعظم، لأنَّ المرأةَ زينةٌ وحسنٌ وابتلاء، ولذلك أوجبَ اللهُ عليها في حقِّ رِجلها سترَها كلَّها الفَخذَ والسَّاقَ والقَدَم في حقّ الأجانب ، سواءً كان هذا الكشفُ نزعًا للثياب وهذا واضِح ، أو كان هذا الكشفُ ما سمَّاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم :" بالكاسيةِ العارية " وهي التي تلبسُ ما لا يسترُ كالشفَّاف والضيّق والمفتوح، فهي لابسةٌ كأنَّها عارية، كمن تلبَسُ السّروالَ ليسَ فوقهُ شيءٌ ساتر، أو كالتي تلبسُ غيرَهُ ولو كان حجابًا لكنَّهُ يصفُ تفاصيلَ الرّجلَين بدقَّة، جميعُ هذه الصُّور تدخلُ في النهي : قال صلى الله عليه وسلم :" صنفان من أهل النار لم أرهما " فذكر منهما :" ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهم كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ". رواه مسلم . [/FONT]
[FONT="] أيها الإخوةُ في الله : وقد حرَّمَ اللهُ على الرّجل الانتقالَ إلى مكانٍ يُعصى اللهُ فيه، وهي محاسبةٌ على ذلك يوم القيامة، وتفاصيلُ ذلك لا تنحصر، والسلامةُ في هذا حبسُ الرّجل عن الحركةِ إلاَّ في مصلحةٍ واضحة لا إثم فيها، ومن حاسبَ نفسَهُ اليومَ سهلت عليه المحاسبةُ يومَ الدّين .[/FONT]
[FONT="] ونختمُ ببابٍ عظيمٍ حرَّمَهُ اللهُ على رِجلِ المُسلم، وهو الفراُرُ يومَ الزَّحف، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، إذا تلاقت الصفوف في الحرب أو زَحَفت حرُمَ على الرِّجل مغادرة المكان فرارًا بالنفس من الموت، ووجبَ عليها الثباتَ على الجهاد حتَّى يحكمَ اللهُ بين الفريقين، هذا الحكمُ الشرعيُّ هو الذي ألقى الرُّعبَ في قلوب أعداء الله، وهو الذي حَفِظَ للأمَّةِ دينها وعرضَها وأوطانَها، ويوم تقاعست عنهُ ضاعَ دينُها وانتُهكت أعراضُها وسُلبت أراضيها ومقدَّساتُها ..![/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] : [/FONT][FONT="]ليسَ المقصودُ استيفاءَ ما يتعلَّقُ باليَد من عبوديَّات؛ فذلكَ يصعبُ حصرُهُ في خُطبة جُمُعة،ولكنَّنا نرجُوا أن يكونَ فيمَا ذُكِرَ إشارةٌ إلى المقصود وفتحًا لباب التفكّر في الموضوع . .[/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق [/FONT][FONT="]إلى حسن العلم والعمل ،اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]-رواه مسلم.[/FONT]
[FONT="]الاستفتاح بخطبة الحاجة،ثم أما بعد[/FONT][FONT="]، معشر المؤمنين: ربنا سبحانهُ خلق للإنسانِ حواسَّ وجوارح،وركَّبَ في كلّ منها شهوةً من الشهوات يميلُ وينقادُ إليها العبدُ بالطبع ، ثمَّ أنزلَ سبحانهُ من الشرائع والتكاليف ما يُضادُّ الطبعَ امتحانًا وابتلاءَا ، وتحقيقًا للمصالح ودفعًا للمفاسد ، فمن صبرَ على مُخالفة الطبع والهوى عاشَ الحياةَ الطيّبةَ في الدنيا وفاز بالنعيم المُقيم يوم القيامة، ومن أطاعَ الغرائزَ وانقادَ للشهوات نالَ لذَّةَ ساعة،وانتقل إلى مرارة الأبد، وخانتهُ الجوارحُ أحوجَ ما يكونُ إليها ..[/FONT]
[FONT="] من هذه الجوارح- معشر المؤمنين- جارحةُ الرّجل، تشهدُ على صاحبها يومَ القيامة بخيرِ مَا كان منهُ وشَرّه، مصداقُ ذلك قوله تعالى : [/FONT][FONT="]قوله تعالى:﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾ (النور:24)،وقولُهُ تعالى :[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (يس65[/FONT][FONT="]).[/FONT][FONT="] من أجل ذلك كانَ حقًّا على أولي الألباب معرفةُ مجالات عُبُوديَّتِها لله ليثبُتُوا عليها، ومعرفةُ مجالاتِ مُخالفتِها للعبودية ليجتنبوها،وهذه ال[/FONT][FONT="]مجالاتُ كثيرةٌ متنوّعة لا يتَّسعُ المجال لحصرها جميعًا،ولكنَّنا نكتفي بالإشارة إلى ما يدلُّ على المرادِ وينبّهُ على المقصود[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]أوَّلُ هذه المجالات[/FONT][FONT="] : حمدُ الله تعالى على نعمة الرجلين وسلامة البدن، فإنَّ الرّجلَ نعمةٌ من الله تعالى تحملُ جسدَ العبد وتتنقَّلُ به حيثُ يشاء،غيرَ أنَّ الكثيرين لا يُحسُّون بأنَّها نعمة تحتاجُ إلى شُكر لأنَّهم اعتادُوها وأَلِفُوا الحَرَكَةَ بها،كما ألِفُوا البصر بالعين والسمع بالأذن وسلامةَ العقل وغيرها من النّعم .[/FONT]
