طـردُ الجـوع عـن المسـلم ( 5 )

أحمد عبدالله صالح
1443/04/17 - 2021/11/22 13:54PM

خطبــة جمعـــة بعنـــوان

(( طردُ الجوع عن المسلم )) ( 5 )

  (( إطعام الطعام ))

أمـــا بعـــد فيا عـــباد الله:  

لازلنا في بستان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نرتشف من معينه العذب وسلسبيله الصافي ما يقربنا الى الله ورضوان الله، ولازلنا نقطف من بستانه اليانع زهرات احبُّ الاعمال الى الله

كما ورد في الحديث الذي رواه الطبراني وابن أبي الدنيا من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:

أيّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ((أحبُّ الناسِ إلى الله تعالى أنفعُهم للنّاس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدخِله إلى مسلمٍ، أو تكشِف عنه كربةً، أو تقضِي عنه دينًا، أو تطرُد عنه جوعًا، ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبَّ إليّ مِن أن أعتكِفَ في هذا المسجد شهرا))

وقد تناولنا في جمعٍ مضت ثلاثة اعمال يُحبها الله

واليوم موعدنا مع العمل الرابع من احبِّ الاعمال الى الله وهو : (( طرد الجوع عن المسلم ))

نعم اخوتي الكرام :                   

- طردُ الجوع عن المسلم من أعظم الأعمال عند الله وأحدُ أكبرِ اسبابِ القرب من الله عزوجل.

- طردُ الجوعِ عن المسلم شعيرهٌ عظيمهٌ من شعائر الاسلام تدل على المعنى الإنساني، تمنع المهالك وتدفع المرض وتقوي روابط الاخوه والمحبه وتجسد معاني التكافل بين أفراد المجتمع المسلم.

- طرد الجوع عن الجائعين قيمةٌ عظيمة من قيم هذا الدين الحنيف تدلُّ على كريم معدن الإنسان، وتحمي المحرومين وتمنع من المهالك..

- طرد الجوع عن الجائعين وإطعام الطعام عبادة قد تكون عادية وسهلة، لكنّ قدرُها عظيم؛ لأنها جُعلت السمة الخيرية المميزة لهذا الإسلام.

وهذا ما ورد عن سلف الأمة الصالحين فقد قال بعض السلف: "لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعامًا يشتهونه، أحب إليَّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل".

الطعام هو سبب البقاء وقوام البدن، ووقود استمرار الحياة الدنيوية، يحفظ الجنس البشري من الانقراض فلا حياه للانسان بدون طعام ..

وللأهمية الطعام وإطعامه وطردُ الجوع عن الجائعين :-

= كانت الدعوة الى الإطعام من أوائل الخطاب النبوي المكي في المرحلة السريه، وكان إطعام الطعام حاضراً في أول خطابات الدعوة المكية ..

يوم لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا حر وعبد؛ فيسأله عمرو بن عَبَسَة في الحديث الذي رواه أحمد... ما الإسلام.؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((طِيبُ الْكَلاَمِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ)) ..

= ولما هاجر إلى المدينة كان أول خطاب له

صلى الله عليه وسلم فيها الدعوه لإطعام الطعام؛

 فقال في في الحديث الذي رواه الدارمي:

((يا أَيُّهَا الناس أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا بالليل وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)) ...

 = ولأهميةِ إطعامُ الطعام وطرد الجوع عن المسلم

 خُصت زكاة الفطر من رمضان ( بالطعام ).

= ولأهميتة أُدخل الإطعام في كل الكفارات، ففي كفارة القتل وكفارة الظهار وكفارة الوطء في نهار رمضان، في كل واحدة منها( إطعام ستين مسكيناً ).

- وفي كفارة اليمين ( إطعام عشرة مساكين ).

- وفي فدية ارتكاب محظور في الإحرام (إطعام ستة مساكين )..

= ولما شرع الله تعالى التقرب إليه بالهدايا والضحايا أمر بالإطعام منها فقال سبحانه:

 ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ﴾ [الحج: 27] وفي آية أخرى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36].

