صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ 1444/3/18هـ

يوسف العوض
1444/03/15 - 2022/10/11 06:31AM

الخطبة الأولى

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:إِنَّ صَنَائِعَ الْمَعْرُوفِ- مِنَ الصَّدَقَةِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَصِلَةِ  الرَّحِمِ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ، وَغَيْرِهَا مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ- مِنَ الْأَخْلَاقِ الْجَلِيلَةِ الَّتِي حَثَّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَأَرْشَدَ إِلَيْهَا رَسُولُنَا الْكَرِيمُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالإِحْسَانِ، وَمَقْصِدٌ عَامٌّ وَثَابِتٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ؛ قَالَ تَعَالَى: "وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ، فَإِغَاثَةُ الْمَنْكُوبِينَ، بِسَبَبِ مَا أَصَابَهُمْ؛ مِنَ الْفَيَضَانَاتِ وَالزَّلَازِلِ، ورِعَايَةُ اللَّاجِئِينَ بِسَبَبِ الْحُرُوبِ وَالْفِتَنِ، وَكَفَالَةُ الْيَتَامَى، وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَالْمَعَاهِدِ وَالْجَامِعَاتِ، مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ الْخَيْرِ، الَّتِي وَعَدَ اللهُ فَاعِلَهَا بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ ذَلِكَ أَنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى قَلْبِ مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَقْضِيَهَا فَازَ بِالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ مِنَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ لِصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ آثَارًا عَظِيمَةً تَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَى فَاعِلِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَمَّا مَنَافِعُهَا فِي الْآخِرَةِ، فَهِيَ الْفَوْزُ بِالْجِنَانِ وَرِضَى الرَّحْمَنِ؛ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ، وَهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِعَفْوِ اللهِ وَصَفْحِهِ؛ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. قَالُوا: تَذَكَّرْ. قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ، فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ - قَالَ - قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ ». وَفِي لَفْظٍ: »فَقَالَ اللهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي« [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ]. وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِرَحْمَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَرِضْوَانِهِ، قَالَ تَعَالَى: "إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ". وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ « [أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ].

الخطبة الثانية

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:ومِنْ ثَمَرَاتِ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا: أَنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَتَرُدُّ الْآفَاتِ وَالْهَلَكَاتِ عَنْ أَصْحَابِهَا؛ فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالصَّدَقَةُ خُفْيًا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ، وَأَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الآخِرَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَّنَةَ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ» [أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ] ، فَفِي صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ خَلَاصٌ مِنْ مَصَارِعِ السُّوءِ، فَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ نَجَّاهُ اللهُ مِنْ أَعْظَمِ الشَّدَائِدِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى كَشْفِهَا إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ بِسَبَبِ فِعْلِهِ لِلْخَيْرِ! وَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ حَفِظَ اللهُ عَلَيْهِ مَالَهُ بِسَبَبِ إِحْسَانِهِ! وَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ كَشَفَ اللهُ عَنْهُ ضُرَّهُ، وَعَافَاهُ مِنْ مَرَضِهِ بِسَبَبِ مَعْرُوفٍ أَدَّاهُ لِلنَّاسِ! وَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ حَفِظَ اللهُ عَلَيْهِ أَوْلَادَهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ لِدَفْعِهِ ضُرًّا عَنْ غَيْرِهِ ، وَقَدْ أَدْرَكَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا هَذَا الْمَعْنَى، فَقَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا مِنْ غَارِ حِرَاءٍ بَعْدَ لِقَائِهِ الْأَوَّلِ مَعَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ. [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

 

 

المرفقات

1665459052_صنائع المعروف.pdf

المشاهدات 1079 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


أحسنتم صاحب الفضيلة 

من أفضل الخطب في هذا الموضوع، فشكر الله لكم