عاصفة عربية تضرب الجبهة الإيرانية // بقلم: ياسر بودرع

احمد ابوبكر
1436/06/09 - 2015/03/29 04:57AM
[align=justify]عاصفة كبيرة في الشرق الأوسط شدت الأنظار و تصدرت الأخبار ، مهلا ! أنا لا أتكلم هنا عن الطقس و الأحوال الجوية فتلك معرفة لا أدعيها ! أنا أتكلم في الشئون الدولية و التحليل الاستراتيجي عن عاصفة عسكرية و إستراتيجية كفيلة بإعادة ترتيب الأوراق و إعادة رسم موازين القوى في الشرق الأوسط و ربما العالم ، أنا أتكلم عن "عاصفة الحزم "
قادت السعودية تحالفا عسكريا فجر الخميس 26 مارس ضد معاقل الحوثيين في اليمن في عمليات عسكرية جوية مفاجئة أطلق عليها "عاصفة الحزم" و ضم الحلف عشرة دول نصفها من دول مجلس التعاون الخليجي أين اتفق الجميع على ضرورة الوقوف في وجه الحوثيين المتمردين على الشرعية بعد احتلالهم محافظات اليمن و مفاصل الدولة دون أن يفوضهم الشعب اليمني و يخولهم لذلك ، مدعومين بالرئيس المعزول علي عبد الله صالح الذي ثار عليه سابقا اليمنيون بعد أن نهب البلد ، و استغل الحوثي في عملية انقلابه على الشرعية مرونة الرئيس اليمني هادي معهم حيث لم يتوقف عن محاولة دعوتهم للحوار و تقديم تنازلات كبيرة لهم على أساس اعتبارهم مكونا رئيسيا في المجتمع اليمني لكن هذا لم يشفع لهادي الذي وجد نفسه في خلال فترة وجيزة رئيسا بدون رئاسة ، عندها أطلق نداء الاستغاثة بالحلفاء و الأصدقاء و المجتمع الدولي لانقاد اليمن من تغول الحوثيين المدفوعين و المدعومين من إيران .