[FONT="] المؤمنُ لهُ وقفاتٌ مع هذه النعمة وغيرها ،يشكُرُ عليها الواهبَ الجليل وينظُرُ بعين الاعتبار في حال من سُلبَ تلكَ النّعم،كيف يعيشُ وكيفَ يتصرَّف ؟!،كيف يتنقَّلُ وكيف يقطعُ الطريق،كيف سيصعدُ لو أرادَ الصعود،وكيف ينزلُ لو أرادَ النزول؟!،انظُر في حالِ من قُطعت رِجلاهُ أو ابتلاهُ الله بالشَّلَل،انظُر في حال من ابتلاهُ اللهُ بتورُّمِ القدمين وتعطُّل الركبتين كيف يعيشُ وكيفَ يتصرَّف ؟!، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم :[/FONT][FONT="]" إن أول ما يُسأل عنه العبدُ يوم القيامة من النعيم أن يقال له ألم نُصِحَّ لَكَ جسمك ونُرْوِيَكَ من الماء البارد ؟ "(صحيح الجامع :2022) [/FONT][FONT="]،فحقٌّ على كل واحدٍ منَّا الوقوفُ مع هذه العبوديَّة وشُكرُ الله على نعمة السلامةِ والعافية .[/FONT]
[FONT="]ثمَّ أعظمُ مجالات عبودية الرّجل في الإسلام[/FONT][FONT="] : محاسبتُها على فعل الواجبات وترك المحرَّمات، فقد أوجبَ اللهُ على الرجل جملةَ واجبات، وحرَّمَ عليها مُحَرَّمَات، حقٌّ على كلِّ مُسلمٍ معرفتُها ومحاسبةُ النفس عليها، وهي كثيرةٌ غيرُ منحصرة نشيرُ إلى ما يدلُّ على غيره : [/FONT]
[FONT="] أوجبَ اللهُ على الرّجل القيامَ لهُ في الصلاة، فهي الجارحةُ التي تحملُ كلَّ البَدَن، وكانَ القيامُ في الصلاة المفروضة رُكنًا من أركان الصلاة على القادرِ لا تصحُّ الصلاةُ بدونه، المؤمنُ يستشعرُ وهو في الصلاةَ أنَّ الرِّجلَ عابدةٌ لله في جملة ما شُرِعَ في الصلاة من حركات، فعليه أن يُتِمَّ ذلك للهِ إيمانًا واحتسابَا، أداءً للطاعة، وإبراءً للذمَّة و رغبةً فيما عندَ الله من الأجر العظيم، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم زيادةً على إتمام الصلاة المفروضة يقومُ الليل حتَّى تتفطَّرَ قدمَاهُ دَمًا، تترجَّاهُ عائشةُ في ذلك فيقول :" أفلا أكون عبدا شكورا" متفق عليه . [/FONT]
[FONT="] وأوجبَ اللهُ على الرِّجلِ الحجَّ إلى بيت الله الحرام مرَّةً في العُمر لمن استطاعَ إلى ذلك سبيلاً، فمن استطاعَ ووجد السبيلَ ولم يتنقَّل إلى الحجِّ فهو آثمٌ مُقصّر، والعجبُ كلُّ العجبِ مِن حال صحيحِ الرّجلَين يتنقَّلُ برجليه إلى كلّ بقاع الدنيا ولم يفكّر يومًا في أداء سفرٍ أوجبهُ اللهُ عليه ! .[/FONT]
[FONT="] وأوجبَ اللهُ على الرّجلِ الخروجَ مُجاهدةً في سبيل الله ، ففي النَّفيرِ العامِّ لا يجوزُ لقادِرٍ القُعودُ عن الجهادِ وهو يسمعُ النّداء، نساءً ورجالاً شيوخًا وشُبَّانًا، قال سبحانه :[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="]انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="](التوبة41)،هذا النوعُ من النفير هو الذي ألقى الرُّعبَ في قلوب أعداء الله ، وهو الذي حَفِظَ للأمَّةِ دينها وعرضَها وأوطانَها، ويوم تقاعست عنهُ ضاعَ دينُها وانتُهكت أعراضُها وسُلبت أراضيها ومقدَّساتُها ..! [/FONT]
