ظاهرة العنف الأسري

محمد البدر
1439/03/26 - 2017/12/14 00:34AM
الخطبة الأولى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أن الأسرة المسلمة تنشأ وتتكون بالزواح ويتم تأسيس الأسرة على الكتاب والسنة لان الزواج يبدأ بذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومن ثم يرزق الله هذه الأسرة بالأبناء والسعة في الأرزاق تسودهم المحبة والرحمة والعطف والحنان والمودة والألفة والاتفاق و حتى تستمر الأسرة على ذلك الأساس المتين وتستمر العلاقة حميمة لابد من التغاضي عن الزلات ومعالجة الهفوات والتنازل عن حظوظ النفس وحسن العشرة بين الزوجين والتعاون على تربيت الأبناء وتأديبهم وتعليمهم التمسك بالكتاب والسنة وتعليمهم الصلاة والمحافظة عليها وتعليمهم بقية شعائر الدين وهذه مسؤولية الوالدين قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾.              
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» قَالَ الأَلبَانيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ‌وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ : «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالأَمِيرُ رَاعٍ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
فإذا كانت الأساسات سليمة كان المجتمع كلّه سليماً قوياً، وإذا كانت الأسرة مفككة في علاقاتها، متباينة في الفكر والسلوك، انعكس ذلك كلّه على المجتمع فأصبح مفككاً مهزوزاً ومهزوماً .
عِبَادَ اللَّهِ: إن ظاهرة العنف الأسري ظاهرة غريبة على مجتمعات المسلمين وهو الافراط في استخدام القوة المادية والمعنوية لإلحاق الأذى بالآخر استخداماً غير مشروع ،ويشمل عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها وعنف الوالدين تجاه أولادهما وبالعكس، كما أنه يشمل العنف الجسدي والجنسي واللفظي بالتهديد، والعنف الاجتماعي والفكري.
عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أن أبرز أسبابه البعد والإعراض عن الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة الصالحين كذلك غياب القدوة الحسنة والرفقة السيئة والمنبت السيء .
لذلك علينا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال تعامله مع زوجاته وأبنائه ومع الناس أجمعين ، ثم يجب أن يلتفت كل واحد منا إلى أسلوب معاملته في بيته لزوجته وأطفاله وأولاده وبناته؛ ليعلم كيف يأسرهم بحبه و يحضنهم بقلبه لا بسوطه وغضبه، فإن ظاهرة العنف أصبحت ظاهره خطيرة في بيوتنا، لا نعرف كيف نعامل الأطفال، ولا كيف نعامل النساء، ولا كيف نعامل الأبناء ، ولا كيف نعامل الخدم والعمال.
عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أن من أهم الطرق لبناء مجتمع مثالي ينبذ كل أنواع العنف لابد أولاُ من العودة والرجوع إلى الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة وأن ننتهج أسلوب التربية الحسنة الصحيحة و أن يتعاون الوالدان والمدرسة فيما بينهم على تعليم الأبناء القيم والأخلاق الفاضلة في بداية نشوئهم وابتداء عمر الإدراك عندهم ، وتعليمهم شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين ، وعلماء الأمّة وقادتها، والاستمرار في تعليمهم أحكام الدّين وآدابه وشعائره، واستغلال وتطويع التّقنيات و وسائل الاتصال الحديثة ونحوها، في التّربية ، كذلك يجب على الوالدين اختيار الرّفقة الصّالحة ، وإشغالهم في وقت المُراهقة بالنّافع؛ لأنّ الفراغ في هذه المرحلة أساس تدمير الأخلاق، وإشعار الطّفل إذا بلغ مرحلة المُراهقة أنه قد صار رجلاً يُعتمد عليه وتحميله بعض المسؤوليات وزرع الثقة فيه والتلطف معه ومصاحبته والتودد له للتكون شخصيته وسلوكه المتوافقة مع ضوابط الشرع .
أقول قولي هذا ...
الخطبة الثانية :
عِبَادَ اللَّهِ:كذلك من أهم الطرق لبناء مجتمع مثالي ينبذ كل أنواع العنف الأسري نشر الخير بين الناس ونبذ الشر والرفق والإحسان والعطف والحنان والرحمة وغيرها يقول عليه الصلاة والسلام: «مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَبَّلَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ بْنَ عَليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِس ، فَقَالَ الأقْرَعُ : «إن لِي عَشرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَداً .فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :« مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ »مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
فاتقوا الله تعالى وتراحموا فيما بينكم يرحمكم الله ...
الا وصلوا  ...
المشاهدات 771 | التعليقات 0