= ولأهمية الطعام وإطعامه أفرد َالله سورة من سور القرآن الكريم  عالجت كثيراً من أحكام الطعام، ألا وهي سورهُ ( الانعام ).

- كما ابتدأ في سورة اخرى بالوعيدِ لمن يغش في الكيل، وأكثر المكيل والموزون هو الطعام فقال في مطلع سوره المطففين : ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ [المطَّففين: 1-3] .

أيها الاحباب الكرام :

ديننا الاسلامي الحنيف في القران الكريم والسنة المطهرة يحثنا على طرد الجوع عن الجائع واطعام الطعام وتقديمه للجائعين والمحتاجين، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم ايُ الاسلام خير ؟؟

فقال : ( ان تُطعم الطعام وتَقرأُ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ).

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اي الاعمال خير ؟؟ فقال : ادخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته او كسوت عورته او قضيت له حاجته )، وفي الحديث الذي رواه الحاكم عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَريِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ في الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلامَ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ"، وفي الحديث الذي رواه البخاري قال عليه الصلاة والسلام :( اطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني )، وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عزوجل، يقول الله عزوجل يوم القيامة : 

( عبدي استطعمتك فلم تطعمني فيقول يارب وكيف اطعمك وانت رب العالمين ؟

فيقول الله : استطعمك عبدي فلان ؟؟

اي : جاءك فلان يُطلب منك عوناً من طعام

أتاك فلان جائع يريد كسرة خبز او قليل من الحساء او المرق او يريد شيئاً يسيراً من الدقيق او الأرز ليسد جوع أطفاله وأسرته، جاءك الفقير فلان يريد منك مبلغاً ليشترى خبزاً او طعاماً ....

نعم يقول الله : استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما انك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي..)

ولذلكم أحبتي الكرام :

طردُ الجوعِ عن المسلم الجائع منقبةٌ عظيمةٌ

 وعلامةٌ فارقة في دنيا الانسانية، بل إنّها أمارَةٌ مسجلة كانت موجودة قبل بعثة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه تعالى يقول:

 (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى (حُبِّهِ)مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ))..

- قد يطعمُ الانسان طعام يُريدُ ان يتخلص منه.

- وقد يجود الانسان بشيء كان يظن به لكن لما وجد غيره قد سبقه إليه فلم يعد ذلك عزيزاً عنده عندها جاد به ..

لكن القران يفسرُ بعضه بعضاً فقد جعل الله إمارة الصادق في هذه الزاوية وفي هذا الامر بالذات فقال سبحانه: (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما<< تحبون>>))؟وهنا قال : (( ويطعمون الطعام على .... ماذا ؟؟؟ << على حبه >>

اي : مع حبه لهذا الطعام لكنّه جاد به..

مع اشتهاءه لهذا الطعام لكنه بذل به ..

مع حرصه على هذا الطعام لكنه جاد به.

كيف يجود به ؟؟؟؟

قد يكون الانسان فقيراً وقليل ذات اليد ولايملك سوى قوت يومه ومع ذلك يجود بما يملك ويجود بما يحب من طعامه..

ولذلكم كان السلف رضوان الله عليهم يُطْعِمون الطَّعام مع حُبِّهم له .

= يقول نافع : مَرِض ابن عمر رضي الله عنه فاشتهى عِنَبًا أوَّل ما جاء العِنب، فأرسلت صَفِيَّة زوجته بِدِرْهم فاشترت عنقوداً بِدِرْهم، فاتبع الرسول سائل، فلما أتَى الباب دخل، قال : السائل السائل،

 قال ابن عمر : أعطوه إياه، فأعْطَوه إياه، ثم أرْسَلت بِدِرهم آخر فاشترت به عُنْقُودًا، فاتبع الرسول السائل، فلما انتهى إلى الباب ودخل، قال : السائل السائل ! قال ابن عمر : أعطوه إياه، فأعْطَوه إياه، وأرْسَلَتْ صَفِيَّة إلى السائل فقالت : والله لئن عُدْت لا تُصِيبنّ مِنِّي خَيْرًا أبَدًا ! ثم أرسْلَتْ بِدِرهم آخر فاشْتَرَت به . رواه البيهقي .

