صور مشرقة من دفاع المرأة المسلمة عن نبي المرحمة

الشيخ السيد مراد سلامة
1440/03/12 - 2018/11/20 17:00PM

Smiley face

صور مشرقة من دفاع المرأة المسلمة عن نبي المرحمة
للشيخ السيد مراد سلامة

أمة النبي المختار – صلى الله عليه وسلم-لقد كان للمرأة دورا بارزا في الدفاع والذود عن النبي – صلى الله عليه وسلم-ونصرته بكل غال ونفيس فهيا لنقف مع تلك الصور المشرقة ومن دفاعها ونصرتها للحبيب – صلى الله عليه وسلم-

الصورة الأولى أول من نصر الدعوة امرأة:

فها هي أول من ناصر الدعوة ودافع عنها، وقد تحقق هذا أيضاً في قصة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها لما أخذت تهدئ من روعه وتردد على مسامعه تلك الكلمات الرقيقة، ((يا ابن العم كلا والله ما يخزيك الله أبدأ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم [المعدوم، أو المعدم: الفقير] وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)) ([1])  

فهذه صورة من صور النصرة والتأييد والوقوف مع الرسول صلى الله عليه وسلم في أول خطوة من خطوات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولم تكتف أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بالنصر القولي، بل نصرت الرسول صلى الله عليه وسلم عملياً بأن أخذته إلى ورقة بن نوفل، وليجد الرسول صلى الله عليه وسلم الطمأنينة والوعد بالنصر من الله سبحانه وتعالى.

وهكذا نلحظ هذا السبق العظيم لهذه المرأة التي أصبحت أول من نصر الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً، نصراً سبقت به الرجال، وتقدمت عليهم فكما كانت المراة أول مخاطبة وأول مستجيب كانت أيضاً أول نصير لهذا الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم .

ويعلق على ذلك الأستاذ محمد الصادق عرجون بقوله: "لقد كانت خديجة موقنة بأن زوجها فيه من خصال الجبلة الكمالية، ومحاسن الأخلاق الرصينة، وفضائل الشيم المرضية، وأشرف الشمائل العلية، وأكمل النجائز الإنسانية ما يضمن له الفوز، ويحقق له النجاح والفلاح، فقد استدلت بكلماتها العميقة على الكمال المحمدي"( [2])

الصورة الثانية .:أول من استشهد في سبيل الدعوة امرأة:

وتكريم رابع للمرأة يأتي أيضاً في سلم أولوياتها وهو أن النصرةلم تكن بالقول فقط، بل كانت هناك نصرة فعلية، حيث جادت المرأة بنفسها في سبيل هذه الدعوة بأن كانت أول شهيدة في الإسلام امرأة متمثلة في سمية بنت خياط رضي الله عنها، حيث كانت سابعة سبعة في الإسلام لكنها تعد أول شهيدة في الإسلام عندما عذبها أبو جهل فماتت ([3])

لتكون بذلك أول من مات في سبيل هذا الدين لتسبق الرجال جميعاً إلى هذا الشرف العظيم، فالمرأة هنا لم تكن شهيدة، بل كانت أول شهيد في هذا الدين، وهذا سبق رابع للمرأة تقدمت فيه على الرجال، مما سبق يتضح لنا أن المرأة جاءت في المرتبة الأولى في أربعة مواطن متتابعة هي الأهم في هذه الدعوة المباركة، فهي أول من خوطب، وأول من استجاب، وأول من نصر هذا الدين، وأول من استشهد فهذا بحق يعد تكريماً وأي تكريم.

الصورة الثالثة دفاع نسيبة بنت كعب الأنصارية عن خير البرية

وها هي السيدة المجاهدة الباسلة نسيبة – رضي الله عنها تحوز قصب السبق في الجهاد و الدفاع عن خير العباد – صلى الله عليه وسلم

عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه عن أمه قال: شهدت أحداً مع رسول الله – صلى الله عليه و سلم - فلما تفرق الناس عنه دنوت أنا وأمي ندب عنه، فقال:" ابن أم عمارة "؟ قلت: نعم قال :" ارم" ، فرميت بين يديه رجلاً من المشركين بحجر وهو على فرس فأصبت عين الفرس ، فاضطرب الفرس حتى وقع هو وصاحبه ، وجعلت أعلوه بالحجارة حتى نضدت عليه منها وقراً ، والنبي – صلى الله عليه و سلم -  ينظر يبتسم ونظر جرح أمي على عاتقها .

فقال:" أمك أمك ، أعصب جرحها : بارك الله عليكم من أهل بيت ، مقام أمك خير من مقام فلان ، وفلان ، رحمكم الله أهل البيت ، ومقام ربيبك خير من مقام فلان وفلان ، رحمكم الله أهل البيت ".

قالت:ادع الله أن نرافقك في الجنة فقال:" اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة ".

فقالت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا. ([4])

عن ضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته، وكانت قد شهدت أحدا، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان ".

وكانت تراها يومئذ تقاتل أشد القتال، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها، حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا ; و [ كانت تقول ]: إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها.

وكان أعظم جراحها، فداوته سنة.

ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلى حمراء الأسد فشدت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدم. رضي الله عنها ورحمها. ([5])  

ولم تترك نسيبة هذه الفرصة دون أن تزداد من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لذا أسرعت قائلة له: ادع الله أن نرافقك في الجنة. فقال: اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة ([6])

الصورة الرابعة امرأة من الأنصار

عن أنس قال لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة وقالوا قتل محمد حتى كثرت الصوارخ في نواحي المدينة فخرجت امرأة من الأنصار فاستقبلت بأخيها وأبيها وزوجها وابنها لا أدري بأيهم استقبلت أولا فلما مرت على أخرهم قالت من هذا قالوا أخوك وأبوك وزوجك وابنك قالت فما فعل النبي صلى الله عليه و سلم قالوا أمامك فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخذت بناحية ثوبه ثم جعلت تقول بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه و سلم لا أبا لي إذا سلمت من عطب)([7])

الصورة الخامسة أسماء بنت يزيد الأنصارية من بني عبد الأشهل

عن أسماء بنت يزيد الأنصارية من بني عبد الأشهل: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، واعلم - نفسي لك الفداء - أما إنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي؛ إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا - يا معشر النساء - محصورات، مقصورات، قواعد بيوتكم، ونقضي شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم - معاشر الرجال - فضلتم علينا بالجمعة، والجماعات وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أفما نشارككم في الأجر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: انصرفي أيتها المرأة، وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله. قال: فأدبرت وهي تهلل وتكبر استبشاراً.

 الصورة السادسة: فاطمة تخطو خطوات أمها:

وجاءت فاطمة بنت محمد تخطو خطوات أمها وتسلك طريقها، والأصل إذا طاب طاب الفرع. ولهذا رأيناها رضي الله عنها تقف مدافعة عن أبيها، يقول ابن مسعود: "بينما رسول الله قائم يصلي عند الكعبة، وجمع قريش في مجالسهم، إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي، أيكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها، فيجيء به، ثم يمهله، حتى إذا سجد، وضعه بين كتفيه؟.

فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي ساجدًا، فضحكوا حتى مال بعضهم على بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة عليها السلام وهي جويرية فأقبلت تسعى، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا، حتى ألقته عنه، وأقبلت عليهم تسبهم..." ([8])

وجاءت أحدات الهجرة، ولم تكن المرأة بمعزل عنها، بل كان لها دورها الفعال، ونالت من الأدوار ما يسجل لها بماء الذهب في صفحات التاريخ، وكانت صاحبة هذا الدور هي ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، تقول أختها عائشة رضي الله عنها وهي تتحدث عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر: "فجهزناهما أحث الجهاز، ووضعنا لهم سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها، فربطت على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين" ([9])

وذكر ابن هشام أن المشركين لما لم يحصلوا من علي على جدوى جاءوا إلى بيت أبي بكر، وقرعوا بابه، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر فقالوا لها: "أين أبوك؟ قالت: لا أدري والله أين أبي، فرفع أبو جهل يده وكان فاحشًا خبيثًا فلطم خدها لطمة خرج منها قرطها" ([10])

فكم تساوى هذه اللطمة عند الله؟ إنها تساوي الكثير والكثير ويكفي أسماء فخرًا أن تكون اللطمة لله ولرسوله، ودفاعًا عن الله ورسوله، وذودًا عن عبد الله ورسوله. 

، ذكر الواقدي في مغازيه قال: "خرجت أم سعد بن معاذ تعدو نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على فرسه، وسعد بن معاذ آخذ بعنان فرسه، فقال سعد: يا رسول الله، أمي، فقال صلى الله عليه وسلم: مرحبًا بها.

فدنت حتى تأملت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "أما إذا رأيتك سالما فقد أشوت ([11]) المصيبة، فعزاها رسول الله بعمرو بن معاذ ابنها، ثم قال: يا أم سعد، أبشري وبشري أهليهم أن قتلاهم قد ترافقوا في الجنة جميعًا، وقد شفعوا في أهليهم. قال: رضينا يا رسول الله، ومن يبكي عليهم بعد هذا؟!"([12])

الصورة السابعة :أم أيمن تسخر من الفارين:

ولما فر من فر من الصحابة في أحد، وأرادوا دخول المدينة لقيهم النساء والأطفال على أبواب المدينة يحثون التراب في وجوههم، وكان مما قالته أم أيمن مولاة رسول الله: هاك المغزل وهلم سيفك.

بل دخلت المعركة بعد ذلك، وشاركت مع نفر من النساء في سقي العطشى، ومداواة الجرحى، وتعرضت رضي الله عنها لنبال المشركين، واستحقت أن ينتقم لها سعد بن أبي وقاص.

عن سعد بن أبي وقاص قال: "كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سعد ارم فداك أبي وأمي، قال: فنزعت بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه، فوقع وانكشفت عورته، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى نظرت إلى نواجذه" ([13])

وسمى الواقدي في روايته أن من ضرب أم أيمن حبان بن العرقة. وزاد أنه رمى بسهم فأصاب ذيل أم أيمن وكانت جاءت تسقي الجرحى فضحك منها، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد سهمًا فوقع السهم في نحر حبان فوقع مستلقيًا وبدت عورته فضحك رسول اللهr وقال: "استقاد لها سعد" ([14])

 

 

 

 

[1] -[انظر صحيح البخاري المطبوع من الفتح ط/22 حديث بدء الوحي ].

[2] - انظر: محمد رسول الله: محمد الصادق عرجون ( 1/307).

[3] -[الإصابة ج 8/ 114]

[4] -(أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/414،415

[5] - ابن سعد 8 / 413.

[6] - السيرة الحلبية (2/ 259)

[7] - صفة الصفوة (2/ 74)

[8] - رواه البخاري في الصلاة (520) عن عبد الله بن مسعود.

[9] - رواه البخاري في مناقب الأنصار(3905).

[10] - انظر: السيرة النبوية: ابن هشام (1/487).

[11] - أصبحت صغيرة خفيفة.

[12] - المغازي للواقدي (1/315).

[13] - رواه مسلم في فضائل الصحابة (2412).

[14] - انظر: الإصابة (3 /67).

المرفقات

مشرقة-من-دفاع-المرأة-المسلمة-عن-نبي-الم

مشرقة-من-دفاع-المرأة-المسلمة-عن-نبي-الم

المشاهدات 1624 | التعليقات 0