صناعة الفوضى لمصلحة من؟ بمناسبة تفجير القديح
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
11/8/1436
الْحَمْدُ لِلَّـهِ المَلِكِ الْحَقِّ المُبِينِ، أَنَارَ الطَّرِيقَ لِلسَّالِكِينَ، وَأَوْضَحَ المَحَجَّةَ لِلْمُتَبَصِّرِينَ، وَصَرَفَ عَنْ صِرَاطِهِ الضَّالِّينَ، وَجَعَلَ الْبَلَاءَ سُنَّةً فِي عِبَادِهِ أَجْمَعِينَ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لمُبْتَلِينَ﴾ [المؤمنون: 30]، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى دِينِهِ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِهِ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِهِ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِهِ، وَجَمِيعِ سَخَطِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ عَظِيمٌ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ، وَلَهُ الْكَمَالُ المُطْلَقُ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَلَهُ الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ، لَا يُدْرِكُ الْخَلْقُ أَسْرَارَ أَقْضِيَتِهِ وَأَقْدَارِهِ، وَلَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْوُجُودِ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ ﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [طه: 98]. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؛ لِيَنْشُرَ الْإِيمَانَ وَالْأَمْنَ، وَيُقِيمَ الْحَقَّ وَالْعَدْلَ، وَيَرْفَعَ الْبَاطِلَ وَالظُّلْمَ، فَآمَنَ النَّاسُ بِدَعْوَتِهِ، وَرَكَنُوا إِلَى عَدْلِ دِينِهِ، وَضَاقَ بِأَهْلِ الشَّرِّ شَرُّهُمْ، فَمَا ضَرُّوا بِهِ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، فَالِاجْتِمَاعُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ.. فَبِالِاجْتِمَاعِ تَأْتَلِفُ الْقُلُوبُ، وَتَزْدَادُ الْقُوَّةُ، وَتُهَابُ الْأُمَّةُ، وَيَتَحَقَّقُ الْأَمْنُ. وَبِالْفُرْقَةِ تَسْتَوْحِشُ الْقُلُوبُ، وَتَتَنَافَرُ النُّفُوسُ، وَتَذْهَبُ الرِّيحُ، وَيَتَحَقَّقُ الْفَشَلُ، وَتُسْتَبَاحُ الْأُمَّةُ، وَيَنْتَشِرُ الْخَوْفُ. وَمَا نَالَ الْأَعْدَاءُ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ، وَلَا عَلَوْا عَلَيْهِمْ إِلَّا بِأَيْدِيهِمْ، حِينَ أَوْقَعُوا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمْ، وَنَشَرُوا الضَّغَائِنَ فِيهِمْ، وَجَعَلُوا بَعْضَهُمْ يَضْرِبُ بَعْضًا.
وَكُلُّ ذَلِكَ مِصْدَاقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا، حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا المَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ، فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «الهَرْجُ، الْقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَالْقَاتِلُ فِي الْحَدِيثِ لَا يَدْرِي مَا الدَّافِعُ الْحَقِيقِيُّ لِلْقَتْلِ، وَلَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الدَّافِعَ وَهُوَ لَا يُدْرِكُهُ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْحُكْمَ وَهُوَ يَجْهَلُهُ، وَبِهَذَا الْخَطَإِ فِي الْفَهْمِ، وَالْجَهْلِ فِي الْحُكْمِ يَسْتَبِيحُ قَتْلَ مَنْ لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ.
وَكَذَلِكَ المَقْتُولُ لَا يَدْرِي مَا الدَّافِعُ لِقَتْلِهِ؛ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا يُوجِبُ الْقَتْلَ. وَغَالِبُ الدِّمَاءِ الَّتِي سُفِكَتْ فِي المُسْلِمِينَ مُنْذُ أَنْ وُضِعَ السَّيْفُ فِي الْأُمَّةِ بِمَقْتَلِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الَّذِي يَجْهَلُ فِيهِ الْقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ سَبَبَ الْقَتْلِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَظِيمٍ يَكْشِفُ أَنَّ الْعُقُولَ تَذْهَبُ فِي الْفِتَنِ وَتَحَارُ وَتَطِيشُ، فَلَا يَمْلِكُ عَقْلَهُ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ، وَالْكَثِيرُ مِنْهُمْ مُنْدَفِعٌ إِلَى الْفِتْنَةِ بِلَا عَقْلٍ رَشِيدٍ، وَلَا رَأْيٍ سَدِيدٍ، رَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَهَرْجًا» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، مَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ» ، فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنَ المُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بِقَتْلِ المُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ» ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ لَا عُقُولَ لهُمْ» ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: «وَايْمُ اللَّـهِ، إِنِّي لَأَظُنُّهَا مُدْرِكَتِي وَإِيَّاكُمْ، وَايْمُ اللَّـهِ، مَا لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجٌ إِنْ أَدْرَكَتْنَا فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجًا، إِنْ أَدْرَكَتْنِي وَإِيَّاكُمْ، إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا لَمْ نُصِبْ مِنْهَا دَمًا وَلَا مَالًا».
