صور رائعة من بر الوالدين-5-11-1436هـ-فيصل الردادي-بتصرف

محمد بن سامر
1436/11/05 - 2015/08/20 22:26PM
[align=justify][align=justify][align=justify] إن الحمد لله، نحمد ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد:
فتقولُ إحدى الطبيباتِ: كنتُ في عيادتي، فدخلتْ عليَّ عجوزٌ في الستيناتِ بصحبةِ ابنِها الشابِ، وقدْ لاحظتُ حرصَه الزائدَ عليها، فهو يمسكُ يدَها، ويصلحُ لها عباءَتَها، ويناولُها الأكلَ والماءَ، وبعد سؤالي عن المشكلةِ الصحيةِ وطلبِ الفحوصاتِ، سألتُه عن حالتِها العقليةِ؛ لأني لاحظتَ أنَّ تصرفاتِها غيرُ موزونةٍ، وردودَها غيرُ منطقيةٍ، فقال الشابُ: إنها متخلفةٌ عقليًا، تقولُ: فتملكني الفضولُ فسألتُه: فمن يرعاها؟ قال: أنا، قلتُ: ومن يهتمُ بنظافةِ ملابسِها وبدنِها؟ قالَ: أنا، قلتَ: ولم لا تحضرَ لها خادمةً؟ فقالَ: لأنَّ أمي مسكينةٌ لا تشتكي، وأخافُ أن تؤذيَها الخادمةُ ثم لا تخبرني، تقولُ الطبيبةُ: أدهشني كلامُه، ومقدارُ برِه، فسألْتُه: هل أنت متزوجٌ، قالَ: نعم-والحمدُ للهِ-ولدي أطفالٌ، فقلتُ: وهل زوجتُك ترعى أمَّك؟ قالَ: زوجتي لا تقصرُ مع أمي، هي التي تطبخُ الطعامَ وتقدمُه لها، وقد أحضرْتُ لزوجتي خادمةً لتعينَها، ولكني أحرِصُ على أنْ آكلَ مع أمي، لأطمئنَ عليها وأراقبَ لها السكرَ! تقولُ الطبيبةُ: ازدادَ إعجابي، ولم أتمالكْ دمعتي! لكني تماسكتْ واختلستُ نظرةً إلى أظافرِها فرأيتُها قصيرةً نظيفةً، فقلتُ: وأنت الذي تُقَصِّرُ لها أظافرَها؟ فقالَ: نعمْ، ألمْ أقلْ لكِ يا دكتورة: إنها مسكينةٌ، تكلمتِ الأمُ وقالتْ لولدِها: متى تشتري لي بطاطسَ؟ فقال: أبشري الآن نذهبُ للبِقالةِ! كادتِ الأمُ المسكينةُ تطيرُ من الفرحِ، وأخذتْ تقفزُ بكلِّ براءةٍ، وترددْ: الآنَ الآنَ، تقولُ الطبيبةُ: التفتَ الابنُ إليَّ وقالَ: واللهِ إني لأفرحُ لفرحِها أكثرَ من فرحِ عيالي الصغارِ، تقولُ الطبيبةُ: تَصَنَّعْتُ أني أكتبُ في ملفِ المريضةِ حتى لا يبدوَ تأثري بالموقفِ، وسألتُه: أليس لها أولادٌ غيرُك؟ فقال: أنا وحيدُها؛ لأنَّ أبي طلَّقها بعد شهرٍ من زواجِهما، فسألتُه: فمنْ رباك؟ قالَ: جدتي-رحمَها الله-، وتوفيتْ وعمري عشرُ سنينَ، فسألتُه: وأنت الذي ترعى أمَك بعد موتِ جدتِك إلى الآنَ؟ قالَ: نعمْ.
تقولُ الطبيبةُ: كتبتُ لها الوصفةَ، وشرحتُ له الدواءَ، فأمسكَ بيدِ أمِه، وقال: هيا، الآن نذهبُ للبقالة، فقالتِ الأمُ: لا، نذهبُ إلى مكةَ، فسألتُها: لماذا تريدين الذهابَ إلى مكةَ؟ قالتْ ببراءةٍ: لأركبَ الطيارةَ! تقولُ الطبيبةُ: فقلتُ له: إنها ليستْ مكلَّفةً، وليس عليها حرجٌ إذا ما حجتْ أو ما اعتمرتْ، وستشغلكُ كثيرًا إن ذهبتَ بها، قالَ: يا دكتورةُ، لعلَّ الفرحةَ التي تفرحُها إنْ أنا ذهبتُ بها أكثرُ أجرًا عندَ ربِّ العالمينَ من عمرتي بدونِها.
تقولُ الطبيبةُ: لم أعدْ أقوى على الكلامِ، وحين خرجوا من العيادةِ، أقفلتُ البابَ وقلتُ للممرضةِ: أحتاجُ للراحةِ بعضَ الوقتِ، وبكيتُ من كلِّ قلبي، وقلتُ في نفسي: سبحانَ اللهِ، يقدمُ لها كلَّ هذا البِرِّ وهي فقطْ حملتْ وولدتْ، لم تربِّهِ، لم تسهرْ عليه، لم تُمَرِّضْهُ، لم تعلمْهُ، لم تتألمْ لألمِه، لم تبكِ لبكائِه، لم تأرقْ خوفًا عليه.
تذكرتُ أمي وقارنتُ حالي بحالِه، فكرتُ بأبنائي وقلتُ في نفسي: ترى هل سأجدُ رُبُعَ هذا البرِّ؟ مسحتُ دموعي وأكملتُ عملي وفي القلبِ غُصَّةٌ.
[وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلا إِيِّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا].
[/align]
[/align]
[align=justify][align=justify]
الخطبة الثانية
أما بعدُ: فإننا في زمانٍ قدْ عظمتْ غُربتُه، واشتدّتْ كُربتُه، فلمْ يرحمِ الأبناءُ والبناتُ دموعَ الآباءِ والأمهاتِ، نحن في زمانٍ نحتاجُ إلى منْ يُذَكِّرُنا فيه بحقِهم، وعظيم ِالأجرِ لمن بَرَّهُمْ.