"إيران" هنا بيت القصيد و كلمة السر في عملية "عاصفة الحزم" فجوهر الصراع مذهبي قديم بين السنة تتقدمهم المملكة العربية السعودية و بين الشيعة الإيرانيين الذين أباحوا لأنفسهم كل الطرق المشروعة و غير المشروعة من أجل تحقيق مشروعهم الصفوي في المنطقة العربية ، و لأن العرب السنة ناموا طويلا و استغفلتهم الخطط الأمريكية حينا فان إيران سارعت إلى ملء الفراغ مطبقة مبدأ الطبيعة لا تقبل الفراغ فما لا تستغله أنت يستغله غيرك ، قبل أن تستفيق فجأة الدول السنية على وقع خطر إيراني داهم فبعد لبنان و العراق و سوريا جاء الدور على اليمن و هو البلد الذي لطالما اعتبرته السعودية بطنها الرخو و إذا سيطرت إيران على اليمن عبر حلفائها الحوثيين فان ذالك يعني تطويقا استراتيجيا إيرانيا كاملا لدول الخليج و السيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي بالنسبة للتجارة الدولية ، في السياسة الخارجية الدول لا تمزح و لا تتكلم كثيرا إذا تعلق الأمر بأمنها القومي و هو المنطلق الذي سرع التدخل السعودي السني في اليمن لكن لا أحد كان يتوقع أن يكون الرد بهذا الحزم فالسعودية قررت أن تضع حدا للمغامرات الإيرانية في المنطقة العربية و أرادت أن ترسم حدودا فاصلة بين أمنها القومي و الأطماع الإيرانية ، إيران صدمت بوجود حلف سني كبير يقف في صف الرياض فرغم أن الحلف لم يضم كل الدول السنية في العالم الإسلامي غير أنه رسم الصورة كما يجب أن تكون فالإيرانيون عادوا إلى الواقع و فهموا أن السنة هم أغلبية كبيرة مقارنة بالشيعة الأقلية في العالم الإسلامي ، مساندة تركيا لعملية "عاصفة الحزم" رسالة صريحة من أردوغان لإيران أن هناك حلفا سنيا جديدا في المنطقة يقف في وجه أطماعهم اللا عقلانية ، بل الرسالة الأخطر لإيران جاءت من باكستان التي أعلنت دعمها المطلق للمملكة العربية السعودية ما يجعلنا نتنبأ بتصور معين عن مستقبل خريطة الشرق الأوسط النووي فباكستان هي وحدها الدولة الإسلامية النووية بينما إيران تتجه نحو اتفاق شامل مع الغرب حول ملفها النووي أي أنها تخطو خطوة إلى الأمام في سبيل امتلاكها القدرات النووية ، و بالحديث عن هذه النقطة فان "عاصفة الحزم" كشفت ربما لأول مرة عن ارتباك و غموض في الموقف الأمريكي حيال ما يحدث فمن ناحية لم تعارض الإدارة الأمريكية التدخل السعودي في اليمن لكنها من جهة أخرى حاولت أن لا تغضب إيران حتى لا يكون ذلك سببا في تعثر المفاوضات الجارية حاليا في لوزان ، و ربما الشيء الأكيد الذي يكشفه هذا الموقف الأمريكي الغامض أنها تقول لعرب الخليج أنكم لستم الأصدقاء الوحيدين لنا في المستقبل القريب فهناك صديق إيراني جديد ، بدورهم العرب الذين قادوا "عاصفة الحزم" يكونون قد أدركوا ذلك جيدا لهذا كان قرار التحرك و تكوين حلف سني جديد في المنطقة ، رغم أن التنسيق السعودي الأمريكي كان قد سبق العملية غير أنه لا أحد ينفي أن قرار "عاصفة الحزم" يحمل بصمة سيادية و استقلالية عن القرار الأمريكي فالإدارة الأمريكية على الأرجح و إن لم تصرح بذلك منزعجة كثيرا من هذا القرار السعودي الذي قد يغير الكثير في مستقبل خارطة الشرق الأوسط و موازين القوى في المنطقة ، و تبقى أهم نتيجة عن "عاصفة الحزم" اتفاق المجتمعين في الجامعة العربية على تكوين قوة عربية مشتركة و هو ما يعتبر قرارا تاريخيا و بالغ الأهمية بالنسبة للعرب طبعا بشرط أن تلتزم هذه القوة في المستقبل بحماية كل الدول العربية على رأسها فلسطين و لا تكون قوة لحماية أنظمة عربية بعينها فقط .

إن أي حرب تسقط أبرياء و هذا ما يجعل الحرب دائما ذات وجه قبيح و بالتأكيد هذه النقطة لن تغيب عن أذهان صناع القرار في الرياض لذلك يريدون جر الحوثي إلى التفاوض في أسرع وقت ممكن عبر استهداف قدراته العسكرية ما يعني كسر شوكته و إضعاف موقفه ، بدوري بعيدا عن التحليل الاستراتيجي تبقى قناعتي بأن التدخل الخارجي لن يحل المشكلة اليمنية لكن الحوار بين اليمنيين وحده من يؤدي إلى حل سياسي في النهاية ، نتمنى أن يعود الحوثيون إلى رشدهم و يجنبوا اليمنيين الأبرياء مصير الحرب الأهلية في حال استمر الوضع على ما هو عليه و عليهم أن يقدروا موقف الرئيس هادي الذي يعتبرهم جزءا لا يتجزأ من اليمن و يجلسوا إلى طاولة الحوار من جديد كيمنيين لحل مشاكلهم بعيدا عن التدخلات الإقليمية و الخارجية التي لن تقدم لهم حلا بقدر ما تحمل لهم الدمار و الشقاء و هو ما يحدث الآن بسبب المغامرة التي بدأتها إيران في اليمن مستغلة الحوثيين لتحقيق أهدافها و مكاسب إستراتيجية في المنطقة بدعم من علي عبد الله صالح الذي لعب دور "الشيطان" في كل ما يجري و ربما يستفيق الحوثيون قريبا على حقيقة أنه تم استخدامهم و الإلقاء بهم إلى الموت و الاقتتال .


[/align]
المشاهدات 825 | التعليقات 0