وَإِنَّمَا ذَهَبَتِ الْعُقُولُ فِي تِلْكَ الْفِتَنِ؛ لِأَنَّهَا تَظُنُّ أَنَّهَا تَعْلَمُ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، وَتَظُنُّ أَنَّهَا تُطِيعُ اللهَ تَعَالَى وَهِيَ تَعْصِيهِ، وَتَظُنُّ أَنَّهَا تُصْلِحُ وَهِيَ تُفْسِدُ، وَتَظُنُّ أَنَّهَا تَنْصُرُ دِينَ اللَّـهِ تَعَالَى وَهِيَ تَنْتَصِرُ لِأَشْخَاصٍ دُونَ الدِّينِ، وَتَظُنُّ أَنَّهَا تَمْلِكُ زِمَامَ الْأُمُورِ وَهِيَ لَا تَمْلِكُهَا، وَتَظُنُّ أَنَّهَا تُحِيطُ بِالْوَاقِعِ وَهِيَ لَا تُدْرِكُهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ تُحِيطَ بِهِ.
وَإِذَا كَانَ بَعْضُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَصَابَتْهُمُ الْحَيْرَةُ مِنْ شِدَّةِ وَقْعِ الْفِتْنَةِ فَكَيْفَ بِمَنْ هُمْ دُونَهُمْ عِلْمًا وَفِقْهًا وَتَقْوَى وَوَرَعًا وَزُهْدًا؟! وَلمَّا ثَارَتِ الْفِتْنَةُ الْأُولَى كَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّـهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يُحِبُّ الْخَلْوَةَ، وَيُطِيلُ التَّفْكِيرَ، وَيُجِيلُ النَّظَرَ، فَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ سِوَانَا إِذْ صِرْنَا جَبَلَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ يَطْلُبُ بَعْضُنَا بَعْضًا». وَكَشَفَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَيْرَتَهُمُ الشَّدِيدَةَ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ لَهِيَ الْفِتْنَةُ الَّتِي كُنَّا نُحَدَّثُ عَنْهَا، فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: أَتُسَمِّيهَا فِتْنَةً وَتَقَاتِلُ فِيهَا؟ قَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّا نُبْصِرُ وَلَا نُبْصِرُ، مَا كَانَ أَمْرٌ قَطُّ إِلَّا عَلِمْتُ مَوْضِعَ قَدَمِي فِيهِ غَيْرَ هَذَا الْأَمْرِ؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي أَمُقْبِلٌ أَنَا فِيهِ أَمْ مُدْبِرٌ».
يَقُولُ هَذَا طَلْحَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ مِنَ السَّابِقِينَ لِلْإِسْلَامِ، وَمِنَ الْعَشَرَةِ المَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ؛ لِنَعْلَمَ أَنَّ الْفِتْنَةَ الَّتِي تُخَلِّفُ الْقَتْلَ وَالدَّمَ، وَيَخْتَلِطُ فِيهَا الْأَمْرُ، وَتَحَارُ فِيهَا الْعُقُولُ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ عُقُولِ أَصْحَابِ الْفِتْنَةِ، وَهِيَ تَجُرُّهُمْ إِلَى أَتُونِهَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَيُفْسِدُونَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُصْلِحُونَ.