= وجاء مِسْكِين إلى عائشة رضي الله عنها فسَأَلَهَا وَهِيَ صَائِمَة ، وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إِلاَّ رَغِيف، فَقَالَتْ لِمَوْلاةٍ لَهَا : أَعْطِيهِ إِيَّاهُ، فَقَالَتْ : لَيْسَ لَكِ مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ ! فَقَالَتْ : أَعْطِيهِ إِيَّاهُ . فَفَعَلْتُ .

قَالَتْ : فَلَمَّا أَمْسَيْنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُ بَيْتٍ أَوْ إِنْسَان مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا شَاةً وَكَفَنَهَا، فَدَعَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ : كُلِي مِنْ هَذَا، هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِكِ !

= وكان الربيع بن خيثم إذا جاءه السائل قال : أطعموه سُكَّرًا، فإن الربيع يُحِبّ السُّكَّر .

- انا لا اتحدث إليكم عن الذي يرمى الطعام مرات ومرات، انّما اتحدث عن معنى الطعام الذي فيه اجرٌ عظيم، الذي عبر عنه الله في القران الكريم فقال:

(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ *)

ما معنى ذي مسغبة ؟؟ اي في يوم شديد الجوع ..!!!

انت لاتملك إلاّ قوتك، ولاتملك إلاّ قوت اولادك وقوت أسرتك ومع ذلك تجود به.

(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)..

الإيثار لايكون فقط في قضايا شكليه، يتزاحم الناس بالأبواب فيقول مؤثراً لغيره انت تفضل ابدأ انت للخروج او الدخول او في امور اخرى شكليه ويوم يأتيه سائل يرد عليه: الحقوق كثيرة والالتزامات اكثر ..

لان اغلب مواقف حياة الناس في جانب ان يؤثر مما معه تخضع لمجاملات فارغة ومجاملات ليس لها حقيقة، لكن الحقيقة الأكيدة هي :

(( ويطعمون الطعام على < حبه > مسكيناً ويتيماً واسيرا ..))

الحقيقة الاكيدة هي :

(( ولاتيمموا الخبيث منه تنفقون ...

ثمّ قال (( ولستم بآخذيه إلاّ ان تُغمضوا فيه .....))

يعني هذا الشيء الذي بذلته، هذا الشيء الذي أخرجته، انت اصلاً لاتقبله لنفسك ، ولا تقبله لأسرتك .

لأنه في نفسك رديء وغير صالح واذا أخذته ستأخذه على عدم رضا، تأخذه على إشمئزاز ...

فكما لا ترضى لنفسك واسرتك إلاّ الأجود والاحلى والاحسن والأجمل والأفضل، كان لزاماً عليك ان لاتُعطي ولاتُخرج إلا الأغلى والأجود والاحسن ..

وليس من الإيمان أن يشبع المسلم وأخوه المسلم من قريب أو جار أو بعيد يتلمَّض جوعًا لا يجد

ما يسد به رمقه.

فالمؤمن الرحيم يغتم غمًا شديداً عندما يرى الجوع يفتك بإخوانه المسلمين، ويُرسم على وجوههم البؤس والحزن، وعلى أجسامهم العري والذبول، فما يصبر على ذلك حتى يجود من خيره بما يستطيع....

فهذا أعرابيٌ فقير، مسكين، جائع وحالته يرثى لها يأتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليشكو له فقره وجوعه الذي أوصله الى عُري بناته وزوجته فأنشد يقول :

يَا عُمَرَ الخَيْرَ جُزِيتَ الجَنَّةْ              

                                اُكْسُ  بُنَيَّاتِي وأُمَّهُنَّهْ

وكن لنا من الزمان جُنَّهْ                                      

                                أَقْسَمْتُ باللهِ لَتَفْعَلَنَّهْ

فقال عمر: فإن لم أفعل، يكون ماذا؟

فقال:

إذاً أبا حفصٍ لأذهبنَّهْ

فقال: فإذا ذهبتَ يكون ماذا؟

 فقال:

 يَكُونُ عَنْ حَالِي لَتُسْأَلنَّهْ

قال عُمر: متى؟

 قال:

