عامٌ مضى .. وعامٌ قادم
د محمد بن حمد الهاجري
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ: كُلُّ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ -تَعَالَى- يَتَغَيَّرُ، وَكُلُّ مَا هُوَ حَادِثٌ يَتَبَدَّلُ، وَلَنْ يَبْقَى شَيْءٌ فِي هَذَا الْكَوْنِ عُلْوِيِّهِ وَسُفْلِيِّهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ شَيْءٍ عَلَيْهِ إِلَّا وَلَهُ نِهَايَةٌ؛ فَالْكُلُّ سَيَهْلَكُ، وَالْجَمِيعُ سَيَنْتَهِي، وَلَنْ يَبْقَى فِي الْوُجُودِ إِلَّا خَالِقُهُ وَمُوجِدُهُ وَمُدَبِّرُهُ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
أَيَّامٌ تَتْبَعُهَا أَيَّامٌ، وَسَنَوَاتٌ تَتْلُوهَا سَنَوَاتٌ، وَفَصْلٌ يَتْبَعُهُ فَصْلٌ، وَلَيْلٌ يَعْقُبُهُ نَهَارٌ، وَجِيلٌ يَخْلُفُهُ جِيلٌ، وَهَكَذَا حَيَاةٌ يَتْبَعُهَا مَوْتٌ، ثُمَّ تَلِيهَا حَيَاةٌ أُخْرَوِيَّةٌ سَرْمَدِيَّةٌ لَا نِهَايَةَ لَهَا.
أَعْوَامٌ مَضَتْ بِأَعْمَارِنَا وَأَعْمَالِنَا، وَأَعْوَامٌ آتِيَةٌ تُقَرِّبُنَا مِنْ آجَالِنَا، وَتَنْقُصُ مِنْ حَيَاتِنَا، أَعْوَامٌ رَحَلَتْ بِخَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وَحُلْوِهَا وَمُرِّهَا، وَأَعْوَامٌ تَنْتَظِرُنَا لَا نَعْلَمُ مَا قُدِّرَ لَنَا فِيهَا وَلَا كَمْ بَقِيَ لَنَا مِنْهَا.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي أَيَّامِنَا هَذِهِ نُوَدِّعُ عَامًا، وَهَا هُوَ يَلْفِظُ أَنْفَاسَهُ الْأَخِيرَةَ مِنْ غَيْرِ رَجْعَةٍ، وَنَسْتَقْبِلُ عَامًا آخَرَ، وَهَا هِيَ نَسَائِمُهُ تَهُبُّ؛ وَلَنَا فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ الْحِكَمِ وَأَجَلُّ الْعِبَرِ؛ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ)
عِبَادَ اللَّهِ:تمر الليالي والأيام، والشهور والأعوام، تمر ونحن في سُبات وفي غفلة، هذا يوم تشرق شمسه، وذاك يوم تغرب شمسه، هذا شهرٌ يدخل، وذاك شهر يخرج، هذا عام يدخل، وذاك عام يخرج،بالأمس بدأ هذا العام محمَّلاً بالليالي والأيام، مُثقلاً بالساعات والدقائق والثواني، فمرت أيامه تباعاً، وتصرمت ساعاته سراعاً، آخذاً بعضُها برقاب بعض، ومؤذناً رحيل أولها بفناء آخرها.
ولنتذكر يا عِبَادَ اللَّهِ بسرعة انقضاء هذا العام سرعة انقضاء العمر، وبتغير الأحوال وزوال الدنيا، فكم ولد في هذا العام من مولود، وكم مات فيه من حيّ، وكم استغنى فيه من فقير، وكم افتقر من غنيٍّ، وكم عزَّ من ذليل، وكم ذلَّ من عزيز قَالَ تَعَالَى:﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(26)تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ: حَرِيٌّ بِنَا وَنَحْنُ نَقِفُ عَلَى أَطْلَالِ عَامٍ مَضَى وَمَشَارِفِ عَامٍ جَدِيدٍ أَتَى أَنْ نَقِفَ مَعَ أَنْفُسِنَا وَقَفَاتِ تَأَمُّلٍ وَمُحَاسَبَةٍ عَنْ عَامِنَا كَيْفَ انْصَرَمَ، وَعَنْ أَيَّامِهِ وَلَيَالِيهِ كَيْفَ ذَهَبَتْ.
