عاشوراء

أحمد بن صالح العجلان
1444/01/07 - 2022/08/05 00:02AM

 .الخطبة الأولى .عاشوراء   

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ وَاهْتَدَى بِهُدَاهُ  فاتقوا الله عباد الله، قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } أيها المسلمون: كان السلف يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من المحرم" وقد سمى النبي rهذا الشهر شهر الله المحرم، فاختصه بإضافته إلى الله لشرفه وفضله، ولما كان هذا الشهر مختصًا بإضافته إلى الله وكان الصيام من بين الأعمال مختصًا بإضافته إلى الله ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله بالعمل المضاف إلى الله المختص به وهو الصوم. ومما اختص به شهر الله المحرم يومه العاشر وهو يوم عاشوراء. فاليهود أتباع موسى عليه السلام كانوا يعظمون يوم عاشوراء ويصومونه ويتخذونه عيدًا لهم، ويلبسون فيه أحسن اللباس ، لأنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام من فرعون الذي كان يسومهم فيه سوء العذاب.ولما "قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: «ما هذا؟» قالوا: "هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى" (صحيح البخاري).فعن بن عباس tقال قدم النبي r  المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال ما هذا قالوا هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى قال فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه وكذلك النصارى كان لهم حظ من تعظيم هذا اليوم، والظاهر أنهم في هذا تبع لليهود، إذ أن كثيراً من شريعة موسى عليه السلام لم ينسخ بشريعة عيسى بدليل قوله تعالى: {وَلأِحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران:50]. وتأمل كيف قال: (بَعْضَ) إشعارًا بأن الكثير من الشرائع ظل كما هو عند موسى عليه السلام، قال ابن القيم رحمه الله: "ولا ريب أن بني إسرائيل هم أولو العلم الأول والكتاب الذي قال الله فيه: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِى الاْلْوَاحِ مِن كُلّ شَىْء مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لّكُلّ شَىْء} .وحتى قريش كانت تصوم يوم عاشوراء وتعظمه! تقول عائشة رضي الله عنها: "كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله يصومه في الجاهلية" مسلم. وسئل النبيrعن صيام عاشوراء فقال: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» (صحيح مسلم).بل كان النبي r يتحرى صيام هذا اليوم: روى ابن عباس قال: "ما رأيت النبي يتحرى صوم يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء" وعاشوراء  في شهر الله المحرم الذي يسن صيامه: عن أبي هريرة tقال: قال رسول اللهr: «أفضل الصيام بعد صيام رمضان شهر الله المحرم» (صحيح مسلم).وكان الصحابة رضي الله عنهم يصومون فيه صبيانهم؛ تعويداً لهم على الفضل؛ فعن الربيّع بنت معوذ قالت: أرسل النبي r غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: «من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم» قالت: "فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار" (البخاري).كان بعض السلف يصومون يوم عاشوراء في السفر، ومنهم ابن عباس وأبو إسحاق السبيعي والزهري، وكان الزهري يقول: "رمضان له عدة من أيام أخر، وعاشوراء يفوت، ونص أحمد على أنه يصام عاشوراء في السفر" (اللطائف).والسنة في صيام يوم عاشوراء أن يصوم يوماً قبله أو بعده؛لقول النبي r: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» (رواه مسلم).وصومه على مراتب:ـ صوم التاسع والعاشر والحادي عشر.ـ صوم التاسع والعاشر.ـ صوم العاشر وحده.   وأما ما ورد في بعض الأحاديث من استحباب الاختضاب والاغتسال والتوسعة على العيال في يوم عاشوراء - فكل ذلك لم يصح منه شيء،  قال ابن رجب: "وأما اتخاذه مأتماً كما تفعل الرافضة؛ لأجل قتل الحسين فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً فكيف بمن هو دونهم" (لطائف:126). بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا واستغفروا الله من كل ذنب وخطيئة   فاستغفروه يغفرلكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ،

أَيُّهَا الأحبة: جاءَ يومُ عاشوراء؛ ليقطعَ اليأسَ من قلوبنا، ويبعثَ الأمل في نفوسنا، جاءَ لِيُذَكِّرَنا بنصرِ اللهِ لأوليائه، وانتصارهم على أعدائه، حيث أنجى اللهُ فيه موسى وقومَه، على أعظمِ طاغيةٍ في التاريخ؛ فَجَعَلَ كلمةَ الذين كفروا السفلى، وكلمة اللهِ هي العليا! ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾.

 فَصُومُوا يومَ عاشوراء، وَصُومُوا التَّاسِعَ مَعَهُ: تَحَرِّيًا لِلسُّنَّةِ، وَطَلَبًا لِلأجْرِ، ومخالفةً لليهود، وشُكراً للهِ تعالى على نَصْرِ المؤمنينَ، وهلاكِ الكافرينَ. هذا وصلوا وسلموا على نبيكم كما امركم بذلك ربكم فقال عز من قائل حكيما( ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقال «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا») فاللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد بن عبدالله البشير النذير، والسراج المنير صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين : أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن بقيَّة الصحابة، وعن التابعين، وتابعي التابعين، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم ونستعيذك من شر ما ستعاذك منه عبدك ونبيك محمد .اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ بَلَدَنَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ . وفق ولي أمرنا بتوفيقك يارب العالمين اللهم ادفَع عنَّا الغَلاء والرِّياء، والربا والزنا والزلازل والمِحَن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصَّة، وعن سائر بلاد المسلمين عامَّة يا رب العالمين.رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ عِبَادَ اللهِ :إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون}.

 

 

 

 

 

 

المشاهدات 876 | التعليقات 0