أخي الحبيبُ: تأمَّلْ حالَ طفولتِك، وأيامَ صِغرِك وضعفِك، وتذكَّرْ معاناةَ أمِّك، تسعةُ أشهرٍ وبطنُها لك وعاءٌ، ودمُها لك غذاءٌ، آلامٌ وأنّاتٌ، زفراتٌ ومعاناةٌ، وعندَ الولادةِ ترى الموتَ رأيَ العينِ، وتذوقُ من الآلامِ الأمرينِ، فإذا رأتْك سليمًا معافًى، نسيتْ جميعَ همومَها وآلامَها، وعلقتْ عليك بعدَ اللهِ آمالَها.
ثُمَّ تبدأُ رحلةٌ أخرى شاقةٌ مضنيةٌ، فترضعُك عامينِ كاملينِ، تسهرُ لسهرِك، وتتألمُ لألمِك، وتحزنُ لحزنِك، كأنها خادمةٌ أمينةٌ بينَ يديْ سيدِها، تزيلُ الأذى عنك بيدِها، وتترك من أجلِ طلباتِك الصغيرةِ كلَّ ما يَشْغَلُها، لسانُ حالِها يقولُ: حملتُك كُرها، ووضعتْك كُرها، ولا يزيدني نُموك إلا ضعفًا.
أمّا أبوك، فأنت له مَجْبَنَةٌ مَبْخَلَةٌ مَحْزَنَةٌ، يَكِدُّ ويسعى، ويدفعُ عنك صنوفَ الأذى، ويجتهدُ في تربيتِك وإصلاحِك، ويبذلُ كلَّ ما في وُسعِه في سبيلِ إسعادِك ونجاحِك.
أخي الكريم: هذان هما والداك، وتلك هي طفولتُك وصباك، فلماذا التنكرُ للجميلِ؟ وعلامَ الفَظَاظَةُ والغِلْظَةُ، وكأنَّك أنتَ المنعمُ المتفضلُ؟!
اللهَ اللهَ في برِهما والإحسانِ إليهما، [فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُمَا]، فرضى اللهِ في رضاهما، وسخطُه من سخطِهما، [وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا]، عن أبي هريرةَ-رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلمَ-: "رَغِمَ أنفُهُ، ثم رَغِمَ أنفُهُ ، ثم رَغِمَ أنفُهُ-يعني: أذَلَّهُ الله وأهانَه وحَقَّرهُ-قيلَ: منْ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: منْ أدْرَك والديه، أحدَهما أو كلاهما ثمَّ لمْ يدخلِ الجنةَ".
أيها المباركون: احذروا العقوقَ، فهو خيبةٌ وخسارةٌ وخُذلانٌ، روى جابرٌ-رضيَ اللهُ عنه-قالَ: خرجَ علينا رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلمَ-فقالَ: "يا معشرَ المسلمينَ إياكم وعقوقُ الوالدينِ، فإنَّ ريحَ الجنةِ تُوجدُ من مسيرةِ ألفِ عامٍ، واللهِ لا يجدُ ريحها عاقٌ".
إخواني الكرام: بِرُ الوالدينِ سببٌ مباشرٌ ليس لدخولِ الجنةِ فقط، بل الدرجاتِ العلا منها، وسببٌ لزيادةِ العمرِ حسيًا ومعنويًا، وسببٌ في سَعةِ الرزقِ وتفريجِ الكُرباتِ، وسببٌ لقبولِ الدعواتِ، وسببٌ لانشراحِ الصدرِ، وطيبِ الحياةِ، وحصولِ الرضا، ودليلٌ على صِدْقِ الإيمانِ وكَرَمِ النَفْسِ وحُسْنِ الوفاءِ، وسببٌ في بِِرِ الأبناءِ للآباءِ، فعنْ عمرَ-رضيَ اللهُ عنهُ-قالَ: قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلمَ-: "بَروا آباءَكم تَبَرُكُمْ أبناؤُكُمْ"، وعنْ ثوبانَ-رضيَ اللهُ عنهَ-قالَ: قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلمَ-: "إنَّ الرجلَ لَيُحْرَمُ الرزقَ بذنبٍ يصيبُه، ولا يردُ القَدَرَ إلاّ الدعاءُ، ولا يَزيدُ في العمرِ إلا البِرُّ".
وعنْ عمرَ-رضيَ اللهُ عنهُ-قالَ: سمعتُ الرسولَ-صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلمَ-يقولُ: "يأتي عليكم أُويسُ بنُ عامرٍ، مع أمدادِ أهلِ اليمنِ، من مُرادٍ ثُم من قَرَنٍ، كان به بَرَصٌ، فَبَرِأَ منه إلا موضعَ دِرْهمٍ، له والدةٌ هو بها برٌّ، لو أقسمَ على اللهِ لأبرَّه. فإنِ استطعتَ أنْ يستغفرَ لك فافعلْ".
[/align][/align][/align]
المرفقات

صور رائعة من بر الوالدين-5-11-1436هـ-فيصل الردادي-بتصرف.docx

صور رائعة من بر الوالدين-5-11-1436هـ-فيصل الردادي-بتصرف.docx

صور رائعة من بر الوالدين-5-11-1436هـ-فيصل الردادي-بتصرف.doc

صور رائعة من بر الوالدين-5-11-1436هـ-فيصل الردادي-بتصرف.doc

المشاهدات 1769 | التعليقات 0