نَحْنُ بِحَاجَةٍ لِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسِنَا قَبْلَ الْقُدُومِ عَلَى اللَّهِ، فَمَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ وَوَجَدَ أَنَّهُ عَلَى خَيْرٍ وَعَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ وَكُلَّمَا زَادَ عُمُرُهُ زَادَتْ حَسَنَاتُهُ فَلْيَشْكُرِ اللَّهَ وَلِيَسْتَمِرَّ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَالتَّزَوُّدِ مِنَ الصَّالِحَاتِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ، وَمَنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيَتُبْ إِلَى رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ، وَلْيَسْتَغْفِرْهُ فِيمَا مَضَى وَلْيَسْأَلْهُ السَّتْرَ وَحُسْنَ الْعَمَلِ فِيمَا بَقِيَ. وَوَاللَّهِ مَا خَفَّ الْحِسَابُ فِي الْآخِرَةِ بَعْدَ رَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ حَاسَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، وَمَا شَقَّ الْحِسَابُ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ أَخَذُوا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ، فَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَتَأَمَّلُوا فِي حَالِ السَّلَفِ الصَّالِحِ -رَحِمَهُمُ اللَّهُ- أُولَئِكَ الَّذِينَ ضَرَبُوا أَرْوَعَ الْأَمْثِلَةِ فِي مُحَاسَبَةِ أَنْفُسِهِمْ وَتَقْوِيمِهَا.
عبادَ اللهِ: وَاقِعُ الكثيرينَ منَّا! يحكِي أنَّ الدُّنيا قد عَشْعَشَتْ في القُلُوبِ، إنْ كانَ شيءٌ لِلدُّنيا بَادَرنا إليهِ مُبكِّرينَ، وإنْ كَانَ لِلآخِرَةِ فَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلى مَا تَصِفونَ! أتريدونَ الشَّاهِدَ لِمَا أقُولُ؟ تَأَمَّل إذَا رُفِعَ الأَذَانُ: هَلْ أَنْتَ مِنَ الْمُبكِّرينَ الْمُسارِعِينَ للصَّلَوَاتِ؟ فَهَنِيئَاً لَكَ تِلْكَ الْمُبَادَرَةُ! مَرَّ عَليكَ فِي عَامِكَ صَلَوَاتٌ مَفرُوضةٌ، كَمْ حَفِظتَ مِنْهَا؟!بَلْ كَمْ ضيَّعتَ مِنْهَا بِعُذْرٍ وَبَغَيرِ عُذْرٍ؟ كَمْ صَلاةٍ أَدَّيتَها على عُجَاَلٍة وَأَنْتَ مَشغوُلُ البالِ؟ يا عبد الله: يَمَرُّ عليكَ في عَامِكَ أَكثَرُ مِن خَمْسِينَ جُمُعَةٍ! فَكَمْ حَصَّلتَ فِيهَا مِن البُدْنِ أو البَقَرِ أو الأَكبَاشِ؟ أم كانَ نَصِيبُكَ البَيضُ والحِرْمَانِ؟ يَا عَبْدَ الله: كَمْ حَصَّلتَ فِي عَامِكَ مِنْ الأَمْوَالِ؟ وَكَمْ أَنْفَقْتَ مِنْها فِي سَبِيلِ الهَوَى وَالشَّهَوَاتِ؟ ثُمَّ اسْأَلْ نَفْسَكَ كَمْ أَنْفَقْتَ مِنْها لِلهِ, وَلِدِينِهِ, وَلِلمُؤمِنِينَ الْمُعْوِزِينَ؟ أَخرَجَ مُسلمٌ رَحِمَهُ اللهُ عَن مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ رضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيتُ النَّبِيَّ وَهُوَ يَقرَأُ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ .(يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي, مَالِي). قَالَ النَّبِيُّ : :(وَهَلْ لَكَ يَا ابنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلَّا مَا أَكلْتَ فَأَفْنَيتَ أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أو تَصَدَّقتَ فَأَمْضَيتَ). أيُّها الْمُسلِمُ: مَرَّ عَليكَ عَامٌ كَامِلٌ! فَمَا نَصِيبُ القُرآنِ الكَرِيمِ فِي حَيَاتِكَ؟ كَمْ خَتْمَةٍ قَرَأتَهَا؟ كَمْ آيَةِ تَدَبَّرْتَهَا؟ لِنَحذَرَ أنْ نَكُونَ مِمَّن شَكَاهُمُ لِمَولاهُ حِينَ قَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا .فَاللهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ القُرآنِ.