وَإِلَّا فَأَيُّ جِهَادٍ فِي تَفْجِيرِ النَّفْسِ فِي جَمْعٍ مِنَ المُصَلِّينَ دَاخِلَ مَسْجِدٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الرُّهْبَانِ فِي الْكَنَائِسِ، فَكَيْفَ بِقَتْلِ المُصَلِّينَ فِي المَسَاجِدِ؟! وَبُيُوتُ اللَّـهِ تَعَالَى مَحَلُّ الْأَمْنِ لَا الْخَوْفِ، وَفِي تَارِيخِ الْفِتَنِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ شَنَّعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنِ انْتَهَكُوا حُرْمَةَ المَسَاجِدِ فِي حُرُوبِهِمْ، وَفِي فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
فَإِذَا اسْتُحِلَّ الْغَدْرُ بِالمُصَلِّينَ فِي المَسَاجِدِ الْآمِنَةِ فَمَاذَا يَبْقَى آمِنًا لِلنَّاسِ؟ وَأَيُّ حُرْمَةٍ تَبْقَى لَمْ تُنْتَهَكْ بِآرَاءٍ كَاسِدَةٍ، وَتَأْوِيلَاتٍ فَاسِدَةٍ، وَجَهَالَاتٍ مُتَرَاكِمَةٍ؟!
هَذَا مِنْ جِهَةِ شَنَاعَةِ الْفِعْلِ شَرْعًا، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ فَسَادِهِ فِي السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَإِنَّ المَشْرُوعَ الِاسْتِعْمَارِيَّ الْغَرْبِيَّ لِإِحْدَاثِ الْفَوْضَى فِي بِلَادِ المُسْلِمِينَ قَدْ ظَهَرَ مِنَ السِّرِّ إِلَى الْعَلَنِ، وَبُدِئَ فِي تَنْفِيذِهِ عَمَلِيًّا؛ وَذَلِكَ بَعْدَ فَشَلِ الْغَزْوِ المُبَاشِرِ لأَفْغَانِسْتَانَ وَالْعِرَاقِ؛ لِتَكُونَ الْفَوْضَى بَدَلَ الْغَزْوِ، وَتَكُونَ فَوْضَىً خَلَّاقَةً إِذَا آلَتْ إِلَى مَا يُرِيدُ المُسْتَعْمِرُونَ، وَهُوَ خَلْقُ بُؤَرٍ لِلصِّرَاعِ بِأَسْبَابٍ مَذْهَبِيَّةٍ أَوْ عِرْقِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِشْعَالُ نَارِ الْفِتْنَةِ الَّتِي تُحَرِّكُ أَكْثَرَهُمْ، وَمَدُّهِمْ بِالسِّلَاحِ لِيَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَّتى إِذَا مَا أُنْهِكُوا جَمِيعًا جَاءَ المُسْتَعْمِرُ لِيَفْرِضَ نُفُوذَهُ، وَيُمْلِيَ شُرُوطَهُ، وَيُقَسِّمَ المُقَسَّمَ مِنْ بِلَادِ المُسْلِمِينَ إِلَى دُوَيْلَاتٍ صَغِيرَةٍ مُتَعَادِيَةٍ، يَسْهُلُ إِشْعَالُ الصِّرَاعِ بَيْنَهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ يُرِيدُونَ. فَهَلْ يَكُونُ ذَا عَقْلٍ مَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ أَدَاةً لِتَنْفِيذِ هَذَا المُخَطَّطِ الْإِجْرَامِيِّ الَّذِي يَقْضِي عَلَى مَا تَبَقَّى مِنْ بُلْدَانِ المُسْلِمِينَ وَأَرَاضِيهِمْ؟!
