عاقبةُ الهمّازُ اللمّاز

HAMZAH HAMZAH
1442/12/19 - 2021/07/29 12:16PM
  إنّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه ، صلّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبه أجمعين. ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) . أما بعد:
إخوةَ الإيمان : هل رأيتُم ذلك الغمّازَ اللماز، الذي ما برِحَ سخريةً بإخوانه ، أو تعييراً لهم …؟!
ها هو يُتوعَدُ بويلٍ وعذاب، ونبذٍ وشقاء ، يتلظاه في الحُطَمة ، وما أدراك ما الحُطَمة…!! ( ويلٌ لكل همزة لمزة )…. وتأمّلوا هنا هذه الصورةَ الفظيعة، وذلك المقتَ الشديد، في عقوبةِ الهماز اللماز ، جمّاع المال المغرور ، وكيفَ كانت نهايتُه الماحقة ..( كلا ليُنبذنَّ في الحُطَمة ) يقول : ليُقذَفنّ ويُطرحنّ يوم القيامة في الحُطمة ، وهي النارُ الموجعة الفظيعة ، والحطمة: اسم من أسماء النار، كما قيل لها: جهنمُ وسقر ولظى، وسميت بذلك لحَطْمها كلَّ ما ألقي فيها، ومنه قيل للرجل الأكول : الحُطمة ، حيث يَحطِمُ الطعام، وجهنم تحطم المطروحين فيها والله المستعان .
حَطيمُها حطَمَ الكفارَ فاتعظوا … يا أيها المرءُ إقبالًا وإذعانًا
وهذه النارُ لا تُبقي على أحدٍ… ولا يطولُ بها ظلمٌ وقد حانا
سيُحطمُ المجرمُ الختّار وا أسفى…ممن رأى الحقَّ لا أصغَى ولا دانى..! وسببُ هذه المهلكةِ والختام المشين هو : همزُه الناس، وسُخريتُه من الخلائق ، ..!
وقيل هو الذي يهمزُ الناسَ بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهماز : الذي يعيبُ الناس، ويطعنُ عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله، ..!
وهي بليةٌ ابتليَ بها بعضُ الناس، لا تطيبُ حياتُه إلا بالسخرية والاستظرافِ على إخوته بالذم والثلب، في أشكالِهم أو أسمائهم أو تصرفاتِهم….! وتناسى أن لديهم ألسنةً ، وفيه عوراتٌ لو تنزلوا لصنيعه ، لضاعفوا نقدَهم وردودَهم، ولكنّ دينَهم حائل ، وأخلاقَهم مانعة..! ويوغلُ في جمع المال وحبه ، مع منعٍ لحقوقه من زكاةٍ، وصلة ، وبر…! يحبه حباً جماً، ولا يضعه في أهلهِ ومستحقيه، بحيثُ يزكي نفسه، ويصون عرضه، ويؤدي شكرَ نعمةِ اللهُ عليه ، …!
قال تعالى :( وآتوهم من مالِ الله الذي آتاكم) . وقال سبحانه :( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) .
وماذا سينفعك المالُ إذا بخلتَ به وكنزتَه ، وأنت ترى مصارعَ القوم من حولك…؟! .. قال صلى الله عليه وسلم في ذم البخل :( فلو كانَ عَدَدُ هذه العِضاهِ نَعَمًا لَقَسَمتُهُ، ثم لا تَجِدوني بَخيلًا، ولا كَذَّابًا، ولا جَبانًا ).
ثم جلّى تباركَ وتعالى هذه النار بقوله:( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ، نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ) ، التي وقودها الناس والحجارة، (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ) أي من شدتها ( إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ) أي مغلقة، فهم محبوسون فيها، ( في عمدٍ ممدة) لا يستطيعون الهربَ ولا الخروج منها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، عافانا اللهُ وإياكم من ذلك . أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم….
…….
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين….
أما بعد :
فاتقوا اللهَ عبادَ الله، وصونوا ألسنتَكم ، واحفظوا جوارحَكم، واعلموا بأنكم مؤاخذون بما تتكلمون أو تفعلون ( ويلٌ لكل هُمز لمزة )….
وما ضرّ لو تركتَ أعراضَ إخوانك المسلمين ، ولم تقَع فيهم ، واشتغلت بنفسكَ وعيوبِك ….!
ففي ذلك آثامٌ قاتلةٌ من ضياع الوقت، وفساد العلاقة ، وقسوةِ القلب ، والخلقِ السيئ ، والسيئات المُدخرات، والمزاج المكدر ، والله المستعان .
ولو تأملنا .. فكلُّنا ذوو عيب، وكلنا أصحابُ تقصير، ولدينا هفوات، وقيامُنا على إصلاح نفوسِنا خيرٌ لنا دنيا وأخرى… قال العلامةُ ابن القيم رحمه الله : ( طوبَى لمن شغلَه عيبُه عن عيوب الناس ، وويلٌ لمن نسي عيبَه وتفرغ لعيوب الناس، فالأولُ علامةُ السعادة. والثاني علامةُ الشقاوة ). وصلّوا وسلّموا يا مسلمون على معلم الخير والهداية، وصاحب النور والعناية ، نبينا محمد صلى الله عليه….. …… اللهم أعِزَّنا بطاعتك، ولا تذلنا بمعصيتك….
اللهم إنا نسألك فعلَ الخيرات…
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك ….
اللهم يا مقلب القلوب ثبت……
اللهم احفظ بلادنا بالأمن والإيمان…
اللهم أصلح أحوالَ المسلمين في كل مكان ، اللهم أغنِ فقيرهم ….
اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى …. اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة …
المشاهدات 1618 | التعليقات 0