أيُّها الْمُؤمِنُ: مَرَّت عَلى أَقَارِبِكَ أَفْرَاحٌ، وَأَتْرَاحٌ! فَهَلْ شَارَكْتَهُم؟ وَوَصَلْتَهُمْ؟ وَصَلَنا اللهُ جَمِيعاً بِرحمتِهِ, وَأَعَاذَنَا مِن القَطِيعَةِ! وَالِدَاكَ, بَهْجَتُ دُنْياكُ, وذُخرُ أُخَرَاكَ! الْزَمْ رِجْلَيْهِمَا فَثمَّ الجَنَّةُ! وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا . أَرَأَيْتُمْ أيها الأخوة الكرام كَمْ نَحنُ مُقَصِّرونَ فِي جَنْبِّ اللهِ؟ وَغَافِلُونَ عَنْ أوَامِرِهِ وَنَوَاهِيه؟
تمر بنا الأيام عجلى كأنها
تقرّبنا نحو الممات وتدفعُ
نودّع عاماً بالذنوب مكبّلُ
ونستقبل الأعوام تترى وتتبعُ
تسارعتِ الأعوام تُبلي جديدَها
وتخبر نا مهما تطول سنرجعُ
إلى الله مولانا فلا شيء دائم
وهل غير باب الله يا صحب نقرع
فيا رب لطفاً بالعباد ورحمة
وغفران ذنبٍ..أنت يا رب تسمع
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ بْنِ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ:اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَقِيلَ:سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ فِي الدَّوْلَةِ الْعُمَرِيَّةِ عَلَى جَعْلِ ابْتِدَاءِ التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ سَنَةِ الْهِجْرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، رُفِعَ إِلَيْهِ صَكٌّ، أَيْ حُجَّةٌ، لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَحِلُّ عَلَيْهِ فِي شَعْبَانَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَيُّ شَعْبَانَ أَشَعْبَانُ هَذِهِ السَّنَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا، أَوِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ،أَوِ الْآتِيَةِ ثُمَّ جَمَعَ الصَّحَابَةَ فَاسْتَشَارَهُمْ فِي وَضْعِ تَأَرِيخٍ يَتَعَرَّفُونَ بِهِ حُلُولَ الدُّيُونِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَقَالَ قَائِلٌ:أَرِّخُوا كَتَارِيخِ الْفُرْسِ. فَكَرِهَ ذَلِكَ، وَكَانَتِ الْفُرْسُ يُؤَرِّخُونَ بِمُلُوكِهِمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ،وَقَالَ قَائِلٌ:أَرِّخُوا بِتَارِيخِ الرُّومِ،وَكَانُوا يُؤَرِّخُونَ بِمُلْكِ إِسْكَنْدَرَ بْنِ فِيلِيبُّسَ الْمَقْدُونِيِّ، فَكَرِهَ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ:أَرِّخُوا بِمَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِﷺوَقَالَ آخَرُونَ:بَلْ بِمَبْعَثِهِ،وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ بِهِجْرَتِهِ،وَقَالَ آخَرُونَ:بَلْ بِوَفَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَمَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى التَّأْرِيخِ بِالْهِجْرَةِ لِظُهُورِهِ وَاشْتِهَارِهِ وَاتَّفَقُوا مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ،قَالَ الحَافِظِ بْنِ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ:وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا ابْتِدَاءَ التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ سَنَةِ الْهِجْرَةِ، وَجَعَلُوا أَوَّلَهَا مِنَ الْمُحَرَّمِ، فِيمَا اشْتُهِرَ عَنْهُمْ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ.انتهى.
عِبَادَ اللَّهِ:احذروا من التشبه بالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى في الاحتفال بنهاية العام وبدايته وتبادل التهاني والتبريكات ،عبر وسائل التواصل المختلفة فهذا ليس من السنة ولا من هدي الصحابة ولا هدي السلف الصالح.
، ففي هذه الأيام تكثر الرسائل والتبريكات والتهاني والتحيات، وتنتشر الرسائل المتنوعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فلابد من التنبيه والتنويه، فلا تشرع التهنئة بالعام الجديد؛ لعدم وروده عن السلف، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه. فإن هنّأك أحد فأجبه وإلا فلا.
كما لا يشرع التحسر على العام الماضي، وفتح ملفاته السوداء، بل ينبغي التفاؤل وحسن الأمل بالنصر وصلاح الحال.
ومن البدع المحدثة فتح العام الجديد أو ختم العام المنصرم بعبادة كالدعاء والاستغفار، والصدقة والعمرة، والذكر والجلوس في المسجد، والصلة والصيام، وطلب العفو الصفح.
فلم يرد في ختام العام شيء صحيح، ولم يرد في بداية العام شيء صريح، فاحذروا الرسائل النصية والرسائل الواتسية، فلا تقص ولا تلصق، ولا تنسخ ولا تنقل إلا ما فيه فائدة صحيحة.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.