يَوْمَ تَكُونُ الأُعْطِيَاتُ مِنَّهْ

                           وَالوَاقِفُ المَسْؤُولُ بَيْنَهُنَّهْ

            إِمَّا إِلَى نَارٍ وَإِمَّا جَنَّةْ

فبكى رضي الله عنه وقال لغلامِه : يا غلامُ، أعطه قميصي هذا،فوالله لا املك غيره أعطهِ إياه لا لِشِعْره؛ ولكن ليومٍ تكون فيه الأعطياتُ منَّة، والواقف المسؤول بينهنَّه، إِمَّا إلى نارٍ وإما إلى جنّة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 


الخطبـة الثانيـة :

ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام                

اتحدث اليوم إليكم عن عمل من احب الاعمال

الى الله عزوجل وهو: ( طرد الجوع عن المسلم)

وهو من خير الأعمال وأحبها إلى الله، قال عليه الصلاة والسلام : "خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَرَدَّ السَّلَامَ"، بل انه سببٌ من أسباب النجاة من المكاره؛ ومن أعظم أسباب تفريج الكرب عن الإنسان، وعونه على مصالح دينه ودنياه ...

وما أجمل الشعور بآلام المحتاجين اخوتي الكرام

ما اجمل تلمس حاجاتهم : (( من إطعام للطعام، وقضاءٍ للحاجات ))...

وليعلم كل من يسلك طريق إطعام الجوعى، والصدقة على المحتاجين بالغذاء في أيام البلاء انّها من أعظم الأعمال الصالحة التي يُتقرب بها إلى الله تعالى ..

وليعلم كذلك كلُ الذين شرّفهم الله بإطعام غيرهم أن الاجر الحاصل من الإطعام لا ينحصر في إطعام الجائعين والمحرومين والمعدمين والمساكين فحسب ...!!! بل انّ الله يكتبُ لك الاجر كاملاً غير منقوص في كل إطعام، في إطعام الجوعي وإطعام الفقراء وإطعام المساكين وإطعام المحرومين وإطعام اليتامى والأرامل وإطعام المشردين وإطعام الحيوان، كذلك في إطعام طلبة العلم, وإطعام الدعاه , إاطعام الجيران وإطعام المؤمنين ولو كانوا أغنياء, حتى الاجر والثواب يصلك في إطعامك لاولادك بل حتى في إطعامك لزوجتك، يقول عليه الصلاة والسلام: ( اذا وضع أحدكم لقمةً في فم زوجته كان له بها صدقة )..

لقمة واحده ... وليست في فم جائع .! ولا في فم مسكين ..!! انّما في فم الزوجة ...

فكيف لو كانت لسد جوعة جائع ..

كيف لو كانت لقضاء حاجة محتاج ..

كيف لو كانت لأسرة تفترش الارض وتلتحف السماء من فقرها وجوعها ..

لاشك انّها ارفع وأعلى اجراً ومثوبةً ومنزلة..

- فاللقمة يا اخوتي لها ميزانها عند الله ..

- حبةُ الشعير وحبةُ القمح لها قيمة عند الله..

- العنبه وحبةُ الرمان لها قيمة عند الله ..

- حباتُ الأرز وكِسرُ الخبز والقليل من الحساء لها قيمةٌ وثقلٌ عند الله..

- التمرة ونصف التمرةُ لها قيمة ولها وزنٌ ولها ثقلٌ في ميزان الله.. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:

( اتقوا النار -- اتقوا جهنّم .. بماذا يا رسول الله ؟

( اتقوا النار ولو بشق تمرة )

ما قال  : بتمرةٍ كامله !!

إنّما بشق تمرة وبنصف التمرة قد تقي بها وجهك من عذاب الله وحر جهنم ..

ونحن للاسف لا نأبه للتمرة ولا للتمرتين، ولا نأبه للقمة ولا للقمتين، ولانكترث للثلاث اللقم ولا للعشر..

تُرمى ويُعبث بها وتُهان وتُداس تحت الاقدام في في البيوت وفي الشوارع والحدائق والأرصفة .

