طيب النفس وسلامة الصدر
عبدالعزيز أبو يوسف
الخطبة الأولى
:الحمد لله رب الأرباب ، منشأ السحاب ، فارج الكُربات ، مُجيب الدعوات ، مُغيث اللهفات ، رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أشهد أنه الإله الحق المبين ، وأُصلي وأُسلم على رسوله وعبده محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد
. فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى في السر والعلن فهي خير زاد للمعاد ولقاء الملك العلام القائل: ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)
أيها المسلمون: جُبِل الإنسان على حُب الخير لنفسه والسعي لتحصيله كما قال عنه خالقه جل وعلا: ( وإنه لحب الخير لشديد)، وخير عباد الله من أحب للآخرين الخير كما يُحبه لنفسه ، فإن من حقق ذلك أصاب خيراً كثيراً وأعلاه صدق الإسلام ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من يأخذ مني خمس خصال فيعمل بهنّ أو يُعلمهن من يعمل بهنّ؟ قال: قلت: أنا يا رسول الله، قال: فأخذ بيدي فعدهنّ فيها، ثم قال: اتق المحارم تكن أعبد الناس، وأرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا ، وأحب للناس ما تُحب لنفسك تكن مسلماً ، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تُميت القلب) رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة، وإن من أعظم ما تُرفع به الدرجات ويُنال به الفضل العظيم في الدارين حُسن الخلق، كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا ) رواه الترمذي ، وصور حُسن الخلق كثيرة جداً ، إلا إن من أفضلها وأعظمها ذلك الخُلق الذي يحمل على بذل الخير والمعروف والإحسان للآخرين ، والعفو والصفح عن زلاتهم ، وكف الأذى والسوء عنهم، وصفاء القلب من كراهيتهم أو تمني الشر لهم ، من اتصف به عاش مُرتاحاً سعيدًا مرضيًّا محبوباً، يحبه العباد، ويحبه رب العباد ، هو من أعظم الخصال، وأشرف الخلال، وأنبل الصفات، إنه : سلامة الصدر وطيب النفس. سلامة الصدر: لا تكون إلا بنقاء القلب، وخُلوُّه من كل غلٍّ وحسد وحقد على المسلمين
.سلامة الصدر: لا تكون إلا بطيب النفس، وحُسن السريرة ، وحُسن المعشر
.الصدر السليم: هو الذي امتلئ محبة للمسلمين وحُب الخير لهم ، لا غشَّ فيه، ولا غلَّ ولا حقد ولا حسد، ولا ضغينة فيه، ولا كراهية ولا بغضاء لأحد من المسلمين
.الصدر السليم: هو الذي عُمِر بالتقوى والإيمان؛ ففاض بالخير والإحسان، واتصف صاحبه بكل خُلق جميل، وانطوت سريرته على الصفاء والنقاء فهو من نفسه في راحة، والناس منه في خير وسلامة
إخوة الإسلام: سلامة الصدر ونقاء القلب وامتلائه محبةً للخير للآخرين من سمات الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام فهم أطهر الناس قلوباً، وأحسنهم سريرة، وأسلمهم صدوراً، أحبوا الخير لأقوامهم وأممهم، وبذلوا كل غالٍ ونفيس في نصحهم وإرشادهم، يسرّهم استجابتهم للإيمان ، ويُحزنهم إعراضهم عن دعوة التوحيد والتمسك بالكفر والضلال، كما حكى الله تعالى قول موسى عليه السلام حين أُمِر بدعوة فرعون وقومه إلى الإيمان : ( وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال ربي إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون) ، وما حملهم على ذلك الخلق العظيم إلا لسلامة صدورهم وطيب نفوسهم ومحبة كل خير للأممهم، قال جل وعلا عن خليله إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لأبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيم ﴾ وكذا باقي أنبياء الله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام صفوة خلق الله تعالى وأحسنهم سيرة وسريرة