وَأَمَّا المَشْرُوعُ الصَّفَوِيُّ الْفَارِسِيُّ فَإِنَّهُ لمَّا بَانَ لَهُ الْعَجْزُ الْكَبِيرُ عَنِ المُوَاجَهَةِ المُبَاشَرِةِ لِإِعَادَةِ مَمْلَكَةِ كِسْرَى؛ اسْتَجْلَبَ الْفِكْرَةَ الْغَرْبِيَّةَ فِي نَشْرِ الْفَوْضَى، وَلَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ طَرِيقِ صِنَاعَةِ الْفِعْلِ وَرَدِّ الْفِعْلِ بِالتَّخْرِيبِ وَالتَّفْجِيرِ وَالْقَتْلِ وَالتَّدْمِيرِ. وَمِنَ الْغَبْنِ الْعَظِيمِ، وَالْإِثْمِ الْكَبِيرِ أَنْ يَتِمَّ تَنْفِيذُ هَذِهِ السِّيَاسَةِ الْفَارِسِيَّةِ الْخَبِيثَةِ بِأَيْدِي أَبْنَاءِ المُسْلِمِينَ، سَوَاءً شَعَرُوا أَنَّهُمْ بِهَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ الَّذِي اسْتَبَاحُوا بِهِ حُرْمَةَ المَسْجِدِ، وَسَفَكُوا دِمَاءَ المُصَلِّينَ أَنَّهُمْ يَخْدُمُونَ المَشْرُوعَيْنِ الِاسْتِعْمَارِيَّيْنِ الْغَرْبِيِّ وَالصَّفَوِيِّ أَمْ لَمْ يَشْعُرُوا بِذَلِكَ.
فَإِنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ مَآلَ مَا فَعَلُوا وَنَتِيجَتَهُ فَهُمْ عُمَلَاءُ مُظَاهِرُونَ لِأَعْدَاءِ الْأُمَّةِ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَقَدْ أَرْدَى بِهِمْ جَهْلُهُمْ وَحُمْقُهُمْ إِلَى هُوَّةٍ سَحِيقَةٍ تُهْلِكُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَاللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ أَعْلَمُ بِمَ يُقَابِلُونَهُ بِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْآخِرَةِ.
كَيْفَ؟ وَهَذَا الْعَمَلُ الْخَبِيثُ الَّذِي اسْتُبِيحَ بِهِ المَسْجِدُ جَاءَ فِي وَقْتِ هَبَّةٍ سُنِّيَّةٍ لِقَطْعِ الْأَذْرُعَةِ الصَّفَوِيَّةِ الَّتِي تَسْعَى لِتَطْوِيقِ دُوَلِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ المُعَمَّمُونَ المَوْتُورُونَ فِي طِهْرَانَ بِأَنَّهُمْ سَيَنْقُلُونَ المَعْرَكَةَ إِلَى دَاخِلِ بِلَادِنَا، فَكَانَ التَّفْجِيرُ عَقِبَ التَّصْرِيحِ، وَبِتَخْطِيطِ وَتَنْفِيذِ بَعْضِ أَبْنَائِنَا، فَيَا لَهَا مِنْ كَارِثَةٍ لَا يُمْكِنُ تَصَوُّرُهَا! وَيَا لَهَا مِنْ فَاجِعَةٍ مَا أَشَدَّ وَقْعَهَا! نَتَجَتْ عَنْ مُسَارَعَةٍ فِي الْغُلُوِّ وَالتَّكْفِيرِ، أَنْتَجَ يَأْسًا مِنَ الْإِصْلَاحِ وَالتَّعْمِيرِ، فَكَانَ التَّخْرِيبُ وَالتَّدْمِيرُ.
وَكَمْ فِي هَذَا الْفِعْلِ مِنْ صَدٍّ عَنْ دِينِ اللَّـهِ تَعَالَى، حِينَ تَنَاقَلَتْهُ شَاشَاتُ الْعَالَمِ مِنْ شَرْقِهِ إِلَى غَرْبِهِ، حَتَّى شَاهَدَهُ أَهْلُ كُلِّ بَيْتٍ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا رَأَى مَنْ دَخَلُوا الْإِسْلَامَ حَدِيثًا، وَمَنْ يُرِيدُونَ الدُّخُولَ فِيهِ أَنَّ بَعْضَ المُسْلِمِينَ يُفَجِّرُ المَسَاجِدَ الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا المُسْلِمُونَ، هَلْ يَبْقَى لَهُ رَغْبَةٌ فِي دُخُولِ الْإِسْلَامِ أَوِ الثَّبَاتِ عَلَيْهِ، فَأَيُّ دِينٍ هَذَا الَّذِي يُبِيحُ هَذَا الْعَمَلَ الَّذِي لَا تُقِرُّهُ الشَّرِيعَةُ، وَتَنْفُرُ مِنْهُ الْفِطَرُ السَّوِيَّةُ.
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ قَتْلَ مَنْ يَسْتَحِقُّونَ الْقَتْلَ مِنَ المُنَافِقِينَ الَّذِينَ عَارَضُوا دِينَهُ، وَجَادَلُوهُ فِي شَرْعِهِ، وَاتَّهَمُوهُ فِي أَمَانَتِهِ وَعِرْضِهِ، وَقَدْ حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ بِذَلِكَ، فَتَرَكَهُمْ مُعَلِّلًا تَرْكَهُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ».
نَعُوذُ بِاللَّـهِ تَعَالَى مِنَ الْجَهْلِ وَالْحُمْقِ، وَمِنْ زَيْغِ الْقُلُوبِ، وَمِنْ التَّأَلِّي عَلَى اللَّـهِ تَعَالَى بِلَا عِلْمٍ.. وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ المُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْكَائِدِينَ، وَتَرَبُّصِ المُتَرَبِّصِينَ، وَأَهْدَافِ المُغْرِضِينَ، وَأَنْ يَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ خَاسِرِينَ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَنْ نَلْقَاهُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدُا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَوَّذُوا بِهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَسَلُوهُ الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ إِلَى المَمَاتِ؛ فَإِنَّ قُلُوبَ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: 24].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِذَا أُصِيبَتِ الْأُمَّةُ بِرَزِيَّةٍ مِنَ الرَّزَايَا، وَأُشْعِلَتْ فِيهَا فِتْنَةٌ مِنَ الْفِتَنِ؛ ظَهَرَ الِانْتِهَازِيُّونَ لِيَقْتَاتُوا عَلَيْهَا، وَيَنْفُخُوا فِي نَارِهَا، وَيُصَفُّوا حِسَابَاتِهِمْ مَعَ مَنْ يَرَوْنَهُمْ أَعْدَاءً لَهُمْ عَلَى حِسَابِ وَطَنٍ لَطَالَما تَغَنَّوْا بِهِ، وَزَعَمُوا إِخْلَاصَهُمْ لَهُ، وَهُمْ يَتَأَكَّلُونَ بِمُصَابِهِ وَأَزَمَاتِهِ وَمُشْكِلَاتِهِ. فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَفِّي حِسَابَاتِهِ مَعَ الدَّعْوَةِ الَّتِي يُسَمِّيهَا وَهَّابِيَّهً، وَيُحَمِّلُهَا مَصَائِبَ الْعَالَمِ كُلِّهِ. بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يُصَفِّي حِسَابَهُ مَعَ نُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مُبَاشَرَةً، وَيَسْتَغِلُّ الْحَدَثَ لِلطَّعْنِ فِيهِمَا، وَصَرْفِ النَّاسِ عَنْهُمَا، كَنَاطِحٍ جَبَلًا لِيُوهِنَهُ.
وَمِنَ الِانْتِهَازِيِّينَ مَنْ يُصَفِّي حِسَابَهُ مَعَ الدُّعَاةِ وَالْعُلَمَاءِ وَالمَنَاهِجِ الشَّرْعِيَّةِ يُرِيدُ تَصْفِيَةَ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ عَلَاقَةٌ بِالدِّينِ حِينَ رَأَى انْدِحَارَ الْأَفْكَارِ التَّغْرِيبِيَّةِ وَتَحَطُّمَهَا عَلَى صَخْرَةِ الْإِسْلَامِ الْأَبِيَّةِ.
وَمِنَ الِانْتِهَازِيِّينَ مَنْ يَرْتَزِقُ بِالْأَزَمَاتِ، وَيُرِيدُ بِهَا تَحْقِيقَ مَجْدٍ شَخْصِيٍّ، وَلَا يُهِمُّهُ أَنْ يَكُونَ نَافِخًا فِي نَارِ فِتْنَةٍ قَدْ تَصِلُ إِلَيْهِ وَتُحْرِقُهُ.
إِنَّ هَؤُلَاءِ الِانْتِهَازِيِّينَ يَفْرَحُونَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحْدَاثِ المُؤْلِمَةِ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافٍ وَضِيعَةٍ، وَالْوُصُولِ إِلَى مَآرِبَ شَخْصِيَّةٍ حَقِيرَةٍ، فَقَلْبُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ يَرْقُصُ طَرَبًا عَلَيْهَا، وَهُوَ بِلِسَانِهِ يَلْطُمُ وَيَنْدُبُ كَأَنَّهُ نَائِحَةٌ مُسْتَأْجَرَةٌ.