[FONT="] معشر المؤمنين : هذا وقد شُرِعَ في حقِّ الرِّجلِ ما يرفعُ الدَّرجاتِ ويحُطُّ الخطايا ويجبُرُ خلل التقصير ، من ذلك : نقلُ الخطواتِ إلى بيوتِ الله لأداءِ الصلاة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:[/FONT][FONT="]" من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله،كانت خطواته إحداها تحط خطيئة،والأخرى ترفع درجة"[FONT="][1][/FONT].[/FONT][FONT="]ومنها صلةُ الرَّحِمِ وزيارَةُ المريض واتّباعُ الجنائز والإصلاحُ بين الناس وطلبُ العلم وغيرُ ذلك من أبواب الخير والأجر . . [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى،أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه غفور رحيم [/FONT][FONT="].[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]الخطبة الثانية[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]: [/FONT][FONT="]هذا وقد حرَّمَ اللهُ على الرّجلِ جملةَ محرَّماتٍ نشيرُ إلى بعضها اقتصارًا على ما يدلُّ على غيره : حرَّمَ اللهُ على المسلمِ كشفَ عَوْرَةِ رِجلِه ، وحدَّدَ لهُ في رجلهِ مالا يجوزُ كشفهُ وإظهارُهُ، ففي حقّ الرَّجُل عورتُهُ في الرّجلِ ما فوقَ الركُّبة وهي الفخذ ، فلا يجوزُ للرَّجُلِ كشفُها وإن كشفها فهوَ آثم : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لجُرهدٍ رضي الله عنه وقد رآهُ كاشفًا فخذَهُ في المسجد :" غطِّ فَخِذَكَ فإنَّ الفَخِذَ عورة " (صحيح الجامع :4157) ، وأمَّا في حقِّ المرأة فالأمرُ أجلُّ وأعظم، لأنَّ المرأةَ زينةٌ وحسنٌ وابتلاء، ولذلك أوجبَ اللهُ عليها في حقِّ رِجلها سترَها كلَّها الفَخذَ والسَّاقَ والقَدَم في حقّ الأجانب ، سواءً كان هذا الكشفُ نزعًا للثياب وهذا واضِح ، أو كان هذا الكشفُ ما سمَّاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم :" بالكاسيةِ العارية " وهي التي تلبسُ ما لا يسترُ كالشفَّاف والضيّق والمفتوح، فهي لابسةٌ كأنَّها عارية، كمن تلبَسُ السّروالَ ليسَ فوقهُ شيءٌ ساتر، أو كالتي تلبسُ غيرَهُ ولو كان حجابًا لكنَّهُ يصفُ تفاصيلَ الرّجلَين بدقَّة، جميعُ هذه الصُّور تدخلُ في النهي : قال صلى الله عليه وسلم :" صنفان من أهل النار لم أرهما " فذكر منهما :" ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهم كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ". رواه مسلم . [/FONT]
[FONT="] أيها الإخوةُ في الله : وقد حرَّمَ اللهُ على الرّجل الانتقالَ إلى مكانٍ يُعصى اللهُ فيه، وهي محاسبةٌ على ذلك يوم القيامة، وتفاصيلُ ذلك لا تنحصر، والسلامةُ في هذا حبسُ الرّجل عن الحركةِ إلاَّ في مصلحةٍ واضحة لا إثم فيها، ومن حاسبَ نفسَهُ اليومَ سهلت عليه المحاسبةُ يومَ الدّين .[/FONT]
[FONT="] ونختمُ ببابٍ عظيمٍ حرَّمَهُ اللهُ على رِجلِ المُسلم، وهو الفراُرُ يومَ الزَّحف، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، إذا تلاقت الصفوف في الحرب أو زَحَفت حرُمَ على الرِّجل مغادرة المكان فرارًا بالنفس من الموت، ووجبَ عليها الثباتَ على الجهاد حتَّى يحكمَ اللهُ بين الفريقين، هذا الحكمُ الشرعيُّ هو الذي ألقى الرُّعبَ في قلوب أعداء الله، وهو الذي حَفِظَ للأمَّةِ دينها وعرضَها وأوطانَها، ويوم تقاعست عنهُ ضاعَ دينُها وانتُهكت أعراضُها وسُلبت أراضيها ومقدَّساتُها ..![/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] : [/FONT][FONT="]ليسَ المقصودُ استيفاءَ ما يتعلَّقُ باليَد من عبوديَّات؛ فذلكَ يصعبُ حصرُهُ في خُطبة جُمُعة،ولكنَّنا نرجُوا أن يكونَ فيمَا ذُكِرَ إشارةٌ إلى المقصود وفتحًا لباب التفكّر في الموضوع . .[/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق [/FONT][FONT="]إلى حسن العلم والعمل ،اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]-رواه مسلم.[/FONT]