(أما نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد منَّ الله جل وعلا عليه بانشراح الصدر، وسلامة القلب، وطهارة النفس فقال سبحانه: ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَك
عباد الله : إن سلامة الصدر وحُسن السريرة إنما تكون بعد توفيق الله تعالى بصدق الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أسلم الناس صدراً، وأطيبهم قلباً، وأصفاهم سريرة، وشواهد هذا في سيرته كثير؛ فلقد أوذي صلى الله عليه وسلم أشدَّ ما تكون الأذيَّة في سبيل تبليغ دعوة الناس أجمعين لدين الله تعالى وتوحيده، وما منعه أن ينتقم من أعدائه حين مكنه الله تعالى منهم إلا أنه سليم الصدر؛ يحب الخير لأمته، ويكره لهم السوء والبلاء، ومن شواهد ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها حين قالت لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : ( هل أتَى عليكَ يومٌ كانَ أشدَّ مِن يومِ أحدٍ ؟ فقالَ : لقد لقيتُ مِن قومِكِ ، وَكانَ أشدَّ ما لقيتُ منهُم يومَ العقبةِ إذ عرضتُ نفسي على ابنِ عبدِ ياليلَ بنِ عبدِ كلالٍ ، فلَم يجبْني إلى ما أردتُ ، فانطلقتُ وأَنا مَهْمومٌ علَى وجهي ، فلَم أستفِقْ إلَّا وأَنا بقرنِ الثَّعالبِ ، فرفعتُ رأسي ، فإذا بسحابةٍ قد أظلَّتني ، فنظرتُ فإذا فيها جبريلُ عليهِ السَّلامُ ، فَناداني فقالَ : يا محمَّدُ ، إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد سمِعَ قولَ قومِكَ لَكَ ، وما ردُّوا عليكَ ، وقد بعثَ اللَّهُ ملَكَ الجبالِ لتأمرَهُ بما شئتَ فيهِم قالَ : فَناداني ملَكُ الجبالِ : فسلَّمَ عليَّ ، ثمَّ قالَ : يا محمَّدُ : إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد سمِعَ قولَ قومِكَ لَكَ ، وأَنا ملَكُ الجبالِ ، وقد بعثَني ربُّكَ إليكَ لتأمرَني أمرَكَ وبما شئتَ ، إن شئتَ أن أُطْبِقَ عليهِمُ الأخشبَينِ فعلتُ ، فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : بل أرجو أن يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصلابِهِم مَن يعبدُ اللَّهَ لا يشرِكُ بِهِ شيئًا) رواه البخاري، وسيرته صلى الله عليه وسلم مليئة بما يدل على سلامة صدره ونقاء قلبه وحُبه الخير لأمته، ويكفيه شهادة ربه جل وعلا له بقوله: ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) ، وعلى هذا النهج القويم والخلق الكريم سار صحبه الكرام رضي الله عنهم فكتب التراجم والسير مليئة بمواقفهم التي تتجلى فيها سلامة صدورهم وطيب نفوسهم وحُسن سرائرهم كما وصف الله جل وعلا الأنصار رضي الله عنهم بقوله : ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ ، وعلى ذلك كان التابعون لهم بإحسان وسلف هذه الأمة الصالحون فرضي الله عنهم وأرضاهم وألحقنا بهم وحشرنا في زمرتهم
عباد الله : لقد كانت سلامة الصدر ونقاء القلب لدى الرعيل الأول ميزان التفاضل بينهم؛ يقول إياس بن معاوية عن أبيه رحمهما الله في وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "كان أفضلهم عندهم ـــ يعني الماضين - أسلمهم صدراً" ، إنها قلوب تسامت عن ذاتها، وتعالت عن حظوظها، وتغلبت على نزواتها وشهواتها
!!فأين من هؤلاء من يحسد إخوانه على ما آتاهم الله من فضله؟
!!وأين من هؤلاء من ملأ قلبه غيظًا وحقدًا على إخوانه لأتفهِ الأسباب وأحقرها؟
!!وأين من هؤلاء من يحمل على أخيه لكلمة خرجت منه من غير قصد، فيحملها على الشر وهو يجد لها في الخير محملاً؟
!!وأين من هؤلاء مَن يتميَّزُ غيظًا على أخيه؛ لأنه سبقه إلى وظيفة أو شيء من حُطام الدنيا الفاني؟
. بوأين من هؤلاء من لا يكاد يصفو قلبه لأحد؛ فهو يحسد هذا، ويحقد على ذاك، ويغضب على إخوانه، ويسيء الظن بهم
