عَالَمُ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ 20 جُمَادَى الأُولَى 1446هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1446/05/25 - 2024/11/27 10:15AM

الْحَمْدُ للهِ الْأَوَّلِ وَالآخِر، وَالْبَاطِنِ وَالظَّاهِر، الذِي هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم، هُوَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْء، هُوَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْء، هُوَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَهُ شَيْء، هُوَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَهُ شَيْء، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاحْذَرُوا الشَّيَاطِينَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجِنَّ خَلَقَهَمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِحِكْمِةِ عِبَادَتِهِ كَمَا خَلَقَنَا لِذَلِكَ نَحْنُ الإِنْس، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وَفِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ نَتَعَرَّفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ لِنَحْذَرَهُمْ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ عَالَمَ الْجِنِّ عَالَمٌ مُسْتَقِلٌّ بِذَاتِهِ، لَهُ طَبْعُهُ الذِي يَتَمَيَّزُ بِهِ وَصِفَاتُهُ التِي تَخْفَى عَلَى عَالَمِ الْبَشَرِ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الإِنْسَانِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ مِنْ حَيْثُ الاتِّصَافُ بِالْعَقْلِ وَالْإِدْرَاكِ وَمِنْ حَيْثُ الْقُدْرَةُ عَلَى اخْتِيَارِ طَرِيقِ الْخَيْرِ وَالشَرِّ، وَسُمُّوا جِنًّا لاجْتِنَانِهِمْ, أَيْ اسْتِتَارِهِمْ عَنِ الْعُيُونِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}، وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللهُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ عَنْ أَصْلِ خَلْقِ الْجِنِّ فَقَالَ تَعَالَى {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}، وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ) رَوَاهُ مُسْلِم.

وَقَدْ خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجِنَّ عَلَى أَصْنَافٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْجِنُّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٌ حَيَّاتٌ وَكِلَابٌ، وَصِنْفٌ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ (رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالْأَلْبَانِيُّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَقَدْ أَعْطَى اللهُ الْجِنَّ قُدْرَةً لَمْ يُعْطِهَا لِلْبَشَرِ، وَقَدْ حدَّثَنَا اللهُ عَنْ بَعْضِ قُدُرَاتِهِم، فَمِنْ ذَلِكَ: سُرْعَةُ الْحَرَكَةِ وَالانْتِقَالِ، فَقَدْ تَعَهَّدَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ لِنَبِيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِحْضَارِ عَرْشِ مَلِكَةِ الْيَمَنِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي مُدَّةٍ لا تَتَجَاوَزُ قِيَامَ الرَّجُلِ مِنْ جُلُوسٍ قَالَ تَعَالَى {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}.

وَالْجِنُّ مِثْلُ الْإِنْسِ يَأَكْلُونَ وَيَشْرَبُونَ، فَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ) قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ (لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْجِنُّ يَسْكُنُونَ هَذِهِ الْأَرْضَ التِي نَعِيشُ فَوْقَهَا وَيَكْثُرُ تَوَاجُدُهُمْ فِي الْخَرَابِ وَمَوَاقِعِ النَّجَاسَاتِ كَالْحَمَّامَاتِ وَالْحُشُوشِ وَالْمَزَابِلِ وَالْمَقَابِرِ, وَلِهَذَا جَاءَ الْهَدْيُ النَّبَوِيُّ بِاتِّخَاذِ الْأَسْبَابِ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الأَمَاكِنِ, وَذَلِكَ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ أَنْسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبائِثِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْجِنِّ {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}، بَلِ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِي الصَّلَاحِ وَالطَّاعَةِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}.

وَقِصَّةُ إِسْلَامِ أَوَائِلِ الْجِنِّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ جَاءَتْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ, وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ, فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ, قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلا شَيْءٌ حَدَثَ, فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا, فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ, إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِنَخْلَةَ, عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاةَ الْفَجْرِ, فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ, فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ قَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا ِمِنْكُمْ مِن أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ) قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ (وَإِيَاي إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرْ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَمَّا كَانَ الْجِنُّ يَرَوْنَنَا وَلا نَرَاهُمْ عَلَّمَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبُلًا كَثِيرَةً لِلْوِقَايَةِ مِنْ أَذَاهُمْ مِثْلَ الاسْتِعَاذَةِ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَمِثْلَ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْفَلَقِ وَسُورَةِ النَّاسِ .
وَمِثْلَ الاسْتِعَاذَةِ الْوَارِدَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}, وَكَذَلِكَ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ وَهِيَ قَوْلُ بِسْمِ اللهِ قَبْلَ دُخُولِ الْبَيْتِ وَقَبْلَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَقَبْلَ الْجِمَاعِ تَمْنَعُ الشَّيْطَانَ مِنَ الْمَبِيتِ وَمُشَارَكَةِ الإِنْسَانَ فِي مَطْعَمَهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَنْكَحِهِ, وَكَذَلِكَ ذِكْرُ اسْمِ اللهِ قَبْلَ دُخُولِ الْخَلَاءِ وَقَبْلَ خَلْعِ اللِّبَاسِ يَمْنَعُ الْجِنَّ مِنْ رُؤْيَةِ عَوْرَةِ الإِنْسَانِ وَمِنْ إِيذَائِهِ, كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمْ الْخَلاءَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ, أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتغفرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِروهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِه وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَنْظَرَهُ اللهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ابْتلاءً وَامْتِحَانًا، وَأَنَّ هَذَا الْخَبِيثَ لا يَزَالُ يَقْذِفُ بَنِي آدَمَ بِالْمَعَاصِي مِنَ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَالذُّنُوبِ الْخَفِيَّةِ وَالْجَلِيَّةِ، وَأَنَّهُ يُزِيَّنُ لَهُمُ الْقَبِيحَ وَيُقَبِّحُ الْحَسَنَ، حَتَّى رُبَّمَا حَسَّنَ لِلرَّجُلِ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ عَدِيمَةَ الْجَمَالِ وَزَهَّدَهُ فِي زَوْجَتِهِ الْحَسْنَاءَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}، وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَرْشُ إِبْلِيسَ فِي الْبَحْرِ، يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَفْتِنُونَ النَّاسَ، فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً، أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِمَّا يَقِي مِنَ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ: الاسْتِقَامَةُ عَلَى دِينِ اللهِ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ فَمَنْ حَفِظَ دِينَ اللهِ وَالْتَزَمَ شَرْعَهُ حَفِظَهُ اللهُ فِي دِينِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ، وَمِنَ الْعِصْمَةِ مِنَ الشَّيَاطِينِ: أَنْ تَقُولَ الذِّكْرَ إِذَا خَرَجْتَ مِنَ الْمَنْزِلِ أَوْ دَخَلْتَ إِلَيْهِ، عَنْ أَنَسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ (إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وعَنْ جَابِرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ) رَوَاهُ مُسْلِم. فَاللَّهُمَّ احْفَظْنَا مِنَ الشَّيَاطِينِ وَأَشْرَارِ الْجَانِّ وَمِنْ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين، اللَّهُمَّ أَتِمَّ عَلَيْنَا نِعْمَةَ الأَمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا خَادِمَ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ بِطَانَتَهُمْ وَوُزَرَاءَهُمْ يَا رَبَّ العَالمَينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.

المرفقات

1732691727_عَالَمُ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ 20 جمادى الأولى 1446هـ.pdf

المشاهدات 112 | التعليقات 0