وفي الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أتتني امرأةٌ مسكينة ومعها ابنتان .

قالت : فأعطيتها ثلاث تمرات فأخذتها ووزعتها بالتساوي تمرة للبنت الاولى وتمرة للثانية ثم أخذت الثالثة الى فمها فاستطعمتها بنتاها فشقت التمرة الى نصفين وأعطت لكل واحدة النصف ..

إنّها أمٌ رحيمة، أم عادلة ..

فتعجبت عائشة رضى الله عنها من صنيعها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما رأت فقال عليه الصلاة والسلام : ( لقد أوجب الله لها بها الجنه او أعتقها من النار)..

بتمرة ونصف ...  ولمن أعطتها ؟؟

لا لجائع ولا لمسكين ولا لشخصٍ لا تعرفه ..

انّما لابنتيها وفلذة كبدها وزهرة حياتها ..

فإذا كان هذا ثواب من يُطعم إبنه او بنته ؟؟

فكيف هو ثواب من يُطعمُ المحروم ؟؟

كيف هو ثواب من يطرد الجوعَ عن الجائع؟؟

ماهو جَزَاءُ من يواسون المحتاجين ويُعينون الفقراء ويمدون المُعدمين ببعضِ الخبز وببعض الدقيق والزيت وحبات الأرز والقليل من الحساء والقليل من المرق ومذقة اللبن والقليل من الطعام ؟؟..

إنّ الجزاء هو رضوان الله ومغفرته ونعيمه وجنانه.

إنّ الجزاء هو عفو الله ورحمته وعظيمُ كرمه ..

إنّ الجزاء هو ان يباعد الله النار عنك فلا تمسك ابدا.. يقول عليه الصلاة والسلام: (( من أطعم اخاه حتى يُشبعه وسقاه حتى يُرويه، باعده الله من النار سبعهَ خنادق، مابين كلِ خندق خمسمائةُ عام )).

هذا الإطعام وهذه الإغاثة التى مددتها لهذا المحتاج او لهذا الفقير او لهذا الجائع يُربيها الخالق سبحانه ويُنميها لك ليومِ القيامة وليوم الحسابِ وليوٍم تزل فيه الاقدام، ففي مسند الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُرَبِّي لِأَحَدِكُمْ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ، (( اي صغير البقر)) حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ »

وختاماً / اروع نهاية.... وأجمل وداع ...وأحسن خاتمة ... هي ما قالها الحبيب عليه الصلاة والسلام: (من خُتم له بإطعامِ مسكين محتسبًا على الله عزوجل دخل الجنة)..

اللهم انا نسألك أن تجزيَ كلَّ صاحب معروف على معروفه، وأن تبارك له في ولده وماله وتُديم عليه صحته وعافيته وأن تحفظه بعنايتك وتكلؤه برعايتك. اللهم صُبّ له من الخير وافتح له من ابواب رزقك فتحاً...

اللهم وفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين..                                 

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت.. واصرف عنها سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت..

اللهم أغفر لنا وارحمنا وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين..

اللهم إنا نسألك حبك، وحب من أحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.

اللهم اهدنا بالهدى وزينا بالتقوى واغفرنا في الاخرة والأولى.

اللهم اهدنا بهداك ولا تولي علينا مولىً سواك....

اللهم اجعلنا هداه مهديين غير ضالين ولامضلين سلماً لاوليائك حرباً على أعدائك نُحب بحبك من احبك ونعادي بعداوتك من عاداك ...

اللهم لا تتوفنا الا وانت راضٍ عنا مقبلين غير مدبرين محسنين لامسيئين غير خزاياولامفتونين...

اللهم امنا في أوطاننا واجعل هذا البلد امناً مطمئناً رخاءً مستقراً وسائر بلاد المسلمين..

اللهم ارحم موتي المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك

اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعفُ عنهم واكرم نزلهم ووسع مدخلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس ...

اللهم انقلهم من ضيق المهود واللحود الى سعو القصور والدور الى جوار الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً....

اااامين ااامين اااامين

ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه

وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده

من جنِّه وإنسه فقال : -

(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ....

المشاهدات 944 | التعليقات 0