إخوة الإيمان: المؤمن الحق لا يكون إلا سليمَ الصدر، طيب النفس، طاهر القلب، لا يحمل في قلبه على إخوانه سوءً ولا ضغينة، بل يُحبُّهم، ويُحب الخير لهم، حَسُنتْ سيرته لما حَسُنت سريرته؛ إذ لا تطيب السيرة إلا بصفاء السريرة؛ قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "ما أدرك عندنا مَن أدرك بكثرة نوافل الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة
وإن من النعيم المعجل للعبد في هذه الحياة أن يرزقه اللهُ تعالى نعمة سلامة الصدر على كل مَن عاش معه، أو خالطه، بل على كل أحد من المسلمين ، فسلامة الصدر تجاه الآخرين من صفات أهل الجنة، فمن تحلى بها في الدنيا فقد استعجل شيئاً من نعيم أهل الجنة في الدنيا ، كما قال الله عز وجل عن أهل الجنة: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ
أيها المباركون: إذ سلمت صدور أفراد المجتمع المسلم تآلفت قلوبهم ، وبُورك لهم في أرزاقهم، وطاب عيشهم ، وحصل التعاون على البر والتقوى والفلاح بينهم ، ونالوا ما يؤملون ويرجون من خيري الدنيا والآخرة ، وبعكسه إذ لم تسلم صدورهم لبعض وانطوت على السوء ، عندها يفشوا بينهم البغض والحسد والشحناء والتقاطع والتدابر، وتُنزع البركة منهم ، ويتكدر عيشهم ، وتفسد أخلاقهم ، فأي حياة تُرجى وتُطيب مع هذا الحال
أيها الفضلاء: ما أحوجنا إلى صدور سليمة لتطمئن قلوبنا ، وتطيب حياتنا؛ فالقلوب هي منبع المشاعر، ومصدر العواطف، ومحرك الأخلاق، وموجه التصرفات، ومكمن السعادة أو الشقاء ، فإذا صلُحت صلُحت الأعمال والأخلاق، وإذا فسدت فسدت الأعمال والأخلاق؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلَحتْ صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) رواه مسلم.
!!سلامة الصدور وصفاء القلوب أيها المباركون من أهم ما ينبغي على كل مسلم أن يولِيَه اهتمامه وعنايته؛ فكيف يرجو التوفيق من امتلأ قلبه ضغينة على إخوانه المسلمين، بل كيف يسلم من الأمراض الحسية ، وتهدأ نفسه ، وينشرح صدره من لم يسلم صدره لإخوانه المسلمين ؟
لقد حرص دين الإسلام على أن يكون المسلمين أمةً واحدة تسود بينهم المودة والرفق والتعاون على البر والتقوى، والتناصح البنَّاء الذي يثمر إصلاح الأخطاء، مع صفاء القلوب وتآلفها، دون غل ولا حسد، ولا كيد ؛ فقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ ، فالأخوة الإيمانية تعلو على كل خلاف مهما اشتدت وطأته، وبلغت حدته
أيها الكرام: ليس أروح للمرء، ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب ، مبرَّأً من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمة تنساق إلى أحد رضي بها ودعاء له بالبركة والمزيد من فضل الله تعالى له ولسانه يلهج بذكر الله تعالى والدعاء لأخيه: ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله، اللهم بارك لأخي وزده من فضلك) ، ويدعوا الله تعالى في كل صبح ومساء: "اللهم ما أصبح بي أو أمسى من نعمة أو بأحد من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك؛ فلك الحمد ولك الشكر"، وإذا رأى أذًى يلحق أحدًا من خلق الله رثى له، وتألم لألمه، ودعا له بدعوة الخير بظهر الغيب ، ورجا الله أن يُفرج هم أخيه ويُنفس كربه ، وبذلك يحيا المسلم هادئَ البال، طاهر القلب، سليم الصدر، راضياً عن الله تعالى وعن كل ما أُوتي ومُنِع، مستريح النفس من نزعات الحقد والكراهية؛ فإن فساد القلب بالضغائن داءٌ عضال، وما أسرع أن يتسرب الإيمان من القلب المغشوش، كما يتسرب السائل من الإناء المثلوم
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
:الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