إِنَّ أَمْنَ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ لَيْسَ سِلْعَةً يُتَاجِرَ بِهَا الِانْتِهَازِيُّونَ، وَلَمْ يَرْخُصْ عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَنْقُلُوهُ مِنَ المَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ إِلَى المَصَالِحِ الشَّخْصِيَّةِ الْآنِيَّةِ. إِنَّ أَمْنَ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ ضَرُورَةٌ لِإِقَامَةِ الشَّعَائِرِ، وَضَرُورَةٌ لِلْعَيْشِ الْكَرِيمِ، وَضَرُورَةٌ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى الْأَعْدَاءِ المُتَرَبِّصِينَ، وَمَنْ حَوَّلَهُ إِلَى سِلْعَةٍ يُتَاجِرُ بِهَا فَبِئْسَ مَا قَالَ وَبِئْسَ مَا فَعَلَ.
وَمَنْ نَظَرَ إِلَى أَحْوَالِ الْبِلَادِ المُضْطَرِبَةِ وَمَا يُعَانِيهِ أَهْلُهَا مِنْ كَبَدِ الْعَيْشِ، وَكُلْفَةِ الْبَقَاءِ، وَهُوَ مُخْلِصٌ لِبَلَدِهِ وَأَهْلِهِ جَمَعَ الْكَلِمَةَ وَلَمْ يُفَرِّقْهَا، وَدَحَرَ الْفِتْنَةَ وَلَمْ يُوقِدْهَا، وَاسْتَعْلَى عَلَى مَصَالِحِهِ الشَّخْصِيَّةِ لِأَجْلِ أُمَّتِهِ وَمَصَالِحهَا، فَهَذَا هُوَ النَّاصِحُ الصَّادِقُ.
﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ﴾ [الأنفال: 25].
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات
صناعة الفوضى.doc
صناعة الفوضى.doc
صناعة الفوضى مشكولة.doc
صناعة الفوضى مشكولة.doc
المشاهدات 4815 | التعليقات 7
لكن وددت لو وضحت ما لهم وما عليهم من حقوق دون التطرق إلى أماكن الضرار (حسينياتهم) وقياسها بمساجد المسلمين حتى لا يلتبس الأمر على الناس
مع العلم أننا كمسلمين نستنكر ذلك حتى في معابد اليهود والنصارى كما ذكرتم شيخنا الغالي.
ماشاء الله يا دكتور
نفع الله بك وبارك في علمك
وكفى الله الاسلام والمسلمين شر هذه الفتن
جزاك الله خيرا على هذه الخطبة الطيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك وفي علمك اجدت وافدت يا شيخ ابراهيم ..,,
[frame="8 98"]
لكن وددت لو وضحت ما لهم وما عليهم من حقوق دون التطرق إلى أماكن الضرار (حسينياتهم) وقياسها بمساجد المسلمين حتى لا يلتبس الأمر على الناس
مع العلم أننا كمسلمين نستنكر ذلك حتى في معابد اليهود والنصارى كما ذكرتم شيخنا الغالي.
[/frame]
ماشاء الله يا دكتور
نفع الله بك وبارك في علمك
وكفى الله الاسلام والمسلمين شر هذه الفتن
بالنسبة لتعليق الأخوين ونصه (لكن وددت لو وضحت ما لهم وما عليهم من حقوق دون التطرق إلى أماكن الضرار (حسينياتهم) وقياسها بمساجد المسلمين حتى لا يلتبس الأمر على الناس)
يبدو لي أنهما يخلطان بين المساجد والحسينيات، وحسب معرفتي أن المسجد عند الروافض معد للصلاة فقط، وله محراب ومأذنة كمساجد السنة، ويصلون فيهى جماعة وجمعة كما يصلون فيه فرادى حسب توافر الإمام الذي يصلي بهم.
أما الحسينيات فهي قاعات تشبه صالات الأفراح عندنا ليس لها مآذن وليست معدة للصلاة وإنما هي للاحتفالات البدعية والاحتفالات الدنيوية.
والنفجير وقع في مسجد وليس في حسينية.
بوركتم.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
أحسنت قد أصبحت عين الحقيقة بارك الله في علمك وكفى الله بلادنا وبلاد المسملين شر الأشرار وكيد الكفار ومن عاونهم
تعديل التعليق