:إخوة الإيمان: سلامة الصدور بين أفراد المجتمع الإسلامي إنما هي توفيق من الله تعالى وعطا ولها أسباب كثيرة، ومن أهمها
.أولاً/ الدعاء فهو أعظم سبب لنيل كل مرغوب والسلامة من كل مرهوب فأكثروا من الدعاء بأن يرزقكم الله صدراً سليماً ونفساً طيبة تنعمون به في الدنيا وتنالون به النعيم المقيم في الأخرى
ثانياً/مجاهدة النفس ومعالجتها وأطرها على الحق ، فإن من كان جاداً في طلب هذا الفضل العظيم وصلُحت نيته وفقه الله تعالى لمبتغاه فهو القائل جل وعلا: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا )
ثالثاً: إصلاح ذات البَيْن : فلا ينبغي ترك المشاكل تتكاثر، والصراعات تتفاقم، والعداوات تدوم بين المسلمين حتى توغر الصدور، وتملأ القلوب حقدًا وكراهية وبغضاءَ؛ فإن من علامات سلامة الصدر وأسبابها السعي للإصلاح بين المتخاصمين بالكلمة الطيبة وتقريب وجهات النظر فهذا دليل على صدق الإيمان وسلامة الصدر كما قال جل وعلا: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أخويكم
(رابعاً/ حسن الظن وحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل: فإن سوء الظن بالناس مما يغرس الحقد والكراهية في النفوس؛ لذا حرمه الإسلام واعتبره كذبًا وإثمًا؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ
(خامساً / التماس الأعذار، وإقالة العثرات، والتغاضي عن الزلات: يقول ابن سيرين رحمه الله: (إذا بلغك عن أخيك شيء، فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد، فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه
سادساً/ محبة الخير للمسلمين: ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) رواه النسائي؛ فالقلب لا يكون سليماً إذا كان حقوداً حسوداً، معجَباً بنفسه متكبراً
(سابعاً/اجتناب أسباب التشاحن والتباغض؛ من غضب وحسد، ونميمة وزور، وتنافس على الدنيا؛ فإنما هي أمراض يلقيها الشيطان في القلوب لتمتلئ حقدًا وبُغضًا وكراهية، وقد حذرنا الله سبحانه مِن كيد الشيطان ونزغه؛ فقال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا
:فإذا اجتمعت أسباب سلامة الصدر تحقق للمرء بإذن الله تعالى منح ربانية كثيرة منها
قبول الأعمال الصالحة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُفتَحُ أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا)، فانظر كم يضيع على نفسه من الخير مَن يحمل في قلبه الأحقاد والضغائن
(ومن هذه المنح : نيل الأفضلية الواردة في قول النبي صلى الله عليه وسلم حين سُئل: أي الناس أفضل؟ قال: (كل مَخْمومِ القلب، صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غلَّ، ولاحسد
ومن هذه المنح: طيب الحياة والسلامة من الأمراض والأسقام الحسية والمعنوية وكذا السلامة من الأمراض المزمنة التي انتشرت في هذا الزمان ، والتفرغ لإصلاح عيوب النفس والرُقي بها في سلم الفضائل والسبق للخيرات
اللهم إنا نسألك صدوراً سليمة وقلوباً مطمئنة
عباد الله: صلوا وسلموا على من أمرنا المولى بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل عليماً: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) ، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وأرضى اللهم عن خلفائه الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن سائر الصحب والآل ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعدائك أعداء الدين ، وانصر عبادك الموحدين ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا وبلغنا فيما يرضيك آمالنا وحرم على النار أجسادنا ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين